أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 47 - صـ 954

جلسة 12 من يونيه سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ أحمد زكي غرابه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ شكري العميري, عبد الصمد عبد العزيز, علي جمجوم نواب رئيس المحكمة وعبد المنعم دسوقي.

(180)
الطعن رقم 355 لسنة 65 القضائية

(1, 2) اختصاص "الاختصاص الولائي, الاختصاص القيمي, الاختصاص النوعي" "الدفع به" "اختصاص المحكمة الجزئية" نظام عام.
(1) الدفع بعدم الاختصاص الولائي أو القيمي أو النوعي, اعتباره مطروحاً على محكمة الموضوع لتعلقه بالنظام العام. جواز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض ولها إثارته من تلقاء نفسها.
(2) النزاع المتعلق بإيجار الأراضي الزراعية. اختصاص المحكمة الجزئية نوعياً بنظره أياً كانت قيمة الدعوى. م 39/ 1 مكرراً من المرسوم بقانون 178 لسنة 1952 المضافة بالقانون 67 لسنة 1975. قرار المحكمة الابتدائية بإحالة النزاع إلى المحكمة الجزئية المختصة. قضاء ضمني بعدم اختصاصها نوعياً بنظره يخرج به النزاع من ولايتها ولا يجوز إعادة النظر فيه ولو باتفاق الخصوم كما لا يجوز لها إلغاؤه أن العدول عنه ولو أبديت بعد صدوره طلبات جديدة.
(3) اختصاص. نقض "سلطة محكمة النقض: نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص".
- نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص. اقتصار مهمة محكمة النقض على الفصل في مسألة الاختصاص. تعين عند الاقتضاء المحكمة المختصة الواجب التداعي إليها بإجراءات جديدة. م 269/ 1 مرافعات.
1 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الدفع بعدم الاختصاص الولائي أو القيمي أو النوعي يعتبر دائماً مطروحاً على محكمة الموضوع لتعلقه بالنظام العام ولو لم يدفع به أمامها فلا يسقط الحق في إبدائه والتمسك به حتى ولو تنازل عنه الخصوم, ويجوز الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض إذا لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع كما يجوز لمحكمة النقض أن تثيره من تلقاء نفسها.
2 - إذ كان النزاع في الدعوى يدور حول العلاقة الإيجارية بين مستأجري الأرض الزراعية ومالكيها ويقتضي الفصل فيه تطبيق حكم من أحكام المواد 32 حتى 36 مكرراً من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 فإن المحكمة الجزئية تكون هي المختصة نوعياً بنظره أياً كانت قيمته عملاً بالمادة 39/ 1 مكرراً المضافة بالمادة الثانية من القرار بقانون 67 لسنة 1975 إلى المرسوم بقانون 178 لسنة 1952 سالف الذكر مما كان لازمه وقد طرح هذا النزاع ابتداء على المحكمة الابتدائية أن تحيله بحكم أو بقرار إلى المحكمة الجزئية المختصة نوعياً بنظره لأن قرار الإحالة في هذه الحالة لا يعتبر قراراً إدارياً مما يجوز العدول عنه وإنما هو في حقيقته قضاء ضمني بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى يخرج به النزاع من ولايتها ولا يجوز لها إعادة النظر فيه ولو باتفاق الخصوم كما لا يجوز لها إلغاؤه أو العدول عنه حتى ولو أبديت بعد صدوره طلبات جديدة أمامها يكون من شأنها تغيير وجه الرأي فيه.
3 - المادة 269/ 1 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص, وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة".


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول تقدم بطلب على عريضة إلى رئيس محكمة المنصورة الابتدائية لاستصدار أمر بإلزام المطعون ضدهم من الثانية إلى السابع بأن يؤدوا له من تركة مورثهم ومن مالهم الخاص بضمان الطاعن مبلغ 2206.051 جنيه متأخر إيجار في ذمة المورث عن استئجاره أرضاً زراعية في الفترة من 1973 وحتى سنة 1980 بالإضافة إلى ضريبتي الدفاع والأمن القومي لامتناعهم عن سداد هذا المبلغ رغم تكليفهم بأدائه في 22/ 8/ 1983. رفض السيد/ رئيس المحكمة إصدار الأمر وحدد جلسة لنظر الموضوع وقيدت الدعوى برقم 7308 لسنة 1983 أمام محكمة المنصورة الابتدائية وبجلسة 29/ 11/ 1992 قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى محكمة مركز المنصورة الجزئية المختصة قيماً بنظرها. أضاف المطعون ضده الأول طلباً جديداً بإلزام الطاعن والمطعون ضدهم بأن يؤدوا له تعويضاً مقداره أربعون ألف جنيه عدلت المحكمة المشار إليها عن ذلك القرار بذات الجلسة ثم قضت بجلسة 19/ 12/ 1993 برفض الدفع بالتقادم وبإلزام المطعون ضدهم من الثانية إلى السابع من تركة مورثهم وبالتضامن مع الطاعن بأن يؤدوا للمطعون ضده الأول مبلغ 1824.451 جنيه باقي الأجرة من سنة 68/ 1969 وحتى 20/ 11/ 1980 ومبلغ 1824 جنيه تعويضاً عما لحقه من خسارة بسبب نقص القوة الشرائية لهذا المبلغ من وقت الإنذار, وإلزام المطعون ضدها الأولى عن نفسها وبصفتها بأن تؤدي للمطعون ضده الأول مبلغ 600 جنيه مقابل انتفاعها بالأطيان موضوع النزاع سنة 1981 استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 263 لسنة 46 ق المنصورة, وبتاريخ 16/ 11/ 1994 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأنه بصدور قرار المحكمة الابتدائية بجلسة 29/ 11/ 1992 بإحالة الدعوى إلى محكمة مركز المنصورة الجزئية المختصة قيمياً بنظرها تكون قد خرجت من ولايتها ولا يجوز من بعد إبداء أية طلبات أمامها, وإذ عمد المطعون ضده الأول إلى المبالغة في تقدير قيمة الدعوى والتحايل على قواعد الاختصاص بإضافة طلب جديد أمام المحكمة الابتدائية بعد صدور قرارها بالإحالة إلى المحكمة الجزئية فإن هذا الطلب يكون قد قدم لها بعد أن استنفذت ولايتها بنظر النزاع, وإذ عدلت بذات الجلسة عن قرار الإحالة وتصدت للطلب الأصلي والطلب الجديد وأيدها في ذلك الحكم المطعون فيه دون أن يتنازل هذا الدفاع فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كان المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الدفع بعدم الاختصاص الولائي أو القيمي أو النوعي يعتبر دائماً مطروحاً على محكمة الموضوع لتعلقه بالنظام العام ولو لم يدفع به أمامها فلا يسقط الحق في إبدائه والتمسك به حتى ولو تنازل عنه الخصوم, ويجوز الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض إذا لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع كما يجوز لمحكمة النقض أن تثيره من تلقاء نفسها إذ كان ذلك، وكان النزاع في الدعوى يدور حول العلاقة الإيجارية بين مستأجري الأرض الزراعية ومالكيها ويقتضي الفصل فيه تطبيق حكم من أحكام المواد من 32 حتى 36 مكرراً من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 فإن المحكمة الجزئية تكون هي المختصة نوعياً بنظره أياً كانت قيمته عملاً بالمادة 39/ 1 مكرراً المضافة بالمادة الثانية من القرار بقانون 67 لسنة 1975 إلى المرسوم بقانون 178 لسنة 1952 سالف الذكر مما كان لازمه وقد طرح هذا النزاع ابتداء على المحكمة الابتدائية أن تحيله بحكم أو بقرار إلى المحكمة الجزئية المختصة نوعياً بنظره لأن قرار الإحالة في هذه الحالة لا يعتبر قراراً إدارياً مما يجوز العدول عنه وإنما هو في حقيقته قضاء ضمني بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى يخرج به النزاع من ولايتها ولا يجوز لها إعادة النظر فيه ولو باتفاق الخصوم كما لا يجوز لها إلغاؤه أو العدول عنه حتى ولو أبديت بعد صدوره طلبات جديدة أمامها يكون من شأنها تغيير وجه الرأي فيه، لما كان ذلك وكانت المحكمة الابتدائية قد خالفت هذا النظر فبعد أن أصدرت بجلستها المعقودة في 29/ 11/ 1992 قراراً بإحالة الدعوى إلى محكمة مركز المنصورة الجزئية المختصة قيمياً بنظرها إعمالاً لأحكام القانون رقم 23 لسنة 1992 الذي عدل النصاب الابتدائي للقاضي الجزئي عدلت عن قرار الإحالة بذات الجلسة بعد أن أضاف المطعون ضده الأول طلباً جديداً بإلزام الطاعن وباقي المطعون ضدهم بأن يؤدوا له مبلغ أربعين ألف جنيه تعويضاً واستمرت في نظر الطلبين معاً وفصلت فيهما مع أنها لا تملك العدول عنه لانطوائه على قضاء ضمني بعدم اختصاصها تزول به ولايتها ولا يجوز لها من بعد قبول طلبات جديدة أمامها هذا إلى أنها لم تكن بحاجة إلى إعمال أحكام القانون رقم 23 لسنة 1992 سالف الذكر طالما أن النزاع المطروح أمامها يدور حول العلاقة الإيجارية بين مستأجري الأرض الزراعية ومالكيها مما تختص المحكمة الجزئية نوعياً بنظره مهما كانت قيمته, وإذ أيدها الحكم المطعون فيه وتصدى هو الآخر للفصل في الطلبين معا ًفإنه يكون معيباً بمخالفة القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إنه لما كانت المادة 269/ 1 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة" وكان موضوع الاستئناف صالحاً للفصل فيه, ولما سلف يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة المنصورة الابتدائية نوعياً بنظر الدعاوى وباختصاص محكمة المنصورة الجزئية بنظرها.