أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 9 - صـ 839

جلسة 25 من ديسمبر سنة 1958

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمود عياد، وعثمان رمزي، ومحمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي المستشارين.

(110)
الطعن رقم 207 سنة 24 ق

( أ ) دفاع. أخذ المشرع بنظام المرافعة الكتابية إلى جانب المرافعة الشفوية. حق الخصوم في إبداء طلباتهم بالطريقة التي يرونها.
(ب) محاماة. "أتعاب المحاماة". دعوى. "مصاريف الدعوى". أدخل المشرع مقابل أتعاب المحاماة ضمن مصاريف الدعوى. وجوب الحكم بها على المحكوم عليه بالمصاريف.
(ج) حكم "تسبيب معيب". "التزام فوائد". عدم تبيان الحكم لأصل المبلغ والفوائد التي احتسبها. إيراده لهما جملة. قصور.
(د) التزام "فوائد". لا يجوز للمحكوم له أن يتقاضى فوائد اتفاقية تزيد على 7% من تاريخ سريان المادة 227 مدني. لا يحد من هذا أن يكون قد صدر حكم بالدين والفوائد بواقع 9% على أساس سابق قبل العمل بأحكام القانون المدني الجديد.
1 - أخذ المشرع بنظام المرافعة الكتابية إلى جانب المرافعة الشفوية وللخصوم أن يبدوا طلباتهم بالطريقة التي يرونها، فإذا كان الثابت من مطالعة محاضر الجلسات أنه بعد تبادل المذكرات حضر محامي الطاعن بالجلسة وأن "طرفي الخصومة صمما على طلباتهما ومذكراتهما" دون أن يثبت في المحضر أن أحدهم طلب المرافعة الشفوية، فإن القول من جانب الطاعن بأن عبارة المحضر في صدد هذا التصميم - وهي بصيغة المثنى - لا تنصرف إليه على سبيل الجزم لأن أطراف الخصومة في الدعوى يزيدون - هو قول مردود بأن الاستئنافين عن حكم واحد وهو طرف في كل منهما فتنصرف إليه عبارة المحضر حتماً في هذا الخصوص.
2 - إن المشرع إذ دخل مقابل أتعاب المحاماة ضمن مصاريف الدعوى التي يحكم بها على من يخسرها فقد دل بذلك على وجوب الحكم بها على المحكوم عليه بالمصاريف.
3 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد قرر بعبارة مجملة أن الباقي من أصل الدين وفوائده هو مبلغ 380 جنيهاً و815 مليماً موضوع المطالبة لغاية مايو سنة 1950 - دون أن يبين ما هو أصل المبلغ وما هي الفوائد التي احتسبها - وفي ذلك ما يحجب هذه المحكمة عن مراقبة سلامة تطبيقه القانون في صدد الفوائد سواء بالنسبة للسعر أم بالنسبة لعدم جواز احتساب فوائد على متجمد الفوائد فإنه يكون معيباً بالقصور الموجب لنقضه.
4 - لا يجوز للمحكوم له أن يتقاضى فائدة اتفاقية تزيد على سبعة في المائة من تاريخ سريان المادة 227 مدني التي استقر قضاء هذه المحكمة على سريانها من تاريخ صدور القانون على الاتفاقات السابقة على العمل به - ولا يحد من هذا أن يكون قد صدر حكم بالدين مع فوائده الاتفاقية بواقع 9% حتى تمام الوفاء - على أساس هذا الاتفاق - قبل العمل بأحكام القانون المدني الجديد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع الطعن - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وفي سائر أوراق الطعن تتحصل في أنه لدين لها في ذمة المطعون ضده الثاني عمر علي الفران استصدرت شركة التضامن جورج حموي وورثة شحاته حموي الحكم 370 سنة 56 ق مختلط إسكندرية في 24 من فبراير سنة 1931 بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 570 جنيهاً مع الفوائد بواقع 9% سنوياً وقد نزعت الشركة ملكية مدينها من عقار رسا مزاده عليها بمبلغ 400 جنيه ودفع المدين أيضاً 76 جنيهاً و950 مليماً حتى مارس سنة 1933 ثم حدث بعد ذلك في نوفمبر سنة 1937 أن حكم بتصفية الشركة الدائنة وتعيين المرحوم السيد بك طاهر مصفياً لها باشر أعماله إلى أن توفي سنة 1948 وحل محله المصفي الحالي المطعون ضده الأول وكان الباقي من الدين في 28 من فبراير سنة 1942 هو مبلغ 170 جنيهاً فأبرم الطاعن في هذا التاريخ بوصفه مديراً للشركة - وبالرغم من قيام حالة التصفية القضائية ووجود المصفي - اتفاقاً مع المدين تنازل له بمقتضاه عما زاد عن 120 جنيهاً يدفعها المدين مع فوائدها على أقساط إلى أن تم التخالص بينهما على هذا الأساس في سنة 1949 بمقتضى مخالصة كتبها الطاعن على صورة رسمية من حكم الدين الصادر من المحكمة المختلطة في مقابل مبلغ 126 جنيهاً نقداً بالإضافة إلى سند دين جديد بمبلغ 18 جنيهاً باسم الطاعن شخصياً أودعه الطاعن مظهراً منه مع المبلغ المذكور خزينة التصفية فخصم المصفى مبلغ الـ 126 جنيهاً من الدين الأصلي البالغ مع فوائده 506 جنيهاً و185 مليماً حتى 5 من مايو سنة 1950 ورفع الدعوى يطالب المدين والطاعن متضامنين بالمبلغ الباقي وقدره 380 جنيهاً و185 مليماً مع الفوائد بواقع 9% سنوياً اعتباراً من 6 من مايو سنة 1950 حتى كامل الوفاء على أساس مديونية الأول ومسؤولية المدير الناشئة عن تصرفه في أموال الشركة بعد زوال صفته في تمثيلها فدفع المدين الدعوى بأنه إذ وفى إلى المدير المعروف له بهذه الصفة وهو لا يعلم بالتصفية ولا أعلن بحكمها يكون وفاؤه إليه على هذه الصورة صحيحاً فلا يجوز للمصفي المطالبة به مرة أخرى وأن ما تجاوز له الطاعن عنه في الدين إنما تتحمله التصفية أو المدير السابق وأن الدين على أي حال قد سقط بمضي أكثر من خمسة عشر عاماً دون مطالبة أما دفاع المدير السابق - الطاعن - فقد قام على صدور تفويض إليه من المصفي الأول ثابت بمحضر أعمال جلسة 24/ 9/ 1933 يكلفه بتحصيل الديون التي كان يخشى عليها السقوط لتشعب معاملات الشركة وتعذر حصرها وأنه قد قام بتسليم المصفي الجديد ما حصله من مال وما لديه من مستندات وتدخل عيسى شحاته حموي أحد ورثة الشريك الآخر منضماً في الدعوى إلى المصفي أحمد محمود شتا بنفس طلباته فرأت محكمة الدرجة الأولى أن الثابت بمحضر أعمال المصفي السابق لا ينطوي على تفويض للطاعن بتحصيل ديون وأن ما أبرمه في 28 من فبراير سنة 1942 مع المدين بالتنازل عن جزء من الدين غير ملزم للشركة فيتعين بالتالي عدم الاعتداد بالتخالص المترتب على هذا الاتفاق لانتفاء صفة الإدارة عن الطاعن منذ صدور حكم التصفية دون أن تجد في ذلك مبرراً لمساءلته ورفضت دفع المدين بالسقوط الطويل الأمد لانقطاعه باعترافه بالدين في اتفاق سنة 1942 وألزمته وحده بالمبلغ والفوائد 9% - سنوياً اعتباراً من 6 من مايو سنة 1950 فاستأنفت المدين والمصفى هذا الحكم وطلب الأول إلغاءه ورفض دعوى المصفي قبله كما طلب هذا الأخير إلزام الطاعن مع المدين بطريق التضامن وفي 17 من أبريل سنة 1954 قضت محكمة استئناف إسكندرية بحكمها المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى المصفى بالنسبة للمدين عمر علي عمر الفران وبإلزام الطاعن أن يدفع المصفي المبلغ المطالب به مع الفوائد بواقع 9% سنوياً من أول مايو سنة 1950 والمصروفات القضائية عن الدرجتين وبمبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة لكل من المدين والمصفي والمتدخل عيسى حموي فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وطلبت النيابة إحالته إلى المحكمة لأنه مرجح نقضه جزئياً في سعر الفوائد وبدء سريانها.
وحيث إن حاصل السبب الأول من أسباب الطعن هو بطلان الإجراءات والعيب في الإسناد وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الأصل في المرافعات أن تكون شفوية فلا يغني عنه ما يحرره الخصوم من مذكرات وأنه التمس المرافعة في الدعوى فلم تمكنه المحكمة وخلت منها محاضر الجلسات فعالج الحكم هذا الوضع عن طريق الإسناد الذي لا سند له بأن نص في أسبابه على حصول مرافعة لم يمكن منها الخصوم.
وحيث إن الثابت من مطالعة محاضر الجلسات أنه بعد تبادل المذكرات حضر الأستاذ رياض أندراوس عن محامي الطاعن بجلسة 4 من أبريل سنة 1954 وأن طرفي الخصومة صمما على طلباتهما ومذكراتهما دون أن يثبت في المحضر أن أحدهم طلب المرافعة شفوياً في الدعوى وقد أخذ المشرع بنظام المرافعة الكتابية إلى جانب المرافعة الشفوية وللخصوم أن يبدو طلباتهم بالطريقة التي يرونها. لما كان ذلك وكان القول من جانب الطاعن بأن عبارة المحضر في صدد هذا التصميم وهي بصيغة المثنى لا تنصرف إليه على سبيل الجزم لأن أطراف الخصومة في الدعوى يزيدون، هو قول مردود بأن الاستئنافين عن حكم واحد وهو طرف في كل منهما فتنصرف إليه عبارة المحضر حتماً في هذا الخصوص وعلى ذلك يكون هذا السبب من أسباب الطعن على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بعد ذلك خطأ الحكم في تطبيق القانون ويقول شرحاً لذلك إنه متى كان من الثابت أنه لا يملك التنازل عن بعض الدين بوصفه مديراً للشركة قبل تصفيتها فإن تنازله للمدين لا يكون ملزماً للشركة فليس من شأنه بالتالي أن يسقط حقها قبل المدين وعلى ذلك يكون ما عول عليه الحكم المطعون فيه من عدم علم المدين بتجرد الطاعن من صفته غير منتج في خصوص مساءلته هو عن المبلغ المطالب به وكان الأحرى بالحكم المطعون فيه أن يتصدى لما أغفل بحثه في مدى سلطة الطاعن قبل زوال صفته وأن يجري في هذا الشأن حكم المادة 527 مدني قديم قبل السعي وراء المادة 530 من القانون المذكور.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه دفاع جديد إذ أن عقد تأسيس الشركة الذي يستند إليه الطاعن لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع وقد أقام الطاعن دفاعه أمامها على أنه كان مفوضاً من المصفي السابق بتحصيل الديون وهو ما التفت عنه الحكم لما ذكره من أسباب خلصت من نعي الطاعن فلا يجديه التعلل بعد ذلك بأحكام المادة 527 مدني قديم لتعلقها بالعمال التي يجريها الوكيل خارج نطاق الوكالة لا بعد انتهائها.
وحيث إن السبب الثالث من الطعن يقوم على قصور الحكم في التسبيب لعدم الرد على ما دفع به الطاعن من أنه إذا لم تكن له صفة النيابة عن المصفي فهو قد قام على أي حال بعمل من أعمال الفضالة لا يجوز أن تفيد منه الشركة ثم تؤاخذه عما تنازل عنه في سبيل تحقيق تلك الفائدة فإن ما حصله من بعض الدين كان مشروطاً بالتنازل عن البعض الآخر وأجازة الموكل بقبض المدفوع ترفع مسئولية الوكيل عن ترك ما تنازل عنه وأنه لولا مبادرة الطاعن بالمطالبة لسقط الحق وهو ما لا يستقيم مع ما أسنده إليه الحكم من خطأ أضر بالشركة كما أن الحكم لم يرد على ما دفع به من أنه سلم المصفي سنداً بمبلغ 18 جنيهاً فلا هو خصمه من المبلغ الذي ألزمه به ولا أشار إليه في أسبابه.
وحيث إن هذا السبب مردود بأن الطاعن لم يقدم ما يدل على سبق تمسكه بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف سوى صورة عرفية لما يزعم أن المذكورة المقدمة منه وهي لا تصلح للإثبات إذ لا اعتداد إلا بالصورة الرسمية لما كان ذلك وكان سند الدين المظهر بتوقيع الطاعن والمسحوب لصالحه شخصياً يظل ملكاً له فلا يتحقق به الوفاء لا من الطاعن ولا من المدين الساحب فإن هذا النعي بشقيه يكون متعين الرفض أيضاً.
وحيث إن الطاعن يأخذ أخيراً على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون فيما ضمنه قضاءه بالنسبة للفوائد وأتعاب المحاماة - أولاً - لأنه قضى بفوائد الدين الأصلي عن مدة تزيد عن الخمس سنوات كما قضى بفوائد عن هذه الفوائد مخالفاً بذلك نص المادتين 375 و232 مدني - ثانياً - لأنه فات الحكم أنه قضى على الطاعن بتعويض عن ضرر مزعوم فإن تاريخ استحقاقه فوائد هذا التعويض لا يكون إلا في يوم المطالبة الرسمية الحاصلة في 2 من نوفمبر سنة 1950 وبفائدة 4% فقط عملاً بالمادة 226 مدني جديد كما فات الحكم أن المبلغ المطالب به وهو 185 م و380 ج تدخل فيه الفائدة بواقع 9% لغاية 6 مايو سنة 1950 وأن المصفي طلب القضاء له بالفائدة بعد هذا التاريخ عير أن الحكم جعل سريانها من أول مايو سنة 1950 وأجاز في نفس الوقت فائدة اتفاقية تزيد على 7% عن المدة اللاحقة لصدور القانون المدني الجديد - ثالثاً - أن الحكم ألزمه بمقابل أتعاب المحاماة لكل من المطعون عليهما الأخيرين بينما لم يوجه إليه المدين أية طلبات في استئنافه وإنما أدخله فيه استيفاء منه للشكل كما أن المتدخل في الخصومة لم يطلب إلزامه بمقابل أتعاب للمحاماة فيكون الحكم قد قضى بما لم يطلبه الخصوم.
وحيث إنه بالنسبة لما قضى بالحكم من أتعاب المحاماة فإن المشرع إذ أدخل مقابل أتعاب المحاماة ضمن مصاريف الدعوى التي يحكم بها على ممن يخسرها فقد دل بذلك على وجوب الحكم بها على المحكوم عليه بالمصاريف ومن ثم يكون النعي بهذا الوجه غير سديد.
وحيث إنه عما ينعاه الطاعن بالنسبة لقضاء الحكم بفوائد الدين الأصيل عن مدة تزيد عن الخمس سنوات وبالنسبة لسعر تلك الفائدة فضلاً عن قضائه بفوائد عن متجمد الفوائد ومبدأ سريانها بالنسبة للتعويض المقضي به عليه فإنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى للتصفية بالتعويض المطلوب بعد أن أثبت مسئولية الطاعن عن تصرفه واتخذ الحكم ما حل بالشركة من خسارة من جراء هذا التصرف أساساً لتقدير التعويض وهذه الخسارة هي مبلغ الدين الذي ضاع على التصفية مع فوائده إلا أنه يبين أيضاً أن الحكم المطعون فيه اعتبر أصل الدين 570 جنيهاً حصلت منه الشركة 476 جنيهاً ثم ورد الطاعن للتصفية مبلغ 126 جنيهاً نقداً ومفاد ذلك أن الشركة الدائنة قد استوفت أكثر من أصل الدين من غير احتساب الفوائد ولكن الحكم المطعون فيه قرر بعبارة مجملة أن الباقي من أصل الدين وفوائده بعد استنزال المبالغ المتقدم ذكرها هو 380 جنيهاً و815 مليماً موضوع المطالبة لغاية مايو سنة 1950 دون أن يبين ما هو أصل المبلغ وما هي الفوائد التي احتسبها وفي ذلك ما يحجب هذه المحكمة عن مراقبة سلامة تطبيقه القانون في صدد الفوائد سواء بالنسبة للسعر أم بالنسبة لعدم جواز احتساب فوائد على متجمد الفوائد مما يعيبه بالقصور الموجب لنقضه فضلاً عما انطوى عليه من خطأ في تطبيق القانون بالنسبة لسعر الفائدة بعد صدور القانون المدني في 15 من أكتوبر سنة 1949 وسريان المادة 227 منه إذ يجب من هذا التاريخ أن تحسب الفائدة الاتفاقية بواقع 7% سنوياً ذلك أن دين التصفية وإن كان قد صدر به حكم في سنة 1931 مع فوائده الاتفاقية بواقع الماية تسعة حتى تمام الوفاء إلا أن المحكوم له لا يجوز أن يتقاضى فائدة تزيد عن سبعة في المائة من تاريخ سريان المادة 227 مدني التي استقر قضاء هذه المحكمة على سريانها من تاريخ صدور القانون على الاتفاقات السابقة على العمل به ولا يحد من هذا أن يكون قد صدر حكم على أساس هذا الاتفاق.
وحيث إنه لذلك يتعين نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لهذه الأوجه الأخيرة ورفض الطعن فيما عدا ذلك.