أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 43 - صـ 171

جلسة 16 من يناير سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطه نائب رئيس المحكمة، محمد بدر الدين توفيق، شكري جمعه حسين وفتيحه قرة.

(38)
الطعن رقم 1830 لسنة 56 القضائية

(1 - 3) إيجار "إيجار الأماكن" "التنازل عن الإيجار" "المنشأة الطبية" "تغيير استعمال العين المؤجرة". حكم "عيوب التدليل" "ما يعد قصوراً".
(1) مستأجر المنشأة الطبية. حقه في التنازل عنها لطبيب مرخص له بمزاولة المهنة دون اعتداد باعتراض المؤجر على التنازل. بقاء عقد الإيجار قائماً ومستمراً لصالح المتنازل إليه. م 5 ق 51 لسنة 1981. مناط ذلك. وجود المنشأة الطبية. تغيير المستأجر للغرض المنصوص عليه في العقد إلى غرض مخالف قبل الوفاة أو الترك. أثره. لا محل للتحدي بأحكام القانون 51 لسنة 1981.
(2) حق المؤجر في اقتضاء أجرة إضافية عند تغيير استعمال العين المؤجرة إلى غير أغراض السكنى. م 23 ق 49 لسنة 1977، المادتان 7، 19 ق 136 لسنة 1981. خلو القانون المدني وقوانين إيجار الأماكن من نصوص تخول المستأجر حق الرجوع إلى الأجرة الأصلية دون زيادة عند تغيير استعمال العين المؤجرة إلى غرض السكنى. أثره. لا حق للمستأجر في إنقاص الأجرة بإرادته المنفردة عند تغيير الاستعمال إلى غرض السكنى. علة ذلك.
(3) ثبوت استئجار مورث المطعون ضدها لعين النزاع لاستعمالها عيادة لطب الأسنان وتغييره للغرض من الإيجار منذ تاريخ تقاعده عن العمل باتخاذها سكناً له حتى وفاته. إقامة الحكم المطعون فيه قضاءه باعتبار العين المؤجرة ما زالت منشأة طبية تأسيساً على ثبوت اقتضاء الطاعن للأجرة بالزيادة المقررة بالقانون 136 لسنة 1981 مغفلاً مؤدى دفاعه الجوهري بصيرورة عين النزاع سكناً عادياً وليست منشأة طبية. قصور.
1 - مفاد النص في المواد الأولى والخامسة السادسة من القانون رقم 51 لسنة 1981 الخاص بتنظيم المنشأة الطبية - يدل على أن لمستأجر المنشأة الطبية ولورثته من بعده التنازل عنها في أي وقت لطبيب وينتج هذا التنازل أثره في حق المؤجر ولو أعترض عليه، فيظل عقد إيجار المنشأة قائماً ومستمراً لصالح المتنازل إليه تغليباً للصالح العام على المصلحة الخاصة للمؤجر، إذ حرص المشرع على الإبقاء على المنشآت الطبية حتى لا يتأثر نشاطها بوفاة صاحبها أو تنازله عنها لكي تستمر في أداء الخدمات الطبية للمواطنين، وهو اعتبار متعلق بالنظام العام، وأن مناط أعمال هذه الأحكام مرتبط بوجود المنشأة الطبية التي يملكها أو يستأجرها ويديرها طبيب مرخص له في مزاولة المهنة، فإذا ما تغير الغرض المنصوص عليه في العقد إلى غرض مخالف قبل وفاته أو تركه لها فإنه لا محل للتذرع بما أثبت بعقد الإيجار غرضاً للاستعمال ولا محل للتحدي بأحكام القانون رقم 51 لسنة 1981.
2 - إذ كانت المادة 23 من القانون رقم 49 لسنة 1977 والمادتين 7، 19 من القانون رقم 136 لسنة 1981 قررت للمؤجر حق اقتضاء أجرة إضافية عند تغيير استعمال العين المؤجرة إلى غير أغراض السكنى إلا أنه لم يرد في قوانين إيجار الأماكن - وكذلك في القواعد العامة في القانون المدني - نصوص مقابلة تخول للمستأجر حق الرجوع إلى الأجرة الأصلية دون زيادة إذا ما غير استعمال العين المؤجرة إلى غرض السكنى ومن ثم يتعين تطبيق شروط عقد الإيجار باعتبار أن العقد - وعلى ما جرى به نص المادة 147 فقرة أولى من القانون المدني - شريعة المتعاقدين فلا يجوز تعديله إلا باتفاق طرفيه ولا يحق للمستأجر بإرادته المنفردة إنقاص الأجرة وفقاً لتغييره هو الاستعمال إلى غرض السكنى مرة أخرى وقد جرى قضاء هذه المحكمة على هدى هذه القواعد في حالة مقاربة إذ خول للمؤجر حق اقتضاء مقابل التأجير من الباطن مفروشاً المرخص به منه سواء استعمل المستأجر تلك الرخصة أو لم يستعملها.
3 - إذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه ومن صحيفة افتتاح الدعوى ومستنداتها أن مورث المطعون ضدهما المرحوم..... قد استأجر الشقة محل النزاع في سنة....... بقصد استعمالها عيادة "لطب الأسنان" حتى..... حيث تقاعد عن العمل وأصبح لا يزاول مهنة الطب وأنه غير استخدامها منذ ذلك التاريخ بأن اتخذها سكناًَ له وأقام فيها بمفرده إلى أن توفي في....... وقد تمسك الطاعن في جميع مراحل التقاضي بأن المستأجر ظل يستعمل الشقة محل النزاع كسكن، ومؤدى هذا الدفاع أن الشقة محل النزاع أصبحت سكناً عادياً وليست منشأة طبية، فلا ينطبق عليها أحكام القانون رقم 51 لسنة 1981 الخاص بالمنشآت الطبية وهو دفاع جوهري لو ثبت قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، خاصة وقد قدم الطاعن شهادة من نقابة المهن الطبية تفيد بإحالة المستأجر إلى التقاعد وصرفه معاشاً اعتباراً من سنة.......، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بأن العين المؤجرة ما زالت منشأة طبية على سند من ثبوت اقتضاء الطاعن للأجرة بالزيادة المقررة بالقانون رقم 136 لسنة 1981 وهذا القول من الحكم لا يكفي للتدليل على بقاء العين كمنشأة طبية إذ أن حق الطاعن في اقتضاء هذه الزيادة له سنده من العقد والقانون سواء استعمل المستأجر العين في الغرض المؤجرة من أجله من عدمه، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في التسبيب أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدها الدعوى رقم 5203 لسنة 1984 مدني جنوب القاهرة الابتدائية، بطلب الحكم بإنهاء عقد الإيجار المؤرخ 29/ 9/ 1940 وتسليم الشقة المبينة بالصحيفة، وقال شرحاً لدعواه إن المرحوم الدكتور........ - مورث المطعون ضدها - استأجر الشقة محل النزاع لاستعمالها عيادة لطب الأسنان ومنذ إحالته إلى التقاعد في سنة 1968 توقف عن ممارسة النشاط الطبي وأقام بها بمفرده حتى توفي بتاريخ 10/ 3/ 1983، فينتهي بذلك عقد إيجارها عملاً بنص المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 إلا أن المطعون ضدها نازعته في ذلك فأقام الدعوى، حكمت المحكمة بإنهاء عقد الإيجار والتسليم، طعنت المطعون ضدها على هذا الحكم بالاستئناف 6142 لسنة 102 ق القاهرة وبتاريخ 9/ 4/ 1986 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه بأحقية المطعون ضدها في الامتداد القانوني لعقد الإيجار استناداًَ إلى نص المادة الخامسة من القانون رقم 51 لسنة 1981 الخاص بالمنشآت الطبية حين أن أعمال هذه المادة يستلزم أن تكون المنشأة الطبية قائمة وأن يكون الورثة قد حصلوا على ترخيص باستمرار نشاطها بعد موت المورث وأخطروا الجهات المختصة باسم مدير المنشأة عملاً بالمادة الثالثة من هذا القانون، وإذ كانت العيادة، موضوع التداعي، لم يصدر بشأنها ترخيص بإدارتها ولم يتم تسجيلها في النقابة الطبية المختصة، وأن المستأجر مورث المطعون ضدها - المرحوم الدكتور....... - كان يعمل طبيب أسنان وقد تقاعد عن عمله كطبيب ويتقاضى معاشاً من النقابة اعتباراً من 10/ 2/ 1968، وبذلك توقف نشاطه اعتباراً من هذا التاريخ، وقد غير استعمال العين محل النزاع واتخذها سكناً له وأقام فيها بمفرده إلى أن توفى بتاريخ 10/ 3/ 1983 فينتفي عن العين وصف المنشأة الطبية ولا تخضع لقانون المنشآت الطبية وينطبق عليها نص المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 إذ أن المستأجر أصبح شاغلاً العين للسكنى وقد توفي ولم يترك أحداً من الأقارب ممن يستفيدون من استمرار عقد الإيجار إليهم فينتهي بذلك العقد، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 51 لسنة 1981 الخاص بتنظيم المنشآت الطبية على أن "في تطبيق أحكام هذا القانون تعتبر منشأة طبية كل مكان أعد للكشف على المرضى أو علاجهم أو تمريضهم أو إقامة الناقهين وتشمل ما يأتي: ( أ ) العيادة الخاصة: وهي كل منشأة يملكها أو يستأجرها ويديرها طبيب أو طبيب أسنان كل حسب مهنته المرخص له في مزاولتها ومعدة لاستقبال المرضى ورعايتهم طبياًًًًًًًًًًًًً....." والنص في المادة السادسة من ذات القانون على أنه "يشترط للترخيص بإنشاء وإدارة عيادة خاصة أن يكون المرخص له طبيباً أو طبيب أسنان مرخصاً له في مزاولة المهنة....." والنص في المادة الخامسة من ذات القانون على أنه "لا ينتهي عقد إيجار المنشأة الطبية بوفاة المستأجر أو تركه العين ويستمر لصالح ورثته وشركائه في استعمال العين بحسب الأحوال، ويجوز له ولورثته من بعده التنازل عنها لطبيب مرخص له بمزاولة المهنة، وفي جميع الأحوال يلتزم المؤجر بتحرير عقد إيجار لمن لهم حق الاستمرار في شغل العين" مما دلالته أن لمستأجر المنشأة الطبية ولورثته من بعده التنازل عنها في أي وقت يشاء لطبيب وينتج هذا التنازل أثره في حق المؤجر، فيظل عقد إيجار المنشأة قائماً ومستمراً لصالح المتنازل إليه تغليباً للصالح العام على المصلحة الخاصة للمؤجر، إذ حرص المشرع على الإبقاء على المنشآت الطبية حتى لا يتأثر نشاطها بوفاة صاحبها أو تنازله عنها لكي تستمر في أداء الخدمات الطبية للمواطنين، وهو اعتبار متعلق بالنظام العام، وأن مناط إعمال هذه الأحكام مرتبط بوجود المنشأة الطبية التي يملكها أو يستأجرها ويديرها الطبيب مرخص له في مزاولة المهنة، فإذا ما تغير الغرض المنصوص عليه في العقد إلى غرض مخالف قبل وفاته أو تركه لها فإنه لا محل للتذرع بما أثبت بعقد الإيجار غرضاً للاستعمال ولا محل للتحدي بأحكام القانون رقم 51 لسنة 1981، ولا يغير من ذلك أن المادة 23 من القانون رقم 49 لسنة 1977 والمادتين 7، 19 من القانون رقم 136 لسنة 1981 قررت للمؤجر حق اقتضاء أجرة إضافية عند تغيير استعمال العين المؤجرة إلى غير أغراض السكنى إلا أنه لم يرد في قوانين إيجار الأماكن - وكذلك في القواعد العامة في القانون المدني - نصوص مقابلة تخول للمستأجر حق الرجوع إلى الأجرة الأصلية دون زيادة إذا ما غير استعمال العين المؤجرة إلى غرض السكنى ومن ثم يتعين تطبيق شروط عقد الإيجار باعتبار أن العقد - وعلى ما جرى به نص المادة 147 فقرة أولى من القانون المدني - شريعة المتعاقدين فلا يجوز تعديله إلا باتفاق طرفيه ولا يحق للمستأجر بإرادته المنفردة إنقاص الأجرة وفقاً لتغييره هو الاستعمال إلى غرض السكنى مرة أخرى، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على هدى هذه القواعد في حالة مقاربة إذ خول للمؤجر حق اقتضاء مقابل التأجير من الباطن مفروشاً المرخص به منه سواء استعمل المستأجر تلك الرخصة أو لم يستعملها. لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه ومن صحيفة افتتاح الدعوى ومستنداتها أن مورث المطعون ضدها المرحوم الدكتور..... استأجر الشقة محل النزاع في سنة 1940 بقصد استعمالها عيادة "لطب الأسنان" حتى 1/ 2/ 1968 حيث تقاعد عن العمل وأصبح لا يزاول مهنة الطب وأنه غير استخدامها منذ ذلك التاريخ بأن اتخذها سكناًَ له وأقام فيها بمفرده إلى أن توفي في 10/ 3/ 1983 وقد تمسك الطاعن في جميع مراحل التقاضي بأن المستأجر ظل يستعمل الشقة محل النزاع كسكن، ومؤدى هذا الدفاع أن الشقة محل النزاع أصبحت سكناً عادياً وليست منشأة طبية، فلا ينطبق عليها أحكام القانون رقم 51 لسنة 1981 الخاص بالمنشآت الطبية وهو دفاع جوهري لو ثبت قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، خاصة وقد قدم الطاعن شهادة من نقابة المهن الطبية تفيد بإحالة المستأجر إلى التقاعد وصرفه معاشاً اعتباراً من سنة 1968، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بأن العين المؤجرة ما زالت منشأة طبية على سند من ثبوت اقتضاء الطاعن للأجرة بالزيادة المقررة بالقانون رقم 136 لسنة 1981 وهذا القول من الحكم لا يكفي للتدليل على بقاء العين كمنشأة طبية إذ أن حق الطاعن في اقتضاء هذه الزيادة له سنده من العقد والقانون سواء استعمل المستأجر العين في الغرض المؤجرة من أجله من عدمه. ولما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في التسبيب أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه.