أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 43 - صـ 301

جلسة 13 من فبراير سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد خيري الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بكر غالي، عبد العال السمان، محمد محمد محمود نواب رئيس المحكمة ومصطفى نور الدين فريد.

(65)
الطعن رقم 2620 لسنة 57 القضائية

(1) استئناف "شكل الاستئناف" "اعتبار الاستئناف كأن لم يكن".
قضاء المحكمة الاستئنافية بقبول الاستئناف شكلاً. قضاء ضمني برفض الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن.
(2) استئناف "نطاق الاستئناف" "سلطة محكمة الاستئناف". حكم "الطعن في الحكم".
استئناف المدعي المدني الحكم الصادر من محكمة الجنح فيما يتعلق بحقوقه المدنية. مؤداه. للمحكمة الاستئنافية وهي تفصل في هذا الاستئناف أن تتعرض لواقعة الدعوى وتفصل فيها من حيث توافر أركان الجريمة وثبوتها في حق المستأنف عليه. شرط ذلك. نطاقه.
(3) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
حجية الحكم الابتدائي مؤقتة. وقوفها بمجرد رفع الاستئناف عنه. عودتها في حالة القضاء بتأييده وزوالها في حالة الإلغاء.
(4) استئناف "تسبيب الحكم الاستئنافي". حكم "تسبيب الحكم: التسبيب الكافي".
إلغاء الحكم الابتدائي. عدم التزام محكمة الاستئناف بالرد على أسبابه ما دامت قد أقامت قضائها على أسباب تكفي لحمله.
(5) مسئولية "مسئولية تقصيرية". حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
الحكم النهائي الصادر بالتعويض المؤقت من المحكمة الجنائية في الدعوى المدنية. ثبوت حجيته أمام المحكمة المدنية التي يطلب إليها استكمال ذلك التعويض فيما قضى به من مبدأ استحقاق المضرور لكامل التعويض.
1- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن انتهاء الحكم المطعون فيه إلى إعلان صحيفة الاستئناف إعلاناً قانونياً صحيحاً في الميعاد وقبول الاستئناف شكلاً ينطوي على الرد الضمني على الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن.
2- إن القانون إذ أجاز للمدعي بالحقوق المدنية أن يستأنف الحكم الصادر من محكمة الجنح الجزئية فيما يتعلق بحقوقه المدنية قد قصد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلى تخويل المحكمة الاستئنافية وهي تفصل في هذا الاستئناف أن تتعرض لواقعة الدعوى وتناقشها بكامل حريتها كما كانت مطروحة أمام محكمة أول درجة مما مقتضاه أن تتصدى لتلك الواقعة وتتحقق فيها من حيث توافر أركان الجريمة وثبوتها في حق المستأنف عليه ما دامت الدعويان المدنية والجنائية كانتا مرفوعتين معاً أمام محكمة أول درجة وما دام المدعي بالحقوق المدنية قد استمر في السير في دعواه المدنية المؤسسة على ذات الواقعة حتى ولو كانت النيابة العامة لم تقم باستئناف الحكم الابتدائي الصادر ببراءة المتهم وذلك دون أن تتعرض لإدانة المتهم أو براءته لأن ذلك خارج عن نطاق استئناف الدعوى المدنية.
3- من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن حجية الحكم الابتدائي مؤقتة وتقف بمجرد رفع الاستئناف عنه وتظل موقوفة إلى أن يقضي في الاستئناف فإذا تأيد الحكم عادت إليه حجيته وإذا ألغي زالت عنه هذه الحجية.
4- من المقرر في قضاء هذه المحكمة الدرجة الثانية حكماً ابتدائياً فإنها لا تكون ملزمة بالرد على جميع ما ورد فيه من الأدلة ما دامت الأسباب التي أقامت عليها حكمها كافية لحمله.
5- الحكم النهائي الصادر بالتعويض المؤقت من المحكمة الجنائية في الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية للدعوى الجنائية يحوز حجية الشيء المحكوم فيه أمام المحكمة المدنية التي يطلب إليها استكمال ذلك التعويض فيما قضى به من مبدأ استحقاق المضرور لكامل التعويض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول بصفته أقام على الطاعن والمطعون ضده الثاني بصفته الدعوى رقم 869 لسنة 1983 مدني محكمة قنا الابتدائية - مأمورية نجع حمادي - طالباً الحكم بإلزامها متضامنين بأن يدفعا له تعويضاً مقداره ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه، وقال في بيانها إن قطاراً يقوده الطاعن مسرعاً ودون إشارة تحذير صدم السيارة المملوكة لهيئة كهرباء مصر بتاريخ 20/ 12/ 1978 بمزلقان السد العالي بنجع حمادي وحرر عن ذلك محضر الجنحة وحرر عن ذلك محضر الجنحة رقم 601 سنة 1979 نجع حمادي. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ثم قضت بتاريخ 27/ 3/ 1985 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم أمام محكمة استئناف قنا بالاستئناف رقم 229 سنة 4 ق وبجلسة 22/ 6/ 1987 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعن والمطعون ضده الثاني بأن يدفعا للمطعون ضده الأول بصفته مبلغ 2000 جنيه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب ينعي الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام المحكمة الموضوع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن طبقاً لنص المادة 70 مرافعات لأن صحيفة الاستئناف أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 2/ 5/ 1985 ولم يعلن بها إلا بتاريخ 21/ 11/ 1985 بعد أكثر من ثلاثة شهور إلا أن الحكم المطعون فيه قضى عليه بالتعويض دون أن يرد على هذا الدفاع بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن انتهاء الحكم المطعون فيه إلى إعلان صحيفة الاستئناف إعلاناً قانونياً صحيحاً في الميعاد وقبول الاستئناف شكلاً ينطوي على الرد الضمني على الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أورد الدفع المبدي من الطاعن باعتبار الاستئناف كأن لم يكن انتهى إلى أن إعلان صحيفة الاستئناف للطاعن قد تم بتاريخ 6/ 5/ 1985، 21/ 11/ 1985 ورتب على ذلك قضاءه بقبول الاستئناف شكلاً وكان هذا الذي خلص إليه الحكم فيه الرد الضمني على الدفع المبدي من الطاعن باعتبار الاستئناف كأن لم يكن فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالأسباب الثاني والخامس والسادس من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في بيان ذلك يقول إنه رغم أن الحكم في الجنحة رقم 601 سنة 1979 نجع حمادي القاضي ببراءته قد نفى توافر الخطأ في حقه وعجز المطعون ضده الأول عن إثبات هذا الخطأ عندما أحالت محكمة الدرجة الأولى الدعوى إلى التحقيق فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بإلزامه بالتعويض هو والمطعون ضده الثاني استناداً إلى حجية الحكم الصادر من محكمة الجنح المستأنفة رقم 490 لسنة 1982 بإلزامهما بالتعويض المؤقت، وإلى توافر الخطأ المدني المفترض في حقه رغم أنه يعمل سائقاً لدى هيئة السكك الحديدية التي يمثلها المطعون ضده الثاني ولا يتصور قيام الخطأ المفترض المنصوص عليه في المادة 187 من القانون المدني في حقه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي مردود ذلك أن القانون إذ أجاز للمدعي بالحقوق المدنية أن يستأنف الحكم الصادر من محكمة الجنح الجزئية فيما يتعلق بحقوقه المدنية قد قصد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلى تخويل المحكمة الاستئنافية وهي تفصيل في هذا الاستئناف أن تتعرض لواقعة الدعوى وتناقشها بكامل حريتها كما كانت مطروحة أمام محكمة أول درجة مما مقتضاه أن تتصدى لتلك الواقعة وتتحقق فيها من حيث توافر أركان الجريمة وثبوتها في حق المستأنف عليه ما دامت الدعويان المدنية والجنائية كانتا مرفوعتين معاً أمام محكمة أول درجة وما دام المدعي بالحقوق المدنية قد استمر في السير في دعواه المدنية المؤسسة على ذات الواقعة حتى ولو كانت النيابة العامة لم تقم باستئناف الحكم الابتدائي الصادر ببراءة المتهم وذلك دون أن تتعرض لإدانة المتهم أو براءته لأن ذلك خارج عن نطاق استئناف الدعوى المدنية - لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المدعي بالحقوق المدنية - المطعون ضده الأول - قد استأنف الحكم الصادر في الجنحة 601 سنة 1979 نجع حمادي فيما يتعلق بحقوقه المدنية قبل الطاعن والمطعون ضده الثاني وانتهت محكمة الجنح المستأنفة في حكمها رقم 490 سنة 1982 إلى مسئوليتهما عن تعويض الضرر الذي أصاب المطعون ضده الأول وقضت بإلزامهما بتعويض مؤقت قدره 51 جنيه واحد وخمسون جنيهاً فإن مفاد ذلك أن المحكمة قد انتهت إلى توافر الخطأ الشخصي في حق الطاعن الموجب لمسئوليته عن التعويض لا إلى توافر الخطأ المفترض لأن الأخير لم يكن مطروحاً على محكمة الجنح المستأنفة عند نظرها استئناف المدعي بالحقوق المدنية لدعواه أمامها، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى مسئولية الطاعن والمطعون ضده الثاني عن تعويض الضرر الذي أصاب المطعون ضده الأول استناداً إلى حجية الحكم الصادر في الجنحة المستأنفة رقم 490 سنة 1982 نجع حمادي القاضي بإلزامهما بالتعويض المؤقت فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون ولا يعيبه ما استطرد إليه تزيداً من أن الطاعن قد اختصم أمام محكمة الجنح المستأنفة باعتباره تابعاً للمطعون ضده الثاني أو أن المحكمة المشار إلها قد انتهت إلى مسئوليته عن التعويض لتوافر الخطأ المفترض في جانبه لا إلى ثبوت الخطأ الشخصي في حقه، ومن ثم فإن النعي عليه بهذه الأسباب - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الدرجة الأولى انتهت إلى أن الحكم الجنائي الصادر في الجنحة المستأنفة رقم 490 سنة 1982 نجع حمادي لا يقيد المحكمة المدنية عملاً بالمادة 102 من قانون الإثبات وأحالت الدعوى إلى التحقيق كي يثبت المطعون ضده الأول أركان المسئولية المنسوبة إلى الطاعن وقبل الطرفان هذا القضاء وإذ أعتدت محكمة استئناف بعد ذلك بحجية ذلك الحكم الجنائي فإنها تكون قد خالفت حجية حكم الإثبات الذي حاز قوة الأمر المقضي به بالنسبة للطرفين مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حجية الحكم الابتدائي مؤقتة وتقف بمجرد رفع الاستئناف عنه وتظل موقوفة إلى أن يقضي في الاستئناف فإذا تأيد الحكم عادت إليه حجيته وإذا ألغي زالت عنه هذه الحجية، لما كان ذلك وكانت محكمة الاستئناف قد انتهت إلى إلغاء الحكم المستأنف فإن أسبابه تزول بزواله ويسقط ما كان لها من حجية مؤقتة ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الرابع من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الدرجة الأولى لم تعتد بحجية الحكم الجنائي الصادر من محكمة الجنح المستأنفة وقضت محكمة الاستئناف بإلغاء هذا الحكم دون أن تبين في حكمها الأسباب التي تحمل هذا القضاء بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا ألغت محكمة الدرجة الثانية حكماً ابتدائياً فإنها لا تكون ملزمة بالرد على جميع ما ورد فيه من الأدلة ما دامت الأسباب التي أقامت عليها حكمها كافية لحمله لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه - على ما سلف بيانه - بإلزام الطاعن والمطعون ضده الثاني بالتعويض عن الضرر الذي أصاب المطعون ضده الأول استناداً إلى حجية الحكم الجنائي الصادر من محكمة الجنح المستأنفة في الدعوى المدنية بإلزامهما بالتعويض المؤقت، وكان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً وكافياً لحمل قضائه فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الأخير على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن النيابة العامة قدمته للمحاكمة في الجنحة رقم 601 سنة 1979 نجع حمادي بتهمة تعريض إحدى وسائل النقل العام للخطر ولم يكن لهذا الاتهام صلة بإتلاف السيارة المملوكة للمطعون ضده الأول وإذ انتهت محكمة الجنح المستأنفة إلى إلزامه بالتعويض المؤقت عن إتلاف السيارة فإنها تكون قد تصدت لأمر خارج عن حدود ولايتها ولا يكون لحكمها حجية أمام المحاكم المدنية، وإذ أعتد الحكم المطعون فيه بهذا الحكم فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن لما كان الحكم النهائي الصادر بالتعويض المؤقت من المحكمة الجنائية في الدعوى المدنية بالتبعية للدعوى الجنائية يحوز حجية الشيء المحكوم فيه أمام المحكمة المدنية التي يطلب إليها استكمال ذلك التعويض فيما قضى به من مبدأ استحقاق المضرور لكامل التعويض، وكان المطعون ضده الأول قد أقام الدعوى المطعون في حكمها طالباً الحكم له باستكمال التعويض المؤقت الذي سبق أن قضت له به المحكمة الجنائية في الدعوى المدنية التي أقامها تبعاً للدعوى الجنائية في الجنحة المستأنفة رقم 490 سنة 1982 نجع حمادي على سند من حجية هذا القضاء الأخير فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذه الحجية وقضى بتكملة التعويض يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.