أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 375

جلسة 4 من مايو سنة 1975

برئاسة السيد المستشار/ محمود كامل عطيفه، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى الأسيوطي، وعبد الواحد الديب، وأحمد فؤاد جنينه، وصلاح عبد الحميد.

(86)
الطعن رقم 319 لسنة 45 القضائية

(1 - 2) شيك بدون رصيد. إجراءات. "إجراءات المحاكمة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إثبات "بوجه عام". محكمة ثاني درجة "الإجراءات أمامها". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
(1) جواز تلاوة أقوال الشاهد إذا تعذر سماع شهادته. أو قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً.
القضاء المسبق على دليل لم يطرح. عدم جوازه. [(1)]
محكمة ثاني درجة. عليها تدارك ما يقع من خطأ في الإجراءات أمام محكمة أول درجة. مثال.
(2) واجب محكمة ثاني درجة في أن تسمع بنفسها أو بواسطة أحد أعضائها الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة وأن تستوفي كل نقض في إجراءات التحقيق. م 413 إجراءات جنائية.
1 – الأصل المقرر في المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية أن المحاكمة الجنائية يجب أن تبنى على التحقيق الشفوي الذي تحريه المحكمة في الجلسة وتسمع فيه الشهود ما دام ذلك ممكناً وإنما يصح لها أن تقرر تلاوة أقوال الشاهد إذا تعذر سماع شهادته أو إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك ولا يجوز الافتئات على هذا الأصل الذي افترضه الشارع في قواعد المحاكمة لأية علة مهما كانت إلا بتنازل الخصوم صراحة أو ضمناً، لما كان ذلك وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة أول درجة وعلى المذكرة التي قدمها الطاعن للمحكمة الاستئنافية أنه تمسك بسماع شهادة المجني عليها وآخرين إلا أن محكمة أول درجة التفتت عن هذا الطلب فإن حكمها المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع. ولا يرفع هذا العوار ما أورده الحكم من أسباب ينفي بها لزوم سماع الشهود ذلك أن القانون يوجب سؤال الشاهد أولاً وبعد ذلك يحق للمحكمة أن تبدي ما تراه في شهادته وذلك لاحتمال أن تجيء الشهادة التي تسمعها أو يتاح للدفاع مناقشتها بما يقنعها بحقيقة قد يتغير بها وجه الرأي في الدعوى فضلاً عن أنه لا يصح في أصول لاستدلال القضاء المسبق على دليل لم يطرح مما كان يتعين معه على محكمة ثاني درجة تدارك ذلك الخطأ بإجابة الطاعن إلى طلبه سماع الشهود.
2 – الأصل أن محكمة ثاني درجة لا تجري تحقيقاً في الجلسة وإنما تبني قضاءها على ما تسمعه من الخصوم وما تستخلصه من الأوراق المعروضة عليها إلا أن حقها في هذا النطاق مقيد بوجوب مراعاة مقتضيات حق الدفاع بل أن القانون يوجب عليها طبقاً للمادة 413 من قانون الإجراءات الجنائية أن تسمع بنفسها أو بواسطة أحد القضاء – تندبه لذلك – الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة وتستوفي كل نقص في إجراءات التحقيق – كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة – لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يبطله ويوجب نقضه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة قسم الجيزة أعطى بسوء نية خمسة شيكات بمبلغ خمسمائة جنيه مسحوبة على بنك القاهرة فرع الجيزة لا يقابلها رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك، وطلبت عقابه بالمادتين 336 و337 من قانون العقوبات. وادعت...... (المجني عليها) مدنياً قبل المتهم بمبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة الجيزة الجزئية قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ وإلزامه أن يدفع للمدعية بالحق المدني مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت. فعارض وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم ومحكمة الجيزة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في المعارضة من جديد، ومحكمة الجيزة الجزئية نظرت المعارضة من جديد وقضت فيها بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي وألزمت المتهم المصاريف المدنية فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم ومحكمة الجيزة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم المصاريف المدنية الاستئنافية. فعارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي الاستئنافي المعارض فيه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إصدار شيك بدون رصيد قائم وقابل للسحب قد انطوى على إخلال بحق الدفاع ذلك أنه تمسك أمام درجتي التقاضي بسماع الشهادة المجني عليها وشقيقتها وابن أخيهما إلا أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الأصل المقرر في المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية أن المحاكمة الجنائية يجب أن تبني على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة في الجلسة وتسمع فيه الشهود ما دام ذلك ممكناً وإنما يصح لها أن تقرر تلاوة أقوال الشاهد إذا تعذر سماع شهادته أو إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك ولا يجوز الافتئات على هذا الأصل الذي افترضه الشارع في قواعد المحاكمة لأية علة مهما كانت إلا بتنازل الخصوم صراحة أو ضمناً. لما كان ذلك وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة أول درجة وعلى المذكرة التي قدمها الطاعن إلى المحكمة الاستئنافية أنه تمسك بسماع شهادة المجني عليها وآخرين إلا أن محكمة أول درجة التفتت عن هذا الطلب فإن حكمها المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع. ولا يرفع هذا العوار ما أورده الحكم من أسباب ينفي بها لزوم سماع الشهود ذلك أن القانون يوجب سؤال الشاهد أولاً وبعد ذلك يحق للمحكمة أن تبدي ما تراه في شهادته وذلك لاحتمال أن تجيء الشهادة التي تسمعها أو يتاح للدفاع مناقشتها بما يقنعها بحقيقة قد يتغير بها وجه الرأي في الدعوى فضلاً عن أنه لا يصح في أصول الاستدلال القضاء المستند على دليل لم يطرح مما كان يتعين معه على محكمة ثاني درجة تدارك ذلك الخطأ بإجابة الطاعن إلى طلبه سماع الشهود. ولئن كانت في الأصل لا تجري تحقيقاً في الجلسة وإنما تبني قضاءها على ما تسمعه من الخصوم وما تستخلصه من الأوراق المعروضة عليها إلا أن حقها في هذا النطاق مقيد بوجوب مراعاة مقتضيات حق الدفاع بل أن القانون يوجب عليها طبقاً للمادة 413 من قانون الإجراءات الجنائية أو تسمع بنفسها أو بواسطة أحد القضاة – تندبه لذلك – الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة وتستوفي كل نقص في إجراءات التحقيق – كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يبطله ويوجب نقضه والإحالة دون حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.


[(1)] نفس المبدأ منشور بالسنة 22 ص 129.