أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 853

جلسة 9 من يونيه سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود عباس العمراوي، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

(171)
الطعن رقم 218 لسنة 39 القضائية

(أ، ب، ج، د) هتك عرض. "هتك العرض بالقوة". جريمة. "أركانها". قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(أ) جريمة هتك العرض. أركانها. الركن المادي والركن المعنوي.
(ب) القصد الجنائي في جريمة هتك العرض. متى يتحقق؟
(ج) ركن القوة في جريمة هتك العرض. شروط توافره؟
(د) تحقق جريمة هتك العرض بالقوة بإخراج المجني عليه من الماء عارياً وعدم تمكينه من ارتداء ثيابه واقتياده وهو على هذا الحال بالطريق العام.
(هـ، و، ز) قبض وحبس بدون وجه حق. تعذيبات بدنية. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير توافر أركان الجريمة".
(هـ) القبض على الشخص. ماهيته؟
(و) التعذيبات البدنية. عدم اشتراط درجة معينة من الجسامة فيها. تقدير موضوعي.
(ز) مثال لتسبيب غير معيب في جريمة قبض وحبس بدون وجه حق مقترن بتعذيبات بدنية.
(ح) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام". "شهود".
إحالة الحكم في بيان أقوال شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت أقوال هذين الشاهدين متفقة فيما استند إليه الحكم منها.
1 - جرى قضاء محكمة النقض على أنه يكفي لتوافر جريمة هتك العرض أن يقدم الجاني على كشف جزء من جسم المجني عليه يعد من العورات التي يحرص على صونها وحجبها عن الأنظار ولو لم يقترن ذلك بفعل مادي آخر من أفعال الفحش لما في هذا الفعل من خدش لعاطفة الحياء العرضي للمجني عليه من ناحية المساس بتلك العورات التي لا يجوز العبث بحرمتها والتي هي جزء داخل في خلقة كل إنسان وكيانه الفطري.
2 - الأصل أن القصد الجنائي في جريمة هتك العرض يتحقق بانصراف إرادة الجاني إلى الفعل ونتيجته ولا عبرة بما يكون قد دفعه إلى فعلته أو بالغرض الذي توخاه منها.
3 - يكفي لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليه وبغير رضائه.
4 - متى كان الحكم قد أثبت على الطاعنين مقارفتهم جريمة هتك العرض بالقوة بركنيها المادي والمعنوي بما أورده من اجترائهم على إخراج المجني عليه عنوة من الماء الذي كان يسبح فيه عاريا وعدم تمكينه من ارتداء ثيابه واقتياده وهو عار بالطريق العام وبذلك استطالوا إلى جسمه بأن كشفوا على الرغم منه عن عورته أمام النظارة فهتكوا بذلك عرضه بالقوة مما يندرج تحت حكم المادة 268 من قانون العقوبات، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون.
5 - القبض على الشخص هو إمساكه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية التجول كما يريد دون أن يتعلق الأمر بقضاء فترة زمنية معينة.
6 - لا يشترط في التعذيبات البدنية درجة معينة من الجسامة، والأمر في ذلك متروك لتقدير محكمة الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى.
7 - متى كان الحكم قد أثبت أن الطاعنين اقتادوا المجني عليه إلى مبنى المدرسة حيث انهالوا عليه ضرباً فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وأوثقوا يديه من خلفه ثم اقتادوه إلى مسكن الطاعن الثالث حيث احتجزوه بإحدى حجراته وأن قصدهم لم ينصرف إلى اقتياده إلى مقر الشرطة وهو ما تتوافر به أركان جريمة القبض بدون وجه حق المقترن بتعذيبات بدنية المنصوص عليها في المادتين 280، 282 فقرة ثانية من قانون العقوبات.
8 - لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما - على ما هو ثابت من الرجوع إليها بمحضر جلسة المحاكمة - متفقة فيما استند إليه الحكم منها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم فى يوم 2 أغسطس سنة 1967 بدائرة مركز سوهاج محافظة سوهاج 1 - هتكوا عرض (......) بالقوة بأن أخرجوه عنوة من ترعة كان يستحم بها وسيروه عارياً موثوق اليدين فى طريق عام على مرأى من جمهور الناس 2 - قبضوا على المجني عليه سالف الذكر بدون وجه حق وعذبوه بتعذيبات بدنية بأن أمسكوا به عنوة وأدخلوه أحد الأماكن (مدرسة) وأوثقوا يديه بالحبال وضربوه فأحدثوا به الإصابات المثبتة بالتقرير الطبي. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للمادة 268/ 1 و282/ 2 من قانون العقوبات. فقرر بذلك، وقد ادعى المجني عليه بالحق المدني قبل المتهمين جميعاً وطلب إلزامهم أن يدفعوا له متضامنين مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف والأتعاب. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 32 و17 من قانون العقوبات والمادتين 55 و56 من قانون الإجراءات الجنائية بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل مدة سنة واحدة عن التهمتين وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات وإلزامهم متضامنين أن يدفعوا إلى المدعى بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف المدنية ومبلغ ثلاثمائة قرش أتعاباً للمحاماة. فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمتي هتك العرض بالقوة والقبض بدون وجه حق المقترن بتعذيبات بدنية قد شابه قصور فى التسبيب وخطأ فى الإسناد كما أخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأنه أغفل إيراد شهادة محمد عبد المنعم محمد عبد الجليل التي استند إليها فى قضائه بإدانة الطاعنين واستظهر فى بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعنين لم يمكنوا المجني عليه من ارتداء ملابسه فى حين أنه لم يرد فى أقوال الشهود أنه كانت توجد ملابس للمجني عليه وأن الطاعنين حالوا بينه وبين ارتدائها كما أن أحداً لم يكشف عن عورة المجني عليه أو يلامسها وهو ما ينتفي به الركن المادي فى جريمة هتك العرض لأنه هو الذي خلع ملابسه للاستحمام وصار عارياً أمام طلبة النادي وارتكب بذلك فعلاً علنياً فاضحاً مما يخول أي إنسان اقتياده إلى مقر الشرطة ولا يعدو الاعتداء الواقع عليه أن يكون جنحة ضرب ولم يتجه قصد الطاعنين إلى هتك عرضه أو القبض عليه وتعذيبه. وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله إنها "تتحصل فى أنه فى يوم 2/ 8/ 1967 بينما كان المجني عليه (........) يستحم فى مياه ترعة الطهطاويه طلب إليه المتهم الأول (.........) أن يخرج من الماء ولما لم يستجب لطلبه كلف المتهم الثالث (.......) المتهم الثاني (.......) بأن يخرجه من الماء بالقوة بمساعدة المتهم الأول فأخرجاه منها عارياً ولم يمكنه ثلاثتهم من ارتداء ملابسه واقتادوه إلى مدرسة مصطفى كامل الابتدائية وانهالوا عليه ضرباً فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وأوثقوا يديه من خلفه وساروا به عاريا فى الطريق العام إلى مسكن المتهم الثالث حيث احتجزوه بإحدى حجراته إلى أن حضر كل من محمود حسن سيد أبو موسى وعلي جبره بركات وتمكنا من إخلاء سبيله" وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة فى حق الطاعنين أدلة سائغة مستمدة من أقوال المجني عليه (.......) والشهود محمد عبد المنعم محمد عبد الجليل ومحمود حسن سيد أبو موسى وعلي جبره بركات وفتحي عبد الباسط مهران والتقرير الطبي الشرعي وتقرير أخصائي الإذن. لما كان ذلك، وكان الحكم بعد أن أورد أقوال المجني عليه تفصيلاً عرض لأقوال الشاهد محمد عبد المنعم محمد عبد الجليل فقال إنه شهد بمثل ما قرره المجني عليه جملة وتفصيلاً، وكان لا يعيب الحكم أن يحيل فى بيان أقوال هذا الشاهد إلى ما أورده من أقوال المجني عليه ما دامت أقوالهما على ما هو ثابت من الرجوع إليها بمحضر جلسة المحاكمة متفقة فيما استند إليه الحكم منها. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم فى بيانه لواقعة الدعوى من أن الطاعنين لم يمكنوا المجني عليه من ارتداء ملابسه له أصله الثابت فى أقوال المجني عليه والشاهد محمد عبد المنعم محمد عبد الجليل بجلسة المحاكمة. ولما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنين من أن الواقعة لا تنطوي على هتك عرض وأنهم كانوا يقتادون المجني عليه إلى مقر الشرطة لإجراء التحقيق معه ورد عليه بقوله. "وحيث إن المتهمين أنكروا بالتحقيقات وبالجلسة ما نسب إليهم وأقروا بحصول صلح فيما بينهم وبين المجني عليه وذهب الدفاع عنهم إلى أن الواقعة فعل فاضح وليست هتك عرض لأن أحداً منهم لم يمس مواضع العفة فيه وأنهم كانوا يقتادونه إلى مقر الشرطة لإجراء التحقيق معه لمحاولة الاعتداء على أحد الطلبة المستحمين بمياه الترعة فى ذلك الوقت. وحيث إن المحكمة لا تأبه لإنكار المتهمين وقد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه وشهود الإثبات على النحو سالف البيان مؤيدة بما جاء بالتقرير الطبي الشرعي إذ أن قيامهم بإخراج المجني عليه بالقوة من الماء وهو يستحم فيه وعدم تمكينه على غير إرادته من ارتداء ملابسه وقيامهم بربط يديه من خلفه واقتيادهم إياه عرياناً بالطريق العام أمام المارة واعتدائهم عليه بالضرب واحتجازهم له بمسكن المتهم الثالث تقطع بأن هذه الأعمال التي ارتكبوها يتوافر فيها ركن القوة وتستطيل إلى جسم المجني عليه وعوراته وتخدش عاطفة الحياء عنده وتجعل الواقعة هتك عرض بالقوة تنطبق عليها الفقرة الأولى من المادة 268 من قانون العقوبات كما تتحقق بها جريمة القبض عليه بدون وجه حق وتعذيبه بدنياً وفقاً للمادتين 280 و282/ 2 من القانون سالف الذكر" ولما كان الحكم قد أثبت على الطاعنين مقارفتهم جريمة هتك العرض بالقوة بركنيها المادي والمعنوي بما أورده من اجترائهم على إخراج المجني عليه عنوة من الماء الذي كان يسبح فيه عارياً وعدم تمكينه من ارتداء ثيابه واقتياده وهو عريان بالطريق العام وبذلك استطالوا إلى جسمه بأن كشفوا على الرغم منه عن عورته أمام النظارة فهتكوا بذلك عرضه بالقوة مما يندرج تحت حكم المادة 268 من قانون العقوبات، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أنه يكفي لتوافر جريمة هتك العرض أن يقدم الجاني على كشف جزء من جسم المجني عليه يعد من العورات التي يحرص على صونها وحجبها عن الأنظار ولو لم يقترن ذلك بفعل مادي آخر من أفعال الفحش لما في هذا الفعل من خدش لعاطفة الحياء العرضي للمجني عليه من ناحية المساس بتلك العورات التي لا يجوز العبث بحرمتها والتي هي جزء داخل في خلقة كل إنسان وكيانه الفطري، فإنه لا يجدي الطاعنين ما يثيرونه من أنهم لم يقصدوا المساس بجسم المجني عليه ذلك بأن الأصل أن القصد الجنائي في جريمة هتك العرض يتحقق بانصراف إرادة الجاني إلى الفعل ونتيجته وهو ما استخلصه الحكم في منطق سائغ في حق الطاعنين ولا عبرة بما يكون قد دفعهم إلى فعلتهم أو بالغرض الذي توخوه منها كما أنه يكفي لتوافر ركن القوة في هذه الجريمة أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليه وبغير رضائه وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعنين. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت أن الطاعنين اقتادوا المجني عليه إلى مبنى المدرسة حيث انهالوا عليه ضرباً فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وأوثقوا يديه من خلفه ثم اقتادوه إلى مسكن الطاعن الثالث حيث احتجزوه بإحدى حجراته وأن قصدهم لم ينصرف إلى اقتياده إلى مقر الشرطة وهو ما تتوافر به أركان جريمة القبض بدون وجه حق المقترن بتعذيبات بدنية المنصوص عليها في المادتين 280 و282 فقرة ثانية من قانون العقوبات ذلك بأن القبض على الشخص هو إمساكه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية التجول كما يريد دون أن يتعلق الأمر بقضاء فترة زمنية معينة كما أنه لا يشترط في التعذيبات البدنية درجة معينة من الجسامة والأمر في ذلك متروك لتقدير محكمة الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى. لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.