أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 587

جلسة 28 من إبريل سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور خلف.

(121)
الطعن رقم 61 لسنة 39 القضائية

(أ، ب) إثبات. "إثبات بوجه عام". "إقرار". "كتابة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". سرقة.
(أ) إقرار شاهد الإثبات كتابة بما يتضمن عدوله عن اتهام الطاعن. هو قول جديد منه. للمحكمة عدم الأخذ به دون بيان سبب ذلك. أخذها بأدلة الثبوت مؤداه إطراح ذلك الإقرار.
(ب) الاستغناء عن سماع الشهود. جواز حصوله صراحة أو ضمناً.
(ج) محكمة استئنافية. "الإجراءات أمامها". "استئناف". "نظره والحكم فيه". إثبات. "إثبات بوجه عام". "شهادة" دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
محكمة ثاني درجة تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق. عدم التزامها بإجراء تحقيق إلا ما ترى هي لزوماً لإجرائه.
النعي على المحكمة عدم سماعها شهود الإثبات. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض.
1 - إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من قصور لالتفاته عن الرد على ما أثاره الحكم من عدول المجني عليه عن اتهامه وإقراره كتابة ببراءته من الاتهام المسند إليه بعد أن صدقه بيمينه، مردود بأنه بفرض صحة ما أورده الطاعن عن هذا الإقرار، لا يعدو أن يكون قولاً جديداً من المجني عليه يتضمن عدوله عن اتهامه، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل، ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك، إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها الحكم يؤدي دلالة إلى إطراح الإقرار المذكور.
2 - تخول المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ويستوي أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه، ولما كان المدافع عن الطاعن لم يتمسك في مرافعته أمام محكمة أول درجة بطلب سماع الشهود فإنه يعد متنازلاً عن طلب سماع شهادتهم الذي أبداه بجلسة سابقة.
3 - الأصل أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى هي لزوما لإجرائه. وإذ كان ذلك، وكان الطاعن لم يطلب من المحكمة سماع أقوال شهود الإثبات ولم يوجه أمامها مطعناً ما على إجراءات محكمة أول درجة، فلا يجوز له أن يثير نعيه في هذا الشأن لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في ليلة 21 يونيه سنة 1967 بدائرة مركز كفر الدوار: سرق السيور المبينة بالمحضر وصفاً وقيمة لأبي بكر أحمد رفاعي من مبنى ماكينة الطحين بطريق الكسر من الخارج. وطلبت عقابه بالمادة 317/ 2 - 4 من قانون العقوبات. ومحكمة كفر الدوار الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ثمانية شهور مع الشغل والنفاذ. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة السرقة قد انطوى على إخلال بحق الدفاع وشابه قصور في التسبيب، ذلك بأن محكمة أول درجة قررت تأجيل الدعوى لإعلان المجني عليه وشهود الإثبات بناء على طلب الطاعن ولكنها قضت في الدعوى دون سماعهم ودون أن تبدي أسباباً لعدولها عن سماعهم ثم إن الطاعن قدم إلى محكمة أول درجة إقرارا موقعاً عليه من المجني عليه يفيد أنه صدقه بيمينه في شأن براءته من الاتهام المسند إليه إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع ولم يرد عليه.
وحيث إنه يبين من الإطلاع على محضر جلسة محكمة أول درجة أن الطاعن طلب بجلسة 14 سبتمبر سنة 1967 مناقشة شاهدي الإثبات فأجلت المحكمة الدعوى لجلسة تالية لإعلان المجني عليه والشاهدين وبالجلسة التالية لم يحضر الشهود وترافع المدافع عن الطاعن في موضوع الدعوى دون أن يتمسك بسماعهم فقررت المحكمة حجز القضية للحكم ثم فصلت فيها. ويبين من الإطلاع على محضر جلسة محكمة ثاني درجة أن المدافع عن الطاعن ترافع في الدعوى دون أن يطلب من المحكمة إعلان الشهود لسماع شهادتهم أو يعرض لإجراءات المحاكمة أمام محكمة أول درجة. لما كان ذلك، وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 تخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ويستوي أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه. ولما كان المدافع عن الطاعن - على ما سلف بيانه - لم يتمسك في مرافعته أمام محكمة أول درجة بطلب سماع الشهود فإنه يعد متنازلاً عن طلب سماع شهادتهم الذي أبداه بجلسة سابقة. وإذ كان الأصل أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى هي لزوماً لإجرائه، وكان الثابت من الإطلاع على محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية أن الطاعن لم يطلب من المحكمة سماع أقوال شهود الإثبات ولم يوجه أمامها مطعناً ما على إجراءات محكمة أول درجة، فلا يجوز له أن يثير نعيه في هذا الشأن لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من قصور لالتفاته عن الرد على ما أثاره من عدول المجني عليه عن اتهامه وإقراره كتابة ببراءته من الاتهام المسند إليه بعد أن صدقه بيمينه مردوداً بأنه بفرض صحة ما أورده الطاعن عن هذا الإقرار، فإنه لا يعدو أن يكون قولاً جديداً من المجني عليه يتضمن عدوله عن اتهامه وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها الحكم يؤدي دلالة إلى إطراح الإقرار المذكور. لما كان ما تقدم، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة السرقة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.