أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 20 - ص - 732

جلسة 19 من مايو سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفه.

(148)
الطعن رقم 199 لسنة 39 القضائية

(أ) عقوبة. "تطبيقها". فاعل أصلي. اشتراك. استيلاء على مال للدولة بغير حق.
الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 عقوبات. طبيعتها؟ وجوب القضاء بها على كل من ساهم في الجريمة فاعلاً أو شريكاً. وبالتضامن عند تعدد الجناة.
(ب) وصف التهمة "تغييره". "تعديله". إجراءات المحاكمة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". شروع. استيلاء على مال الدولة بغير حق.
تغيير وصف التهمة أو تعديله. لفت نظر الدفاع إليه. صراحة أو ضمناً أو بإجراء ينم عنه. مثال.
(ج، د) حكم. تسبيبه. تسبيب غير معيب. جريمة. "أركان الجريمة". قصد جنائي. ملكية. اختلاس أموال أميرية.
(ج) تحصيل الحكم في مدوناته ما يدل على ملكية الشيء المختلس. كفايته للتدليل على الملكية.
(د) كفاية إيراد الحكم لوقائع وظروف تدل على توافر القصد الجنائي.
(هـ) اشتراك. جريمة. "الاشتراك فيها". "أركانها". قصد جنائي إثبات. "إثبات بوجه عام". "قرائن". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
متى يتحقق قيام الاشتراك في الجريمة بطريق الاتفاق؟
كيفية الاستدلال على توافر الاشتراك؟
1 - إن الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات هي من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 من هذا القانون وإن كان الشارع قد ربط لها حداً أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه يقضي بها على كل من ساهم في الجريمة - فاعلاً كان أو شريكاً - فإذا تعدد الجناة كانوا جميعاً متضامنين في الإلزام بها.
2 - لا يتطلب القانون شكلاً خاصاً لتنبيه المتهم إلى تغيير وصف التهمة أو تعديله، وكل ما يشترطه هو تنبيهه إلى ذلك التعديل بأية كيفية تراها المحكمة محققة لهذا الغرض سواء كان هذا التنبيه صريحاً أو ضمنياً أو باتخاذ إجراء ينم عنه في مواجهة الدفاع وينصرف مدلوله إليه. وإذا كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المحكمة لفتت نظر الدفاع إلى أن الجريمة كاملة والاستيلاء كامل، فإن في هذه العبارة ما يكفي لتنبيهه إلى اعتبار الواقعة مكونة لجريمة اختلاس تامة وليست شروعاً في ارتكابها ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
3 - إذا كانت مدونات الحكم تكشف عن أن الإطار المختلس هو لإحدى السيارات المملوكة للشركة المجني عليها وأن هذه الشركة من شركات القطاع العام وأن الإطار نفسه يحمل رقماً مسلسلاً وقد انتزع من السيارة رقم 124، فإن في ذلك ما يكفي لمواجهة ما أثاره الطاعن في شأن عدم توفر الدليل على ملكية الشركة المجني عليها للإطار المختلس.
4 - لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدلل على قيامه، ومن ثم فإن رمى الحكم بالقصور بقالة أنه لم يبين أن الاستيلاء على الإطار إنما كان مصحوباً بنية تملكه، يكون على غير أساس.
5 - إن الاشتراك بطريق الاتفاق إنما يكون باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية، فمن حق القاضي إذ لم يقم على الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه، ولا حرج عليه أن يستنتج حصول الاشتراك من فعل لاحق للجريمة يشهد به ويسوغ قيامه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن مع آخرين بأنهم في يوم 23 مايو سنة 1966 بدائرة قسم المطرية محافظة القاهرة: (أولاً) المتهم الأول بوصفه موظفاً عمومياً عامل بشركة النيل العامة لأتوبيس شرق الدلتا شرع في الاستيلاء بغير حق على إطار الكاوتشوك المبين وصفاً وقيمة بالمحضر والمملوك للشركة سالفة البيان وقد أوقف أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبطه متلبساً بجريمته. (ثانياً) المتهمان الثاني والثالث اشتركا بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب الجناية سالفة الذكر بأن حرضاه واتفقا معه على الاستيلاء على الإطار المبين بالمحضر وساعداه في الأعمال المتممة لارتكاب الجريمة بأن تسلم منه المتهم الثاني الإطار سالف البيان وتوجه به إلى السيارة التي كان قد أعدها والمتهم الثالث للفرار بالمسروقات. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت في الدعوى حضورياً للأول والثالث وغيابياً للثاني عملاً بالمواد 111 و113/ 1 و118 و119/ 7 من قانون العقوبات للأول والمواد 111 و113 و118 و119 و40 و41 من القانون المذكور للثاني والثالث مع تطبيق المادة 17 للجميع (أولاً) بمعاقبة المتهم الأول بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة ورد ما اختلس وعزله من وظيفته لمدة سنتين. (ثانياً) بمعاقبة كل من المتهمين الثاني والثالث بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور (ثالثاً) بتغريم المتهمين الثلاثة على وجه التضامن مبلغ خمسمائة جنيه. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الاشتراك بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة اختلاس مال مملوك لشركة النيل العامة لأتوبيس شرق الدلتا (إطار سيارة) قد شابه بطلان في الإجراءات وقصور في التسبيب وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المحكمة لم تلفت نظر الدفاع إلى ما أجرته من تعديل فى وصف التهمة عندما كيفت الواقعة بأنها جريمة اختلاس تامة وليست شروعاً ولا يعتد بما دون في محضر الجلسة في شأن هذا التعديل لأنه قاصر عن التعريف بالوصف الجديد الذي أسبغته المحكمة على الواقعة. كما لم يستظهر الحكم صفة المال موضوع الجريمة ولم يدلل على أن الاستيلاء عليه كان مصحوباً بنية تملكه، ولم يورد الحكم الأدلة على ثبوت الاشتراك في حق الطاعن وعلى توافر عناصره قبل تمام الجريمة. هذا إلى خطئه في القضاء بتغريم الطاعن خمسمائة جنيه بالتضامن مع باقي المتهمين ذلك لأن توقيع هذه العقوبة قاصر على من تقوم في حقه صفة الموظف العام والثابت أن الطاعن لا تتوافر فيه هذه الصفة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الاشتراك بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة اختلاس مال مملوك لإحدى شركات القطاع العام التي دان الطاعن بها، وأقام عليها في حقه أدلة مستقاة من أقوال شهود الإثبات ومن اعتراف المتهم الثاني بمحضر جمع الاستدلالات وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان القانون لا يتطلب إتباع شكل خاص لتنبيه المتهم إلى تغيير الوصف أو تعديل التهمة، وكل ما يشترطه هو تنبيهه إلى ذلك التعديل بأية كيفية تراها المحكمة محققة لهذا الغرض سواء أكان هذا التنبيه صريحاً أو ضمنياً أو باتخاذ إجراء ينم عنه في مواجهة الدفاع وينصرف مدلوله إليه. وإذ كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المحكمة لفتت نظر الدفاع إلى أن "الجريمة كاملة والاستيلاء كامل" فإن في هذه العبارة ما يكفي لتنبيهه إلى اعتبار الواقعة مكونة لجريمة اختلاس تامة وليست شروعاً في ارتكابها، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكم تكشف عن أن الإطار المختلس هو لإحدى السيارات المملوكة للشركة المجني عليها وأن هذه الشركة من شركات القطاع العام، وأن الإطار نفسه يحمل رقماً مسلسلاً وقد انتزع من السيارة رقم 124، فإن في ذلك ما يكفي لمواجهة ما أثاره الطاعن في شأن عدم توافر الدليل على ملكية الشركة المجني عليها للإطار موضوع الدعوى، بما يحقق سلامة التطبيق القانوني الذي خلص إليه الحكم. لما كان ذلك، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدلل على قيامه، فإن رمى الحكم بالقصور بقالة إنه لم يبين أن الاستيلاء على الإطار إنما كان مصحوباً بنية تملكه يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم قد دلل على اشتراك الطاعن في جريمة الاختلاس المسندة إلى المتهم الأول بقوله "إن الثابت من أقوال محمد عبد الفتاح أن المتهمين الثلاثة كانوا يقفون معا خارج الجراج وأن المتهم الأول تردد على المتهمين الثاني والثالث أكثر من مرة حتى تمكن من إخراج الإطار من الجراج وسلمه للمتهم الثاني الذي دحرجه أمامه حتى لحق به المتهم الثالث (الطاعن) بسيارته وحاولا معاً وضعه في السيارة وهذا يقطع بأن جريمة الاختلاس تمت باتفاق المتهمين الثاني والثالث مع المتهم الأول على ارتكابها وبتحريض منهما إياه وساعداه بأن تسلم الثاني الإطار وحاول مع الثالث وضعه في السيارة بعد إخراجه من حوزة الشركة المجني عليها.." وما أورده الحكم فيما تقدم كاف وسائغ في التدليل على توافر عناصر الاشتراك في حق الطاعن، ذلك بأن الاشتراك بطريق الاتفاق إنما يكون باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية فمن حق القاضي إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه ولا حرج عليه أن يستنتج حصول الاشتراك من فعل لاحق للجريمة يشهد به ويسوغ قيامه. لما كان ذلك، وكانت الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات هي من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 من هذا القانون، وإن كان الشارع قد ربط لها حداً أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه، يقضي بها على كل من يساهم في الجريمة - فاعلاً كان أو شريكاً - فإذا تعدد الجناة كانوا جميعاً متضامنين في الإلزام بها. وإذا لزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فقد أصاب صحيح القانون. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.