أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 828

جلسة 2 من يونيه سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمد نور الدين عويس، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني.

(165)
الطعن رقم 210 لسنة 39 القضائية

(أ، ب) دخان. جريمة. "أركانها". قصد جنائي. "القصد المفترض". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إثبات. "خبرة". مسئولية جنائية. "المسئولية المفترضة".
(أ) جريمة خلط الدخان. أركانها: خلط مؤثم بفعل إيجابي. وقصد مفترض. لا غناء في أحد الركنين عن الآخر.
(ب) على المحكمة إذا ما واجهت مسألة فنية بحت أن تستعين بأهل الخبرة.
1 - جرى قضاء محكمة النقض في تفسير المادة الأولى من القانون رقم 74 لسنة 1933 بتنظيم صناعة وتجارة الدخان على أن جريمة خلط الدخان هي أن يضاف إلى الدخان ما ليس منه مما لا تصح إضافته إليه أو خلطه به بأية نسبة كانت إلا إذا كانت المواد المضافة مما يسمح القانون بخلط الدخان بها كالعسل والجلسرين وفي حدود النسب والمواصفات التي يصرح بها فإذا ثبت الخلط المؤثم، صح - على مقتضى المادة السابعة من القانون المذكور - افتراض علم المتهم به وبالتالي توافر القصد الجنائي لديه إذا كان صانعاً، فلا يستطيع دفع مسئوليته بدعوى الجهل بعناصر المخلوط أو نسبه إذ القانون يلزمه بواجب الإشراف الفعلي على ما يصنعه. فالجريمة تقتضي بالضرورة توافر عنصرين: الخلط المؤثم بفعل إيجابي دون مراعاة النسب المقررة. والقصد الجنائي المفترض، ولا يغني توافر أحدهما عن وجوب توافر الآخر. ولما كان دفاع الطاعن قام أساساً على نفي الركن المادي للجريمة لا القصد الجنائي فيها مستنداً إلى رأي علمي بين شواهده، وطلب تحقيق أسانيده بسؤال أهل الخبرة، إلا أن المحكمة ردت على ما دفع به من ذلك بثبوت مسئوليته المفترضة عما يصنعه، فلم تفطن إلى تفطن إلى حقيقة دفاعه الجوهري الذي من شأنه - إذا صح - أن تندفع به الجريمة المسندة إليه، وكانت المحكمة قد خلطت بين المسئولية المفترضة والقصد الجنائي المفترض وكلاهما لا يقوم متى توافر السبب الأجنبي، ومن ثم فإن حكمها يكون معيباً بما يوجب نقضه والإحالة.
2 - من المقرر في قضاء محكمة النقض أنه متى واجهت المحكمة مسألة فنية بحت كان عليها أن تتخذ ما تراه من وسائل لتحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها وذلك بالاستعانة بأهل الخبرة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 14/ 12/ 1963 بدائرة قسم الدقي محافظة الجيزة: 1 - بصفته صاحب مصنع دخان وبصفته صانعاً حاز دخاناً مخلوطاً على غير ما يسمح به القانون 2 - هرب التبغ بأن غشه على النحو المبين بالمحضر. وطلبت عقابه بالمادتين 1 و6/ 1 من القانون رقم 74 لسنة 1933 المعدل بالقانون 79 لسنة 1944 والقرار الوزاري رقم 91 لسنة 1933 والمواد 1 و2 و3 و4 من القانون رقم 92 لسنة 1964. ومحكمة الدقي الجزئية قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و3 و4 و6 و6 مكرر و7 و8 من القانون رقم 74 لسنة 1933 المعدل بالقانون رقم 79 لسنة 1943 والقرار الوزاري رقم 91 لسنة 1933 بتغريم المتهم خمسة جنيهات والمصادرة. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه في تهمتي حيازة الدخان المخلوط وتهريبه قد أخطأ في تطبيق القانون، وبني على الإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه يتعين للعقاب على جريمة حيازة دخان مخلوط ثبوت الخلط بفعل إيجابي لا تراعى فيه النسب المحددة في القرار رقم 91 لسنة 1933 الصادر نفاذاً للقانون رقم 74 لسنة 1933، وحينئذ يصح أخذ المتهم بافتراض علمه بالخلط المؤثم إذا كان صانعاً، وقد تمسك الطاعن في مذكرته المقدمة إلى المحكمة الاستئنافية بأن تقرير معمل التحليل وهو الدليل الوحيد المقدم في الدعوى لإثبات الجريمة - مخالف لأصول علم الكيمياء حسبما قرره أستاذان من أساتذة هذا العلم، ومحصل رأيهما العلمي أنه من الجائز أن يقوم الصانع بخلط الدخان بالعسل والجلسرين بالنسب المحددة في القرار، ثم تأتي نتيجة التحليل غير مطابقة بسبب ما يسمى "بالتخمير الكحولي" مما يجعل زيادة نسبة الجلسرين عن النسبة المسموح بها راجعة إلى عوامل خارجة عن إرادة الطاعن ولا يد له فيها فلا يسأل عنها، وطلب إعلان المحلل الكيماوي والأستاذين المذكورين تحقيقاً لدفاعه، إلا أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه، ولم ترد عليه بما ينفي لزومه، مما يعيب حكمها بما يوجب نقضه.
وحيث إن الطاعن نسب إليه أنه بصفته صانعاً حاز دخاناً مخلوطاً بكمية من الجلسرين تزيد نسبتها في المخلوط على الحد الأقصى للنسبة المسموح بها في القرار رقم 91 لسنة 1933 الصادر بناء على التفويض الممنوح من المشرع في القانون رقم 74 لسنة 1933 الذي دين بمقتضاه، والمعاقب على مخالفته طبقاً للمادة العاشرة منه بذات العقوبات الواردة في القانون. واستند الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه بالحكم المطعون فيه في إثبات الجريمة إلى نتيجة التحليل وأخذه بعلمه المفترض بتجاوز تلك النسبة لكونه صانعاً ثم عقب على هذا البيان بقولة "لما كان ذلك، فإن المحكمة لا تعول على دفاع المتهم الذي ورد بمذكرته من أنه لا يمكن الجزم بأن زيادة نسبة الجلسرين عن المسموح به قانوناً يرجع إلى فعل المتهم" ولما كان قضاء محكمة النقض قد جرى في تفسير المادة الأولى من القانون رقم 74 لسنة 1933 بتنظيم صناعة وتجارة الدخان على أن جريمة خلط الدخان هي أن يضاف إلى الدخان ما ليس منه مما لا تصح إضافته إليه أو خلطه به بأية نسبة كانت إلا إذا كانت المواد المضافة مما يسمح القانون بخلط الدخان بها كالعسل والجلسرين وفي حدود النسب والمواصفات التي يصرح بها فإذا ثبت الخلط المؤثم، صح - على مقتضى المادة السابعة من القانون المذكور - افتراض علم المتهم به، وبالتالي توافر القصد الجنائي لديه إذا كان صانعاً، فلا يستطيع دفع مسئوليته بدعوى الجهل بعناصر المخلوط أو نسبته إذ القانون يلزمه بواجب الإشراف الفعلي على ما يصنعه. فالجريمة تقتضي بالضرورة توافر عنصرين: الخلط المؤثم بفعل إيجابي دون مراعاة النسب المقررة، والقصد الجنائي المفترض، ولا يغني توافر أحدهما عن وجوب توافر الآخر. ولما كان دفاع الطاعن قام أساساً على نفي الركن المادي للجريمة لا القصد الجنائي فيها مستنداً إلى رأي علمي بين شواهده، وطلب تحقيق أسانيده بسؤال أهل الخبرة، إلا أن المحكمة ردت على ما دفع به من ذلك بثبوت مسئوليته المفترضة عما يصنعه، فلم تفطن إلى حقيقة دفاعه الجوهري الذي من شأنه - إذا صح - أن تندفع به الجريمة المسندة إليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء محكمة النقض أنه متى واجهت مسألة فنية بحت كان عليها أن تتخذ ما تراه من وسائل لتحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها وذلك بالاستعانة بأهل الخبرة، وكانت المحكمة قد خلطت بين المسئولية المفترضة والقصد الجنائي المفترض وكلاهما لا يقوم متى توافر السبب الأجنبي - ومن ثم فإن حكمها يكون معيباً بما يوجب النقض والإحالة، وذلك دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن.