أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 673

جلسة 12 من مايو سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، وحسين سعد سامح، ومحمود كامل عطيفة، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

(137)
الطعن رقم 138 لسنة 39 القضائية

(أ) إثبات. "خبرة". خبراء الطب الشرعي.
حق المعاون بالطب الشرعي في القيام بأعمال الخبرة أمام القضاء دون ندب ممن يعلوه في الوظيفة. المواد 1، 35، 36 من القانون 96 لسنة 1952.
(ب) مواد مخدرة. جريمة. "أركانها". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير توافر أركان الجريمة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير واقعة الاتجار في المواد المخدرة. موضوعي.
(ج) نيابة عامة. "اختصاص وكلاء النيابة الكلية". اختصاص. "وكلاء النيابة الكلية".
اختصاص وكلاء النيابة الكلية بأعمال التحقيق في دائرة المحكمة الكلية التي يعملون بها.
(د، هـ) أمر إحالة. "تسبيبه" "بطلانه". بطلان. "مستشار الإحالة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
(د) صحة إجراءات الإحالة والمحاكمة ولو شاب قرار الإحالة قصور في التسبيب. ما دام أن القرار قد تضمن الاتهام الذي حوكم المتهم عنه.
إثارة أمر بطلان قرار الإحالة لأول مرة أمام النقض. غير مقبولة.
(هـ) عدم جواز تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لأول مرة أمام النقض. مثال.
(و، ز) إذن التفتيش. "بياناته". "تنفيذه". مأمورو الضبط القضائي. تفتيش.
(و) خلو إذن التفتيش من بيان صفة المأذون بتفتيشه أو صناعته أو محل إقامته. لا يعيبه. شرط ذلك؟
(ز) حق مأمور الضبط في الاستعانة بمرءوسيه من غير رجال الضبط.
(ح) إثبات. "معاينة". "شهادة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
متى لا تلتزم المحكمة بإجابة طلب المعاينة؟
عدم جواز مصادرة المحكمة في اطمئنانها إلى أقوال الشهود.
1 - مفاد نصوص المواد الأولى والخامسة والثلاثين والسادسة والثلاثين من القانون رقم 96 لسنة 1952 بتنظيم أعمال الخبرة أمام جهات القضاء، أن لخبراء مصلحة الطب الشرعي ابتداء من كبير الأطباء الشرعيين وانتهاء بمعاون الطبيب الشرعي حق القيام بأعمال الخبرة تحت رقابة القضاء، وهذا الحق مستمد من القانون ويقوم به أي منهم ولو كان معاوناً كيماوياً دون حاجة إلى ندب ممن يعلوه في الوظيفة.
2 - إن الاتجار في المواد المخدرة واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها، متى كان تدليلها سائغاً ومؤدياً إلى ما انتهت إليه بشأنها.
3 - جرى قضاء محكمة النقض على أن وكلاء النيابة الكلية الذين يعملون مع رئيس النيابة مختصون بأعمال التحقيق في جميع الحوادث التي تقع في دائرة المحكمة الكلية التي هم تابعون لها، وهذا الاختصاص أساسه تفويض من رئيس النيابة أو من يقوم مقامه، تفويضاً أصبح على النحو الذي استقر عليه العمل في حكم المفروض، ولذلك لم يجد الشارع حاجة إلى تقرير هذا المبدأ بالنص عليه.
4 - متى كان الطاعن لم يجادل في أن قرار الإحالة تضمن إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته عن تهمة إحراز الحشيش والأفيون، فإن إجراءات الإحالة والمحاكمة تكون صحيحة ولو اقتصرت مدونات أسباب الإحالة عند بيان أقوال الشهود على ذكر أن الطاعن أحرز الحشيش دون الإشارة إلى الأفيون، ذلك أنه فضلاً عن أن القصور في أسباب قرار الإحالة لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر على صحة إجراءاتها، فإنه لا يقبل إثارة أمر بطلان هذا القرار لأول مرة أمام محكمة النقض باعتباره إجراء سابقاً على المحاكمة.
5 - إذا كان الطاعن لم يثر لدى محكمة الموضوع سائر ما ساقه بأسباب طعنه في شأن خلو إذن التفتيش من صفة ومحل إقامة المأذون بتفتيشه أو في شأن بطلان التفتيش لأن أحد رجال الشرطة السريين أمسك بالطاعن ليقوم الضابط بتفتيشه، أو عدم تحليل حافظة النقود التي عثر على المخدرات فيها وكذلك المواد المضبوطة، مما ينطوي على تعييب للإجراءات التي جرت في المرحلة السابقة على المحاكمة - ولم يطلب إلى تلك المحكمة تحقيقاً معيناً في هذا السبيل، فلا يقبل منه إثارة ذلك أمام محكمة النقض.
6 - لم يشترط القانون شكلاً معيناً لإذن التفتيش، فلا ينال من صحته خلوه من بيان صفة المأذون بتفتيشه أو صناعته أو محل إقامته طالما أن المحكمة اطمأنت إلى أنه المقصود بالإذن.
7 - لمأمور الضبط القضائي أن يستعين في تنفيذ أمر التفتيش بمرءوسيه ولو كانوا من غير رجال الضبط القضائي.
8 - من المقرر أن طلب المعاينة متى كان لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة، فإن هذا الطلب يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته، وإذ كان ذلك وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود، فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا محل للنعي عليها بعدم توليها إعادة المعاينة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 6 يوليو سنة 1967 بدائرة مركز طوخ محافظة القليوبية: أحرز بقصد الاتجار جواهر مخدرة (حشيشاً وأفيوناً). وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد الواردة في أمر الإحالة فصدر قراره بذلك. ومحكمة جنايات بنها قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و34/ 1 - أ و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبندين 1 و12 من الجدول رقم 1 المرفق به و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه دانه بجريمة إحراز مخدرات (حشيش وأفيون) بقصد الاتجار جاء مشوباً بالبطلان والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، ذلك بأن ما حواه قرار مستشار الإحالة من أقوال الشهود قاصر على أن الطاعن أحرز جوهر الحشيش ولم تشر هذه الأقوال إلى ضبط جوهر الأفيون معه، ومؤدى هذا أن الطاعن أحيل إلى محكمة الجنايات لمحاكمته عن إحراز الحشيش فقط، وكان على محكمة الجنايات أن تلتزم حدود ما حواه قرار الإحالة من ذلك وأن في خروجها عن نطاقه وبسط إدانتها للطاعن على وقائع أخرى ما يشوب حكمها بالبطلان - كما أن الذي قام بإجراء تحليل المواد المضبوطة هو كيماوي شرعي معاون وهو كمعاون النيابة لا يصح التعويل على إجراء قام به إلا إذا ندب لذلك من صاحب الصفة الأصلية في هذا الإجراء وهو ما لم يثبت حدوثه، ومن ثم يكون عمله على غير سند صحيح من القانون ويكون تعويل الحكم على نتيجة التحليل الذي أجراه معيباً بالفساد في الاستدلال. كما أن إذن التفتيش صدر باطلاً إذ أصدره وكيل نيابة بنها الكلية دون أن يثبت أنه ندب لذلك من رئيس النيابة أو أن وكيل نيابة طوخ المختص كان لديه عذر وندب هو للقيام بعمله، كما لم يبين الإذن صفة ومحل إقامة المقصود بالتفتيش مع أن الأسماء قد تتشابه في البلدة الواحدة وفي الأسرة الواحدة. كما تضمن الإذن ندب أي من مأموري الضبط القضائي لإجراء التفتيش والثابت من الأوراق أن الشرطي السري كمال أحمد قرر أنه أمسك بالطاعن ثم قام بعد ذلك رئيس مكتب المخدرات بتفتيشه، ومؤدى ذلك أن الشرطي السري قبض على الطاعن قبل تفتيشه، وإذ كان الشرطي السري المذكور ليس من مأموري الضبط القضائي فإن ضبطه للطاعن يكون باطلاً وتبطل بالتالي الإجراءات اللاحقة وما أسفرت عنه. كما أن الطاعن تمسك بقصور إجراءات التحقيق لعدم معاينة محل الحادث إذ كان في وسع الطاعن أن يتخلص من المخدرات قبل الضبط لو صح أنه كان محرزاً لها ولم يرد الحكم على هذا الطلب رداً سائغاً. وقد عول الحكم في إثبات قصد الاتجار على أدلة لا تؤدى إلى ما انتهى إليه ولم يرد على ما عابه الطاعن على إجراءات التحقيق من عدم إرسال الميزان المضبوط وحافظة النقود التي قيل بضبط الأفيون فيها إلى التحليل وكل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يجادل في أن قرار الإحالة تضمن إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته عن تهمة إحراز الحشيش والأفيون، فإن إجراءات الإحالة والمحاكمة تكون صحيحة ولو اقتصرت مدونات أسباب الإحالة عند بيان أقوال الشهود على ذكر أن الطاعن أحرز الحشيش دون الإشارة إلى الأفيون ذلك أنه فضلاً عن أن القصور في أسباب قرار الإحالة لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر على صحة إجراءاتها فإنه لا يقبل إثارة أمر بطلان هذا القرار لأول مرة أمام محكمة النقض باعتباره إجراء سابقاً على المحاكمة، ومن ثم فإن القول بأن الحكم المطعون فيه حاكمه على واقعة لم تحل إلى محكمة الجنايات يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان النعي ببطلان إجراءات التحليل لقيام معاون كيماوي شرعي به مردوداً بأن المادة الأولى من القانون رقم 96 لسنة 1952 بتنظيم أعمال الخبرة أمام جهات القضاء تنص على أن يقوم بأعمال الخبرة أمام هذه الجهات خبراء الجدول الحاليون وخبراء وزارة العدل ومصلحة الطب الشرعي والمصالح الأخرى التي يعهد إليها بأعمال الخبرة وكل من ترى جهات القضاء عند الضرورة الاستعانة برأيهم الفني من غير من ذكروا، وبينت المادة 35 من القانون المذكور، أن مصلحة الطب الشرعي تضم وظائف للخبرة الطبية والكيماوية كما بينت المادة 36 ترتيب وظائف خبراء مصلحة الطب الشرعي وهي تبدأ بوظيفة كبير الأطباء الشرعيين وتنتهي بوظيفة معاون طبيب شرعي وما يعادلها. ومفاد هذه النصوص أن لأي من هؤلاء الموظفين حق القيام بأعمال الخبرة تحت رقابة القضاء وهذا الحق مستمد من القانون ويقوم به أي منهم ولو كان معاوناً كيماوياً دون حاجة إلى ندب ممن يعلوه في الوظيفة. لما كان ذلك، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن وكلاء النيابة الكلية الذين يعملون مع رئيس النيابة مختصون بأعمال التحقيق في جميع الحوادث التي تقع في دائرة المحكمة الكلية التي هم تابعون لها وهذا الاختصاص أساسه تفويض من رئيس النيابة أو من يقوم مقامه تفويضاً أصبح على النحو الذي استقر عليه العمل في حكم المفروض، ولذلك لم يجد الشارع حاجة إلى تقرير هذا المبدأ بالنص عليه. ومن ثم فإن التفتيش الصادر في هذه الدعوى يكون صحيحاً مطابقاً للقانون. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يثر لدى محكمة الموضوع سائر ما ساقه بأسباب طعنه في شأن خلو إذن التفتيش من صفة ومحل إقامة المأذون بتفتيشه أو في شأن بطلان التفتيش لأن أحد رجال الشرطة السريين أمسك بالطاعن ليقوم الضابط بتفتيشه أو عدم تحليل حافظة النقود التي عثر على المخدر فيها وكذلك المواد المضبوطة - مما ينطوي على تعييب للإجراءات التي جرت في المرحلة السابقة على المحاكمة - ولم يطلب إلى تلك المحكمة تحقيقاً معيناً في هذا السبيل، فلا يقبل منه إثارة ذلك أمام محكمة النقض. وفضلاً عن ذلك فإن القانون لم يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش، فلا ينال من صحته خلوه من بيان صفة المأذون بتفتيشه أو صناعته أو محل إقامته طالما أن المحكمة اطمأنت إلى أنه الشخص المقصود بالإذن، كما أن لمأمور الضبط القضائي أن يستعين في تنفيذ أمر التفتيش بمرءوسيه ولو كانوا من غير رجال الضبط القضائي، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من ذلك لا يكون له محل. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد رد على طلب الطاعن إجراء معاينة في قوله "وحيث إنه بالنسبة لما أثاره الدفاع عن المتهم حول قصور التحقيق لخلو الدعوى من المعاينة فإن المحكمة ترى أنه لم يكن هناك مبرر لإجرائهما وأنها تطمئن إلى صورة الواقعة كما رواها الشهود، سيما وأن المتهم قرر صراحة لدى سؤاله شفوياً في تحقيقات النيابة أن رجال المباحث ضبطوا المخدرات في مكان جلوسه وأنه يعلم من وضعها في هذا المكان، كما قرر عند سؤاله تفصيلاً أنه كان يبيع اللحوم أسفل شجرة جميزة عندما فاجأه رجال المباحث. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن طلب المعاينة متى كان لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة، فإن هذا الطلب يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته. ولما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا محل للنعي عليها بعدم توليها إعادة المعاينة بمعرفتها. لما كان ما تقدم، وكان الاتجار في المواد المخدرة إنما هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافره في قوله "وحيث إنه عن قصد الاتجار فهو متوفر في حق المتهم من تحريات وأقوال الرائد سعد أحمد سلام رئيس قسم مخدرات بنها التي تأكدت بضبطه محرزاً كمية ليست بالقليلة من المواد المخدرة وميزان وسنجه للوزن للاستعانة بهما في عملية الاتجار في تلك المواد، هذا فضلاً عن تنوع المواد المخدرة المضبوطة وذلك مما يقطع باتجار المتهم في تلك المواد وبتوافر هذا القصد في حقه، وكان هذا التدليل سائغاً ومؤدياً إلى ما انتهى إليه الحكم، فإنه لا محل لما يثيره الطاعن في هذا الخصوص. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن يكون على غير أساس وواجب الرفض موضوعاً.