أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 47 - صـ 1046

جلسة 27 من يونيه سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين المتناوي, شكري جمعه حسين, فتيحه قرة ومحمد الجابري نواب رئيس المحكمة.

(197)
الطعن رقم 6271 لسنة 65 القضائية

(1) قسمة "قسمة المهايأة". شيوع.
قسمة المهايأة بين الشركاء على الشيوع. ماهيتها. الإيجار الصادر من الشريك عن الجزء المفرز الذي اختص به نافذ في حق باقي الشركاء. الإيجار الصادر منهم بعد القسمة ولو كانوا أصحاب الأغلبية غير نافذ في مواجهته. لهذا الشريك الاحتجاج بهذه القسمة قبل المستأجر ولو لم يكن عقد القسمة مشهراً. المادتان 846/ 1، 848 مدني.
(2) حكم "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً". بطلان. دعوى "الدفاع الجوهري".
تمسك الطاعنين أمام محكمة الموضوع بأنهم اختصوا بالشقة محل النزاع بموجب قسمة المهايأة للعقار والتي تمت بينهم وبين الشركاء على الشيوع وأن عقد الإيجار الصادر من المطعون ضدهما الأول والثاني إلى المطعون ضده الثالث لاحقاً لإجراء تلك القسمة, ويكون غير نافذ قبلهم لصدوره ممن ليس له حق ودللوا على ذلك بالمستندات - دفاع جوهري - إغفال الحكم المطعون فيه تمحيص هذا الدفاع والقضاء برفض دعوى الطاعنين وتمكين المطعون ضده الثالث من عين النزاع واعتبار عقد الإيجار نافذاً في حق الطاعنين. خطأ في تطبيق القانون.
1 - نص الفقرة الأولى من المادة 846 والمادة 848 من القانون المدني - يدل على أن للشركاء على الشيوع في الملكية أن يتفقوا على قسمة المهايأة لمدة معينة فيقسمون المال بينهم قسمة منفعة لا قسمة ملك فيختص كل منهم بجزء مفرز يعادل حصته في المال الشائع فيستقل بإدارته واستغلاله والانتفاع به سواء بنفسه أو بواسطة غيره دون باقي الشركاء ذلك أن الشريك بمقتضى هذه المهايأة يحصل على نصيب باقي الشركاء في منفعة الجزء الذي اختص به في مقابل حصول الشركاء على نصيبه هو في منفعة الأجزاء المفرزة الأخرى, ويعتبر الشريك مؤجراً لمنفعة حصته ومستأجراً لمنفعة حصص باقي من الشركاء, وتطبق القواعد الخاصة بالإيجار فيما يتعلق بحقوقه والتزاماته وجواز الاحتجاج بالقسمة على الغير, ويكون له تأجير الجزء المفرز الذي اختص به إيجاراً نافذاً في حق باقي الشركاء الذين يمتنع عليهم ممارسة هذا الحق لالتزامهم بضمان عدم التعرض ولو كانوا أصحاب أغلبية الحصص في ملكية المال الشائع وتكون الإجارة الصادرة منهم للغير غير نافذة في مواجهة الشريك صاحب الحق في استغلال وإدارة هذا الجزء, ويحق لهذا الشريك أن يحتج بهذه القسمة قبل الغير الذي استأجر من باقي الشركاء بعد القسمة ولو لم يكن عقد القسمة مشهراً, إذ يعتبر الشريك في حكم المستأجر لهذا الجزء وطبقاً للقواعد الخاصة بعقد الإيجار فإنه لا يلزم شهره للاحتجاج به على الغير.
2 - لما كان الطاعنون قد تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأنهم اختصوا بشقة النزاع بمقتضى عقد قسمة المهايأة وقد تمت المحاسبة والاتفاقات بينهم وبين باقي الشركاء في العقار الذي توجد به هذه الشقة ومنها المخالصة المحررة بين الطاعن الأول وبين البائع للمطعون ضده الأول والذي كان يملك نصف العقار وذلك حتى شهر ديسمبر سنة 1984 والإيصال المؤرخ 19/ 5/ 1986 الصادر عن والد المطعون ضده الأول والاتفاق المؤرخ 1/ 4/ 1985 المحرر بين الطاعن الأول وبين والد المطعون ضده الأول والموقع عليه من المطعون ضده الثاني والمقدم أمام محكمة أول درجة بجلسة 30/ 3/ 1994 وكان من شأن هذا الدفاع - لو صح - أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى إذ يحق للطاعنين وحدهم القيام بأعمال الإدارة المتعلقة بشقة النزاع طبقاً لقسمة المهايأة التي تمت بينهم ومنها حيازة تلك الشقة واستغلالها وإبرام عقود الإيجار دون باقي الشركاء الآخرين وإذ كان عقد الإيجار الصادر من المطعون ضدهما الأول والثاني إلى المطعون ضده الثالث المستأجر, والمؤرخ 1/ 3/ 1989 قد جاء لاحقاً لإجراء قسمة المهايأة الحاصلة في سنة 1985 من ثم فإن الإجازة الأخيرة لا تكون نافذة قبل الطاعنين لصدورها ممن ليس له حق إدارة أو استغلال العين محل النزاع بما ورد بقسمة المهايأة من أن الطاعنين اختصوا وحدهم بمنفعة شقة النزاع وإذ خالف الحكم المطعون فيه واعتد بعقد الإيجار المؤرخ 1/ 3/ 1989 المشار إليه واعتبره نافذاً في حق الطاعنين لم يفطن لدفاع الطاعنين بحدوث قسمة مهايأة واختصاصهم بشقة النزاع وهو دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى ورتب على ذلك قضاءه برفض دعوى الطاعنين وبتمكين المطعون ضده الأخير للعين المؤجرة على سند من أن حق باقي الشركاء أصحاب الأغلبية في العقار الشائع في تأجير عين النزاع فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وعابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون ضدهما الأول والثاني أقاما على الطاعنين والمطعون ضده الأخير الدعوى 3655 لسنة 1991 أمام محكمة إسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة وقالا بياناً لذلك إنهما أجرا شقة النزاع إلى المطعون ضده الأخير بموجب عقد الإيجار المؤرخ 1/ 3/ 1989 ولما كانت ملكية عقار التداعي على الشيوع بينهما وبين الطاعنين بحق 17 قيراط لهما و7 ط للطاعنين ومن ثم يكون الإجازة نافذة في حقهم, إلا أنهم في 15/ 5/ 1991 قاموا باغتصاب الشقة محل النزاع مدعين أن ورثه المستأجر السابق قد تنازلوا عن الإيجار لصالحهم وتحرر عن ذلك المحضر رقم 1940 لسنة 1991 إداري كرموز, ولما كان هذا التنازل قد تم بعد أن ترك ورثة المستأجر السابق الإقامة بشقة النزاع وتخلوا عن حقهم في الامتداد القانوني لعقد الإيجار, فضلاً عن أن الطاعنين لا ينوبون عن ملاك العقار فيكون التنازل باطلاً ولا أثر له قبلهم ويكون وضع يد الطاعنين على شقة النزاع بغير سند من القانون, فأقاما الدعوى, ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع الخبير تقريره أقام المطعون ضده الأخير دعوى فرعية ضد الطاعنين والمطعون ضدهما الأول والثاني بطلب الحكم بتمكينه من شقة النزاع وإلزام الطاعنين بتسليمها إليه استناداً إلى استئجاره لها بموجب العقد المؤرخ 1/ 3/ 1989 كما أقام الطاعنون دعوى فرعية على المطعون ضدهم بطلب الحكم بعدم نفاذ عقد الإيجار المشار إليه في حقهم لصدوره من غير مالك وبالتواطؤ بين طرفيه, حكمت المحكمة برفض الدعوى الأصلية والفرعية المقامة من الطاعنين وفي الدعوى المقامة من المطعون ضده الأخير بتمكينه من شقة النزاع, استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 6244 لسنة 50 ق إسكندرية, وبتاريخ 17/ 5/ 1995 قضت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف, طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة أمرت بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وحددت جلسة لنظره, وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه, وبجلسة المرافعة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأنهم اختصوا بالشقة محل النزاع بموجب قسمة المهايأة للعقال والتي أفرغت في محررات أبرمت بينهم وبين الشركاء على الشيوع وقدموا أمام محكمة أول درجة بجلسة 30/ 3/ 1994 المستندات الدالة على ذلك ومنها إيصال المحاسبة حتى آخر شهر ديسمبر سنة 1984 الصادر عن البائع المطعون ضده الأول والذي كان يملك نصف العقار والإيصال المؤرخ 19/ 5/ 1986 الصادر عن والد المطعون ضده الأول وكذلك الاتفاق المؤرخ 1/ 4/ 1985 الموقع عليه من والد المطعون ضده الأول والمطعون ضده الثاني, فتخرج بذلك عن حالة الشيوع ويصبح لهم الحق وحدهم باستغلالها وإدارتها, ولا يكون لباقي الشركاء على الشيوع ثمة حقوق عليها ولا يجوز لهم تأجيرها ولا يحاجون بتصرفاتهم بشأنها, وإذ عول الحكم المطعون فيه على عقد الإيجار المؤرخ 1/ 3/ 1989 والصادر من المطعون ضدهما الأول والثاني - إلى المطعون ضده الأخير عن هذه الشقة واعتبره نافذاً في حقهم باعتبار أن المؤجرين هما صاحبا النصيب الأكبر في ملكية العقار دون إعمال أثر قسمة المهايأة المبرم بين الشركاء, وأغفل الرد على دفاعهم الجوهري في هذا الشأن ولم يعرض لمستنداتهم الدالة معولاً في ذلك على تقرير الخبير رغم أن تلك المستندات لم يقدموها إلا بعد إيداع الخبير تقريره فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد, ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 846 من القانون المدني على أنه "في قسمة المهايأة يتفق الشركاء على أن يختص كل منهم بمنفعة جزء مفرز يوازي حصته في المال الشائع متنازلاً لشركائه في مقابل ذلك عن الانتفاع بباقي الأجزاء, ولا يصح هذا الاتفاق لمدة تزيد على خمس سنين, فإذا لم تشترط لها مدة أو انتهت المدة المتفق عليها ولم يحصل اتفاق جديد كانت مدتها سنة واحدة تتجدد إذا لم يعلن الشريك إلى شركائه قبل انتهاء السنة الجارية بثلاثة أشهر أنه لا يرغب في التجديد وفي المادة 848 من ذات القانون على أن تخضع قسمة المهايأة من حيث جواز الاحتجاج بها على الغير ومن حيث أهلية المتقاسمين وحقوقهم والتزاماتهم وطرق الإثبات لأحكام عقد الإيجار ما دامت هذه الأحكام لا تتعارض مع طبيعة هذه القسمة - يدل على أن للشركاء على الشيوع في الملكية أن يتفقوا على قسمة المهايأة لمدة معينة فيقتسمون المال بينهم قسمة منفعة لا قسمة ملك فيختص كل منهم بجزء مفرز يعادل حصته في المال الشائع فيستقل بإدارته واستغلاله والانتفاع به سواء بنفسه أو بواسطة غيره دون باقي الشركاء، ذلك أن الشريك بمقتضى هذه المهايأة يحصل على نصيب باقي الشركاء في منفعة الجزء الذي اختص به في مقابل حصول الشركاء على نصيبه هو في منفعة الأجزاء المفرزة الأخرى, ويعتبر الشريك مؤجراً لمنفعة حصته ومستأجراً لمنفعة حصص باقي الشركاء, وتطبيق القواعد الخاصة بالإيجار فيما يتعلق بحقوقه والتزاماته وجواز الاحتجاج بالقسمة على الغير, ويكون له تأجير الجزء المفرز الذي اختص به إيجاراً نافذاً في حق باقي الشركاء الذين يمتنع عليهم ممارسة هذا الحق لالتزامهم بضمان عدم التعرض ولو كانوا أصحاب أغلبية الحصص في ملكية المال الشائع وتكون الإجارة الصادرة منهم للغير غير نافذة في مواجهة الشريك صاحب الحق في استغلال وإدارة هذا الجزء, ويحق لهذا الشريك أن يحتج بهذه القسمة قبل الغير الذي استأجر من باقي الشركاء بعد القسمة ولو لم يكن عقد القسمة مشهراً إذ يعتبر الشريك في حكم المستأجر لهذا الجزء، وطبقاً للقواعد الخاصة بعقد الإيجار، فإنه لا يلزم شهره للاحتجاج به على الغير، لما كان ذلك وكان الطاعنون قد تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأنهم اختصوا بشقة النزاع بمقتضى عقد المهايأة وقد تمت المحاسبة والاتفاقات بينهم وبين باقي الشركاء في العقار الذي توجد به هذه الشقة ومنها المخالصة المحررة بين الطاعن الأول وبين البائع للمطعون ضده الأول والذي كان يملك نصف العقار وذلك حتى شهر ديسمبر سنة 1984 والإيصال المؤرخ 19/ 5/ 1986 الصادر عن والد المطعون ضده الأول والاتفاق المؤرخ 1/ 4/ 1985 المحرر بين الطاعن الأول وبين والد المطعون ضده الأول والموقع عليه من المطعون ضده الثاني والمقدم أمام محكمة أول درجة بجلسة 30/ 3/ 1994 وكان من شأن هذا الدفاع - لو صح - أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى إذ يحق للطاعنين وحدهم القيام بأعمال الإدارة المتعلقة بشقة النزاع طبقاً لقسمة المهايأة التي تمت بينهم ومنها حيازة تلك الشقة واستغلالها وإبرام عقود الإيجار دون باقي الشركاء الآخرين، وإذ كان عقد الإيجار الصادر من المطعون ضدهما الأول والثاني إلى المطعون ضده الثالث (المستأجر) والمؤرخ 1/ 3/ 1989 قد جاء لاحقاً لإجراء قسمة المهايأة الحاصلة في سنة 1985 من ثم فإن الإجازة الأخيرة لا تكون نافذة قبل الطاعنين لصدورها ممن ليس له حق إدارة أو استغلال العين محل النزاع بما ورد بقسمة المهايأة من أن الطاعنين اختصوا وحدهم بمنفعة شقة النزاع، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد بعقد الإيجار المؤرخ 1/ 3/ 1989 المشار إليه واعتبره نافذاً في حق الطاعنين لم يفطن لدفاع الطاعنين بحدوث قسمة مهايأة واختصاصهم بشقة النزاع وهو دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى ورتب على ذلك قضاءه برفض دعوى الطاعنين وبتمكين المطعون ضده الأخير للعين المؤجرة على سند من أن حق باقي الشركاء أصحاب الأغلبية في العقار الشائع في تأجير عين النزاع فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وعابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطاعن.