أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 43 - صـ 317

جلسة 17 من فبراير سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد الحميد سند نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد غرابه، يحي عارف، أحمد الحديدي نواب رئيس المحكمة وإلهام نوار.

(68)
الطعن رقم 274 لسنة 55 القضائية

(1، 2) قانون "سريانه من حيث الزمان" "القانون الواجب التطبيق". نظام عام. إيجار "إيجار الأماكن" "بيع الجدك".
(1) النص التشريعي. سريانه على ما يلي نفاذه من وقائع ما لم يقض القانون برجعية أثره. أحكام القانون المتعلقة بالنظام العام. سريانها بأثر فوري على العقود التي أُبرمت قبل نفاذه ما دامت آثارها ما زالت سارية في ظله.
(2) عقد بيع الجدك. عقد رضائي. عدم توقفه على إرادة المؤجر. انتقال الحق في الإجارة إلى مشتري الجدك. شرطه. توافر شروط المادة 594/ 2 مدني وقت أبرام العقد. عقود بيع الجدك المبرمة في تاريخ سابق على العمل بالقانون 136 لسنة 1981. عدم خضوعها لحكم المادة 20 منه. سريانها على حالات البيع والتنازل التي تتم في تاريخ لاحق لنفاذ القانون المذكور. علة ذلك.
1- المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن من الأصول الدستورية المقررة أن النص التشريعي لا يسري إلا على ما يلي نفاذه من وقائع ما لم ينص القانون خروجاً على هذا الأصل وفي الحدود التي يجيزها الدستور برجعية أثره، ولا يغير من هذا الأصل تعلق أحكام القانون بالنظام العام إذ لا يجاوز أثر ذلك إلا أن تسري أحكامه على ما يستجد من أوضاع ناتجة عن علاقات تعاقدية أبرمت قبل نفاذه ما دامت آثارها سارية في ظله إذ تخضع هذه الآثار لأحكام القانون الجديد تغليباً لاعتبارات النظام العام التي دعت إلى اصداره على حق المتعاقدين في تحديد التزاماتهما وحقوقهما التعاقدية الحالي منها والمستقبل على السواء.
2- عقد بيع الجدك عقد رضائي يتم بمجرد اتفاق طرفيه وتنتقل فيه الملكية بمجرد انعقاده دون توقف على إرادة المؤجر، أي أن المراكز القانونية لأطرافه تنشأ وتكتمل فور إبرامه ويتوقف انتقال الحق في الإجارة أو عدم انتقاله إلى مشتري الجدك تبعاً لتوافر الشروط التي أوجبتها المادة 594/ 2 من القانون المدني أو عدم توافرها، أي أنه ينظر فيها إلى وقت إبرام العقد ولا يمتد إلى تاريخ لاحق، وبالتالي فإن عقود بيع الجدك التي أبرمت في تاريخ سابق على العمل بالقانون رقم 136 لسنة 1981 لا تخضع لما ورد في المادة 20 منه التي تسري فقط على حالات البيع والتنازل التي تتم في تاريخ لاحق لنفاذه والعمل بأحكامه، هذا إلى أن ما أوجبته الفقرة الثانية من المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 آنفة الذكر من شروط تتمثل في التزام المستأجر البائع بإعلان المالك قبل إبرام الاتفاق مع الغير وتقريرها أحقية المالك في الشراء، وتقييدها حق المستأجر في البيع للغير بانقضاء أجل معين، كل ذلك يكشف عن أن هذه المادة يستحيل تطبيقها بشروطها وقيودها على عقود بيع الجدك التي أبرمت في تاريخ سابق على العمل بها، ومن ثم يقتصر سريانها على حالات البيع والتنازل التي تتم في تاريخ لاحق لنفاذها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2802 لسنة 1981 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضدهما بطلب الحكم بإخلائهما شقة النزاع المبينة بالصحيفة والتسليم وقال بياناً لدعواه إن المطعون ضدها الأولى تنازلت عن إيجار تلك الشقة للمطعون ضده الثاني بالمخالفة للبند الثامن من عقد الإيجار المؤرخ 1/ 1/ 1950 فأقام دعواه وبتاريخ 9/ 2/ 1982 حكمت المحكمة بإجابته إلى طلباته. استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 2590 لسنة 99 قضائية القاهرة وبعد أن ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وأودع تقريره حكمت بتاريخ 4/ 12/ 1984 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعي به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتفسيره، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم لم يطبق نص المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 التي أعطت الحق للمالك في الحصول على 50% من ثمن المبيع في حالة بيع المستأجر المتجر أو المصنع بالجدك، وهو نص يسري على الدعوى الراهنة، ذلك لأن قوانين إيجار الأماكن من النظام العام وتسري على البيع بالجدك الذي تم قبل صدوره وذلك في 25/ 4/ 1979 والتي انتهت المحكمة إلى توافر شروطه وما زال النزاع بشأنه مطروحاً على القضاء ولم يستقر بصدور حكم نهائي فيه واستند الحكم في قضائه برفض تطبيق هذا النص إلى القول بأن المركز القانوني لمشتري الجدك قد استقر قبل صدور القانون سالف الذكر الذي يعد تعديلاً لنص الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني ومن ثم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تفسيره بما يوجب نقضه.
حيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن من الأصول الدستورية المقررة أن النص التشريعي لا يسري إلا على ما يلي نفاذه من وقائع ما لم ينص القانون خروجاً على هذا الأصل وفي الحدود التي يجيزها الدستور برجعية أثره، ولا يغير من هذا الأصل تعلق أحكام القانون بالنظام العام إذ لا يجاوز أثر ذلك إلا أن تسري أحكامه على ما يستجد من أوضاع ناتجة عن علاقات تعاقدية أبرمت قبل نفاذه ما دامت آثارها سارية في ظله إذ تخضع هذه الآثار لأحكام القانون الجديد تغليباً لاعتبارات النظام العم التي دعت إلى إصداره على حق المتعاقدين في تحديد التزاماتهما وحقوقهما التعاقدية الحالي منها والمستقبل على السواء، ولما كان عقد بيع الجدك عقد رضائي يتم بمجرد اتفاق طرفيه وتنتقل فيه الملكية بمجرد انعقاده دون توقف على إرادة المؤجر، أي أن المراكز القانونية لأطرافه تنشأ وتكتمل فور إبرامه ويتوقف انتقال الحق في الإجارة أو عدم انتقاله إلى مشتري الجدك تبعاً لتوافر الشروط التي أوجبتها المادة 594/ 2 من القانون المدني أو عدم توافرها، أي أنه ينظر فيها إلى وقت إبرام العقد ولا يمتد إلى تاريخ لاحق، وبالتالي فإن عقود بيع الجدك التي أبرمت في تاريخ سابق على العمل بالقانون رقم 136 لسنة 1981 لا تخضع لما ورد في المادة 20 منه التي تسري فقط على حالات البيع والتنازل التي تتم في تاريخ لاحق لنفاذه والعمل بأحكامه، هذا إلى أن ما أوجبته الفقرة الثانية من المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 آنفة الذكر من شروط تتمثل في التزام المستأجر البائع بإعلان المالك قبل إبرام الاتفاق مع الغير وتقريرها أحقية المالك في الشراء، وتقييدها حق المستأجر في البيع للغير بانقضاء أجل معين، كل ذلك يكشف عن أن هذه المادة يستحيل تطبيقها بشروطها وقيودها على عقود بيع الجدك التي أبرمت في تاريخ سابق على العمل بها، ومن ثم يقتصر سريانها على حالات البيع والتنازل التي تتم في تاريخ لاحق لنفاذها، وإذ انتهى الحكم إلى نتيجة تتفق وهذا النظر فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.