أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 43 - صـ 337

جلسة 20 من فبراير سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد مختار منصور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد خيري الجندي، محمد بكر غالي، عبد العال السمان ومحمد محمد محمود نواب رئيس المحكمة.

(74)
الطعنان رقما 149، 314 لسنة 56 القضائية

(1) نقض "الصفة في الطعن". دعوى "الصفة في الدعوى". نيابة "النيابة القانونية".
إدارة قضايا الحكومة - نيابتها دون غيرها - عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها. م 6 ق 75 لسنة 1963 قبل تعديله بالقانون 10 لسنة 1986. إقامة الطعن من إحدى هذه الجهات من غير أعضاء هذه الإدارة. غير مقبول.
(2) نقض "أسباب الطعن: سبب قانوني يخالطه واقع، السبب الجديد".
الدفاع القانوني الذي يخالطه واقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(3) محكمة الموضوع "مسائل الواقع، تقدير الدليل".
محكمة الموضوع. سلطتها في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات وترجيح ما تطمئن إليه منها.
(4) محكمة الموضوع "مسائل الإثبات". تقادم "التقادم المكسب". حيازة "الحيازة كسبب للتملك". إثبات.
وضع اليد المكسب للملكية. واقعة مادية. جواز إثباتها بكافة الطرق. للمحكمة أن تعتمد في ثبوت الحيازة بعنصريها على القرائن التي تستنبطها من وقائع الدعوى ما دام استخلاصها سائغاً.
(5) قرار إداري. اختصاص "اختصاص ولائي".
صدور القرار الإداري مخالفاً للقانون. أثره. تجرده من صفته الإدارية بما يسقط عنه حصانته. اختصاص القضاء العادي بحماية الأفراد مما يترتب عليه.
1- النص في المادة السادسة من القانون 75 لسنة 1963 بشأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة قبل تعديله بالقانون 10 لسنة 1986 على أن "تنوب هذه الإدارة عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات الأخرى التي خولها القانون اختصاصاً قضائياً....." يدل على أن إدارة قضايا الحكومة - دون غيرها - تعد نائباً قانونياً عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وإذ كان الطاعن في الطعن رقم 149 لسنة 56 ق قد أقامه بصفته مديراً لمركز شباب....... وكان المحامي الذي رفع هذا الطعن ووقع على صحيفته من غير أعضاء إدارة قضايا الحكومة فإن الطعن يكون غير مقبول.
2- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدفاع القانوني الذي يخالطه واقع لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
3- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي بحث الدلائل والمستندات المقدمة إليها وتقدير قيمتها وترجيح ما تطمئن إليه منها.
4- وضع اليد المكسب للملكية واقعة مادية مما يجوز إثباته بكافة الطرق، وأن للمحكمة أن تعتمد في ثبوت الحيازة بعنصريها على القرائن التي تستنبطها من وقائع الدعوى ما دام استنباطها سائغاً.
5- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كان القرار الإداري قد صدر مخالفاً للقانون فإن ذلك يجرده من صفته الإدارية ويسقط عنه الحصانة المقررة للقرارات الإدارية ويكون من حق القضاء العادي أن يتدخل لحماية مصالح الأفراد مما قد يترتب عليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنين الأول والثاني بصفتهما وفي مواجهة الثالث بصفته الدعوى رقم 143 سنة 1979 مدني بندر بنها طالباً تثبيت ملكيته لقطعة الأرض الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى، وقال في بيانها إنه اشتراها من والده بعقد بيع ابتدائي مؤرخ 23/ 10/ 1972 قضى بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 544 لسنة 1977 مدني طوخ ووضع يده عليها خلفاً له، وإذ تعرض له الطاعنان الأول والثاني بإدعاء ملكية الدولة لها فقد أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 13/ 11/ 1982 بعدم اختصاصها قيمياً بنظرها وإحالتها إلى محكمة بنها الابتدائية حيث قيدت في جداولها برقم 3073 سنة 1982 مدني، وبتاريخ 30/ 4/ 1983 قضت المحكمة برفضها. استأنف المطعون ضده هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا "مأمورية بنها" بالاستئناف رقم 413 لسنة 16 ق وبتاريخ 4/ 12/ 1985 قضت بإلغاء الحكم المستأنف وتثبيت ملكية المطعون ضده للأرض موضوع النزاع. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 314 سنة 56 ق كما طعن عليه الطاعن الثاني بصفته بالطعن رقم 149 لسنة 56 ق ودفع المطعون ضده بعدم قبول الطعن للتقرير به من غير ذي صفة، وقدمت النيابة مذكرة برأيها في كل من الطعنين أبدت في الأولى الرأي برفض الطعن 314 لسنة 56 ق، وفي الثانية بقبول الدفع المبدي من المطعون ضده بعدم قبول الطعن. عرض الطعنان على المحكمة في غرفة مشورة فرأتهما جديرين بالنظر وحددت جلسة لنظرهما مع ضم الطعن الأخير للأول ليصدر فيهما حكم واحد وبالجلسة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدي من المطعون ضده الأول بعدم قبول الطعن 149 لسنة 56 ق للتقرير به من غير ذي صفة أن الطاعن بصفته مديراً لمركز شباب شبرا هارس يعد ممثلاً لإحدى الجهات الإدارية التي تنوب عنها إدارة قضايا الحكومة في القضايا التي ترفع منها أو عليها، وأن المحامي الذي قرر بالطعن بالنقض ليس من بينهم.
وحيث إن هذا الدفع سديد ذلك أن النص في المادة السادسة من القانون 75 لسنة 1963 بشأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة قبل تعديله بالقانون 10 لسنة 1986 على أن "تنوب هذه الإدارة عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات الأخرى التي خولها القانون اختصاصاً قضائياً...." يدل على أن إدارة قضايا الحكومة - دون غيرها - تعد نائباً قانونياً عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وإذ كان الطاعن في الطعن رقم 149 لسنة 56 ق قد أقامه بصفته مديراً لمركز شباب شبرا هارس وكان المحامي الذي رفع هذا الطعن ووقع على صحيفته من غير أعضاء إدارة قضايا الحكومة فإن الطعن يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن 314 لسنة 56 ق قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعنون بالوجهين السادس والسابع من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون إنه على الرغم من أن المادة 874/ 1 من القانون المدني قد نصت على أن الأراضي غير المزروعة التي لا مالك لها تكون ملكاً للدولة، وأن المطعون ضده أقر في مذكرة دفاعه المقدمة لمحكمة الدرجة الأولى بتاريخ 17/ 11/ 1981 أن أرض النزاع كانت ملكاً للدولة ثم قام والده بردمها ووضع يده عليها فإن الحكم المطعون فيه اعتبرها غير مملوكة لها استناداً إلى ما ورد بتقرير الخبير بعد ما أغفل دلالة هذا الإقرار مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدفاع القانوني الذي يخالطه واقع لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض - لما كان ذلك وكان الطاعنون لم يسبق لهم التمسك أمام محكمة الموضوع بتطبيق حكم المادة 874/ 1 من القانون المدني على الأرض محل النزاع أو إعمال حجية الإقرار القضائي الصادر عن المطعون ضده ومن ثم لا يجوز لهم التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالأوجه الأربعة الأولى من السبب الأول وبالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون إنه على الرغم من أن دفاعهم أمام محكمة الموضوع قد قام على أن الأرض محل النزاع سواء كانت من أملاك الدولة العامة أو الخاصة فإنه لا يجوز تملكها بوضع اليد المدة الطويلة المكسب للملكية طبقاً لأحكام القانون المدني وأنهم قدموا كشفاً رسمياً من مصلحة المساحة يفيد ملكية الدولة لها فإن الحكم المطعون فيه التفت عن دلالة ذلك المستند وخلص إلى تثبيت ملكية المطعون ضده لها رغم أن شروط تملكه لها بوضع اليد المدة الطويلة المكسب للملكية لم تكتمل مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي بحث الدلائل والمستندات المقدمة إليها وتقدير قيمتها وترجيح ما تطمئن إليه منها، وأن وضع اليد المكسب للملكية واقعة مادية مما يجوز إثباته بكافة الطرق، وأن للمحكمة أن تعتمد في ثبوت الحيازة بعنصريها على القرائن التي تستنبطها من وقائع الدعوى ما دام استنباطها سائغاً - لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد أقام قضاءه بثبوت ملكية المطعون ضده للأرض موضوع النزاع بوضع يده عليها المدة الطويلة المكسب للملكية وعدم ملكية الدولة لها على ما ثبت من تقرير الخبير من أن الأرض محل النزاع لم ترد بسجلات أملاك القليوبية أنه من ضمن الأراضي المملوكة للدولة وأن المساحة محل النزاع كانت بركه قام والد المطعون ضده بردمها في سنة 1943 بعد أن كلفته الدولة بذلك طبقاً للمادة الثانية من الأمر العسكري رقم 363 سنة 1943 الذي فرض على الملاك واضعي اليد ردم البرك المعرضة لتوالد البعوض فيها وأنه ظل واضعاً اليد عليها وابنه المطعون ضده من بعده منذ ذلك التاريخ إلى أن تعرض له الطاعنان الأولان وكان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً وكافياً لحمل قضاءه وله أصله الثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الخامس من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولون إن مجلس محلي قرية ترسا قد أصدر قراراً بتاريخ 19/ 5/ 1976 بتخصيص قطعة الأرض محل النزاع لإقامة ملاعب عليها كما أصدر مجلس محلي طوخ القرار رقم 90 سنة 1980 بإزالة تعدي المطعون ضده عليها وهي قرارات إدارية يمتنع على جهة القضاء العادي تأويلها أو وقف تنفيذها طبقاً للمادة 17 من قانون السلطة القضائية رقم 46 سنة 1972 وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتثبيت ملكية المطعون ضده لها فإنه يكون قد ألغى هذه القرارات أو عطل تنفيذها مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كان القرار الإداري قد صدر مخالفاً للقانون فإن ذلك يجرده من صفته الإدارية ويسقط عنه الحصانة المقررة للقرارات الإدارية ويكون من حق القضاء العادي أن يتدخل لحماية مصالح الأفراد مما قد يترتب عليه - لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن مجلس محلي قرية ترسا قد أصدرا قراراً بالاستيلاء على الأرض موضوع النزاع لإقامة ملاعب عليها كما أصدر مجلس محلي مركز طوخ قراراً بإزالة تعدي المطعون ضده عليها وهما قراران لا يختص بإصدارهما هذان المجلسان ومن ثم لا يعد أي منهما قراراً إدارياً ويكون النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.