أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة السادسة - صـ 701

جلسة 28 من مارس سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: حسن داود، ومحمود إسماعيل، ومصطفى كامل، واسحق عبد السيد المستشارين.

(227)
القضية رقم 44 سنة 25 القضائية

قتل مقترن. عدم تحديد الاقتران بوقت معين ما دامت الأفعال المقترنة متميزة.
إن القانون لا يشترط أن يكون قد مضى بين جناية القتل العمد والجناية الأخرى التي اقترنت بها قدر معين من الزمن ما دامت الجنايتان قد نتجتا عن أفعال متعددة تميزهما بعضهما عن بعض بالقدر الذي تكون به كل منهما جريمة مستقلة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ـ قتل عمداً أحمد محمد أحمد إسماعيل بأن أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً قتله فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وقد اقترنت هذه الجناية بجنايتين أخريين هما أنه في الزمان والمكان سالفى الذكر قتل عمداً جلال عبد الودود محمد حسن أحمد وشرع في قتل توفيق الزيدى ومحمد الحامدى إسماعيل عمداً بأن أطلق على كل منهم عياراً نارياً قاصداً قتلهم فأحدث بهم الإصابات المبينة بالتقارير الطبية التشريحية والتي أودت بحياة الأولين وخاب أثر الجريمة بالنسبة للآخرين لسبب لا دخل لإرادته فيه هو إسعافهما بالعلاج الأمر المنطبق على المواد 45 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات وطلبت من قاضى التحقيق إحالته إلى غرفة الاتهام لتحيله بدورها إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد المذكورة، فقررت بذلك في 9 من يناير سنة 1954. وادعى إسماعيل محمد إسماعيل بحق مدني وطلب الحكم له قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف وأتعاب المحاماة. ومحكمة جنايات سوهاج سمعت الدعوى وقضت حضورياً عملاً بالمادتين 234/ 1 ـ 2 و17 عقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحقوق المدنية قرشاً صاغاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.. إالخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق المادة 234 فقرة ثانية من قانون العقوبات على واقعة الدعوى إذ اعتبر جريمة قتل أحمد محمد أحمد إسماعيل مقترنة بجنايتي قتل جلال عبد الودود ومحمد حسن أحمد مع أن الجريمة المقترنة ليست جريمة مستقلة عن جريمة القتل ولا متميزة عنها، بل حدثت الجريمتان عن فعل واحد أصاب عدة أشخاص.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها أدلة من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها، كما تعرض لما أثاره الطاعن في قوله " إن المحكمة تطمئن إلى أن المتهم الأول أطلق النيران من مدفعه الرشاش في اتجاهات مختلفة على القتيلين أحمد وجلال، ثم على من حضر من أقاربهما وهم القتيل محمد حسن أحمد والمصابان توفيق الزبدى ومحمد الحامدى " لما كان ذلك، وكان القانون لا يشترط أن يكون قد مضى بين جناية القتل العمد والجناية الأخرى قدر معين من الزمن. ما دامت الجنايتان قد نتجتا عن أفعال متعددة تميزهما بعضهما عن بعض بالقدر الذي يكون به كل منهما جريمة مستقلة، فإن هذا الوجه من الطعن يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني أن المحكمة وقد رأت إدانة الطاعن في التهم الثلاث المنسوبة له دون باقي المتهمين كان يتعين عليها أن توضح الأسباب التي أدت إلى اقتناعها بإدانته في كل منها ـ وما قالته في ذلك لا يؤدى إلى إدانته في جميع التهم، خصوصاً وقد أجمع الشهود على أن الضاربين للأعيرة ثلاثة، من بينهم الطاعن، وكانوا يطلقون الأعيرة دفعة واحدة وفى مكان واحد ووقت واحد، وفى هذا قصور في التسبيب يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم أورد الأدلة المثبتة للتهمة على الطاعن وخلص إلى أنه: " الطرف الوحيد في النزاع الذي وقع بينه وبين القتيلين.... وأنه هو الذي استفزته الإهانة، وأنه هو الوحيد الذي كان يحمل مدفعاً رشاشاً، وأن منزله قريب من مكان الحادث....، وأن المتهمين الثاني والثالث قد أقحما على الواقعة... وأنه لم يثبت لها أن المتهمين الرابع والخامس قتلا همام محمدين إسماعيل ضرباً بالعصي" لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من أدلة يؤدى إلى ما انتهى إليه، فإن هذا الوجه من الطعن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً يتعلق بوقائع الدعوى وتقدير أدلة الثبوت فيها مما لا شأن لمحكمة النقض به، ويكون هذا الوجه أيضاً على غير أساس متعيناً رفضه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس، ويتعين رفضه موضوعاً.