أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 43 - صـ 129

جلسة 6 من يناير سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ زكي إبراهيم المصري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين - الدكتور/ رفعت عبد المجيد نائب رئيس المحكمة، علي محمد علي، د./ حسن بسيوني وحسين السيد متولي.

(29)
الطعن رقم 2252 لسنة 51 القضائية

(1، 2) حكم "حجية الحكم". دعوى. قانون "تفسير القانون".
(1) حجية الحكم في الدعوى تالية. مناطها. وحدة الخصوم والموضوع والسبب في الدعويين. لا يغير من ذلك أن يكون الحكم السابق صادراً في ذات الموضوع أو في مسألة كلية شاملة أو في مسألة أساسية واحدة في الدعويين.
(2) تفسير المحكمة للقانون لا يلزم إلا المحكمة التي أصدرته وفي ذات الدعوى التي كانت بصددها.
(3) رسوم "الرسوم القضائية".
الرسوم القضائية. الأصل هو وجوب أدائها. الإعفاء. استثناء منها. عدم جواز التوسع فيه أو القياس عليه. النص صراحة في القانون المتصل بعمل بعض الهيئات العامة على إعفائها من الرسوم القضائية. يؤكده. (مثال ذلك إعفاء بنك ناصر والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية).
(4) نقض "أسباب الطعن". محكمة الموضوع.
خلو الأوراق مما يفيد تمسك الطاعن بسبب يخالطه واقع أمام محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
1- مناط حجية الحكم الصادر في إحدى الدعاوي في دعوى تالية سواء كان الحكم السابق صادراً في ذات الموضوع أو في مسألة كلية شاملة أو في مسألة أساسية واحدة في الدعويين، أن يكون الحكم السابق صادراً بين نفس الخصوم في الدعوى التالية مع اتحاد الموضوع والسبب فيهما.
2- تفسير المحكمة لاتفاقية تأسيس المصرف الطاعن لا يلزم إلا المحكمة التي أصدرته وفي ذات الدعوى التي كانت بصددها.
3- الأصل في القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية في المواد المدنية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وجوب أداء الرسوم القضائية والإعفاء استثناءً منها لا يجوز التوسع فيه أو القياس عليه، يؤكد هذا أن الشارع حين أراد إعفاء بعض الهيئات العامة من أداء الرسوم القضائية عمد إلى النص صراحة على هذا الإعفاء في القانون المتصل بعملها، كما هو الحال في إعفاء الهيئة العامة لبنك ناصر الاجتماعي من الرسوم القضائية بنص المادة 11 من القانون رقم 66 لسنة 1971 المعدل بالقانون رقم 60 لسنة 1975، وإعفاء الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية من الرسوم القضائية بنص المادة 137 من القانون رقم 79 لسنة 1975 في شأن التأمين الاجتماعي.
4- خلو الأوراق مما يفيد تمسك المصرف الطاعن بسبب يخالطه واقع أمام محكمة الموضوع لا يجوز له من بعد إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المصرف الطاعن أقام الدعوى رقم 289 لسنة 1980 تجاري كلي شمال القاهرة على المطعون ضدهم بطلب الحكم بإلغاء أمر تقدير الرسوم القضائية الصادر في الدعوى رقم 15 لسنة 1976 تجاري كلي شمال القاهرة تأسيساً على أن الإعفاء من الضرائب والرسوم المشار إليه في نص المادة 11 من قرار رئيس الجمهورية رقم 547 لسنة 1974 بشأن الموافقة على اتفاقية تأسيسه يشمل الرسوم القضائية. وبتاريخ 30/ 12/ 1980 حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 92 سنة 98 ق أمام محكمة استئناف القاهرة التي حكمت بتاريخ 27/ 6/ 1981 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها نقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب حاصل النعي بالسبب الخامس منها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون وقصوره في التسبيب إذ التفت عن دفاع المصرف الطاعن بحجية الحكم النهائي الصادر بين ذات الخصوم في الدعوى رقم 506 لسنة 1980 تجاري كلي شمال القاهرة فيما قضى به هذا الحكم في أسبابه المرتبطة بمنطوقة من أن الإعفاء من الضرائب والرسوم المشار إليه في نص المادة 11 من اتفاقية تأسيسه الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 547 لسنة 1974 يشمل الرسوم القضائية.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن مناط حجية الحكم الصادر في إحدى الدعاوي في دعوى تالية سواء كان الحكم السابق صادراً في ذات الموضوع أو في مسألة كلية شاملة أو في مسألة أساسية واحدة في الدعويين، أن يكون الحكم السابق صادراً بين نفس الخصوم في الدعوى التالية مع اتحاد الموضوع والسبب فيهما، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن موضوع الدعوى رقم 506 لسنة 1980 تجاري كلي شمال القاهرة والمرفوعة بين ذات الخصوم، هو إلغاء أمر تقدير الرسوم الصادر في الدعوى رقم 362 لسنة 1978 تجاري كلي شمال القاهرة بينما موضوع الدعوى الراهنة الصادر فيها الحكم المطعون فيه هو إلغاء أمر تقدير الرسوم الصادر في الدعوى رقم 15 لسنة 1976 ومن ثم فإن الحكم الصادر في الدعوى السابقة رقم 506 لسنة 1980 تجاري كلي شمال القاهرة لا يحوز حجية تمنع من نظر الدعوى الراهنة الصادر فيها الحكم المطعون فيه لاختلاف الموضوع في كل منهما ولا ينال من ذلك ما انتهى إليه الحكم السابق في تفسير المادة 11 من اتفاقية تأسيس المصرف الطاعن، إذا أن هذا التفسير لا يلزم إلا المحكمة التي أصدرته وفي ذات الدعوى التي كانت بصددها. لما كان ما تقدم وكان دفاع المصرف الطاعن الوارد بسبب النعي وعلى ما تقدم بيانه لا يستند إلى أساس قانوني صحيح، فإن إغفال الحكم الرد عليه لا يعد قصوراً مبطلاً له.
وحيث إن حاصل النعي بالأسباب الثلاثة الأول خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون وتأويله إذ أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي برفض الدعوى على أن الدعاوي التي يرفعها المصرف الطاعن غير معفاة من الرسوم القضائية لأن تلك الدعاوي لا تدخل في الغرض الذي أنشئ المصرف من أجله وبالتالي فلا يشملها الإعفاء المشار إله في نص المادة 11 من اتفاقية تأسيسه، في حين أن ذلك الإعفاء ورد عاماً بحيث يشمل الإعفاء من الرسوم القضائية باعتبارها من الإجراءات القانونية اللازمة لحماية حقوقه والمرخص له بها بموجب المادة الأولى من اتفاقية تأسيسه - هذا بالإضافة إلى أن مصلحة الشهر العقاري قد أصدرت منشوراً رأت فيه إعفاء المصرف الطاعن من رسوم التسجيل والشهر لدخولها في مفهوم عبارة كافة الضرائب والرسوم المشار إليها في النص الأول آنف الذكر رغم عدم ذكرها فيه صراحة، وهو ما أقره الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن الأصل في القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية في المواد المدنية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وجوب أداء الرسوم القضائية والإعفاء استثناءً منها، لا يجوز التوسع فيه أو القياس عليه، يؤكد هذا أن الشارع حين أراد إعفاء بعض الهيئات العامة من أداء الرسوم القضائية عمد إلى النص صراحة على هذا الإعفاء في القانون المتصل بعملها، كما هو الحال في إعفاء الهيئة العامة لبنك ناصر الاجتماعي من الرسوم القضائية بنص المادة 11 من القانون رقم 66 لسنة 1971 المعدل بالقانون رقم 60 لسنة 1975، وإعفاء الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية من الرسوم القضائية بنص المادة 137 من القانون رقم 79 لسنة 1975 في شأن التأمين الاجتماعي. لما كان ذلك وكانت عبارة "كافة أوجه نشاطه وعملياته المختلفة" الواردة في نص المادة 11 من اتفاقية تأسيس المصرف الطاعن الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 547 لسنة 1974 لا تدخل فيها الدعاوي التي ترفع من المصرف أو عليه لخروجها عن طبيعة نشاطه وعملياته التي أنشئ من أجلها، كما أن عبارة كافة الضرائب والرسوم المشار إليها في النص سالف الذكر لا يدخل في مفهومها الرسوم القضائية باعتبار أن الأصل هو وجوب أدائها والإعفاء منها استثناء لا يكون إلا بنص صريح جازم ولا يغير من ذلك تحدي المصرف الطاعن أن الدعاوي التي يرفعها لحماية حقوقه هي من الإجراءات القانونية المرخص له بمزاولتها طبقاً لنص المادة الأولى من اتفاقية تأسيسه لأن الترخيص له بمزاولة تلك الإجراءات كان من لوازم منحه الشخصية الاعتبارية ولا شأن له بالإعفاء من الرسوم القضائية، كما لا يجوز أيضاً تمسكه بصدور منشور من مصلحة الشهر العقاري والتوثيق بإعفائه من رسوم التوثيق والشهر لاختلاف تلك الرسوم عن الرسوم القضائية. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى تأييد الحكم الابتدائي برفض الدعوى تأسيساً على أن الإعفاء من الضرائب والرسوم المشار إليه في نص المادة 11 من اتفاقية تأسيس المصرف الطاعن لا يسري على الرسوم القضائية المقررة على الدعاوي التي ترفع من المصرف أو عليه لخروجها عن نشاطه وعملياته فإنه يكون قد صادف صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذه الأسباب على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الرابع خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون إذ استصدر قلم الكتاب أمر التقدير - محل النزاع - بإلزام المصرف الطاعن رسوم الدعوى رقم 15 لسنة 1976 تجاري كلي شمال القاهرة في حين أن الحكم الصادر فيها قد ألزم خصمه بها.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن البين من الأوراق أنها جاءت خلواً مما يفيد تمسك المصرف الطاعن بهذا السبب الذي يخالطه واقع أمام محكمة الموضوع ومن ثم فلا يجوز له إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.