أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 839

جلسة 21 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى الأسيوطي، وأحمد فؤاد جنينه، ومحمد وهبه، وأحمد طاهر خليل.

(185)
الطعن رقم 1305 لسنة 45 القضائية

(1) إثبات. "اعتراف" محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأخذ بالاعتراف. في أي دور من أدوار التحقيق. حق لمحكمة الموضوع. النعي على المحكمة التفاتها عن تحقيق تردد الطاعنين بين الاعتراف والإنكار. غير مقبول.
(2) قمار. جريمة "أركانها". "مسئولية جنائية. محلات عامة. حكم. تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مسئولية مستغل المحل العام. ومديره. عن مخالفة أحكام القانون 371 لسنة 1956. أساسها: المادة 38 من ذات القانون.
الربح المستهدف في لعب القمار. تحققه بمجرد استحقاق ثمن طعام أو شراب أو بالحصول على شيء مقوم بمال.
(3) إجراءات المحاكمة. إثبات. شهادة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض. أسباب الطعن. ما لا يقبل عنها.
الاستغناء عن سماع الشاهد. بقبول المتهم أو المدافع عنه ذلك. المادة 289 إجراءات.
عدم جواز النعي على المحكمة قعودها. عن إجراء لم يطلب منها.
1 – من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وكان الحكم قد أورد مضمون اعتراف الطاعنين الأخيرين بمحضر ضبط الواقعة بما يفيد أخذه به، وكانت محاضر جلسات المحاكمة قد خلت من أي مأخذ للطاعنين على هذا الاعتراف فليس لهم من بعد النعي على المحكمة تخليها عن تحقيق تردد الطاعنين بين الاعتراف والإنكار، وبذا تندفع دعوى الإخلال بحق الدفاع.
2 – من المقرر طبقاً للمادة 19 من القانون رقم 321 لسنة 1956 أنه لا يجوز في المجال العام لعب القمار أو مزاولة أية لعبة من الألعاب ذات الخطر على مصالح الجمهور، وكان مستغل المحل ومديره مسئولين عما يقع بالمحل خلافاً لذلك عملاً بالمادة 38 من القانون ذاته. وكان الربح الذي يستهدفه لاعب القمار قد يتحقق باستحقاق ثمن طعام أو شراب لصاحب المحل أو بحصوله على شيء آخر يقوم بمال. وكان تمام جريمة لعب القمار لا يتوقف على قبض ثمن الطلبات فعلاً، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صادف صحيح القانون ويكون ما ذهب إليه الطاعنون من أن فعلهم يعد شروعاً في جنحة غير معاقب عليه غير سديد.
3 – من المقرر طبقاً لنص المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية أن للمحكمة أن تستغني عن سماع الشهود إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك سواء أكان القبول صريحاً أو ضمنياً وكان الحاصل في الدعوى أن الطاعنين لم يطلبوا سماع شاهد الإثبات فليس لهم من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في يوم 30 من أغسطس سنة 1973 بدائرة مركز المحمودية محافظة البحيرة – المتهم الأول – وهو صاحب مقهى سمح بلعب القمار بمقهاه – المتهمان الثاني والثالث – لعبا القمار في مقهى الأول. وطلبت عقابهم بالمواد 1 و19 و34 و26/ 1 و37 و38 من القانون 371 لسنة 1956. ومحكمة المحمودية الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس كل من المتهمين شهراً واحداً مع الشغل وكفالة مائتي قرش وتغريم كل منهم عشرة جنيهات والمصادرة والغلق لمدة لا تزيد على شهرين. فاستأنف المحكوم عليهم هذا الحكم. ومحكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحامي عن الطاعنين في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإدانة الطاعنين (المحكوم عليهم) الأول بجريمة سماحه بلعب القمار بمقهاه والثاني والثالث بجريمة لعب القمار بمقهى الأول قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وانطوى على خطأ في تطبيق القانون وبطلان في الإجراءات ذلك بأن الحكم لم يورد مؤدى الأدلة التي استند إليها في إدانة الطاعنين ولم يبين مضمونها ولا وجه استدلاله بها بل جاءت أسبابه مقتضبة غامضة إذ لم يبين مؤدى شهادة الضابط واعترافات الطاعنين التي عول عليها ولم تحقق المحكمة سبب تردد الطاعنين بين الاعتراف والإنكار. كما أن الواقعة وفقاً لأقوال شاهد الإثبات لا تعدو أن تكون مجرد شروع في جنحة غير معاقب عليها إذ لم يتم قبض ثمن الطلبات وقد يعدل اللاعبان عن إتمام اللعب فلا يتحقق مكسب أو خسارة وأخيراً فإن المحكمة لم تجر تحقيقاً بالجلسة ولم تسمع شاهد الإثبات رغم عدم تنازل الطاعنين عن سماعه صراحة أو ضمناً.
وحيث إنه وإن كان من المقرر أن القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة المأخذ. إلا أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون. كما أنه ليس على الحكم إلا أن يورد ما له أثر في حكمه. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد عرض لواقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دين الطاعنون بهما وأورد على ثبوتهما في حقهم الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدة المحكمة والمستخلصة مما أثبته بمحضره الرائد....... رئيس قسم الآداب الذي قام بضبط الواقعة، وعرض لأقوال الطاعنين بقوله "وحيث إنه بسؤال المتهم........ أنكر ما نسب إليه وقرر أنه كان يلعب وزميله لعبة البصرة على الطلبات وأن مدير المقهى يعلم ذلك وهو الذي سلمهما الكوتشينة وذلك على الطلبات. وحيث إنه بسؤال المتهم....... قرر بمثل ما قرره المتهم السابق وأضاف أنه كان يلعب مع زميله على الطلبات. وحيث إنه بسؤال... صاحب المقهى قرر أنه لا يعرف طريقة اللعب وأنكر ما نسب إليه". وانتهى الحكم إلى القول "وحيث إنه يبين مما تقدم أن التهمة متوافرة الثبوت قبل المتهمين مما جاء بمحضر ضبط الواقعة ولا عبرة بعد ذلك بإنكارهم حيث إن الثابت حال ضبطهم قيامهم باللعب داخل المقهى ومن ثم تعين أخذهم بمواد الاتهام". فإن هذا الذي فصله الحكم تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها ومؤدى كل دليل منها مما يدفع عن الحكم مظنة القصور. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وكان الحكم قد أورد مضمون اعتراف الطاعنين الأخيرين بمحضر ضبط الواقعة بما يفيد أخذه به، وكانت محاضر جلسات المحاكمة قد خلت من أي مأخذ للطاعنين على هذا الاعتراف فليس لهم من بعد النعي على المحكمة تخليها عن تحقيق تردد الطاعنين بين الاعتراف والإنكار، وبذا تندفع دعوى الإخلال بحق الدفاع. لما كان ذلك، وكان من المقرر طبقاً للمادة 19 من القانون رقم 371 لسنة 1956 أنه لا يجوز في المجال العام لعب القمار أو مزاولة أية لعبة من الألعاب ذات الخطر على مصالح الجمهور وكان مستغل المحل ومديره مسئولين عما يقع بالمحل خلافاً لذلك عملاً بالمادة 38 من القانون ذاته. وكان الربح الذي يستهدفه لاعب القمار قد يتحقق باستحقاق ثمن طعام أو شراب لصاحب المحل أو بحصوله على شيء آخر يقوم بمال وكان تمام جريمة لعب القمار لا يتوقف على قبض ثمن الطلبات فعلاً، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صادف صحيح القانون ويكون ما ذهب إليه الطاعنون من أن فعلهم يعد شروعاً في جنحة غير معاقب عليه غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر طبقاً لنص المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية أن للمحكمة أن تستغني عن سماع الشهود إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك سواء أكان القبول صريحاً أو ضمنياً وكان الحاصل في الدعوى أن الطاعنين لم يطلبوا سماع شاهد الإثبات فليس لهم من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.