أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 582

جلسة 28 من إبريل سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور خلف.

(120)
الطعن رقم 60 لسنة 39 القضائية

(أ، ب) اختلاس محجوزات. جريمة "أركانها" حجز.
(أ) تمام جريمة اختلاس الأشياء المحجوز عليها بمجرد عدم تقديم هذه الأشياء ممن هي في عهدته إلى المكلف ببيعها في اليوم المحدد للبيع بقصد عرقلة التنفيذ. لا يعفى الحارس من العقاب احتجاجه بأن الشيء المحجوز غير مملوك للمحجوز عليه.
(ب) مخالفة الإجراءات المقررة للحجز أو البيع لا تبيح اختلاس المحجوزات. علة ذلك؟
(ج، د) دفوع. "الدفع بعدم العلم بيوم البيع وساعته". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". اختلاس محجوزات.
(ج) عدم جواز إثارة الدفع بخلو محضر الحجز من تحديد ساعة للبيع لأول مرة أمام محكمة النقض.
(د) محل الدفع بعدم العلم بيوم البيع أن تكون الأشياء المحجوزة موجودة لم تبدد.
(هـ، و) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إجراءات المحاكمة. "الطعن بالتزوير". إثبات "خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(هـ) الطعن بالتزوير في ورقة من أوراق الدعوى. من وسائل الدفاع. خضوعه لتقدير محكمة الموضوع.
(و) سلطة المحكمة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة عليها.
(ز) نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". اختلاس محجوزات. حجز.
اطمئنان المحكمة إلى بيان محضري الحجز والتبديد. فصل في أمر موضوعي. لا إشراف لمحكمة النقض عليه.
(ح) إجراءات المحاكمة.
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب التأجيل. شرطه؟
1 - تتم جريمة اختلاس الأشياء المحجوز عليها بمجرد عدم تقديم هذه الأشياء ممن هي في عهدته إلى المكلف ببيعها في اليوم المحدد للبيع بقصد عرقلة التنفيذ لما ينطوي عليه هذا الفعل من الإضرار بمصلحة الدائن الحاجز ومن مخالفة لواجب الاحترام لأوامر السلطة التي أوقعته، ولا يعفى الحارس من العقاب احتجاجه بأن الشيء المحجوز غير مملوك للمحجوز عليه، إذ كان يجب عليه بعد توقيع الحجز أن يمتنع عن تسليمه لمالكه حتى يقضي لهذا الأخير من الجهة المختصة بإلغاء الحجز.
2 - إن مخالفة الإجراءات المقررة للحجز أو لبيع المحجوزات لا تبيح اختلاس المحجوزات، بل الواجب دائما احترام الحجز ولو كان مشوباً بما يبطله ما دام لم يقض ببطلانه.
3 - متى كان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة بدرجتيها أن الطاعن لم يثر في دفاعه خلو محضر الحجز من تحديد ساعة للبيع فلا يقبل منه إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه يقتضي تحقيقاً موضوعياً تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة.
4 - إن محل الدفع بعدم العلم بيوم البيع أن تكون الأشياء المحجوزة موجودة لم تبدد.
5 - من المقرر أن الطعن بالتزوير في ورقة من أوراق الدعوى المقدمة فيها هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لا تلتزم بإجابته.
6 - الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث، وهي الخبير الأعلى في كل ما تستطيع هي أن تفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها ما دامت المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحت التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء الرأي فيها.
7 - متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى بيانات محضري الحجز والتبديد، فإنها بذلك تكون قد فصلت في أمر موضوعي لا إشراف لمحكمة النقض عليه.
8 - لا تلتزم المحكمة في الأصل بالاستجابة إلى طلب التأجيل طالما أنها استخلصت من وقائع الدعوى عدم الحاجة إليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 25 سبتمبر سنة 1967 بدائرة مركز الزقازيق محافظة الشرقية: بدد المحجوزات المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة له والمحجوز عليها قضائياً لصالح محمد لطفي غيث والتي لم تكن قد سلمت إليه إلا على وجه الوديعة لحراستها وتقديمها يوم البيع فاختلسها لنفسه بنية تملكها بطريق الغش. وطلبت عقابه بالمادتين 341 و342 من قانون العقوبات. ومحكمة الزقازيق الجزئية قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة مائتي قرش لوقف التنفيذ. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة الزقازيق الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة تبديد حجز قضائي قد شابه فساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع كما أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الحجز المتوقع على الزراعة موضوع الدعوى لا شأن للطاعن به ولا يعلم من أمره شيئاً إذ أنه توقع على غير زراعته بدليل الشهادة التي قدمها إلى محكمة الدرجة الثانية إلا أن المحكمة أهدرت دلالة هذه الشهادة وعولت في قضائها على ما جاء بمحضري الحجز والتبديد رغم خلو أولها من الساعة التي تحددت للبيع، وكذب ما أثبته المحضر بهما من أن الطاعن كان موجوداً وقت توقيع الحجز وأنه رفض التوقيع على محضر التبديد. هذا إلى أن المحكمة لم تجب الطاعن إلى طلبه التأجيل للطعن بالتزوير على هذين المحضرين كما قضت في الدعوى دون أن يقوم الدليل على إعلان الطاعن بالحجز أو إخطاره به مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، وقد عرض الحكم المطعون فيه إلى دفاع الطاعن وأطرحه بقوله "حيث إن الشهادة المقدمة من المتهم - الطاعن - الصادرة من الجمعية التعاونية الزراعية لا تجدي شيئاً في نفي التهمة عنه أو في إهدار صحة البيانات الواردة في محضري الحجز والتبديد إذ أن الشهادة تنصرف إلى ما زرع في الأرض المؤجرة من المجني عليه للمتهم وليس في الأوراق ثمة ما يدل على أن الزراعة المحجوزة تقع في الأراضي المؤجرة ولا تقع في غيرها، هذا وأن للمتهم توقيع على محضر الحجز الذي تم في حضوره وعين فيه حارساً على الأشياء المحجوزة وإذ أنه يحاج بما جاء في ذلك المحضر فإن دفاعه في شأنه يبدو بادي الفساد ويصبح الحكم المستأنف وقد أدانه قد أصاب محله للأسباب السائغة المقبولة التي بني عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة". وما قاله الحكم من ذلك سديد ويسوغ به إطراح دفاع الطاعن في هذا الشأن، ذلك بأن جريمة اختلاس الأشياء المحجوز عليها تتم بمجرد عدم تقديم هذه الأشياء ممن هي في عهدته إلى المكلف ببيعها في اليوم المحدد للبيع بقصد عرقلة التنفيذ لما ينطوي عليه هذا الفعل من الإضرار بمصلحة الدائن الحاجز ومن مخالفة لواجب الاحترام لأوامر السلطة التي أوقعته، ولا يعفى الحارس من العقاب احتجاجه بأن الشيء المحجوز غير مملوك للمحجوز عليه، إذ كان يجب عليه بعد توقيع الحجز أن يمتنع عن تسليمه لمالكه حتى يقضي لهذا الأخير من الجهة المختصة بإلغاء الحجز لما كان ذلك وكان يبين من الإطلاع على محاضر جلسات المحاكمة بدرجتيها أن الطاعن لم يثر في دفاعه خلو محضر الحجز من تحديد ساعة للبيع فلا يقبل منه إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه يقتضي تحقيقاً موضوعياً تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة. ومع ذلك فإن مخالفة الإجراءات المقررة للحجز أو لبيع المحجوزات - بفرض وقوعها - لا تبيح اختلاس المحجوزات، بل الواجب دائما احترام الحجز ولو كان مشوباً بما يبطله ما دام لم يقض ببطلانه. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بشأن عدم إعلانه بمحضر الحجز أو إخطاره به مردود بأن الحكم قد أثبت في حقه أنه كان حاضراً وقت توقيع الحجز وأن له توقيعاً عليه بما يدل على علمه بالحجز يقيناً فضلاً عن أن الدفع بعدم العلم بيوم البيع محله أن تكون الأشياء المحجوزة موجودة لم تبدد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض إلى طلب تأجيل الدعوى للطعن بتزوير محضر الحجز ورد عليه في قوله "حيث إن الطلب المبدى من المتهم لتأجيل نظر الدعوى لاتخاذ إجراءات الإدعاء بتزوير محضر الحجز هو طلب لا يتسم بالجد إذ لم يبده المتهم أمام محكمة أول درجة لدى مثوله أمامها بجلسة 7/ 1/ 1968 كما لم يشر إليه في الجلسة الأولى أمام المحكمة الاستئنافية مما يقطع بكذب هذا الإدعاء وما يهدف إليه من عرقلة السير في الدعوى ومن ثم تلتفت عنه المحكمة". ولما كان من المقرر أن الطعن بالتزوير في ورقة من أوراق الدعوى المقدمة فيها هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لا تلتزم بإجابته لأن الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث، وهي الخبير الأعلى في كل ما تستطيع هي أن تفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها ما دامت المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحتة التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء الرأي فيها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى بيانات محضري الحجز والتبديد، فإنها بذلك تكون قد فصلت في أمر موضوعي لا إشراف لمحكمة النقض عليه. ولا يعدو ما طلبه الطاعن في هذا الصدد أن يكون طلباً للتأجيل لاتخاذ إجراء لا تلتزم المحكمة في الأصل بالاستجابة إليه طالما أنها استخلصت من وقائع الدعوى عدم الحاجة إليه فلا يصح أن يعاب على المحكمة التفاتها عنه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.