أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 47 - صـ 1235

جلسة 3 من نوفمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد القادر سمير نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ كمال محمد مراد, خلف فتح الباب متولي, حسام الدين الحناوي ومحمد شهاوي عبد ربه نواب رئيس المحكمة.

(223)
الطعن رقم 3760 لسنة 65 القضائية

(1) نقض "الخصوم في الطعن".
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه. اختصام من لم توجه إليه طلبات ولم يقض عليه بشيء. غير مقبول.
(2) إيجار "إيجار الأماكن" "التكليف بالوفاء" نظام عام. نقض.
تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة. شرط أساسي لقبول دعوى الإخلاء. م 18/ ب ق 136 لسنة 1981. خلو الدعوى منه أو وقوعه باطلاً. أثره. عدم قبول الدعوى. بطلان التكليف. تعلقه بالنظام العام. لمحكمة النقض إثارته من تلقاء نفسها. شرطه.
(3) إيجار "إيجار الأماكن" "تحديد الأجرة".
التمسك بالأجرة الاتفاقية رغم وجود أجرة قانونية حددت عناصرها طبقاً للقانون. لا يعد منازعة جدية.
1 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز أن يختصم في الطعن إلا من كان خصماً حقيقياً في النزاع بأن وجهت منه أو إليه طلبات أو قضى له أو عليه بشيء أما إذا اختصم للحكم في مواجهته فقط فلا يجوز اختصامه في الطعن.
2 - مفاد نص الفقرة (ب) من المادة 18 من قانون إيجار الأماكن رقم 136 لسنة 1891 - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن المشرع اعتبر تكليف المستأجر بالوفاء شرطاً أساسياً لقبول دعوى الإخلاء بسبب عدم دفع الأجرة, فإذا خلت منه الدعوى أو وقع باطلاً لتجاوزه الأجرة المستحقة في ذمة المستأجر غير المتنازع فيها جدياً تعين الحكم بعدم قبول الدعوى وأن هذا البطلان يتعلق بالنظام العام فتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ولو لم يتمسك به المستأجر كما لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض متى كان واقعة سبق طرحه على محكمة الموضوع.
3 - لما كان المطعون ضدهم لم يتنازعوا في كون شقة النزاع أنشئت قبل التاسع من سبتمبر سنة 1979, ولا في مقدار الزيادة المستحقة وإنما انصب دفاعهم على التمسك بالأجرة الاتفاقية الواردة بعقد الإيجار المحرر بمناسبة تغير الغرض من الاستعمال دون التسليم بما لعناصر هذه الأجرة من طبيعة قانونية ملزمة بما لا يعد منازعة جدية في الأجرة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم 7116 لسنة 1985 مدني طنطا الابتدائية طالباً الحكم بعدم سريان القيمة الإيجارية الواردة بعقد الإيجار المؤرخ أول يناير سنة 1985 على العين المؤجرة والاعتداد بالقيمة التي حددتها لجنة تقدير الإيجار مضافاً إليها رسم النظافة ومقابل تغيير استعمال العين, والزيادة الدورية المقررة على أجرة الأماكن المستغلة لغير أغراض السكنى بنص المادة السابعة من قانون إيجار الأماكن رقم 136 لسنة 1981, وهو ما يبلغ جملته ثلاثة وأربعين جنيهاً ومائتين وتسعة وسبعين مليماً, وإلزام المطعون ضدهم برد ما حصل زائداً عن هذه القيمة اعتباراً من تاريخ العقد المذكور - وقال بياناً لذلك - إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ أول سبتمبر سنة 1978 استأجر الشقة الموضحة به لاستعمالها للسكنى بالأجرة التي حددها قرار لجنة تقدير الإيجارات وهي مبلغ ثلاثة وعشرين جنيهاً وسبعمائة وثمانين مليماً, وإذ رغب في استغلال العين كعيادة طبية حرر له المطعون ضده الأول عقداً في أول يناير سنة 1985 حدد قيمة أجرتها بمبلغ خمسة وسبعين جنيهاً, بما يزيد عن الأجرة القانونية للعين بما فيها مقابل تغيير الاستعمال والزيادة الدورية على أجرة الأماكن غير السكنية المقررين بنص المادتين 7, 19 من القانون رقم 136 لسنة 1981, فضلاً عن رسم النظافة والتي تبلغ مجموع عناصرها مبلغ ثلاثة وأربعين جنيهاً ومائتين وتسعة وسبعين مليماً, وقد تحصل المطعون ضدهم منه بالفعل على هذه الزيادة غير القانونية بدءاً من تاريخ العقد ما حدا به إلى إقامة الدعوى بطلباته سالفة البيان. وجه المطعون ضدهم إلى الطاعن دعوى فرعية بطلب إخلائه من شقة النزاع لتأخره في سداد إيجارها عن المدة من أول يوليو سنة 1985 وحتى آخر فبراير سنة 1989 حسب القيمة الواردة بعقد الإيجار وقدموا إنذاراً بتكليفه بالوفاء بأجرة هذه المدة بواقع الشهر خمسة وسبعين جنيها. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى، وبعد أن أودع تقريره, قضت في الدعوى الأصلية باعتبار القيمة الإيجارية لعين النزاع مبلغ 43.279 جنيهاً وألزمت المطعون ضدهم أن يؤدوا للطاعن مبلغ 190.326 جنيهاً, ورفضت الدعوى الفرعية. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 1043 لسنة 42 قضائية طنطا. وبتاريخ 27 من إبريل سنة 1994 حكمت المحكمة في الدعوى الأصلية بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من اعتبار القيمة الإيجارية مبلغ 43.279 جنيهاً, وفي الدعوى الفرعية بندب خبير, وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 2 من يناير سنة 1995 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى الفرعية, وبإخلاء الطاعن من عين النزاع وتسليمها إلى المطعون ضدهم وإلزام الأول أن يؤدي إليهم مبلغ 2523.922 جنيهاً قيمة أجرة متأخرة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض, وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع المبدي من المطعون ضده الأخير بعدم قبول الطعن بالنسبة له في محله, ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز أن يختصم في الطعن إلا من كان خصماً حقيقياً في النزاع بأن وجهت منه أو إليه طلبات أو قضى له أو عليه بشيء، أما إذا اختصم للمحاكمة في مواجهته فقط فلا يجوز اختصامه في الطعن. وإذ كان البين من الأوراق أن المطعون ضده الأخير بصفته رئيساً للوحدة المحلية بمدينة طنطا قد اختصم في الدعوى ليصدر في مواجهته ولم توجه إليه ثمة طلبات كما لم يقض له أو عليه بشيء, من ثم فإن اختصامه في الطعن يكنون غير مقبول.
وحيث إن الطعن فيما عدا ذلك استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والخطأ في تطبيقه, وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه في استئناف الدعوى الفرعية المقامة من المطعون ضدهم عدا الأخير بإلغاء الحكم المستأنف وبإخلائه من عين النزاع, على تأخره في الوفاء بمبلغ 2532.922 جنيهاً قيمة أجرة مستحقة, فضلاً عما تكبده المطعون ضدهم من مصاريف ونفقات فعلية, معتداً في ذلك بالتكليف بالوفاء الذي وجهه إليه المذكورين في حين أن هذا التكليف جاء باطلاً لتضمنه مبالغ زائدة عن الأجرة المستحقة بالفعل, إذ تضمن أن الأجرة الشهرية للعين المؤجرة مبلغ خمسة وسبعين جنيهاً الواردة بالعقد المؤرخ أول يناير سنة 1985 رغم أن أجرتها بعد تغيير استعمالها كعيادة طبية مبلغ 43.279 جنيهاً وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد, ذلك أن مفاد نص الفقرة (ب) من المادة 18 من قانون إيجار الأماكن رقم 136 لسنة 1891 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع اعتبر تكليف المستأجر بالوفاء شرطاً أساسياً لقبول دعوى الإخلاء بسبب عدم دفع الأجرة, فإذا خلت منه الدعوى أو وقع باطلاً لتجاوزه الأجرة المستحقة في ذمة المستأجر غير المتنازع فيها جدياً تعين الحكم بعدم قبول الدعوى. وأن هذا البطلان يتعلق بالنظام العام فتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ولو لم يتمسك به المستأجر، كما لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض متى كان واقعة سبق طرحه على محكمة الموضوع. لما كان ذلك وكان إنذار التكليف بالوفاء الموجه من المطعون ضدهم إلى الطاعن في دعواهم الفرعية بطلب إخلائه من عين النزاع لتأخره في سداد الأجرة والمؤرخ 26 من مارس سنة 1989 قد تضمن أن الأجرة الشهرية المستحقة هي مبلغ خمسة وسبعين جنيهاً الواردة بعقد الإيجار المحرر في أول يناير سنة 1985 في حين أن أجرة هذه العين بجميع عناصرها وبعد تغيير غرض استعمالها إلى عيادة طبية محددة قانوناً بما لا مجال للاجتهاد فيها أو التنازع بشأنها فهي كوحدة سكنية تحددت أجرتها بقرار لجنة تقدير الإيجارات رقم 4064 لسنة 1978 طنطا بمبلغ 23.780 جنيهاً بخلاف رسم النظافة طبقاً لقواعد تقدير الأجرة في القانون رقم 52 لسنة 1969 المنطبق عليها, يضاف إليها نسبة 75% مقابل تغيير الاستعمال المقررة بنص المادة السابعة عشرة من القانون رقم 136 لسنة 1981, وكذلك الزيادة الدورية المحددة بنص المادة السابعة من هذا القانون على أجرة الأماكن المستعملة لغير أغراض السكنى. وكان المطعون ضدهم لم ينازعوا في كون شقة النزاع أنشئت قبل التاسع من سبتمبر سنة 1979, ولا في مقدار الزيادة المستحقة وإنما انصب دفاعهم على التمسك بالأجرة الاتفاقية الواردة بعقد الإيجار المحرر بمناسبة تغير الغرض من الاستعمال دون التسليم بما لعناصر هذه الأجرة من طبيعة قانونية ملزمة بما لا يعد منازعة جدية في الأجرة وعلى ذلك تكون الأجرة القانونية لعين النزاع مبلغ 43.279 جنيهاً وهي القيمة التي احتسبها الخبير وأقام الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضاءه على هذا الأساس. وعلى ذلك يكون التكليف بالوفاء قد تضمن أجرة زائدة عن المستحقة قانوناً في ذمة الطاعن خالية من ثمة نزاع جدي, فيقع باطلاً حابط الأثر في قبول دعوى الإخلاء. وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك، واعتد بهذا التكليف رغم بطلانه, وقضى بإخلاء الطاعن من عين النزاع استناداً على تأخره في سداد الأجرة فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه. ولما تقدم وكان القضاء برفض الدعوى يستوي في نتيجته مع القضاء بعدم قبولها, من ثم تقضي المحكمة في موضوع الاستئناف رقم 1043 لسنة 42 قضائية طنطا بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به برفض دعوى الإخلاء.