أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 638

جلسة 5 من مايو سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور خلف.

(130)
الطعن رقم 90 لسنة 39 القضائية

(أ) حكم. "بياناته. تسبيب غير معيب". محكمة استئنافية. "تسبيب أحكامها". دعوى مدنية. قتل خطأ.
بيانات كل من الحكم الصادر بالبراءة والحكم الصادر بالإدانة؟
تسبيب الحكم الاستئنافي القاضي بالبراءة. ما يكفي لسلامته مثال؟ في جريمة قتل خطأ.
(ب) إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حرية القاضي في استيفاء الدليل الذي يطمئن إليه في سبيل تكوين اقتناعه من أي مصدر.
(ج) محكمة استئنافية. "الإجراءات أمامها". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات المحاكمة.
المحكمة الاستئنافية تقضي في الأصل على مقتضى الأوراق. هي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه.
1 - لم تشترط المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يتضمن الحكم بالبراءة أموراً أو بيانات معينة أسوة بأحكام الإدانة. وأنه يكفي لسلامة الحكم الاستئنافي بالبراءة أن تتشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة إلى المتهم وأن يتضمن ما يدل على عدم اقتناعها بالإدانة السابق القضاء بها، وهي غير ملزمة بأن ترد على كل دليل من أدلة الاتهام لأن في إغفال التحدث عنه ما يفيد حتماً أنها أطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى الحكم بالإدانة. ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم وهو يقضي بالبراءة وما يترتب على ذلك من رفض الدعوى المدنية عدم اطلاع المحكمة على التقرير الطبي المثبت لقتل المجني عليه نتيجة مصادمته السيارة، ما دامت قد قطعت في أصل الواقعة وتشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم، لأن التقرير الطبي إنما يلزم إيراد ما جاء به في الحكم الصادر بالإدانة تصويراً للواقعة وإثباتاً لعلاقة السببية بين الخطأ والضرر من أي شخص وقعا ولا شأن له بإثباتهما أو نفيهما عن متهم بذاته.
2 - القاضي حر في استيفاء الدليل الذي يطمئن إليه في سبيل تكوين اقتناعه من أي مصدر شاء سواء في التحقيقات الأولى أو في جلسة المحاكمة ولا تصح مصادرته في شيء من ذلك.
3 - الأصل أن المحكمة الاستئنافية إنما تقضي على مقتضى الأوراق ولا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه. ولما كانت محكمة ثاني درجة لم تر من جانبها حاجة لإجراء تحقيق في الدعوى، وكانت محكمة أول درجة قد حققت شفوية المرافعة بسماع الشهود، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قاله الإخلال بحق الدفاع يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 8/ 10/ 1966 بدائرة قسم الزيتون: (أولاً) تسبب خطأ في قتل عادل عبد العزيز وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم مراعاته للقوانين بأن قاد سيارته بحالة ينجم عنها الخطر وبسرعة أكثر من المقرر ولم يستعمل آلة التنبيه لينبه المارة حتى صدم المصاب فأحدث به إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته (ثانياً) قاد سيارته بحالة ينجم عنها الخطر. وطلبت عقابه بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1 و2 و88 من القانون رقم 449 سنة 1955 وقرار وزير الداخلية. وادعى والد المجني عليه، مدنياً قبل المتهم بمبلغ 60 ج على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف والأتعاب. ومحكمة الزيتون الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ وألزمت المتهم أن يدفع إلى المدعى بالحق المدني مبلغ 60 ج على سبيل التعويض المؤقت ومصاريف الدعوى المدنية ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها مصروفاتها عن الدرجتين ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن وكيل المدعى بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن المدعى بالحقوق المدنية ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى برفض الدعوى المدنية قبل المتهم المطعون ضده عن تهمة القتل الخطأ، قد بني على البطلان في الإجراءات وشابه القصور في التسبيب، ذلك بأن المحكمة الاستئنافية لم تحقق شفوية المرافعة بسماع شهود الإثبات، وأهدرت التحقيقات التي أجرتها محكمة أول درجة، وعولت على ما جاء بمحضر الضبط مع أن المعول عليه في الإثبات هو التحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها، ولم تطلع على التقرير الطبي مع ما قد يكون له من أثر مما يعيب حكمها بما يوجب نقضه.
وحيث إنه لما كانت محكمة أول درجة قد حققت شفوية المرافعة بسماع الشهود، وكان الأصل أن المحكمة الاستئنافية إنما تقضي على مقتضى الأوراق ولا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه، وكانت محكمة ثاني درجة لم تر من جانبها حاجة لإجراء تحقيق في الدعوى، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قالة الإخلال بحق الدفاع يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان يكفي أن يتشكك القاضي في إسناد التهمة إلى المتهم ليقضى له بالبراءة ما دام قد أحاط بعناصر الدعوى عن بصر وبصيرة، وكانت المحكمة الاستئنافية لم تقض في الدعوى إلا بعد أن ألمت بأدلتها كافة، وما ورد منها سواء في استدلال الشرطة أو في التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة وأقسطت كل ذلك حقه وانتهت في حدود سلطتها التقديرية إلى أنه لم يثبت أن المتهم هو مرتكب الحادث، وكان القاضي حراً في استيفاء الدليل الذي يطمئن إليه في سبيل تكوين اقتناعه من أي مصدر شاء، سواء في التحقيقات الأولى أو في جلسة المحاكمة، ولا تصح مصادرته في شيء من ذلك. ولما كان الأصل أن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم تشترط أن يتضمن الحكم بالبراءة أموراً أو بيانات معينة أسوة بأحكام الإدانة، وأنه يكفي لسلامة الحكم الاستئنافي بالبراءة أن تتشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة إلى المتهم وأن يتضمن ما يدل على عدم اقتناعها بالإدانة السابق القضاء بها، وهي غير ملزمة بأن ترد على كل دليل من أدلة الاتهام لأن في إغفال التحدث عنه ما يفيد حتماً أنها أطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى الحكم بالإدانة، ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم وهو يقضي بالبراءة وما يترتب على ذلك من رفض الدعوى المدنية عدم إطلاع المحكمة على التقرير الطبي المثبت لقتل المجني عليه نتيجة مصادمته السيارة، ما دامت قد قطعت في أصل الواقعة وتشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم، لأن التقرير الطبي إنما يلزم إيراد ما جاء به في الحكم الصادر بالإدانة تصويراً للواقعة وإثباتاً لعلاقة السببية بين الخطأ والضرر من أي شخص وقعا ولا شأن له بإثباتهما أو نفيهما عن متهم بذاته. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعين الرفض.