أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 43 - صـ 160

جلسة 15 من يناير سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ وليم رزق بدوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طه الشريف، أحمد أبو الحجاج، مصطفى حسيب نواب رئيس المحكمة وعبد الصمد عبد العزيز.

(36)
الطعن رقم 433 لسنة 57 القضائية

(1) نقض "الخصوم في الطعن". تسجيل. شهر عقاري.
طلب محو التسجيلات موجه لمصلحة الشهر العقاري. مؤدى ذلك.
(2) تسجيل. شهر عقاري. دعوى. بيع. عقد.
تسجيل صحيفة دعوى صحة ونفاذ عقد البيع. حجه على من ترتبت لهم حقوق عينية على ذات المبيع. شرطه. التأشير بالحكم الصادر في الدعوى على هامش هذا التسجيل خلال خمس سنوات من صيرورته نهائياً. فوات هذا الميعاد دون حصول التأشير. أثره. م 17/ 1، 3 قانون تنظيم الشهر العقاري المعدل. الغير سيئ النية في معنى المادة 17/ 2 من ذات القانون. ماهيته.
1- طلب الطاعن شطب ومحو ما تم بشأن عقدي شراء المطعون ضده الأول من تسجيلات إنما هو موجه أيضاً إلى مصلحة الشهر العقاري التي قامت أصلاً بإجراء تلك التسجيلات وهي المنوط بها تنفيذ الحكم بمحوها بما يجعل من المطعون ضده الثاني بصفته خصماً حقيقياًَ في الدعوى يصح اختصامه في هذا الطعن.
2- مفاد النص في الفقرتين الأولى والثالثة من المادة 17 من قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 المعدل بالقانون رقم 25 لسنة 1976 أن تسجيل صحيفة دعوى صحة ونفاذ البيع لا يكون حجة على من ترتبت لهم بعده حقوق على ذات المبيع إلا إذا تم التأشير بالحكم الصادر في الدعوى على هامش ذلك التسجيل خلال خمس سنوات من تاريخ صيرورته نهائياً وأن فوات هذا الميعاد دون حصول التأشير يترتب عليه وبقوة القانون زوال حجية أثر تسجيل الصحيفة قبل من ترتبت لهم حقوق عينية على ذات العقار المبيع في تاريخ لاحق على تاريخ تسجيلها وأن الغير سيئ النية في معنى الفقرة الثانية من المادة 17 من قانون تنظيم الشهر العقاري - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الذي كان يعلم بعيب سند المتصرف وقت تعاقده معه بأن كان يعلم بأن البائع له غير مالك أو أن سند ملكيته مشوب بعيب يبطله أو بما يوجب فسخه، أما من يتعامل مع بائع لم يثبت أنه تصرف في العقار المبيع تصرفاً انتقلت به الملكية فلا يعتبر سيئ النية في معنى المادة الذكورة لأنه في هذه الحالة قد تعامل مع مالك حقيقي لا تشوب ملكيته شائبة ولو كان يعلم وقت تعاقده معه أنه سبق أن باع ذات العقار لمشتر سابق لم يسجل عقده.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 15788 لسنة 1984 مدني كلي شمال القاهرة ضد المطعون ضدهما بطلب الحكم بشطب ومحو تسجيلات عقدي البيع الصادرين لصالح المطعون ضده الأول المشهر أولهما في 15/ 4/ 1981 تحت رقم 2016 لسنة 1981 شرقية وثانيهما في 5/ 10/ 1982 تحت رقم 4816 لسنة 1982 شرقية مع ما يترتب على ذلك من آثار، وقال بياناً لها إنه بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 3/ 8/ 1977 اشترى مساحة 1830 م2 من..... وابنه.... وأنه أقام الدعوى رقم 3957 لسنة 1977 مدني كلي الزقازيق بطلب الحكم بصحته ونفاذه وسجل صحيفتها بتاريخ 22/ 6/ 1978 تحت رقم 2729 لسنة 1978 شرقية وإذ صدر الحكم بصحة ونفاذ عقده بتاريخ 9/ 4/ 1978 وقام بتسجيله في 7/ 11/ 1984 برقم 4869 لسنة 1984 شرقية فإن تسجيل هذا الحكم يرتد إلى تاريخ تسجيل الصحيفة في 22/ 6/ 1978 وأنه لما كان البائعان له قد اشتريا الأرض المبيعة منهما بموجب عقد ابتدائي مؤرخ 4/ 4/ 1975 من....... وآخرين وحصلا بالدعوى رقم 3497 لسنة 1976 مدني كلي جنوب القاهرة على حكم بصحته ونفاذه وسُجِلَ الحكم في 2/ 5/ 1984 تحت رقم 2374 لسنة 1984 وتأشر بمنطوقة على صحيفة الدعوى المسجلة في 28/ 6/ 1976 تحت رقم 4442 لسنة 1976 شرقية فإن ملكية الأرض تكون قد انتقلت إلى الطاعن وإذ تصرفوا ببيع هذه الأرض مرة ثانية إلى المطعون ضده الأول بموجب عقدي البيع سالفي الذكر وسجلهما في تاريخ لاحق على انتقال ملكية الأرض إلى الطاعن فلا يُحتَج قِبَله بهذين العقدين المسجلين ومن ثم فقد أقام الدعوى بطلباته قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 6961 لسنة 102 ق القاهرة، وبتاريخ 11/ 12/ 1986 حكمت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. دفع المطعون ضده الثاني بصفته بعدم قبول الطعن بالنسبة له وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني بصفته وفي الموضوع برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن المبدي من المطعون ضده (وزير العدل بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقاري) أن الحكم المطعون فيه لم يقض له بشيء قبل الطاعن.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله ذلك أن طلب الطاعن شطب ومحو ما تم بشأن عقدي شراء المطعون ضده الأول من تسجيلات إنما هو موجه أيضاً إلى مصلحة الشهر العقاري التي قامت أصلاً بإجراء تلك التسجيلات وهي المنوط بها تنفيذ الحكم بمحوها بما يجعل من المطعون ضده الثاني بصفته خصماً حقيقياً في الدعوى يصح اختصامه في هذا الطعن وبالتالي يكون الدفع على غير أساس يتعين رفضه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطعن بها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بدفاع حاصلة أن الفقرة الثالثة من المادة 17 من قانون الشهر العقاري المعدل ولئن كانت قد نصت على عدم سريان حكم الفقرة الأولى من ذات المادة على الأحكام التي يتم التأشير بها بعد مضي خمس سنوات من تاريخ صيرورتها نهائية إلا أن الفقرة الثانية من المادة المذكورة تشترط توافر حسن النية لدى من يطلب تطبيق الفقرة الثالثة بأن كان لا يعلم أولاً يستطيع أن يعلم بالتصرف السابق وأنه لما كان المطعون ضده الأول - الذي تمسك في دفاعه بتطبيق الفقرة الثالثة - كان سيئ النية لأنه عندما تقدم لشهر عقدي شرائه علم من كشوف البيانات المساحية بسبق تصرف البائعين له ببيع ذات المساحة إلى البائعين للطاعن بما يحرمه من طلب إعمال الفقرة الثالثة طبقاً لنص الفقرة الثانية لعدم توافر حسن النية لديه، وإنه لما كان زوال أثر تسجيل صحيفة الدعوى لا يقع تلقائياً وبقوة القانون ولا يتعلق بالنظام العام حتى تقضي به المحكمة ويجب أن يصدر به حكم في خصومه تنعقد بشأنه وكان المطعون ضده الأول قد دفع بزوال أثر تسجيل صحيفة دعوى الطاعن ولم يطلب القضاء بشطب ومحو تسجيلها فإن هذا التسجيل يكون ما زال قائماً ومنتجاً لأثره، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن دفاع الطاعن الجوهري بشأن سوء نية المطعون ضده الأول ولم يرد عليه بما يواجهه مجتزاً القول بأنه لا محل لإعمال الفقرة الثانية من المادة 17 سالفة الذكر بشأن حسن النية أو سوئها وأقام قضاءه على زوال أثر تسجيل صحيفة دعوى الطاعن رغم خلو الأوراق من صدور حكم يفيد إلغاء ومحو تسجيل تلك الصحيفة فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 17 من قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 المعدل بالقانون رقم 25 لسنة 1976 على أنه "يترتب على تسجيل الدعاوي المذكورة بالمادة 15 أو التأشير بها أن حق المدعي إذا ما تقرر بحكم مؤشر به طبقاً للقانون يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعاوي أو التأشير بها...." والنص في الفقرة الثالثة منها على أنه "ولا يسري حكم الفقرة الأولى من هذه المادة على الأحكام التي يتم التأشير بها بعد مضي خمس سنوات من تاريخ صيرورتها نهائية...." مفاده أن تسجيل صحيفة دعوى صحة ونفاذ البيع لا يكون حجة على من ترتب لهم بعده حقوق على ذات المبيع إلا إذا تم التأشير بالحكم الصادر في الدعوى على هامش ذلك التسجيل خلال خمس سنوات من تاريخ صيرورته نهائياً وأن فوات هذا الميعاد دون حصول التأشير يترتب عليه وبقوة القانون زوال حجية أثر تسجيل الصحيفة قبل من ترتبت لهم حقوق عينية على ذات العقار المبيع في تاريخ لاحق على تاريخ تسجيلها، وأن الغير سيئ النية في معنى الفقرة الثانية من المادة 17 من قانون تنظيم الشهر العقاري - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الذي كان يعلم بعيب سند المتصرف وقت تعاقده معه بأن كان يعلم بأن البائع له غير مالك أو أن سند ملكيته مشوب بعيب يبطله أو بما يوجب فسخه، أما من يتعامل مع بائع لم يثبت أنه تصرف في العقار المبيع تصرفاً انتقلت به الملكية فلا يعتبر سيئ النية في معنى المادة الذكورة لأنه في هذه الحالة قد تعامل مع مالك حقيقي لا تشوب ملكيته شائبة ولو كان يعلم وقت تعاقده معه أنه سبق أن باع ذات العقار لمشتر سابق لم يسجل عقده. لما كان ذلك وكان الثابت في الأوراق أن الطاعن اشترى أرض النزاع من...... وابنه.... بموجب عقد ابتدائي مؤرخ 3/ 8/ 1977 وسجل صحيفة الدعوى بصحته ونفاذه في 22/ 6/ 1978 وصدر الحكم فيها بتاريخ 9/ 4/ 1978 وأعلن في 31/ 5/ 1978 وأصبح نهائياً في 10/ 1/ 1978 بعدم استئنافه، وإذ قام الطاعن بالتأشير به على هامش تسجيل الصحيفة بتاريخ 18/ 11/ 1984 وبعد مضي أكثر من خمس سنوات على تاريخ صيرورة الحكم نهائياً الأمر الذي يترتب عليه وبقوة القانون زوال حجية أثر تسجيل صحيفة الدعوى ومن ثم لا يرتد أثر تسجيل الحكم الذي تم في 7/ 11/ 1984 إلى تاريخ تسجيل الصحيفة، ولما كان البائعان للطاعن قد اشتريا ذات قطعة الأرض من........ وآخرين وسجلا الحكم الصادر بصحة ونفاذ عقد شرائهما بتاريخ 2/ 5/ 1984 وإذ قام الأخيران ببيعها للمطعون ضده الأول بموجب عقدي البيع المشهر أولهما في 15/ 4/ 1981 برقم 2016 لسنة 1981 شرقية وثانيهما في 5/ 10/ 1982 برقم 4816 لسنة 1982 شرقية وقبل انتقال ملكيتها إلى الطاعن فإن المطعون ضده الأول يكون قد اشترى من مالك ولا يكون سيئ النية في مفهوم نص الفقرة الثانية من المادة 17 من قانون تنظيم الشهر العقاري ومن ثم يُحاج الطاعن بتسجيلات عقدي شراء المطعون ضده الأول ويكون طلبه بشطبها ومحوها غير قويم، وإذ التزم الحكم المطعون فيه في قضائه هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ولا يعيبه القصور في أسبابه القانونية متى انتهى إلى النتيجة السليمة وحسب محكمة النقض أن تستوفي هذا القصور ويضحى النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.