أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 43 - صـ 294

جلسة 12 من فبراير سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ وليم رزق بدوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد أبو الحجاج، مصطفى حسيب، شكري العميري نواب رئيس المحكمة وعبد الصمد عبد العزيز.

(63)
الطعن رقم 1662 لسنة 57 القضائية

1- تعويض. اختصاص "الاختصاص الولائي".
التعويض المقرر لأفراد القوات المسلحة بالقانون 90 لسنة 1975. غير مانع من مطالبة المضرور بحقه في التعويض الكامل الجابر للضرر استناداً إلى المسئولية التقصيرية. أثر ذلك. اختصاص جهة القضاء العادي بنظر هذه الدعوى.
2- تعويض. محكمة الموضوع.
التعويض عن الضرر الناشئ عن الخطأ التقصيري. للمضرور الجمع بينه وبين ما يكون مقرراً له عنه بموجب قوانين أو قرارات أخرى من مكافآت أو معاشات استثنائية. شرطه. تقديره من سلطة محكمة الموضوع.
1- لما كانت نصوص القانون رقم 90 لسنة 1975 الخاص بالتقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة قد خلت من أي نص يحول دون أحقية المنتفعين بأحكامه في المطالبة بما يستحق لهم من تعويض عن أي خطأ تقصيري جبراً لما حاق بهم من ضرر ومن ثم يظل حقهم في هذا الصدد قائماً ومحكوماً بقواعد القانون المدني، وإذ كان المطعون ضدهم قد أقاموا دعواهم قبل الطاعن بصفته على سند من المسئولية التقصيرية بسبب خطأ تابعيه في حق مورثهم متمثلاً فيما كلفوه به من أعمال لا تتناسب البتة مع حالته المرضية التي أوصى طبيب وحدته العسكرية بحاجته للراحة معها والإهمال في العلاج بالمستشفى العسكري التي نقل إليها وهو أساس مغاير لذلك الذي نص عليه القانون رقم 90 لسنة 1975 سالف الذكر مما يجعل الاختصاص بنظرها معقوداً لجهة القضاء العادي دون جهة القضاء الإداري.
2- المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز للمضرور أن يجمع بين التعويض الذي يطالب به عن الضرر الناشئ عن الخطأ وفقاً لأحكام المسئولية التقصيرية وبين ما يكون مقرراً له عن ذلك بموجب قوانين أو قرارات أخرى من مكافآت أو معاشات استثنائية بشرط أن يراعى ذلك عن تقدير التعويض بحيث لا يجاوز مجموع ما يعود عليه من ذلك القدر المناسب والكافي لجبر الضرر وحتى لا يثُرى المضرور من وراء ذلك بلا سبب وأن تقدير ذلك مما يدخل في نطاق السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 13906 لسنة 1984 مدني كلي جنوب القاهرة على الطاعن بصفته بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي لهم مبلغ ثلاثين ألفاً من الجنيهات على سبيل التعويض عما لحقهم من أضرار مادية وأدبيه وما استحق لهم من تعويض موروث عن وفاة مورثهم المرحوم....... وقالوا بياناً لذلك إن مورثهم سالف الذكر كان يعمل بخدمة القوات المسلحة التي يمثلها الطاعن بصفته وقد كلفه تابعه مع آخرين معه بالخروج من سجن الوحدة العسكرية للقيام بأعمال شاقة لا تتناسب البتة مع ما كان يعاينه من حالة مرضية أوصى طبيب الوحدة بحاجته للخلود إلى الراحة معها مع تناول الأدوية اللازمة للعلاج منها وإذ اشتدت به آلام المرض فقد تم نقله إلى مستشفى السويس العسكري فلم يلقى بها ثمة عناية وظل يصارع تلك الآلام حتى وفاه أجله بها نتيجة هبوط حاد بالدورة الدموية والقلب الأمر الذي كان مثاراً للتحقيق في المحضر رقم 13 لسنة 1984 إداري عسكري السويس والذي تم حفظه بتاريخ 11/ 12/ 1984 بالنيابة العسكرية وإذ نالهم من جراء ذلك أضراراً مادية وأدبية يستحقون تعويضاً عنها بالإضافة إلى ما يستحق لهم من تعويض موروث فقد أقاموا الدعوى بطلباتهم. قضت المحكمة لهم بمبلغ سبعة آلاف جنيه تعويضاً عما لحقهم من أضرار أدبية وما استحق من تعويض موروث، استأنف الطاعن بصفته والمطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 8566 و8039 لسنة 102 ق القاهرة. أمرت المحكمة بضمهما للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد وبتاريخ 11/ 3/ 1987 قضت بالتأييد. طعن الطاعن بصفته في الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عُرضِ الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعن بصفته بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إنه لما كانت المنازعات الإدارية التي تثور بين الأفراد وجهة الإدارة في إدارتها للمرافق العامة باعتبارها سلطة عامة يختص بها مجلس الدولة عملاً بالقانون 47 لسنة 1972 وكان مورث المطعون ضدهم مجنداً بالقوات المسلحة ومات أثناء وبسبب تأدية الخدمة العسكرية ومن ثم تكون دعواهم قِبَلهِ مما ينعقد الاختصاص بها لجهة القضاء الإداري دون غيره وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كانت نصوص القانون رقم 90 لسنة 1975 الخاص بالتقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة قد خلت من أي نص يحول دون أحقية المنتفعين بأحكامه في المطالبة بما يستحق لهم من تعويض عن أي خطأ تقصيري جبراً لما حاق بهم من ضرر ومن ثم يظل حقهم في هذا الصدد قائماً ومحكوماً بقواعد القانون المدني، وإذ كان المطعون ضدهم قد أقاموا دعواهم قبل الطاعن بصفته على سند من المسئولية التقصيرية بسبب خطأ تابعيه في حق مورثهم متمثلاً فيما كلفوه به من أعمال لا تتناسب البتة مع حالته المرضية التي أوصى طبيب وحدته العسكرية بحاجته للراحة معها والإهمال في العلاج بالمستشفى العسكري التي نقل إليها وهو أساس مغاير لذلك الذي نص عليه القانون 90 لسنة 1975 سالف الذكر مما يجعل الاختصاص بنظرها معقوداً لجهة القضاء العادي دون جهة القضاء الإداري وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي المبدي من الطاعن بصفته على هذا الأساس فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحي النعي عليها بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعي بالسبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أطرح دفاعه القائم على سبق صرف المطعون ضدهم لكافة مستحقات مورثهم طبقاً لأحكام القانون رقم 90 لسنة 1975 بشأن التأمينات والمعاشات العسكرية ولم يتناوله بالرد إذ أنهم بذلك يكونوا قد جمعوا بين تعويضين فإنه يكون فضلاً عن قصوره في التسبيب معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز للمضرور أن يجمع بين التعويض الذي يطالب به عن الضرر الناشئ عن الخطأ وفقاً لأحكام المسئولية التقصيرية وبين ما يكون مقرراً له عن ذلك بموجب قوانين أو قرارات أخرى من مكافآت أو معاشات استثنائية بشرط أن يراعى ذلك عند تقدير التعويض بحيث لا يجاوز مجموع ما يعود عليه من ذلك القدر المناسب والكافي لجبر الضرر وحتى لا يثرى المضرور من وراء ذلك بلا سبب وأن تقدير ذلك مما يدخل في نطاق السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قضى للمطعون ضدهم بمبلغ سبعة آلاف جنيه تعويضاً عما أصابهم من أضرار أدبية وما استحق لهم من تعويض موروث على ما قدره من أنه كافٍ لجبر الأضرار التي لحقت بهم من جراء فقد مورثهم نتيجة خطأ تابعي الطاعن بصفته إعمالاً لسلطته التقديرية في هذا الصدد بعد إطلاعه على ما قدمه الطاعن بصفته من مستندات صرف المستحقات التأمينية وكان ذلك بأسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق فإن النعي عليه بهذا السبب يضحى على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.