أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 9 - صـ 747

جلسة 11 من ديسمبر سنة 1958

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: عثمان رمزي، وإبراهيم عثمان يوسف، ومحمد زعفراني سالم، وعباس حلمي سلطان المستشارين.

(97)
الطعن رقم 195 لسنة 24 ق

اختصاص. أعمال إدارية. حجز إداري. ضرائب. رفع الدعوى بعدم أحقية الحكومة في المطالبة بفروق ضريبة الملاهي وببطلان الحجز الإداري المتوقع من أجلها. اختصاص المحاكم بالفصل في هذه الدعوى.
متى تبين أن الدعوى رفعت من الطاعن الذي يدير داراً للسينما بطلب الحكم بعدم أحقية الحكومة في اقتضاء فروق ضريبة الملاهي منه وبعدم الاعتداد بالحجز الإداري المتوقع من أجلها فإن تعرض المحكمة للفصل فيما يطلبه الطاعن لا ينطوي على مساس بوعاء الضريبة أو بأمر إداري يمتنع على المحاكم إلغاؤه أو تأويله لأن مقطع النزاع في الدعوى هو البت في مسئولية الطاعن عن فروق الضريبة التي كان عليه أن يحصلها من الرواد بمقتضى القانون رقم 85 لسنة 1933 ومدى ملزوميته بها وما قد يستدعيه الأمر من حسم للخلاف الذي يدور حول تفسير قانون فرض الرسوم البلدية والمرسوم المنظم لأحكامه لبيان ما إذا كان تحصيل الرسوم من الجمهور يعد زيادة على الثمن الأصلي لتذكرة الدخول أو لا يعد كذلك مما يجعل النزاع في حقيقته خارجاً عن نطاق الأمر الإداري الذي تصدره الحكومة في سبيل المصلحة العامة، لما كان ذلك، وكان توقيع الحجز الإداري لتحصيل ما يتأخر للحكومة من أموال لدى الأفراد يعتبر عملاً من أعمال السلطة التنفيذية الشبيهة بأعمال الأفراد وهي الأعمال التي تجريها الحكومة في إدارة أموالها فإنه مما يدخل في ولاية المحاكم التعرض لمثل هذا الحجز بالإلغاء أو الإيقاف دون أن يؤثر ذلك في مبدأ الفصل بين السلطات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة الدعوى تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن مصلحة الأموال المقررة أوقعت في 26 من يونيه سنة 1948 حجراً إدارياً على آلات ومنقولات دار "السينما" التي يديرها الطاعن وفاء لمبلغ 1052 جنيهاً و284 مليماً باعتبار أنها تستحقه قبل الطاعن كفرق ضريبة الملاهي التي أداها في المدة من 25 من أبريل سنة 1946 حتى 21 من مايو سنة 1948 وبمقولة إنه كان يضيف إلى ثمن تذاكر الدخول "بالسينما" المملوكة له قيمة رسوم البلدية المستحقة على كل تذكرة ويحصلها من الرواد مع أنه هو المكلف بأدائها بوصفه مستغلاً لإحدى دور الملاهي عملاً بأحكام القانون رقم 145 لسنة 1944 والمرسوم الصادر في 3 من أكتوبر سنة 1945 ولذا فقد كانت هذه الرسوم في حقيقتها زيادة في أثمان تذاكر الدخول حصلها لنفسه وتستحق عليها ضريبة الملاهي وفقاً للقانون رقم 85 لسنة 1933 فأقام الطاعن دعويين أمام محكمة بور فؤاد المختلطة إحداهما مستعجلة بطلب إيقاف بيع الأشياء المحجوز عليها قضى لصالحه فيها والثانية موضوعية أهمل قيدها - بطلب الحكم بعدم أحقية المطعون عليها في المطالبة بفروق الضريبة وبطلان الحجز الإداري الذي أوقع قبله وقد قيدت المطعون عليها الدعوى بعد ذلك أمام محكمة بور سعيد الابتدائية الوطنية برقم 94 لسنة 1950 كلي بعد إذ ألغيت المحاكم المختلطة ودفعتها بعدم اختصاص المحاكم تأسيساً على أن النزاع يقوم في حقيقته على أساس ربط الضريبة وعلى أن القرار الصادر منها باستحقاق فروق الضريبة هو صادر قرار من السلطة المختصة ومطابق للقوانين واللوائح ويكون قد اكتسب بذلك حصانة كاملة وليس للمحاكم أن تعقب عليه أو تلغيه أو تؤوله أو توقف تنفيذه - وفي أول أبريل سنة 1951 قبلت محكمة الدرجة الأولى الدفع وقضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى فاستأنف الطاعن هذا الحكم بالدعوى 80 سنة 3 تجاري المنصورة ومحكمة الدرجة الثانية قضت في 28 من فبراير سنة 1954 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وفي 27 من مايو سنة 1954 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فصمم الطاعن والنيابة كل على ما جاء بمذكرته وطلباً إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية فقررت دائرة الفحص بجلسة 7 من أكتوبر سنة 1958 بإحالته إلى تلك الدائرة وفيها أبدت النيابة العامة رأيها وطلبت نقض الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه - إذ قضى بعدم الاختصاص - قد جاء مخالفاً للقانون وذلك أن الفقرة الثانية من المادة 18 من قانون نظام القضاء منعت المحاكم من أن تؤول الأمر الإداري أو أن توقف تنفيذه غير أن ذلك مشروط بأن تكون المحاكم بصدد أمر إداري بمعناه الحقيقي والحال في هذه الدعوى أن المطالبة الموجهة إلى الطاعن تتعلق بفروق ضريبة الملاهي عن فترة سابقة على الدعوى وما تبع ذلك من توقيع الحجز الإداري عليه ولا يمكن اعتبار ما أصدرته مصلحة الأموال المقررة في هذا الخصوص ولا ما أصدره مديرها إلى موظفيه بإجراء تلك المطالبة لتحصيل هاتيك الفروق وتوقيع الحجز الإداري عند الامتناع أمراً إدارياً بل لا يعدو أن يكون ممارسة للنشاط التنظيمي داخل المصلحة في سبيل القيام بواجبها وهو أمر بعيد عن وصف الأمر الإداري الملزم الذي تصدره جهة الإدارة بوصفها سلطة عامة ويمتنع على محاكم القضاء العام تأويله أو إيقاف تنفيذه الأمر الذي يخرج النزاع عن نطاق الفقرة الثانية من المادة 18 من قانون نظام القضاء.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بعدم الاختصاص إلى أن أمر مصلحة الأموال المقررة بربط المبلغ موضوع النزاع باعتباره فرق الضريبة المستحقة لها قبل المستأنف إنما هو أمر إداري صدر عن جهة مختصة بربط الضريبة وفي حدود القانون رقم 85 لسنة 1933 ووفقاً لنصوصه كما أن الحجز الإداري قد توقع من الحكومة وفاء لهذا المبلغ طبقاً للمادة 13 من القانون المذكور على أموال مدينها وهو المستغل لدار السينما الملزم بمقتضى المادة 12 من هذا القانون بسداد العجز فيما يستحق للحكومة من ضريبة الملاهي مما يخرج النزاع عن اختصاص المحكمة.
ومن حيث إن هذا الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه غير سديد في القانون ذلك أن تعرض المحكمة للفصل فيما يطلبه الطاعن من عدم أحقية الحكومة في اقتضاء فروق الضريبة منه وعدم الاعتداد بالحجز الإداري المتوقع من أجلها لا ينطوي على مساس بوعاء الضريبة أو بأمر إداري يمتنع على المحاكم إلغاؤه أو تأويله لأن مقطع النزاع في الدعوى هو البت في مسئولية الطاعن عن فروق الضريبة التي كان عليه أن يحصلها من الرواد بمقتضى القانون رقم 85 لسنة 1933 ومدى ملزوميته بها وما قد يستدعيه الأمر من حسم للخلاف الذي يدور حول تفسير قانون فرض الرسوم البلدية والمرسوم المنظم لأحكامه لبيان ما إذا كان تحصيل الرسوم من الجمهور يعد زيادة على الثمن الأصلي لتذكرة الدخول أو لا يعد كذلك مما يجعل النزاع في حقيقته خارجاً عن نطاق الأمر الإداري الذي تصدره الحكومة في سبيل المصلحة العامة - لما كان ذلك وكان توقيع الحجز الإداري لتحصيل ما يتأخر للحكومة من أموال لدى الأفراد يعتبر عملاً من أعمال السلطة التنفيذية الشبيهة بأعمال الأفراد وهي الأعمال التي تجريها الحكومة في إدارة أموالها فإنه مما يدخل في ولاية المحاكم التعرض لمثل هذا الحجز بالإلغاء أو الإيقاف دون أن يؤثر ذلك في مبدأ الفصل بين السلطات.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى قد خالف القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ومن حيث إن الاستئناف رقم 80 تجاري سنة 3 ق المنصورة صالح للفصل فيه ومن ثم فيتعين للأسباب المتقدمة إلغاء الحكم المستأنف والقضاء برفض الدفع وباختصاص المحاكم المدنية بنظر الدعوى.