أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 47 - صـ 1059

جلسة 30 من يونيه سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفي حسيب، أحمد خيري، خيري فخري نواب رئيس المحكمة وحامد مكي.

(199)
الطعن رقم 3238 لسنة 60 القضائية

(1) نقض "الخصوم في الطعن".
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه.
(2, 3) اختصاص "اختصاص ولائي". دعوى. تحكيم.
(2) القضاء العادي صاحب الولاية العامة في نظر كافة المنازعات المدنية والتجارية. تغيير هذه الولاية. استثناء يجب عدم التوسع في تفسيره.
(3) النص على التزام عضو الجمعية التعاونية للإسكان بإتباع نظام التحكيم في شأن أن نزاع يثور بينه وبين مجلس إدارة الجمعية وجمعيتها العمومية طبقاً للمادتين 10/ 5 من قرار وزير التعمير والإسكان واستصلاح الأراضي رقم 46 لسنة 1982, 17 من النظام الداخلي للجمعية. لا يسلب العضو حقه في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي ورفع دعواه إلى القضاء مباشرة. علة ذلك.
(4) حكم "تسبيب الحكم: التقريرات القانونية الخاطئة". نقض "السبب غير المنتج".
انتهاء الحكم إلى النتيجة الصحيحة. النعي عليه بالخطأ في تقريراته القانونية. غير منتج.
(5) نقض "أسباب الطعن: النعي المجهل".
أسباب الطعن بالنقض. وجوب تعريفها تعريفاً واضحاً نافياً عنها الغموض والجهالة. عدم بيان الطاعن العيب الذي يعزوه إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره في قضائه. نعي مجهل. غير مقبول.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكن طرفاً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل يجب أن يكون قد نازع خصمه. أمامها في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو وأن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم المطعون فيه حين صدوره, فإذا كان لم توجه إليه طلبات, ولم يقض له أو عليه بشيء, فإن الطعن بالنسبة له يكون غير مقبول, وكان الثابت من الأوراق أن المطعون عليه الثاني بصفته لم توجه منه أو إليه ثمة طلبات في الدعوى وقد وقف من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يبد أن دفع أو دفاع فيها ولم يحكم له أو عليه بشيء كما لم تتعلق أسباب الطعن به ومن ثم فلا يكون للطاعن مصلحة في اختصامه أمام محكمة النقض ويكون الطعن - بالنسبة له - غير مقبول.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن السلطة القضائية هي سلطة أصلية تستمد وجودها وكيانها من الدستور ذاته الذي ناط بها وحدها أمر العدالة مستقلة عن باقي السلطات ولها ودون غيرها ولاية القضاء بما يكفل تحقيق العدالة وحق المواطن في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي, القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية التي تنشب بين الأفراد أو بينهم وبين إحدى وحدات الدولة وأي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف به الدستور يعتبر استثناء على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع فيه.
3 - ولئن كان النص في الفقرة الخامسة من المادة العاشرة من قرار وزير التعمير والدولة للإسكان واستصلاح الأراضي رقم 46 لسنة 1982 على أن "يلتزم عضو الجمعية في تعامله مع......... بإتباع نظام التحكيم المنصوص عليه في المادة 17 من النظام الداخلي للجمعية في شأن أي نزاع يثور بينه وبين مجلس إدارة الجمعية أو جمعيتها العمومية". وفي المادة 17 من النظام الداخلي للجمعية التعاونية للبناء والإسكان الصادر بقرار وزير التعمير والدولة للإسكان واستصلاح الأراضي رقم 693 لسنة 1981 على أنه "يكون لعضو الجمعية إذا صدر قرار يمس مصلحته من مجلس الإدارة أو الجمعية العمومية للجمعية أن يتقدم إلى الجهة المختصة بالمحافظة أو الاتحاد بطلب الالتجاء للتحكيم وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ علمه بالقرار وإلا اعتبر قابلاً له........ إلخ" مفادهما أن مناط عرض النزاع على لجنة التحكيم المنصوص عليه في المادة 17 سالفة الذكر أن يثور نزع بينه وبين الجمعية بسبب صدور قرار من مجلس إدارتها إلا أن المشرع لم يضع نصوص هذه المواد ثمة قيد على حق العضو في رفع دعواه بذلك إلى القضاء مباشرة واللجوء إلى قاضيه الطبيعي, فلا هي تضمنت شروطاً لقبول دعواه أوجبت عليه إتباعها أو رتبت جزاء أوجب إعماله إذا ما رفع الدعوى إلى القضاء دون مراعاة الإجراءات والمواعيد التي أوردها هذان النصان, وبالتالي فإنه لا يكون لهما أدنى أثر على ولاية المحاكم العادية باعتبارها السلطة الوحيدة التي تملك حق الفصل في هذا النزاع.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة في القانون وقضى رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى فلا يعيبه ما تضمنته أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه الأخطاء بغير أن تنقضه.
5 - المادة 253 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بني عليها الطعن وإلا كان باطلا ًإنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرفه تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضوعه منه وأثره في قضائه وإلا كان النعي غير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 7343 سنة 1987 "مدني الزقازيق" الابتدائية على الطاعن بصفته وفي مواجهة المطعون عليه الثاني بصفته بطلب الحكم بأحقيته في احتجاز وحدة سكنية بعمارة برج البريد التي شيدتها الجمعية التعاونية لبناء المساكن للعاملين بالإدارة المحلية بمحافظة الشرقية مع التسليم. وقال بياناً لذلك أنه عضو بهذه الجمعية وله سهم فيها وقد أعلنت عن بناء عمارة سكنية أطلقت عليها اسم برج البريد بمدينة الزقازيق بقصد تملك وحداتها لأعضائها بشرط سداد العضو مبلغ ستة آلاف جنيه كمقدم ثمن للوحدة السكنية الواحدة فاستبق وسدد هذا المقدم غير أن الجمعية العمومية أصدرت قرارها بتوزيع وحدات تلك العمارة على أعضاء معينين لم يكن هو من بينهم ولم تلتزم في ذلك بقواعد التوزيع المنصوص عليها في القانون رقم 14 لسنة 1981 ولائحته التنفيذية رقم 46 لسنة 1982 وأهمها شرط ترتيب الأسبقية وسداد الاشتراكات ولما لم تستجب المجمعية لطلب أحقيته في الوحدة السكنية واستبعدت اسمه رغم توافر الشروط القانونية للتوزيع بالنسبة له فقد أقام الدعوى, ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت في 25/ 1/ 1989 بأحقية المطعون عليه الأول في احتجاز وحدة سكنية بعمارة برج البريد للجمعية التعاونية للإدارة المحلية بالزقازيق وتسليمها إليه.
استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة "مأمورية الزقازيق" بالاستئناف رقم 348 سنة 32 ق, وبتاريخ 2/ 5/ 1990 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف, طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للطعون عليه الثاني بصفته وبرفضه بالنسبة للمطعون عليه الأول وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدي من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليه الثاني بصفته أنه لم يكن خصماً حقيقياً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا الدفع في محله, ذلك أنه المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكن طرفاً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل يجب أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو وأن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم المطعون فيه حين صدوره, فإذا كان لم توجه إليه طلبات, ولم يقض له أو عليه بشيء, فإن الطعن بالنسبة له يكون غير مقبول, وكان الثابت من الأوراق أن المطعون عليه الثاني بصفته لم توجه منه أو إليه ثمة طلبات في الدعوى وقد وقف من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يبد أي دفع أو دفاع فيها ولم يحكم له أو عليه بشيء كما لم تتعلق أسباب الطعن به ومن ثم فلا يكون للطاعن مصلحة في اختصامه أمام محكمة النقض ويكون الطعن - بالنسبة له - غير مقبول.
وحيث إن الطعن - فيما عدا ما تقدم - استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعن بالأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون, وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بعدم اختصاص محكمة أول درجة ولائياً بنظر الدعوى وبإحالة النزاع إلى هيئات التحكيم طبقاً لنص المادة 10/ 5 من القانون رقم 14 لسنة 1981 والمادة 17 من لائحة النظام الأساس الصادر بها القرار والوزاري رقم 693 لسنة 1981 لأن المنازعة تدور حول تضرر المطعون عليه من قرار الجمعية العمومية الصادر بتوزيع الوحدات السكنية التي أقامتها الجمعية لأعضائها بما يوجب عليه الالتجاء إلى التحكيم المنصوص عليه بالمادة 17 سالفة الإشارة وهو اختصاص متعلق بالنظام العام غير أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع على قالة أنه من الدفوع الشكلية ولم يبد من الطاعن أمام محكمة أول درجة في حين أن المطعون عليه عضو بالجمعية وقد قبل التعامل بقانونها وأن إعمال الأثر الناقل للاستئناف يقتضي عرض هذا القبول على محكمة الدرجة الثانية لتقضي في مسألة الاختصاص وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود, ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن السلطة القضائية هي سلطة أصلية تستمد وجودها وكيانها من الدستور ذاته الذي ناط بها وحدها أمر العدالة مستقلة عن باقي السلطات ولها ودون غيرها ولاية القضاء بما يكفل تحقيق العدالة وحق المواطن في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي, أن القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية التي نشب بين الأفراد أو بينهم وبين إحدى وحدات الدولة وأي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف به الدستور يعتبر استثناء على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع فيه. ولئن كان النص في الفقرة الخامسة من المادة العاشرة من قرار وزير التعمير والدولة للإسكان واستصلاح الأراضي رقم 46 لسنة 1982 على أن "يلتزم عضو الجمعية في تعامله مع......... بإتباع نظام التحكيم المنصوص عليه في المادة 17 من النظام الداخلي للجمعية في شأن أي نزاع يثور بينه وبين مجلس إدارة الجمعية أو جمعيتها العمومية". وفي المادة 17 من النظام الداخلي للجمعية التعاونية للبناء والإسكان الصادر بقرار وزير التعمير والدولة للإسكان واستصلاح الأراضي رقم 693 لسنة 1981 على أنه "يكون لعضو الجمعية إذا صدر قرار يمس مصلحته من مجلس الإدارة أو الجمعية العمومية للجمعية أن يتقدم إلى الجهة المختصة بالمحافظة أو الاتحاد بطلب الالتجاء للتحكيم وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ علمه بالقرار وإلا اعتبر قابلاً له........ الخ" مفادهما أن مناط عرض النزاع على لجنة التحكيم المنصوص عليه في المادة 17 سالفة الذكر أن يثور نزع بينه وبين الجمعية بسبب صدور قرار من مجلس إدارتها إلا أن المشرع لم يضع نصوص هذه المواد ثمة قيد على حق العضو في رفع دعواه بذلك إلى القضاء مباشرة واللجوء إلى قاضيه الطبيعي, فلا هي تضمنت شروطاً لقبول دعواه أوجبت عليه إتباعها أو رتبت جزاء أوجب إعماله إذا ما رفع الدعوى إلى القضاء دون مراعاة الإجراءات والمواعيد التي أوردها هذان النصان, وبالتالي فإنه لا يكون لهما أدنى أثر على ولاية المحاكم العادية باعتبارها السلطة الوحيدة التي تملك حق الفصل في هذا النزاع. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة في القانون وقضى رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى فلا يعيبه ما تضمنته أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه الأخطاء بغير أن تنقضه ويضحى النعي بذلك غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول إنه تقدم لمحكمة الاستئناف بمستند لم يكن معروضاً على محكمة الدرجة الأولى تضمن محضر اجتماع الجمعية العمومية للجمعية الذي أثبت به قواعد توزيع الوحدات السكنية لبرج البريد مدار النزاع التي قررتها وكان المطعون عليه من بين الأعضاء الموقعين على ذلك المحضر إلا أن الحكم المطعون فيه لم يورد هذا المستند أو يشير إلى دلالته ضمن أسبابه مكتفياًَ بالإحالة إلى أسباب الحكم المستأنف والتي عول فيها على تقرير الخبير المقدم في الدعوى وأقام عليه قضاءه وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن المادة 253 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بني عليها الطعن وإلا كان باطلا ًإنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرفه تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضوعه منه وأثره في قضائه وإلا كان النعي غير مقبول. لما كان ذلك وكان الطاعن لم يبين دلالة المستند المقدم منه لمحكمة الاستئناف والمشار إليه بسبب النعي ولم يكشف عن مواطن العيب الذي لحق الحكم المطعون فيه نتيجة إغفاله الإشارة إلى هذا المستند وأثره في قضائه وإنما وقف عند حد القول بتقديمه هذا المستند موقعاً عليه من المطعون عليه وهو قول قاصر هذا إلى أن تعييبه الحكم لاكتفائه بالإحالة إلى أسباب الحكم الابتدائي والذي عول على تقرير الخبير المقدم في الدعوى لا يبين منه ثمة مطعن له على ذلك التقرير يكون قد أثر في قضاء الحكم المستأنف وأغفلت محكمة الاستئناف تحقيقه ويضحى هذا النعي مجهلاً وغير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.