أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة السادسة - صـ 704

جلسة 28 من مارس سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: حسن داود، ومحمود إسماعيل، ومصطفى كامل، واسحق عبد السيد المستشارين.

(228)
القضية رقم 53 سنة 25 القضائية

( أ ) نقض. طعن لا مصلحة منه. لا جدوى من إثارته. مثال.
(ب) إثبات. اعتراف. تقدير الدليل المستمد منه. مسألة موضوعية.
1ـ إذا كان ما أثبته الحكم يدل على أن المتهم كان في حالة تلبس تبرر القبض عليه وتفتيشه قانوناً فلا يجديه النعي بأن اسمه لم يكن وارداً في الأمر الصادر من النيابة بالتفتيش.
2ـ إن تقدير المحكمة للدليل المستمد من الاعتراف هو من المسائل الموضوعية التي تستقل هي بالفصل فيها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز مادة مخدرة (أفيوناً) بقصد التعاطي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة جنايات أسيوط لمحاكمته بالمواد 1 و2 و34 و35 من المرسوم بقانون 351 لسنة 1952 والجدول رقم 1 المرفق به فأمرت بذلك والمحكمة المذكورة سمعت الدعوى وقضت حضورياً في 27 من يونيه سنة 1954 بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل ستة شهور وتغريمه خمسمائة جنيه والمصادرة وذلك عملاً بمواد الاتهام المذكورة مع المادة 17 عقوبات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن يبنى طعنه على أن الحكم المطعون فيه شابه فساد الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، إذ أقام قضاءه بإدانة الطاعن على اعترافه أمام الضابط أحمد حسن إبراهيم، مع ما صحب هذا الاعتراف من إكراه ترك بأذن الطاعن أثراً، ورغم أنه أفصح عن حصول هذا الإكراه أمام النيابة، مما كان ينبغي معه أن تحيله على الطبيب الشرعي، وفوق ذلك فإن الأمر الصادر بالتفتيش لم يشتمل على اسم الطاعن، وقد وقع القبض عليه قبل إلقاء علبة الكبريت حيث منعته القوة من التحرك، وهذا المنع ليس إلا قبضاً صريحاً. وأضاف الطاعن أن المحكمة لم تناقش الضابط المذكور (أحمد حسن إبراهيم) الذي قام بإجراءات الضبط، ولم تعن بسؤال شهود نفى الطاعن الذين سئلوا في التحقيق، مع أنها استندت إلى أقوال أحدهم دون أن يحضر أمامها وتناقشه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد على ثبوتها في حق الطاعن أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، تناول دفاع الطاعن ورد عليه بقوله:" إن الصاغ كامل مازن رئيس فرع إدارة مكافحة المخدرات بأسيوط شهد في التحقيقات وأمام المحكمة أنه بناء على إذن النيابة الصادر بتفتيش يوسف طه وآخرين بعزبة الملجأ التابعة لقسم ثاني بندر أسيوط وأثناء قيام اليوزباشى أحمد حسن بتفتيش يوسف طه بأحد المقاهي ـ لاحظ أن المتهم "الطاعن" كان جالساً وحده بالقرب من ذلك المقهى ورآه يلقى بعلبة كبريت من يده فتناولها وفتحها ووجد بها قطعة الأفيون المضبوطة فقبض عليه وأجرى تفتيشه ولم يعثر معه على شيء آخر، وسأله عن إحرازه قطعة الأفيون المضبوطة، فاعترف بإحرازه لها، وقرر له أن شخصاً لا يعرفه أعطاها له ليتعاطاها... وأن المتهم كان جالساً بالقرب من المقهى الذي حصل التفتيش فيه ـ أي أنه كان جالساً خارج المقهى ولما كان الضابط أمر الجالسين بداخل المقهى بالبقاء في أماكنهم فإن هذا الأمر لا يشمل المتهم، وإذا كان المتهم ألقى بعلبة الكبريت التي بها الأفيون عندما رأى الضابط أحمد حسن يقوم بتفتيش يوسف طه، فإن إلقاءه بعلبة الكبريت التي كانت معه على نحو ما فعل قبل أن يمسك به أحد أو يهم بالقبض عليه تخلياً منه عن حيازتها وعن تمسكه لملكيته لها، وتخول بالتالي كل من يجدها أو يقع بصره عليها أن يلتقطها"ـ لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم يدل على أن المتهم كان في حالة تلبس تبرر القبض عليه وتفتيشه قانوناً مما لا يجدي معه بعد ذلك تعلله بأن اسمه لم يكن وارداً في الأمر الصادر من النيابة بالتفتيش، وكان الحكم قد أخذ الطاعن باعترافه في تحقيق البوليس واطرح دفاعه بأنه أكره على الاعتراف لما ذكره من أن الطاعن:" لم يقدم ما ينفى حصول الاعتراف أو أنه أخذ منه بطريق الإكراه" وكان تقدير المحكمة للدليل المستمد من الاعتراف من المسائل الموضوعية التي تستقل هي بالفصل فيها، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي استندت إلى قول أحد شهود المتهم من أن العلبة التي ضبطت كانت ملقاة على الأرض بينه وبين المتهم، ما دامت هذه الأقوال لها أصل ثابت في التحقيقات، وما دامت المحكمة قد صدقت هذا القول من شهادة الشاهد ورأت فيه ما يعزز باقي الأدلة التي استندت إليها وكان لها في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى. لما كان ذلك، وكانت المحكمة لم تعتمد في إدانة الطاعن على شهادة الضابط أحمد حسن إبراهيم، وكان الطاعن لا يدعى أنه طلب من المحكمة إعادة سماع شهود النفى الذين سمعوا في التحقيق، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة عدم سماعهم. لما كان ما تقدم جميعه، فإن ما يثيره الطاعن لا يكون مقبولاً. وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.