أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 772

جلسة 26 من مايو سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمد نور الدين عويس، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني.

(156)
الطعن رقم 544 لسنة 39 القضائية

(أ، ب، ج) نقد. مقاصة. عقوبة "الغرامة الإضافية. مصادرة". جريمة. "الجريمة التامة".
(أ) حظر القانون رقم 80 سنة 1947 كل مقاصة منطوية على تحويل أو تسوية كاملة أو جزئية بنقد أجنبي.
ما يدخل في مدلول المقاصة؟
(ب) أوجب القانون رقم 80 سنة 1947 المعدل في حالة عدم ضبط المبالغ موضوع الجريمة الحكم إلى جانب العقوبات الأصلية بغرامة إضافية تعادلها باعتبارها عقوبة مالية تكميلية وجوبية بديلاً من عقوبة المصادرة المنصوص عليها في القانون. نسبة هذه الغرامة إلى المبلغ الذي كان يتعين القضاء بمصادرته لمصلحة الخزانة بالقدر الذي لم يضبط منه كله أو بعضه قل أو كثر. ما يضبط ترد عليه المصادرة.
(ج) مثال لجريمة مقاصة منطوية على تحويل نقد أجنبي.
(د، هـ) نقض. "الطعن بالنقض. قبوله". "المصلحة في الطعن".
(د) الطعن بالنقض وجوب أن يكون واضحاً محدداً.
(هـ) لا صفة للطاعن في التحدث عن خطأ الحكم في قضائه ببراءة متهمين آخرين.
1 - إن الشارع - حسبما استقر عليه قضاء محكمة النقض - إذ حظر في المادة الأولى من القانون رقم 80 سنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد الأجنبي كل مقاصة منطوية على تحويل أو تسوية كاملة أو جزئية بنقد أجنبي، فقد أراد أن يعاقب كل تصرف يتم بالاتفاق بين أطرافه على تحقيق تقابل بين دينين ملحوظ فيه أن يكون أحد المقابلين بنقد أجنبي، مما ينطوي على إجراء تحويل أو قيام بتسوية للديون بين مصر والخارج، ويدخل في مدلولها كل أداء أو استئداء لأي مبلغ بالعملة المصرية ما دام ملحوظاً في أيهما انطواؤه على تعامل بنقد أجنبي أو إجراء تسوية بين الديون باستنزال أو خصم دين من دين بمقدار الأقل من الدينين باعتبار المقاصة الاختيارية داخلة فى عموم التعامل بالنقد الأجنبي الذي فرض عليه الشارع نوعاً من التجميد لحساب الدولة لا يباح التصرف فى شيء منه إلا بإذنها.
2 - البين من نص الفقرة الثالثة من المادة التاسعة من القانون رقم 111 سنة 1953 فى فحواه ومن مذكرته الإيضاحية ومن مصدره التشريعي فى المادة 16 من التشريع الفرنسي الصادر فى 30 مايو سنة 1945 حسبما أشار إليه الشارع المصري فى الأعمال التحضيرية لقانون النقد، أن القانون أوجب - فى حالة عدم ضبط المبلغ موضوع الجريمة - الحكم إلى جانب العقوبات الأصلية بغرامة إضافية تعادلها باعتبارها عقوبة مالية تكميلية وجوبية بديلاً عن عقوبة المصادرة المنصوص عليها فى القانون وهذه الغرامة تنسب إلى المبلغ الذي كان يتعين القضاء بمصادرته لمصلحة الخزانة بالقدر الذي لم يضبط منه كله أو بعضه قل أو كثر، أما ما يضبط فإن المصادرة ترد عليه، ولا محل لنسبة الغرامة الإضافية إليه. ولا عبرة بالسبب فى نقص المبلغ موضوع الجريمة عن المقدار الذي كان يجب مصادرته، ولا بما إذا كان هذا السبب من قبل المتهم أو من قبل غيره، لأن عقوبة الغرامة وجوبية لا تخيير فيها، والقول بغير ذلك يخالف المعنى الواقع فى فحوى النص ومفهوم دلالته ويؤدى إلى الاحتيال على تطبيقه بتقديم الأقل من المبلغ موضوع الجريمة، فضلاً عن مجافاته للمحكمة التي دعت إلى تقريره.
3 - متى كان الحكم المطعون فيه قد أثبت على الطاعن الثاني باعترافه أنه دفع عشرة آلاف جنيه فى مصر نقداً مصرياً بعد أن تبين من الخطاب المحرر بالشفرة أن الطاعن الأول دفع مقابله نقداً لبنانياً فى لبنان، فإن ما وقع من الطاعنين يكون جريمة تامة لا شروعاً ولا محاولة و لا تحضيراً، وذلك بانعقاد الاتفاق على المقاصة وتنفيذ موجبها من كل الطرفين.
4 - من المقرر أنه يجب لقبول الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمى إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته فى الدعوى المطروحة وكونه منتجاً فيها مما تلتزم المحكمة بالتصدي له والرد عليه.
5 - لا صفة للطاعن فى التحدث عن خطأ الحكم فى قضائه ببراءة المتهمين الآخرين، بل ذلك للنيابة العامة وحدها، ما دام قد برئ من عيوب التسبيب فيما قضى به من إدانته.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم فى يوم 16 أبريل سنة 1964 بدائرة قسم عابدين محافظة القاهرة: (أولاً) المتهمين الأول والثاني والثالث والرابع: أجروا مقاصة منطوية على تحويل نقد أجنبي بأن اتفق المتهم الثاني مع المتهمين الثالث والرابع على قبض نقد أجنبي فى لبنان ودفع نقد مصري يقابله فى الجمهورية العربية المتحدة فدفع المتهم الثاني بناء على علامة رمزية وردت إليه منهما مبلغ عشرة آلاف جنيه مصري للمتهم الأول مقابل دفع ليرات لبنانية فى بيروت للمتهمين الثاني والرابع وكان ذلك على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً وعن طريق المصارف المرخص لها. (ثانياً) المتهمين الخامس والسادس: اشتركا بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأول والثاني فى ارتكاب المقاصة سالفة الذكر بأن اتفق المتهم الخامس مع المتهم الأول على حمل علامة رمزية يدفع بموجبها النقد المصري الموضح فى التهمة السابقة إلى المتهم السادس وساعده على ذلك إذ أخفاها داخل علبة الأدوية وأحضرها إلى الجمهورية العربية المتحدة حيث سلمها للمتهم السادس الذي قبض بمقتضاها المبلغ بالعملة المصرية 10000 جنيه مصري من المتهم الثاني فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق و تلك المساعدة. (ثالثاً) المتهم السادس: تعامل بالنقد المصري حالة كونه من غير المقيمين بالجمهورية العربية المتحدة بأن قبض من المتهم السابع مبلغ 125 جنيهاً مصرياً على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً وعن غير طريق المصارف المرخص لها (رابعاً) المتهم السابع: اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم السادس في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن اتفق معه على ارتكابها وساعده على ذلك بأن أقرضه المبلغ الموضح في التهمة السابقة فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وطلبت عقابهم بالمواد 1، 9، 12 من القانون رقم 80 سنة 1947 المعدل والقرار الوزاري رقم 51 سنة 1947 المعدل والمادتين 40 و41 من قانون العقوبات. ومحكمة عابدين الجزئية قضت حضورياً اعتبارياً للأول وحضورياً للثاني والسادس والسابع وغيابياً للباقين عملاً بمواد الاتهام بالنسبة إلى المتهمين الأول والثاني والمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى باقي المتهمين (أولاً) بحبس كل من المتهمين الأول والثاني ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة 500 جنيه لكل منهما لوقف التنفيذ ومصادرة المبلغ المضبوط بمكتبه ومنزل المتهم الأول وقدره 5655 ج مع إلزام المتهمين بغرامة إضافية قدرها 4345 جنيهاً تعادل المبلغ غير المضبوط بلا مصاريف جنائية. (ثانياً) ببراءة باقي المتهمين مما أسند إليهم بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المحكوم عليهما هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها على المتهمين مدة ثلاث سنوات تبدأ من يوم صدور هذا الحكم. فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن الأول ينعى على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه في جريمة إجراء مقاصة منطوية على تسوية بالنقد الأجنبي قد شابه القصور والتخاذل في التسبيب، ذلك بأن الحكم المستأنف المأخوذ بأسبابه قد خلا من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً وافياً بأركان الجريمة التي دين فيها وجاءت أسبابه متهادمة ينقصها الاستنتاج الصحيح من أدلة الدعوى، إذ لم يقم الدليل على أن الطاعن كلف أحداً باستلام مبالغ بالنقد المصري، أو أنه دفع نقداً أجنبياً في الخارج واعتمد على ما لا أصل له في الأوراق حين أخذ بتحريات الشرطة مع أنها تخالف الواقع، فلم يثبت أن الطاعن يعرف أياً من الصيارفة في لبنان، أو أنه حرر أو أرسل خطاباً إلى الطاعن الثاني ولم يذكر مؤدى الأدلة على براءة من قضي ببراءته من المتهمين، مما يناقض ما أثبته في مقام إدانته للطاعن، ولم يرد على دفاعه الجديد الذي ضمنته المذكرة المقدمة منه إلى المحكمة الاستئنافية، مما يعيبه بما يبطله ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المأخوذ بأسباب أثبت في أجزائه المتكاملة بياناً لواقعة الدعوى ما محصله أن الطاعن الأول وهو من تجار الكتب أجرى أثناء وجوده بلبنان - على خلاف الحظر الذي فرضه القانون - مقاصة تنطوي على تسوية بنقد أجنبي عن طريق بعض الصيارفة اللبنانيين بأن دفع إليهم لحساب الطاعن الثاني ما يقابل مبلغ عشرة آلاف جنيه مصري بالعملة اللبنانية، وتحرر عن ذلك خطاب بالشفرة حمله المتهم الخامس خفية أثناء سفره إلى القاهرة حيث سلمه إلى المتهم السادس - وهو زوج ابنة الطاعن الأول - الذي سلمه بدوره إلى الطاعن الثاني الذي قرأ الخطاب وفهم فحواه الرمزي ثم مزقه خشية افتضاح أمره، وسلمه من بعد عشرة آلاف جنيه نقداً مصرياً بعد أن تبين من عبارات الخطاب وإشاراته أن مقابل هذا المبلغ قد دفع لحسابه عملة لبنانية في لبنان، ثم تسلم المتهم السابع - وكيل الطاعن الأول - هذا المبلغ حيث ضبط لديه مما بقي منه 4720 م 435 جنيهاً قرر أنهما خاصان بالطاعن المذكور وأنهما يمثلان الباقي من مبلغ عشرة آلاف جنيه - موضوع المقاصة - كما ضبط بمسكن الطاعن 500 ج فيكون مجموع ما ضبط 5655 ج ويكون الباقي من المبلغ 4345 ج لزمه الحكم - مع الطاعن الثاني - ما يعادله غرامة إضافية. ودلل الحكم على أن الطاعن الأول هو الطرف الآخر في عملية المقاصة بأدلة منتجة هي أن وكيله هو الذي تسلم المقابل المتفق عليه، وأن زوج ابنته هو الذي حمل الخطاب الشفري إلى الطاعن الثاني وتسلم المبلغ بمقتضاه وسلمه من بعد إلى وكيله المتهم السابع، وإقرار المتهم الخامس بأن الطاعن هو الذي سلمه الخطاب في لبنان عند سفره ودسه في علبة من علب الدواء وهي طريقة غير مألوفة لإرسال الرسائل، فضلاً عن ضبط المبلغ الضخم الذي قرر المتهم السابع أنه بقية عشرة الآلاف جنيه وما أسفرت عنه التحريات من مباشرة الطاعن عمليات تهريب النقد الأجنبي بالإضافة إلى ظروف الدعوى والقرينة العامة المستفادة من اقتضائه عشرة آلاف جنيه في مصر أثناء وجوده في لبنان ولا يعقل أن يقتضي تاجر مثله مقداراً ضخماً من المال بلا مقابل معين، كما أخذ الحكم الطاعن الثاني باعترافه نصاً في اقتراف الجريمة وبأن المقابل دفع في لبنان لبعض بنيه فضلاً عن الأدلة الأخرى الواردة في المساق المتقدم وهذا الذي أثبته الحكم تتوافر به عناصر واقعة المقاصة المؤثمة مدلولاً عليها بما يؤدي إلى ما رتبه، ذلك بأن الشارع - حسبما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - إذ حظر في المادة الأولى من القانون رقم 80 سنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد الأجنبي كل مقاصة منطوية على تحويل أو تسوية كاملة أو جزئية بنقد أجنبي، فقد أراد أن يعاقب كل تصرف يتم بالاتفاق بين أطرافه على تحقيق تقابل بين دينين ملحوظ فيه أن يكون أحد المقابلين بنقد أجنبي، مما ينطوي على إجراء تحويل أو القيام بتسوية للديون بين مصر والخارج، ويدخل في مدلولها - كما هو الحاصل في الدعوى - كل أداء أو استئداء لأي مبلغ بالعملة المصرية ما دام ملحوظاً في أيهما انطواؤه على تعامل بنقد أجنبي أو إجراء تسوية بين الديون باستنزال أو خصم دين من دين بمقدار الأقل من الدينين باعتبار المقاصة الاختيارية داخلة فى عموم التعامل بالنقد الأجنبي الذي فرض عليه الشارع نوعاً من التجميد لحساب الدولة لا يباح التصرف فى شيء منه إلا بإذنها. ولما كان الحكم قد أثبت ذلك، فإنه يكون قد بين واقعة الدعوى بياناً كافياً وطبق القانون عليها تطبيقاً صحيحاً. لما كان ذلك، وكان لا صفة للطاعن فى التحدث عن خطأ الحكم فى قضائه ببراءة المتهمين الآخرين، بل ذلك للنيابة العامة وحدها، ما دام قد برئ من عيوب التسبيب فيما قضى به من إدانته، وكان لا تناقض بين أسباب الإدانة وأسباب البراءة التي أسسها الحكم على انتفاء قصد المساهمة في جريمة المقاصة لدى الآخرين. لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أنه يجب لقبول الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمى إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته فى الدعوى المطروحة وكونه منتجاً فيها مما تلتزم المحكمة بالتصدي له والرد عليه، وكان الطاعن لم يبين فى طعنه الدفاع الذي أشار إليه فى مقدمة أسبابه والمآخذ التي رآها تعييباً للحكم الابتدائي والتي ضمنها المذكرة المقدمة منه إلى المحكمة الاستئنافية، فإن هذا الوجه من طعنه يكون مرسلاً مجهلاً حقيقاً بالرفض وبالتالي يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن الثاني هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه في جريمة المقاصة المنطوية على تسوية بنقد أجنبي قد شابه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب، ذلك بأنه لا دليل في الأوراق أن النقد المصري المدفوع في مصر من الطاعن قد دفع مقابله نقداً أجنبياً في الخارج. وبذلك يقف ما نسب إليه عند حد الأعمال التحضيرية التي لا جريمة فيها ولا عقاب عليها، لأن القانون رقم 80 لسنة 1947 لا يعاقب على الفعل إلا أن يكون جريمة تامة أو شروعاً أو محاولة، هذا إلى أنه قضى بإلزامه بغرامة إضافية تعادل ما لم يضبط من المبلغ موضوع الجريمة في حين أن المادة التاسعة من القانون المذكور لا تجيز القضاء بهذه الغرامة إلا في حالة عدم ضبط المبلغ بتمامه، مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه - حسبما تقدم في معالجة الطعن المقدم من الطاعن الأول - أثبت على الطاعن الثاني باعترافه أنه دفع عشرة آلاف جنيه في مصر نقداً مصرياً بعد أن تبين من الخطاب المحرر بالشفرة أن الطاعن الأول دفع مقابله نقداً لبنانياً في لبنان، ومن ثم فإن ما دفع من الطاعنين يكون جريمة تامة لا شروعاً ولا محاولة ولا تحضيراً، وذلك بانعقاد الاتفاق على المقاصة وتنفيذ موجبها من كلا طرفيها، ومن ثم فإن الطعن ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي صرف مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد المعدل بالقانون رقم 111 لسنة 1953 بعد أن أورد في المادة التاسعة العقوبات الأصلية المقررة للجريمة نص في فقرتها الثالثة على أنه (في جميع الأحوال تضبط المبالغ محل الدعوى ويحكم بمصادرتها لجانب الخزانة العامة فإذا لم تضبط يحكم على الجاني عدا العقوبات السابقة بغرامة إضافية تعادل قيمة هذه المبالغ) وقد جاءت المذكرة الإيضاحية تعليقاً على هذه الفقرة من المادة ما نصه (ونص أيضاً في المادة التاسعة المشار إليها على أنه في الأحوال التي لم تتمكن السلطات من ضبط المبالغ موضوع المخالفة التي رفعت الدعوى العمومية بسببها تحكم المحكمة على المخالف بغرامة إضافية تقوم مقام الحكم بالمصادرة وتعادل قيمة المبالغ التي كان يجب مصادرتها) والبين من هذا النص في فحواه ومن مذكرته الإيضاحية ومن مصدره التشريعي - في المادة 16 من التشريع الفرنسي الصادر في 30 من مايو سنة 1945 حسبما أشار إليه الشارع المصري في الأعمال التحضيرية لقانون النقد - أن القانون أوجب - في حالة عدم ضبط المبالغ موضوع الجريمة - الحكم إلى جانب العقوبات الأصلية - بغرامة إضافية تعادلها باعتبارها عقوبة مالية تكميلية وجوبية بديلاً من عقوبة المصادرة المنصوص عليها في القانون. وهذه الغرامة تنسب إلى المبلغ الذي كان يتعين القضاء بمصادرته لمصلحة الخزانة بالقدر الذي لم يضبط منه كله أو بعضه قل أو كثر. أما ما يضبط فإن المصادرة ترد عليه، ولا محل لنسبة الغرامة الإضافية إليه. ولا عبرة بالسبب في نقص المبلغ موضوع الجريمة عن المقدار الذي كان يجب مصادرته، ولا بما إذا كان هذا السبب من قبل المتهم أو من قبل غيره، لأن عقوبة الغرامة وجوبية لا تخيير فيها، والقول بغير ذلك يخالف المعنى الواقع في فحوى النص ومفهوم دلالته، ويؤدي إلى الاحتيال على تطبيقه بتقديم الأقل من المبلغ موضوع الجريمة، فضلاً عن مجافاته للحكمة التي دعت إلى تقريره. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بوجهة النظر هذه أصلاً وتطبيقاً، فإن الطعن كله يكون على غير أساس متعين الرفض.