أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 591

جلسة 28 من إبريل سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور خلف.

(122)
الطعن رقم 223 لسنة 39 القضائية

(أ، ب، ج، د) اشتراك. فاعل أصلي. اتفاق. جريمة. "الاشتراك فيها". تهريب جمركي. إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(أ) عدم اشتراط المادة 40 عقوبات في الشريك أن يكون على علاقة مباشرة بالفاعل. كفاية كون الجريمة قد وقعت بناء على اتفاقه أو تحريضه أو مساعدته. ولو كان اتصاله بفاعلها بالواسطة.
(ب) الشريك يستمد صفته من فعل الاشتراك ذاته ومن قصده منه ومن الجريمة الني وقعت. صحة معاقبة الشريك متى وقع منه فعل الاشتراك.
(جـ) تحقق الاشتراك إذا كان وقوع الجريمة ثمرة له.
(د) جواز إثبات الاتفاق على ارتكاب الجريمة من فعل لا حق لوقوعها.
(هـ) استيراد. اشتراك. اتفاق. تهريب جمركي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام". "اعتراف".
الترخيص باستيراد سبائك الذهب إلى مصر. محظور على أحاد الناس. القانون رقم 9 لسنة 1959. وقرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 737 لسنة 1964.
اتفاق الطاعن مع متهم آخر على بيع سبائك الذهب التي يجلبها هذا الأخير إلى مصر. اعتبار الطاعن شريكاً في تهريبها. صحيح. علة ذلك؟
إسناد الحكم لفظ التهريب للمتهم مع خلو اعترافه منه. لا يعيب الحكم. ما دام أن التهريب كان موضوع الاتفاق بحسب المعنى المقصود.
(و) نقد. جريمة. "أركانها". قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تمام جريمة عدم عرض المتهم لما في حوزته من أوراق النقد الأجنبي بمجرد وقوع الترك المنهي عنه في القانون عن عمد. عدم تطلب قيام الجريمة قصداً جنائياً خاصاً ولا فوات ميعاد معين.
تسبيب حكم الإدانة في جريمة عدم عرض المتهم ما في حوزته من أوراق النقد الأجنبي. عدم اقتضائه التحدث صراحة عن القصد الجنائي في الجريمة.
(ز) حكم. "تسبيبه. بيانات التسبيب".
ذكر الحكم مواد العقاب التي دان المتهم بها ضمن مواد غير عقابية. لا عيب.
(ح) طعن. "الطعن بالنقض". "أسباب الطعن". نقض. "الطعن بالنقض".
إيضاح وتحديد أوجه الطعن. واجب لقبوله.
1 - إن المادة 40 من قانون العقوبات التي تعرف الاشتراك في الجريمة لا تشترط في الشريك أن تكون له علاقة مباشرة مع الفاعل للجريمة، وكل ما توجبه هو أن تكون الجريمة قد وقعت فعلاً بناء على تحريضه على ارتكاب الفعل المكون لها، أو بناء على اتفاقه على ارتكابها مع غيره أيا كان ومهما كانت صفته، أو بناء على مساعدته في الأعمال المجهزة أو المسهلة أو المتممة لها، يستوي في هذا كله أن يكون اتصاله بالفاعل قريباً ومباشراً أو بعيداً وبالواسطة، إذ المدار في ذلك - كما هو ظاهر النص - على علاقة المتهم بذات الفعل المكون للجريمة لا بأشخاص من ساهموا معه فيها.
2 - الأصل أن الشريك يستمد صفته من فعل الاشتراك الذي ارتكبه ومن قصده منه ومن الجريمة التي وقعت بناء على اشتراكه، فهو على الأصح شريك في الجريمة لا شريك مع فاعلها، وإذن فمتى وقع فعل الاشتراك في الجريمة - كما هو معرف به في القانون - فلا يصح القول بعدم العقاب بمقولة إنه لم يقع مع هذا الفاعل أو ذاك، بل وقع مع شريك له أو مع غيره من الفاعلين.
3 - الاشتراك في الجريمة لا يتحقق إلا إذا كان التحريض أو الاتفاق سابقا على وقوعها أو كانت المساعدة سابقه أو معاصرة لها، وكان وقوع الجريمة ثمرة لهذا الاشتراك.
4 - لا حرج على المحكمة من أن تستنتج الاتفاق السابق من فعل لاحق على الجريمة يشهد به. وإذ كان ذلك وكان الحكم قد أثبت اتفاق المتهم الأول وآخرين مع المتهم الثاني على تهريب الذهب، واتفاق الطاعن الأول مع المتهم الثاني نفسه على ذلك، فقد انعقد بهذا الاتفاق المزدوج بين أطرافه على جريمة التهريب، وهو ما يكفي لتأثيمه.
5 - متى كان الطاعن الأول يسلم في طعنه أن الاتفاق قد انعقد بينه وبين المتهم الثاني على بيع الذهب الذي يجلبه من الخارج إلى مصر، وكانت سبائك الذهب من البضائع التي يشملها حظر الترخيص باستيرادها لآحاد الناس عموماً بحسب القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد، والقرار رقم 737 لسنة 1964 الصادر من وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، فإن هذا الاتفاق يتضمن بداهة وبطريق اللزوم الاتفاق على التهريب، ومن ثم فإن إجراء لفظ التهريب على لسان الطاعن المذكور باعتباره موضوع الاتفاق بحسب المعنى الذي قصده ولو لم تشمله عبارة الاعتراف الذي صدر عنه - بفرض وقوعه - لا يعتبر خطأ في الإسناد مفسداً للتسبيب.
6 - يبين من نص المادة الثالثة من القانون رقم 80 لسنة 1947 في شأن الرقابة على النقد ومن الأعمال التحضيرية المصاحبة له، ومن المصدر التشريعي الذي استمد منه ومن سياقه في قانون النقد بصفة عامة، أن جريمة عدم عرض أوراق النقد الأجنبي التي توجد في حيازة الشخص تتم بمجرد وقوع الترك المنهي عنه في القانون دون أن يحدد الشارع ميعاداً معيناً للقيام بما افترضه من إلزام، لأن النقد الأجنبي حاصل بين يديه لا يحتاج إلى تحصيل في الخارج أو إخطار بالاستحقاق كالشأن في الدخول بصفة عامة، كما لا تستلزم الجريمة لوقوعها قصداً جنائياً خاصاً، بل تتحقق متى وقع من الجاني الترك المؤثم عن عمد مع العلم بماهيته وكون هذا الترك في ذاته مخالفا للقانون، ولا يلزم لتسبيب الإدانة أن يتحدث الحكم صراحة عن هذا الركن ما دام ما أثبته من وقائع يشهد لقيامه، ومن ثم فإن الحكم وقد أثبت على الطاعن حيازته لأوراق النقد الأجنبي وأنه لم يعرضها للبيع على الجهة الإدارية المختصة وأطرح دفاعه بأنه عثر عليها لساعته في مصعد الفندق الذي تلاقى فيه مع بعض أفراد العصابة التي تتولى تهريب سبائك الذهب ونعته بأنه دفاع تجرد من كل أسباب الجدية، فإن ذلك حسبه إثباتاً للجريمة بركنيها المادي والمعنوي ورداً على دفاع الطاعن المرسل في هذا الصدد.
7 - إذا كان الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه قد أثبت مواد القانون التي دان الطاعن بها ومن بينها مواد العقاب وصرح بأنه أخذ بها وطبقها، فإن ذلك حسبه لتحقق مراد الشارع في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من الإشارة إلى نص القانون الذي حكم بموجبه ولو كانت مواد الاتهام التي بينها في صدره وأحال إليها في أسبابه قد شملت كذلك غير ما طبقه من مواد العقاب.
8 - من المقرر أنه يجب لقبول الطعن أن يكون واضحاً محدداًًًً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً فيها مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه. وإذ كان ما تقدم، وكان الطاعن لم يبين في طعنه المآخذ التي عناها تعييباً للحكم الابتدائي والتي ضمنها المذكرة المقدمة منه إلى المحكمة الاستئنافية، فإن ما يثيره في هذا الوجه لا يكون مقبولاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ...... 2 - ..... 3 - ..... 4 - ...... 5 - ..... 6 - ...... 7 - ...... (طاعن) بأنهم في يوم 8 نوفمبر سنة 1965 بدائرة قسم مصر الجديدة (أولاً) المتهم الأول: 1 - شرع في تهريب البضائع المبينة الوصف والقيمة بالمحضر (7 قطع ذهبية) إلى أراضي الجمهورية العربية المتحدة بطرق غير مشروعة بدون أداء الضرائب الجمركية المقررة قانوناً بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبطه والجريمة في حالة تلبس.
2 - شرع في استيراد السلع المبينة في التهمة السابقة قبل الحصول على ترخيص في الاستيراد من وزارة الاقتصاد وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبطه والجريمة في حالة تلبس. 3 - شرع في استيراد البضائع المبينة في البند 1 من التهمة "أولاً" من خارج الجمهورية بقصد الاتجار والتصنيع على خلاف أحكام القانون وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبطه والجريمة في حالة تلبس (ثانياً) المتهمون الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس: اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب الجرائم المبينة في البنود 1 و2 و3 من التهمة "أولاً" بأن اتفقوا على ارتكابها وقام المتهم الثاني بالأعمال المسهلة والمتممة لذلك بأن سلمه السبائك الذهبية المضبوطة لتهريبها فتمت الجرائم المذكورة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة (ثالثاً) المتهمون الثاني والخامس والسادس: 1 - اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع فاعل حسن النية في ارتكاب جريمة الشروع في تهريب البضائع المبينة الوصف والقيمة بالمحضر (8 قطع ذهبية) بدون أداء الضرائب الجمركية المقررة قانوناً بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة بأن اتفقوا على ارتكابها وقام المتهم الثاني بالأعمال المسهلة والمتممة لذلك بأن سلمه القطع الذهبية المضبوطة لتهريبها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة وأوقف أثرها لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو قيام.... بتسليم القطع الذهبية المضبوطة إلى السلطات المختصة في الجمهورية العربية المتحدة. 2 - اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع فاعل حسن النية في ارتكاب جريمة الشروع في استيراد السلع المبينة في التهمة السابقة قبل الحصول على ترخيص بالاستيراد من وزارة الاقتصاد بأن اتفقوا على ارتكابها وقام المتهم الثاني بالأعمال المسهلة والمتممة لذلك بأن سلمه السلع المضبوطة لتهريبها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو قيام...... بتسليم السلع المضبوطة إلى السلطات المختصة في الجمهورية العربية المتحدة - 3 - اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع فاعل حسن النية هو..... في جريمة الشروع في استيراد البضائع المبينة في البند 1 من التهمة "ثالثاً" بقصد الاتجار والتصنيع على خلاف أحكام القانون بأن اتفقوا على ارتكابها وقام المتهم الثاني بالأعمال المسهلة والمتممة لذلك بأن سلمه البضائع المذكورة لتهريبها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة وأوقف أثرها لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو قيام... بتسليم البضائع المضبوطة إلى السلطات المختصة في الجمهورية العربية المتحدة (رابعاً) المتهم السابع 1 - تعامل في أوراق النقد الأجنبي المبينة بالمحضر والبالغ قيمتها بالنقد المصري 865 ج و740 م بأن حصل عليها من مجهولين وذلك على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً ومن غير طريق المصارف المرخص لها 2 - لم يعرض للبيع على وزارة الاقتصاد وبسعر الصرف الرسمي الذي يحدده وزير الاقتصاد النقد الأجنبي الذي في حيازته والموضح في التهمة السابقة. وطلبت عقابهم بالمواد 121 و122 من القانون رقم 66 لسنة 1963 و1 و7 من القانون رقم 59 لسنة 1959 و1 و3 من القانون رقم 95 لسنة 1963 والمواد 1 و3 و9 من القانون رقم 80 لسنة 1947 المعدل والمادتين 40 و41 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح القاهرة للجرائم المالية والتجارية قضت عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين الأول والثاني والثالث والرابع والخامس والسابع والمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى المتهم السادس وغيابياً للأول والثاني والثالث والرابع وحضوري اعتباري للخامس والسادس والسابع بما يأتي (أولاً) حبس المتهمين الأول والثاني سنة مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ وحبس كل من المتهمين الثالث والرابع والخامس ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة مائتي قرش لوقف التنفيذ وإلزام الأول والثاني والثالث والرابع والخامس متضامنين بأداء تعويض قدره 1261 ج و160 م والمتهمين الثاني والخامس أيضاً متضامنين في أداء تعويض قدره 1359 ج و800 م ومصادرة السبائك الذهبية المضبوطة (ثانياً) حبس المتهم السابع شهرين مع الشغل وكفالة مائتي قرش لوقف التنفيذ ومصادرة أوراق النقد الأجنبي المضبوطة معه وذلك عن التهمة الثانية المنسوبة إليه (ثالثاً) براءة المتهم الأول من التهمة الثالثة المنسوبة إليه والمتهمين الثاني والثالث والرابع والخامس من الاشتراك مع الأول في هذه التهمة الثالثة المنسوبة إليهم (رابعاً) براءة المتهم السادس مما نسب إليه. فاستأنف المتهمان الخامس والسابع هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الوكيل عن المحكوم عليهما الخامس والسادس في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن الأول ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الاشتراك مع المتهم الأول..........، بطريق الاتفاق على الشروع في تهريب الذهب والشروع في استيراده دون ترخيص قد شابه البطلان والخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، ذلك بأنه أسس الإدانة على ما حصله من اعتراف الطاعن باتفاقه مع المتهم الثاني "......" على تهريب الذهب من الخارج إلى مصر مع أن الثابت من أوراق الدعوى واعتراف الطاعن أن الاتفاق تم بينه وبين المتهم المذكور على قيام الطاعن ببيع الذهب - لا تهريبه - بعد دخوله الجمهورية وهو عمل تال للتهريب الذي لم يقع الاتفاق عليه ولا تأثيم فيه، لأن الاشتراك لا يكون لاحقاً لمقارفة الجريمة. كما خلا الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه من بيان مادة العقاب، ولا يجزئ في ذلك أن يكون قد أحال جملة إلى مواد الاتهام لأن منها ما لا شأن له بالجريمتين اللتين دين فيهما الطاعن، ومنها ما يتصل بجرائم قضى ببراءته منها، وأغفل الرد على دفاعه الجوهري الذي ضمنه مذكرة مصرحاً له بتقديمها فند فيها أدلة الحكم الابتدائي على توافر عناصر الاشتراك في حقه مبينا أن أقواله ليس فيها ما يكشف عن مساهمته في جريمتي التهريب اللتين دين فيهما بما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه في الحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى عرض للتدليل عليها في حق المتهمين الخمسة الأول - والطاعن خامسهم - بقوله: (وحيث إن المتهم الأول اعترف في تحقيقات النيابة أن المتهمين الثالث والرابع قدماه إلى المتهم الثاني ليعاونه في تهريب الذهب إلى مصر واتفقوا على تنفيذ ذلك مقابل عمولة لكل من المتهمين الأول والثالث والرابع، وقد حمل المتهم الأول سبع سبائك من الذهب مخفاة في جسمه حتى تم استخراجها منه بالمستشفى إثر قدومه من الخارج إلى مصر، وكان هذا النشاط الذي تلاقى عنده هؤلاء المتهمون وقام المتهم الأول على تنفيذه إنما يستهدف تهريب السبائك الذهبية من النظم المعمول بها للبضائع الممنوعة وتهريبها من الرسوم الجمركية ومن واجب استصدار ترخيص باستيرادها، وقد اعترف المتهم الخامس - الطاعن - في التحقيقات أنه اتفق مع المتهم الثاني أيضاً على تهريب الذهب من الخارج إلى مصر وكان تنفيذ العملية المضبوطة نتيجة للاتفاق مع المتهم الخامس على عملية التهريب، وينصرف ذلك أيضا إلى كمية الذهب التي حملها المرشد......، وكان توجه المتهم الخامس إلى الفندق لمقابلة المرشد المذكور إنما يعتبر كاشفاً عن الاتفاق الذي انعقد بينه وبين المتهم الثاني على تهريب الذهب إلى مصر، ومن ثم يتعين الحكم بإدانة المتهمين الأول والثاني والثالث والرابع والخامس طبقاً لمواد الاتهام مع مراعاة تطبيق المادة 32/ 1 عقوبات) وهذا الذي أثبته الحكم تتوافر به أركان جرائم الاشتراك في تهريب سبائك الذهب واستيرادها على خلاف الحظر الذي ضربه الشارع في هذا الصدد مدلولاً عليها بما يؤدي إلى ما رتبه. وقد صرح الحكم. وهو ما أصاب فيه صحيح القانون - بأن الاشتراك في الجريمة لا يتحقق إلا إذا كان التحريض أو الاتفاق سابقاً على وقوعها، أو كانت المساعدة سابقة أو معاصرة لها، وكان وقوع الجريمة ثمرة لهذا الاشتراك. إلا أنه لا حرج على المحكمة من أن تستنتج الاتفاق السابق من فعل لاحق على الجريمة يشهد به. ولما كان الحكم قد أثبت اتفاق المتهم الأول وآخرين مع المتهم الثاني على تهريب الذهب واتفاق الطاعن مع المتهم الثاني نفسه على ذلك، فقد انعقد بهذا الاتفاق المزدوج بين أطرافه على الجريمة، وهو ما يكفي لتأثيمه، ذلك بأن المادة 40 من قانون العقوبات التي تعرف الاشتراك في الجريمة لا تشترط في الشريك أن تكون له علاقة مباشرة مع الفاعل للجريمة وكل ما توجبه هو أن تكون الجريمة قد وقعت فعلاً بناء على تحريضه على ارتكاب الفعل المكون لها أو بناء على اتفاقه على ارتكابها مع غيره أياً كان ومهما كانت صفته، أو بناء على مساعدته في الأعمال المجهزة أو المسهلة أو المتممة لها. يستوي في هذا كله أن يكون اتصاله بالفاعل قريبا ومباشراً أو بعيداً وبالواسطة إذ المدار في ذلك - كما هو ظاهر النص - على علاقة المتهم بذات الفعل الجنائي المكون للجريمة لا بأشخاص من ساهموا معه فيها، والشريك إنما يستمد صفته - بحسب الأصل - من فعل الاشتراك الذي ارتكبه ومن قصده منه ومن الجريمة التي وقعت بناء على اشتراكه. فهو على الأصح شريك في الجريمة لا شريك مع فاعلها. وإذن فمتى وقع فعل الاشتراك في الجريمة - كما هو معرف به في القانون - فلا يصح القول بعدم العقاب بمقولة إنه لم يقع مع هذا الفاعل أو ذاك، بل وقع مع شريك له، ومع غيره من الفاعلين. ولما كان الطاعن يسلم في طعنه أن الاتفاق قد انعقد بينه وبين المتهم الثاني على بيع الذهب الذي يجلبه من الخارج إلى مصر وكانت سبائك الذهب من البضائع التي يشملها حظر الترخيص باستيرادها لآحاد الناس عموماً بحسب القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد، والقرار رقم 737 لسنة 1964 الصادر من وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، فإن هذا الاتفاق يتضمن بداهة وبطريق اللزوم الاتفاق على التهريب ومن ثم فإن إجراء لفظ التهريب على لسان الطاعن باعتباره موضوع الاتفاق بحسب المعنى الذي قصده ولو لم تشمله عبارة الاعتراف الذي صدر عنه - بفرض وقوعه - لا يعتبر خطأ في الإسناد مفسداً لتسبيب الحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه قد أثبت مواد القانون التي دان الطاعن بها ومن بينها مواد العقاب وصرح بأنه أخذ بها وطبقها، فإن ذلك حسبه لتحقيق مراد الشارع في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من الإشارة إلى نص القانون الذي حكم بموجبه، ولو كانت مواد الاتهام التي بينها في صدره وأحال إليها في أسبابه قد شملت كذلك غير ما طبقه من مواد العقاب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً فيها مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه وكان الطاعن لم يبين في طعنه المآخذ التي عناها تعييباً للحكم الابتدائي والتي ضمنها المذكرة المقدمة منه إلى المحكمة الاستئنافية، فإن ما يثيره في هذا الوجه لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعين الرفض.
وحيث إن الطاعن الثاني ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة عدم عرضه ما وقع في حيازته من نقد أجنبي، قد شابه البطلان والقصور في التسبيب اللذان أشير إليهما في الطعن المقدم من الطاعن الأول فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه لم يدلل على توافر القصد الجنائي الخاص لدى الطاعن وأن نيته قد اتجهت إلى عدم عرض أوراق النقد الأجنبي التي ضبطت لديه على وزارة الاقتصاد وخصوصاً أن الطاعن نازع في ذلك مبينا أن الفترة التي مضت بين حيازته للنقد وضبطه لم تجاوز ساعة من الزمن لا تكفى للقطع بنيته، وإن الحكم نفسه لم يعتبر حيازته للنقد وليد تعامل مؤثم، مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن المادة الثالثة من القانون رقم 80 لسنة 1947 في شأن الرقابة على النقد قد نصت على أنه (على كل شخص طبيعي أو معنوي أن يعرض للبيع على وزارة المالية (الاقتصاد) وبسعر الصرف الرسمي الذي يحدده وزير المالية (الاقتصاد) جميع الأرصدة المصرفية من العملة الأجنبية المملوكة له، وكذلك كل دخل مقوم بعملة أجنبية أو أية مبالغ أخرى مستحقة لأي سبب كان يحصل عليها في مصر أو في الخارج لحسابه أو لحساب شخص أو هيئة مقيمة في مصر، وكذلك كل ما يدخل في ملكه أو في حيازته من أوراق النقد الأجنبي ولا يجوز لأي سبب كان الامتناع عن تحصيل الدخل أو المبالغ المشار إليها في الفقرة السابقة ويثبت الامتناع بعد مضي ثلاثة أشهر من تاريخ الاستحقاق. وعليه أن يعرض للبيع ما يحصل عليه من دخل في مدى شهر من تاريخ إبلاغه بتحصيله لحسابه في الخارج أو تحويله إلى مصر. ويبين من هذا النص والأعمال التحضيرية المصاحبة له، والمصدر التشريعي الذي استمد منه ومن سياقه في قانون النقد بصفة عامة أن جريمة عدم عرض أوراق النقد الأجنبي التي توجد في حيازة الشخص تتم بمجرد وقوع الترك المنهي عنه في القانون دون أن يحدد الشارع ميعاداً معيناً للقيام بما افترضه من إلزام لأن النقد الأجنبي حاصل بين يديه لا يحتاج إلى تحصيل في الخارج أو إخطار بالاستحقاق كالشأن في الدخول بصفة عامة، كما لا تستلزم الجريمة لوقعها قصداً جنائياً خاصاً، بل تتحقق متى وقع من الجاني الترك المؤثم عن عمد، مع العلم بماهيته وكون هذا الترك في ذاته مخالفاً للقانون. ولا يلزم لتسبيب الإدانة أن يتحدث الحكم صراحة عن هذا الركن ما دام ما أثبته من وقائع يشهد لقيامه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت على الطاعن حيازته لأوراق النقد الأجنبي، وأنه لم يعرضها على الجهة الإدارية المختصة وأطرح دفاعه بأنه عثر عليها لساعته في مصعد الفندق الذي تلاقى فيه مع بعض أفراد العصابة التي تتولى تهريب سبائك الذهب ونعته بأنه دفاع تجرد من كل أسباب الجدية، فإن ذلك حسبه إثباتا للجريمة بركنيها المادي والمعنوي ورداً على دفاعه المرسل في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان سائر الطعن قد سبق الرد عليه فيما تقدم عند معالجة الطعن المقدم من الطاعن الأول، فإن الطعن كله يكون على غير أساس متعين الرفض