أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 680

جلسة 12 من مايو سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، ومحمود عباس الغمراوي، ومحمود كامل عطيفه، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

(138)
الطعن رقم 139 لسنة 38 القضائية

(أ، ب) دفوع. "الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية". دعوى مدنية. "قبولها". نظام عام.
(أ) الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية. دفع جوهري. عدم تعلقه بالنظام العام. إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. غير جائز.
(ب) الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية قبل المتهم لعدم بلوغه سن الرشد من الدفوع القانونية التي يخالطها واقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(ج) مسئولية مدنية. "أركانها". خطأ. ضرر. علاقة سببية. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تبيان الحكم أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية. لا تثريب عليه بعد ذلك إن هو لم يبين عناصر الضرر
(د) أسباب الإباحة. "الدفاع الشرعي". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها. موضوعي.
(هـ) نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جواز إثارة الجدل الموضوعي أمام محكمة النقض.
1 - من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية وإن كان من الدفوع الجوهرية التي يتعين التصدي لها عند إبدائها، إلا أنه ليس من قبيل الدفوع المتعلقة بالنظام العام التي يصح إثارتها أمام محكمة النقض لأول مرة.
2 - الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية قبل المتهم لعدم بلوغه سن الرشد من الدفوع القانونية التي يخالطها الواقع، ذلك أن أمر التيقن من صحة أو عدم صحة بلوغ المتهم سن الرشد يحتاج إلى تحقيق تنحسر عنه وظيفة محكمة النقض.
3 - من المقرر أنه متى كان الحكم قد بين أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية، فإنه يكون قد أحاط بعناصر المسئولية المدنية إحاطة كافية، ولا تثريب عليه بعد ذلك إن هو لم يبين عناصر الضرر.
4 - الأصل أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها يتعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب ما دام استدلالها سليما يؤدي إلى ما انتهى إليه.
5 - لا يجوز إثارة الجدل الموضوعي أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 27/ 6/ 1966 بدائرة مركز أبو قرقاص محافظة المنيا: ضرب عبد اللطيف جلال محمود عمدا بآلة صلبة حادة الحافة (مطواة) فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات فقرر بذلك وادعى والدا المجني عليه مدنياً بمبلغ ألفي جنيه قبل المتهم ووالده (المسئول عن الحقوق المدنية) متضامنين. ومحكمة جنايات المنيا قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام والمواد 17 و55/ 1 - 2 و56 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل ستة أشهر ووقف تنفيذ العقوبة وقفاً شاملاً لجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم وألزمته متضامناً مع المسئول عن الحقوق المدنية أن يدفعا إلى المدعيين بالحقوق المدنية مبلغ ألفي جنيه والمصاريف المدنية فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه قصور في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أطرح دفاعه بأنه كان في حالة دفاع شرعي بأسباب غير سائغة ولا تستقيم مع وقائع الدعوى، كما ألزمه بالتعويض المدني على الرغم من بلوغه سن الرشد وقت الحكم ودون اختصام من يمثله قانوناً ولم يبين عناصر الضرر الذي من أجله ألزمه بالتعويض.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أثناء مرور الشرطي السري سنوسي عبد الباقي حسين بشارع الجمهورية في الساعة الثانية عشر ونصف من صباح يوم الحادث شاهد الطاعن يطعن المجني عليه بمدية نفذت في رأسه حتى أنه لم يستطع إخراجها فخر المجني عليه صريعاً على الأرض وقد أنكر المتهم وادعى أن المجني عليه وقريبيه حسن عثمان ومحمد عثمان تقدموه في المسير وتعدوا عليه بالضرب فاستل المدية ولوح بها فأصاب المجني عليه، ثم عرض الحكم لدفاع الطاعن بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس ورد عليه وفنده بقوله "أنه يرد عليه بما قرره الشرطي السري سنوسي عبد الباقي في التحقيقات صراحة وهو أنه عندما وصل إلى مكان الحادث شاهد المتهم والمجني عليه متماسكين ورأى المتهم يطعن المجني عليه بالمدية وكان كل من حسن عثمان ومحمد عثمان حسن وقتئذ يقفان كبقية الخلق دون أن يشترك أيهما في الشجار الأمر الذي يبين منه كذب ما ادعاه المتهم من اشتراكهما في العراك كما وأن شهادة الشرطي وشاهدي الإثبات فهي تفيد أن المتهم هو الذي تعرض وبادئ المجني عليه بالشر لسبق تشاجره مع أخيه الصغير ومعنى هذا أن نية المتهم ونية القتيل قد انصرفتا إلى التعدي ولذا اعتدى كل منهما على الآخر مما ينتفي معه إمكان القول بأن المتهم يعني رد اعتداء وقع عليه دفاعاً عن نفسه" وما أورده الحكم فيما تقدم سائغ ويكفي لتبرير ما انتهى إليه من انتفاء حالة الدفاع الشرعي طالما أنه خلص - بما له أصل من الأوراق - وهو ما لم يجادل الطاعن في صحته، أنه هو الذي بدأ بالعدوان إذ الأصل أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها يتعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب ما دام استدلالها سليماً يؤدي إلى ما انتهى إليه. لما كان ذلك، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل إذ هو لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر أيهما شيئاً عن عدم بلوغه سن الرشد وبالتالي عدم قبول الدعوى المدنية قبله لعدم إدخال من يمثله قانوناً وذلك على الرغم من أن المدافع عن المدعيين بالحقوق المدنية قرر صراحة وفي حضور الطاعن أنه بلغ سن الرشد وقت المحاكمة ووجه إليه الدعوى المدنية على هذا الأساس هو والمسئول عن الحقوق المدنية، وكان أمر التيقن من صحة أو عدم صحة بلوغه سن الرشد يحتاج إلى تحقيق تنحسر عنه وظيفة محكمة النقض لأنه دفع قانوني يخالفه الواقع فضلاً عن أنه من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية وإن كان من الدفوع الجوهرية التي يتعين التصدي لها عند إبدائها، إلا أنه ليس من قبيل الدفوع المتعلقة بالنظام العام التي يصح إثارتها أمام محكمة النقض لأول مرة. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد سكت عن التمسك بهذا الدفع أمام محكمة النقض فليس له من بعد إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ضمن مدوناته أن "ضرراً كبيراً قد نال المدعيين بالحق المدني كنتيجة لمقارفة المتهم لجريمة ضرب ابنهما ضرباً أفضى إلى موته" وكان من المقرر أنه متى كان الحكم قد بين أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية - كما هو الحال في هذه الدعوى - فإنه يكون قد أحاط بعناصر المسئولية المدنية إحاطة كافية ولا تثريب عليه بعد ذلك إن هو لم يبين عناصر الضرر. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل ويضحى الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصروفات المدنية.