أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 728

جلسة 19 من مايو سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ مختار رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، وأنور خلف، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

(147)
الطعن رقم 167 لسنة 39 القضائية

(أ) إثبات. "إثبات بوجه عام". "شهادة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل خطأ.
ضعف البصر أو شدة الظلام. أثر ذلك في الشهادة؟
(ب، ج) قتل خطأ. خطأ. جريمة. "أركانها". مسئولية جنائية. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير توافر الخطأ".
(ب) السرعة التي تصلح أساساً للمساءلة الجنائية في جريمة القتل خطأ. هي التي تجاوز ما تقتضيه ظروف الحال وملابساته.
(ج) تقدير سرعة السيارة كعنصر من عناصر الخطأ. موضوعي.
(د) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محاماة. "حضور محام مع المتهم بجنحة أو مخالفة". إجراءات المحاكمة. طعن. "المصلحة في الطعن".
حضور محام مع المتهم بجنحة أو مخالفة. غير لازم.
عدم التزام المحكمة بإعادة الدعوى للمرافعة لسماع دفاع كان في مقدور المتهم إبداؤه.
سكوت المتهم بجنحة عن المرافعة. لا ينبني عليه حق له في الطعن. ما دام أن المحكمة لم تمنعه من المرافعة.
1 - لا يخل بسلامة وصف الشاهد لسير السيارة أنها كانت تسير بسرعة، ضعف بصره أو شدة الظلام، فإن ذلك إذا أعجزه عن تحديد دقيق للسرعة فإنه لا يمنعه من إدراك أن السيارة كانت مسرعة، كما أن ذلك لا يتنافى مع إمكان الاعتماد على شهادته في شأن عدم إضاءة مصابيح السيارة.
2 - إن السرعة التي تصلح أساساً للمساءلة الجنائية في جريمة القتل خطأ ليست لها حدود ثابتة، وإنما هي التي تجاوز الحد الذي تقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه ومكانه فيتسبب عن هذا التجاوز الموت.
3 - تقدير ما إذا كانت سرعة السيارة في ظروف معينة تعد عنصراً من عناصر الخطأ أو لا تعد، مسألة موضوعية يرجع الفصل فيها لمحكمة الموضوع وحدها.
4 - لا يوجب القانون حضور محام مع المتهم بجنحة أو مخالفة، ومن ثم فإن المحكمة تكون غير ملزمة بإعادة الدعوى للمرافعة لمجرد سماع دفاع من المتهم كان في مقدوره إبداؤه حين حضر أمامها، ولا يجوز أن ينبني على سكوت المتهم عن المرافعة في الجنح الطعن على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع ما دام أنه لا يدعى أن المحكمة منعته من المرافعة الشفوية بالجلسة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 20/ 9/ 1966 بدائرة قسم الموسكي: (أولاً) تسبب خطأ في موت سكينة محمد حافظ ونادية محمد بدوي وكان ذلك ناشئاً عن إهماله ورعونته وعدم احتياطه وتحرزه ومخالفته للقوانين بأن قاد سيارته بحالة ينجم عنها الخطر وبسرعة زائدة ولم يلتزم الجانب الأيمن من الطريق أثناء سيره فصدم المجني عليهما وهما تعبران الطريق فأحدث بهما الجروح الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياة كل منهما (ثانياً) قاد سيارته بحالة ينجم عنها تعرض حياة الجمهور وأموالهم للخطر. وطلبت عقابه بالمواد 238 من قانون العقوبات و1 و2 و81 و90 من القانون رقم 449 لسنة 1955 المعدل و123 من قرار وزير الداخلية. وادعى محمد النبوي بدوي عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على أولاده القصر مدنياً بمبلغ 60 ج قبل المتهم وهيئة النقل العام بالقاهرة بصفتها المسئولة عن الحقوق المدنية وذلك على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف. ومحكمة الموسكي الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام والمادة 32/ 1 من قانون العقوبات بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة 300 ق لوقف التنفيذ وألزمته والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين أن يدفعاً إلى المدعي بالحق المدني بصفته مبلغ 60 ج على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف ومبلغ 2 ج مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المتهم هذا الحكم كما استأنفه المسئول عن الحقوق المدنية. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف فطعن المحامي والوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل الخطأ قد انطوى على إخلال بحق الدفاع كما شابه تناقض وقصور في التسبيب، ذلك بأن المحكمة لم تسأل الطاعن عن التهمة المنسوبة إليه ولم تستمع إلى دفاعه، كما لم تستجب إلى ما طلبه الدفاع عنه من إعادة الدعوى إلى المرافعة لسماع المرافعة الشفوية إذ أنها هي الأصل والمرافعة المكتوبة إجراء مكمل لها، كما اعتمد الحكم في قضائه على ما شهد به الشاهد الوحيد وهو عبد المجيد علي أحمد على الرغم مما أثبته الحكم من أن الشاهد المذكور لم يستطع تحديد سرعة السيارة لشدة الظلام ولضعف بصره وهذا يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أمام المحكمة الاستئنافية أن المتهم - الطاعن - كان حاضراً بنفسه ولم يرد بالمحضر أنه أبدى دفاعاً وأحضر معه من يدافع عنه أو أنه طلب التأجيل حتى يحضر محاميه وكان القانون لا يوجب حضور محام عن المتهم بجنحة أو مخالفة وكانت المحكمة غير ملزمة بإعادة الدعوى للمرافعة لمجرد سماع دفاع من المتهم كان في مقدوره إبداؤه حين حضر أمامها ولا يجوز أن ينبني عن سكوت المتهم عن المرافعة في الجنح الطعن على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع ما دام أنه لا يدعى أن المحكمة منعته من المرافعة الشفوية بالجلسة، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه أبان عن الخطأ الثابت في حق الطاعن متمثلاً في عدم إضاءته مصابيح السيارة وفي السرعة الزائدة عما تقتضيه ملابسات الحادث وزمانه ومكانه واستند في إثبات ذلك إلى طول آثار الفرامل فضلاً عن شهادة الشاهد عبد المجيد أحمد البلوك، وكان ما ورد في تحصيل الحكم لأقوال ذلك الشاهد - من اعتذاره بضعف بصره وشدة الظلام عن عدم مقدرته على تقدير السرعة التي كانت تسير بها السيارة - لا يفت في سلامة الاستناد إلى شهادته فيما يتعلق بقيادة الطاعن للسيارة بسرعة لا تتناسب مع ظروف المرور في زمان الحادث ومكانه، إذ لا يخل بسلامة وصف الشاهد لسير السيارة أنها كانت تسير بسرعة، ضعف بصره أو شدة الظلام فإن ذلك إذا أعجزه عن تحديد دقيق للسرعة فإنه لا يمنعه من إدراك أن السيارة كانت مسرعة، كما أن ذلك لا يتنافى مع إمكان الاعتماد على شهادته في شأن عدم إضاءة مصابيح السيارة. لما كان ذلك، وكانت السرعة التي تصلح أساساً للمساءلة الجنائية في جريمة القتل الخطأ ليست لها حدود ثابتة وإنما هي التي تجاوز الحد الذي تقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه ومكانه فيتسبب عن هذا التجاوز الموت كما أن تقدير ما إذا كانت سرعة السيارة في ظروف معينة تعد عنصرا من عناصر الخطأ أو لا تعد هي مسألة موضوعية يرجع الفصل فيها لمحكمة الموضوع وحدها، وكان الحكم قد دلل على توافر ركن الخطأ استناد إلى السرعة وعدم إضاءة مصابيح السيارة تدليلاً سائغاً، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير سند. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.