أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 711

جلسة 19 من مايو سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفة.

(143)
الطعن رقم 29 لسنة 39 القضائية

(أ، ب) نقد. شيك.
(أ) حظر التعامل في أوراق النقد الأجنبي. تناول هذا الحظر كل عملية من أي نوع تتصل بهذا النقد سواء من العمليات التي بين النص نوعها أو غيرها مما لم ينص عليها ما دام قوامها جميعاً التعامل بالنقد الأجنبي.
(ب) استيفاء الشيك شرائطه القانونية. اعتباره أداة دفع ووفاء كالنقود سواء بسواء التعامل به يقع تحت طائلة التأثيم ما دام قوامه نقداً أجنبياً.
(ج) شيك. "الشيك السياحي".
حمل الشيك السياحي توقيعين. لا فرق بينه وبين الشيك العادي.
(د) محكمة الموضوع. "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لمحكمة الموضوع استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه إقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً.
1 - نصت المادة الأولى من القانون رقم 80 سنة 1947 بصفة عامة مطلقة على حظر التعامل في أوراق النقد الأجنبي، وهذا الحظر يتناول كل عملية من أي نوع تتصل بهذا النقد سواء من العمليات التي بين النص نوعها أو غيرها مما لم ينص عليه ما دام قوامها جميعاً التعامل بالنقد الأجنبي ومن ثم فسواء أكان التعامل بالشيكين على سبيل الملك أم الرهن فهو داخل حتماً في نطاق التأثيم ما دام قوامه نقداً أجنبياً. ولما كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن أنه تسلم الشيكين وقد ضبط بعدها بيومين فأقر باستلامه لهما، فإنه تكون قد مضت مدة كافية تجعله ملتزما بما يفرضه عليه القانون من واجب عرضهما للبيع على وزارة الاقتصاد بالسعر الرسمي.
2 - من المقرر أن الشيك إذا ما استوفى شرائطه القانونية يعتبر أداة دفع ووفاء ويستحق الأداء لدى الاطلاع دائماً ويغني عن استعمال النقود في المعاملات ويعتبر كالنقود سواء بسواء ويجرى مجراها، فإن التعامل به ما دام قوامه نقداً أجنبياً يقع تحت طائلة التأثيم.
3 - إن الشيك السياحي إذا حمل توقيعين لم يعد بينه وبين الشيك العادي فارق.
4 - لمحكمة الموضوع استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه إقتناعها يستوي في ذلك الأدلة المباشرة أو غيرها من طرق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سائغاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في يومي 21 و22 يناير سنة 1967 بدائرة محافظتي القاهرة والجيزة: المتهمان الأول والثاني: أجريا عملية من عمليات النقد الأجنبي على خلاف الشروط والأوضاع التي حددها وزير الاقتصاد وعن غير طريق المصارف المرخص لهما منه بذلك بأن قام المتهم الأول بتسليم الثاني الشيكين السياحيين المبينين الوصف بالمحضر وقيمة كل منهما مائة دولار أمريكي في مقابل الخدمات السياحية التي أداها له. المتهم الثاني: لم يعرض على وزارة الاقتصاد وبسعر الصرف الرسمي الشيكين السياحيين سالفي الذكر المقومين بعملة أجنبية واللذين بلغت قيمة استبدالهما 86 ج و425 م بالنقد المصري. وطلبت عقابهما بالمواد 2 و3 و9 من القانون رقم 80 لسنة 1947 المعدل والقرار الوزاري 51 سنة 1947 المعدل والمواد 11 و12 و179 من لائحة الرقابة على عمليات النقد الأجنبي الصادر بها قرار وزير الاقتصاد رقم 893 لسنة 1960. ومحكمة القاهرة للجرائم المالية والتجارية قضت في الدعوى غيابياً للأول وحضورياً عملاً بمواد الاتهام (أولاً) حبس المتهم الأول شهراً واحداً مع الشغل ومائتي قرش لوقف التنفيذ (ثانياً) حبس المتهم الثاني شهراً واحداً مع الشغل عن كل تهمة من التهمتين المنسوبتين إليه وكفالة مائتي قرش لوقف التنفيذ (ثالثاً) مصادرة الشيكين السياحيين المضبوطين. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التعامل في نقد أجنبي وعدم عرضه هذا النقد للبيع بالسعر الرسمي قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الطاعن لم يتسلم الشيكين المقومين بنقد أجنبي من المتهم الأول على سبيل التملك وإنما تسلمهما على سبيل الرهن الحيازي تأميناً للوفاء بأجرة لديه فلم تكن حيازته لهما كاملة، هذا إلى أنه لم يمض على استلامه لهما حتى ضبطه سوى عدة ساعات فلم يتسن له عرضهما للبيع بالسعر الرسمي، كما أن الحكم اعتبر الشيكين سياحيين في حين أن أحدهما نقد سياحي والآخر شخصي والأول لا يصرف إلا إذا وقع عليه من صاحبه أمام الصراف بالبنك وهو ما أثاره الدفاع ولم يعين الحكم بتحقيقه أو الرد عليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أن الطاعن استلم من المتهم الأول السائح الأمريكي شيكين بمبلغ مائتي دولار. وقطع الأخير بأقواله أن استلام الطاعن لهما كان نظير أجرة وأتعابه لديه لا على سبيل الرهن ضماناً لهذا الأخير كما يزعم الطاعن، وأورد على ثبوت هذه الواقعة في حقه أدلة لها أصلها الثابت الصحيح بالأوراق مستمدة من التحريات وأقوال الضابط والمتهم الأول السائح الأمريكي. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها، يستوي في ذلك الأدلة المباشرة أو غيرها من طرق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سائغاً، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من أنه تسلم الشيكين على سبيل الرهن لا يعدو أن يكون جدلاً حول أدلة الثبوت التي استنبطت منها المحكمة معتقدها بما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، ومع ذلك فإن المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 1947 قد نصت بصفة عامة مطلقة على حظر التعامل في أوراق النقد الأجنبي، وهذا الحظر يتناول كل عملية من أي نوع تتصل بهذا النقد سواء من العمليات التي بين النص نوعها أو غيرها مما لم ينص عليه ما دام قوامها جميعاً التعامل بالنقد الأجنبي، ومن ثم فسواء أكان التعامل بالشيكين على سبيل الملك أم الرهن فهو داخل حتماً في نطاق التأثيم ما دام قوامه نقداً أجنبياً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعن وبما له أصل صحيح في الأوراق - أنه تسلم الشيكين بتاريخ 20 يناير سنة 1967 وقد ضبط بعدها بيومين في 22 يناير سنة 1967 فأقر باستلامه لهما، فإنه تكون قد مضت مدة كافية تجعله ملتزماً بما يفرضه عليه القانون من واجب عرضها للبيع على وزارة الاقتصاد بالسعر الرسمي، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لأوجه الطعن أن وكيل النيابة المحقق أثبت من واقع إطلاعه على الشيكين أن أولهما شيك سياحي بمبلغ مائة دولار يحمل توقيعين للسائح المتهم الأول والشيك الثاني لحامله بمبلغ مائة دولار وعليه توقيع الساحب وقد تم بعد ذلك صرفها بالنقد المصري كإشارة وكيل النيابة، وكان الشيك السياحي إذا حمل توقيعين لم يعد بينه وبين الشيك العادي فارق، وكان من المقرر أن الشيك إذا ما استوفى شرائطه القانونية - يعتبر أداة دفع ووفاء ويستحق الأداء لدى الإطلاع دائماً ويغني عن استعمال النقود في المعاملات ويعتبر كالنقود سواء بسواء ويجرى مجراها، فإن التعامل به ما دام قوامه نقداً أجنبياً يقع تحت طائلة التأثيم. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يضحى ولا محل له. ومن ثم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.