أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 43 - صـ 343

جلسة 20 من فبراير سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطة نائب رئيس المحكمة، محمد بدر الدين توفيق، فتيحه قرة ومحمد الجابري.

(75)
الطعن رقم 1811 لسنة 56 القضائية

(1 - 3) إيجار "إيجار الأماكن" "إنهاء عقد إيجار الأجنبي". إعلان "تسليم الإعلان للنيابة". حكم "تسبيب الحكم". قانون "سريان القانون".
(1) عدم سريان أحكام القانون 89 لسنة 1960 في شأن دخول وإقامة الأجانب بأراضي جمهورية مصر العربية والخروج منها على أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي المعتمدين في مصر وغير المعتمدين منهم بشرط المعاملة بالمثل. م 37 ق 89 لسنة 1960. لا يحول دون تطبيق نص المادة 17 من القانون 136 لسنة 1981 بشأن انتهاء عقود التأجير الخاصة بهم بانتهاء إقامتهم بالبلاد. علة ذلك.
(2) عدم سريان أحكام القانون 89 لسنة 1960 المعدل بق 48 لسنة 1968 في حق الطاعن لكونه دبلوماسياً غير معتمد في مصر تطبيقاً لمبدأ المعاملة بالمثل. م 37/ 1 من القانون المذكور. القضاء بإخلائه من شقة النزاع المستأجرة قبل العمل بالقانون 136 لسنة 1981 لثبوت مغادرته البلاد أكثر من مرة ومن ثم انتهاء إقامته قانوناً إعمالاً لنص المادة 17 من القانون الذكور. لا خطأ. عودته للبلاد بعد كل مغادرة. لا أثر له. علة ذلك.
(3) إعلان غير المصري الذي انتهت إقامته بمصر. وجوب تمامه عن طريق النيابة العامة. م 17/ 3 ق 136 لسنة 1981. حصوله على ترخيص جديد بالإقامة. أثره. وجوب توجيه الإعلان إليه بموطنه داخل البلاد. إعلان المستأجر الأجنبي غير المقيم عن طريق النيابة العامة. رخصة قانونية. لا تثريب على المؤجرة إن استعملتها دون إتباع القواعد العامة في قانون المرافعات. لا محل للتحدي بوجوب إعلان الطاعن بالموطن المختار الذي اختاره.
1- لئن كانت المادة 37 من القانون رقم 89 لسنة 1960 في شأن دخول وإقامة الأجانب بأراضي جمهورية مصر العربية والخروج منها قد نصت على عدم سريان أحكام القانون المذكور على عدة طوائف من الأجانب من بينها أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي المعتمدين في مصر وكذلك غير المعتمدين منهم بشرط المعاملة بالمثل إلا أنه لا يترتب على عدم سريان القانون سالف الذكر بشأن هؤلاء الأجانب انتفاء صفتهم في الإقامة كأجانب فتثبت لهم الإقامة الفعلية بهذه الصفة في مصر بمجرد دخولهم الأراضي المصرية وتظل إقامتهم بهذه الصفة حتى تنتهي بخروجهم منها ولو تكرر ذلك منهم لمرات متقاربة أو متباعدة إذ القول بغير ذلك يحول دون تطبيق ما نصت عليه المادة 17 من القانون رقم 136 لسنة 1981 من أن "تنتهي بقوة القانون عقود التأجير لغير المصريين بانتهاء المدة المحددة قانوناً لإقامتهم بالبلاد....." على هذه الطوائف من الأجانب المعفاة من قيود وتراخيص الإقامة ويحق لهم - بهذا الإعفاء - الاحتفاظ بما يستأجرونه من مساكن بمصر حتى ولو تكرر منهم إنهاء إقامتهم الفعلية بعد كل دخول وهو ما لم يهدف إليه المشرع بالقانون رقم 136 لسنة 1981 الذي أورد نص المادة 17 منه تحت عنوان "في شأن العمل على توفير المساكن" ويؤيد هذا النظر ورود عبارات الفقرة الأولى من المادة 17 المشار إليها عامة ومطلقة ولو قصد المشرع قصر تطبيقها على من يخضع من الأجانب فقط لقيود تراخيص الإقامة الواردة بالقانون رقم 89 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 49 لسنة 1968 لنص على ذلك صراحة.
2- إذا كان الثابت بالأوراق - والذي استخلصه الحكم المطعون فيه - أن الطاعن في تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر كان دبلوماسياً غير معتمد في مصر ولا تسري بشأنه أحكام القانون رقم 89 لسنة 1960 في شأن دخول وإقامة الأجانب بأراضي جمهورية مصر العربية والخروج منها والمعدل بالقانون رقم 48 لسنة 1968 إعمالاً لنص الفقرة الأولى من المادة 37 من ذلك القانون التي أعفت الدبلوماسيين غير المعتمدين بمصر من سريان أحكام القانون بشأنهم بشرط المعاملة بالمثل وثبوت أن دولة الطاعن (تونس) تعامل المصريين بالمثل بموجب القانون التونسي رقم 7 لسنة 1968 المقدم من الطاعن، والثابت أيضاً أن الطاعن عقب سريان القانون رقم 136 لسنة 1981 قد غادر الأراضي المصرية بتاريخ 15/ 10/ 1981 ثم عاد وغادرها مرة أخرى بتاريخ 2/ 11/ 1981 وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بالإخلاء إعمالاً لنص المادة 17 من القانون رقم 136 لسنة 1981 على سند مما أورده بمدوناته من أنه (.... ومن ثم فإنه بمغادرته البلاد في كل من هاتين المرتين تنتهي إقامته بمصر قانوناً... بما يجيز للمستأنف عليها (المؤجرة) طلب إخلاء المستأنف من الشقة عين النزاع ولا يغير من ذلك عودته إلى البلاد بعد كل مغادرة إذ ليس من شأن إقامته بموجب هذه العودة زوال انتهاء إقامته السابقة) فإنه يكون بهذه الأسباب القانونية السائغة قد أعمل القانون على وجهه الصحيح.
3- مفاد ما نصت عليه المادة 17 من القانون رقم 136 لسنة 1981 من أن "... يكون إعلان غير المصري الذي انتهت إقامته قانوناً عن طريق النيابة العامة....." يدل - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع قد واجه وضعاً حتمياً يتمثل في استحالة أن يكون لغير المصري موطناً أصلياً داخل البلاد بعد أن انتهت مدة إقامته ومن ثم أوجب إعلانه باعتباره مقيماً بالخارج عن طريق النيابة وكل ذلك ما لم يكن الأجنبي قد حصل على ترخيص جديد بالإقامة قبل توجيه الإعلان فيتعين توجيه الإعلان إليه بموطنه داخل البلاد. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحاً - إلى انتهاء إقامة الطاعن بمصر كأجنبي بمغادرته لها بتاريخ 2/ 11/ 1981 وكان الثابت أن صحيفة افتتاح الدعوى قد أعلنت للطاعن عن طريق النيابة بتاريخ 21/ 11/ 1981 حال وجوده بالخارج إذ لم يثبت من جواز سفره المقدم لمحكمة الموضوع عودته لمصر بعد مغادرته لها إلا بتاريخ 6/ 1/ 1982 فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون إذ أعتد بإعلانه بصحيفة افتتاح الدعوى عن طريق النيابة إعمالاً لنص الفقرة الثالثة من المادة 17 من القانون رقم 136 لسنة 1981 ولا محل للتحدي بوجوب الإعلان بالموطن المختار الذي اختاره الطاعن إذ أن ترخيص القانون بإعلان المستأجر الأجنبي غير المقيم عن طريق النيابة العامة يعد استثناء من القواعد العامة في قانون المرافعات فلا تثريب على المطعون ضدها (المؤجرة) إن استعملت هذه الرخصة في الإعلان دون إتباع القواعد سالفة البيان.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت على الطاعن الدعوى رقم 1905 سنة 1981 مدني الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/ 9/ 1973 المبرم بينها وبين الطاعن عن الشقة المبينة بالصحيفة وتسليمها لها خالية وقالت بياناً لذلك إنه بموجب ذلك العقد أجرت للطاعن - وهو تونسي الجنسية - الشقة المشار إليها لسكناه مفروشة بمنقولات مبينة بملحق العقد وإذ انتهت إقامته بمصر وغادرها نهائياً في 1/ 10/ 1975 فإن عقد استئجاره يكون منتهياً بقوة القانون عملاً بنص المادة 17 من القانون رقم 136 سنة 1981 ومن ثم أقامت الدعوى. حكمت المحكمة بعدم سماع الدعوى لعدم قيد عقد الإيجار بالوحدة المحلية المختصة. استأنفت المطعون ضدها الحكم بالاستئناف رقم 5616 سنة 99 ق القاهرة الذي قضى بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة الدعوى لمحكمة أول درجة للفصل فيها مجدداً لثبوت صدور حكم نهائي بين الطرفين باعتبار العين مؤجرة خالية وقد قيدت الدعوى رقم 334 سنة 1983 الجيزة الابتدائية وبتاريخ 31/ 5/ 1984 حكمت المحكمة بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 9/ 1973 وبإخلاء الشقة محل النزاع والتسليم. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 6125، 6282 سنة 101 ق القاهرة وبعد أن استجوبت المحكمة الطاعن نفاذاً لحكمها الصادر بتاريخ 5/ 6/ 1985 قضت بتاريخ 9/ 4/ 1986 برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعي الطاعن بالسبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إنه وقت إقامة الدعوى كان دبلوماسياً غير معتمد في مصر ومن ثم فلا يخضع لقيود تراخيص إقامة الأجانب بمصر الواردة بالقانون رقم 89 سنة 1960 المعدل بالقانون رقم 49 سنة 1968 في شأن دخول وإقامة الأجانب بمصر إعمالاً لنص المادة 37 من هذا القانون وذلك لثبوت معاملة دولته تونس للمصريين بالمثل بالقانون التونسي رقم 7 سنة 1968 المقدم نسخة منه لمحكمة الموضوع وبالتالي فإن إقامته بمصر تكون غير محددة المدة ودائمة وله حق دخول مصر والخروج منها ولا يعد خروجه انتهاءً لإقامته ولو تكرر طالما أنه ما زال محتفظاً بمسكنه موطناً له فيها وبالتالي فلا ينطبق بشأنه ما نصت عليه المادة 17 من القانون رقم 136 سنة 1981 من انتهاء عقد إيجار الأجانب بانتهاء المدة المحددة قانوناً لإقامتهم بالبلاد إذ هي تنطبق على الأجانب الخاضعين التراخيص الإقامة وإذ قضى الحكم المطعون فيه بالإخلاء إعمالاً لنص المادة 17 من القانون سالف الذكر على سند من أن إقامته بمصر انتهت بخروجه منها بتاريخ 2/ 11/ 1981 حالة أن الثابت بجواز سفره المقدم لمحكمة الموضوع أنه تكرر دخوله وخروجه من مصر بعد هذا التاريخ ولم تنقطع إقامته وأسرته بالمشقة محل النزاع فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه و لئن كانت المادة 37 من القانون رقم 89 لسنة 1960 في شأن دخول وإقامة الأجانب بأراضي جمهورية مصر العربية والخروج منها قد نصت على عدم سريان أحكام القانون المذكور على عدة طوائف من الأجانب من بينها أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي المعتمدين في مصر وكذلك غير المعتمدين منهم بشرط المعاملة بالمثل إلا أنه لا يترتب على عدم سريان القانون سالف الذكر بشأن هؤلاء الأجانب انتفاء صفتهم في الإقامة كأجانب فتثبت لهم الإقامة الفعلية بهذه الصفة في مصر بمجرد دخولهم الأراضي المصرية وتظل إقامتهم بهذه الصفة حتى تنتهي بخروجهم منها ولو تكرر ذلك منهم لمرات متقاربة أو متباعدة إذ القول بغير ذلك يحول دون تطبيق ما نصت عليه المادة 17 من القانون رقم 136 لسنة 1981 من أن "تنتهي بقوة القانون عقود التأجير لغير المصريين بانتهاء المدة المحددة قانوناً لإقامتهم بالبلاد....." على هذه الطوائف من الأجانب المعفاة من قيود وتراخيص الإقامة ويحق لهم - بهذا الإعفاء - الاحتفاظ بما يستأجرونه من مساكن بمصر حتى ولو تكرر منهم إنهاء إقامتهم الفعلية بعد كل دخول وهو ما لم يهدف إليه المشرع بالقانون رقم 136 سنة 1981 الذي أورد نص المادة 17 منه تحت عنوان (في شأن العمل على توفير المساكن) ويؤيد هذا النظر ورود عبارات الفقرة الأولى من المادة 17 المشار إليها عامة ومطلقة ولو قصد المشرع قصر تطبيقها على من يخضع من الأجانب فقط لقيود تراخيص الإقامة الواردة بالقانون رقم 89 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 49 لسنة 1968 لنص على ذلك صراحة. لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق - والذي استخلصه الحكم المطعون فيه - أن الطاعن في تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر كان دبلوماسياً غير معتمد في مصر ولا تسري بشأنه أحكام القانون رقم 89 لسنة 1960 في شأن دخول وإقامة الأجانب بأراضي جمهورية مصر العربية والخروج منها والمعدل بالقانون رقم 48 سنة 1968 إعمالاً لنص الفقرة الأولى من المادة 37 من ذلك القانون التي أعفت الدبلوماسيين غير المعتمدين بمصر من سريان أحكام القانون بشأنهم بشرط المعاملة بالمثل وثبوت أن دولة الطاعن (تونس) تعامل المصريين بالمثل بموجب القانون التونسي رقم 7 لسنة 1968 المقدم من الطاعن. والثابت أيضاً أن الطاعن عقب سريان القانون رقم 136 لسنة 1981 قد غادر الأراضي المصرية بتاريخ 15/ 10/ 1981 ثم عاد وغادرها مرة أخرى بتاريخ 2/ 11/ 1981 وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بالإخلاء إعمالاً لنص المادة 17 من القانون رقم 136 لسنة 1981 على سند مما أورده بمدوناته من أنه (من استجوب المستأنف (الطاعن) ومن جواز سفره ومن الأوراق أنه خلال عام 1981 كان دبلوماسياًًًً غير معتمد بمصر وأنه كان يستأجر الشقة عين النزاع بعقد الإيجار المؤرخ 1/ 9/ 1973 أي قبل العمل بالقانون رقم 136 سنة 1981 وأن غادر البلاد في ظل العمل بهذا القانون في 15/ 10/ 1981، 2/ 11/ 1981 ومن ثم فإنه بمغادرته البلاد في كل من هاتين المرتين تنتهي إقامته بمصر قانوناً... بما يجيز للمستأنف عليها المؤجرة طلب إخلاء المستأنف من الشقة عين النزاع ولا يغير من ذلك عودته إلى البلاد بعد كل مغادرة إذ ليس من شأن إقامته بموجب هذه العودة زوال انتهاء إقامته السابقة) فإنه يكون بهذه الأسباب القانونية السائغة قد أعمل القانون على وجهه الصحيح ويضحي النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفساد الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك ببطلان إعلانه بصحيفة افتتاح الدعوى في مواجهة النيابة العامة لسبق إنذاره للمطعون ضدها بتاريخ 29/ 6/ 1977 باتخاذه مكتب أحد المحامين موطناً مختاراً له بالنسبة للمنازعات القائمة بينهما هذا إلى أنه وإن كان قد نقل للعمل خارج مصر إلا أنه لم يتخل عن إقامته وأسرته بالشقة محل النزاع واتخاذها موطناً له إذ لم تنقطع إقامته بها إلا بقدر مباشرته لعمله بالخارج ثم استقرت إقامته بها نهائياً بعد عودته للعمل رسمياً بمصر في 16/ 7/ 1983 وأن إعلان المطعون ضدها له في مواجهة النيابة مع علمها بموطنه المختار كان بطريق الغش وسوء النية. وإذ أعتد الحكم بإعلانه في مواجهة النيابة على سند من أن عبارات الإنذار بالموطن المختار جاءت عامة ولا تنصرف للدعوى محل النزاع وأن النيابة العامة تعتبر موطناً أصلياً حكمياً له كمستأجر أجنبي انتهت مدة إقامته قانوناً بمصر عملاً بنص المادة 17 من القانون رقم 136 سنة 1981 فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن مفاد ما نصت عليه المادة 17 من القانون رقم 136 سنة 1981 من أن (... يكون إعلان غير المصري الذي انتهت إقامته قانوناً عن طريق النيابة العامة.....) يدل - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع قد واجه وضعاً حتمياً يتمثل في استحالة أن يكون لغير المصري موطناً أصلياً داخل البلاد بعد أن انتهت مدة إقامته ومن ثم أوجب إعلانه باعتباره مقيماً بالخارج عن طريق النيابة وكل ذلك ما لم يكن الأجنبي قد حصل على ترخيص جديد بالإقامة قبل توجيه الإعلان إليه بموطنه داخل البلاد، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحاً وعلى ما سلف بيانه في الرد على السبب الثاني إلى انتهاء إقامة الطاعن بمصر كأجنبي بمغادرته لها بتاريخ 2/ 11/ 1981 وكان الثابت أن صحيفة افتتاح الدعوى قد أعلنت للطاعن عن طريق النيابة بتاريخ 21/ 11/ 1981 حال وجوده بالخارج إذ لم يثبت من جواز سفره المقدم لمحكمة الموضوع عودته لمصر بعد مغادرته لها إلا بتاريخ 6/ 1/ 1982 فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون إذ أعتد بإعلانه بصحيفة افتتاح الدعوى عن طريق النيابة إعمالاً لنص الفقرة الثالثة من المادة 17 من القانون رقم 136 لسنة 1981 ولا محل للتحدي بوجوب الإعلان بالموطن المختار الذي اختاره الطاعن إذ أن ترخيص القانون بإعلان المستأجر الأجنبي غير المقيم عن طريق النيابة العامة يعد استثناء من القواعد العامة في قانون المرافعات فلا تثريب على المطعون ضدها إن استعملت هذه الرخصة في الإعلان دون إتباع القواعد العامة سالفة البيان مما يضحي معه النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضدها أقامت دعواها بالإخلاء على سند من انتهاء إقامته بمصر بمغادرته لها نهائياً في 1/ 10/ 1975 باعتبار أن مدة خدمته بالسفارة قد انتهت في ذلك التاريخ ولم يعد يتمتع بأي حصانة دبلوماسية في مصر فينتهي عقد استئجاره في 31/ 7/ 1981 بتاريخ العمل بالقانون رقم 136 سنة 1981 وإذ قضى الحكم المطعون فيه بالإخلاء لانتهاء مدة إقامته بمغادرته لمصر في 15/ 10/ 1981، 2/ 11/ 1981 فإن مفاد ذلك أن عقد استئجاره - في نظر الحكم - كان صحيحاً في تاريخ العمل بالقانون ويكون بذلك قد غير من تلقاء نفسه السبب الذي أقيمت عليه الدعوى.
وحيث إن النعي بهذا الوجه من السبب غير سديد ذلك أن المطعون ضدها وعلى ما يبين من صحيفة افتتاح الدعوى - استندت في طلبها للإخلاء إلى أن عقد إيجار الطاعن قد انتهى بقوة القانون بانتهاء المدة المحددة قانوناً لإقامته في البلد إعمالاً للأثر الفوري للمادة 17 من القانون 136 سنة 1981 فإذا ما خلص الحكم المطعون فيه إلى ثبوت انتهاء إقامة الطاعن بمصر بخروجه منها في 15/ 10/ 1981، 2/ 11/ 1981 وكان استخلاصه له سنده من أوراق الدعوى ويتفق والتطبيق الصحيح لنص المادة 17 من القانون المشار إليه - وعلى نحو ما سلف بيانه في الرد على السبب الثاني من أسباب الطعن - فإن الحكم لا يكون بهذه المثابة قد غير من تلقاء نفسه السبب الذي أقيمت عليه الدعوى ويضحى النعي عليه بمخالفة القانون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن قبض وكيل المطعون ضدها للأجرة عن ثلاثة أشهر لاحقة لنفاذ القانون رقم 136 سنة 1981 يؤدي إلى نشوء علاقة إيجارية جديدة وسقوط حقها في طلب الإخلاء وإذ رد الحكم على هذا الدفاع بأن المطعون ضدها تحفظت في إيصالات قبض الأجرة بحقها مع ثبوت أن الإيصالات بقبض الأجرة وليست مقابل انتفاع وأن وكيلها احتفظ في الإيصالات بحقوقه وليست حقوق موكلته الطاعنة فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه - وعلى ما يبين من مدوناته - قد واجه دفاع الطاعن بأن قبض وكيل المطعون ضدها للأجرة دون تحفظ يسقط حقها في طلب الإخلاء وينشئ علاقة إيجارية جديدة بقوله (إن الثابت بالإيصال المشار إليه أنه صادر بتاريخ 1/ 10/ 1980 بسداد الأجرة عن الفترة من 1/ 3/ 1980 حتى 30/ 10/ 1981 وقد تحفظت به المستأنف ضدها بتمسكها بكافة حقوقها قبل المستأنف بما يكشف عن عدم تنازلها عن حقها في طلب إخلائه هذا إلى جانب أن الثابت من الإيصال المشار إليه أن الأجرة قد دفعت حتى 31/ 10/ 1981 وقد تحققت انتهاء إقامة المستأنف قانوناً بالبلاد - وعلى ما سلف بيانه - بعد ذلك التاريخ في 2/ 11/ 1981 بما يعدو معه هذا الدفاع غير منتج) وإذ كان ما أورده الحكم سائغاً وله سنده من الأوراق فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص التنازل الضمني عن الحق وهو غير جائز إثارته أمام هذه المحكمة ويضحي النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الاستئناف قطعت في حكمها الصادر بجلسة 5/ 6/ 1985 بأن زوجته وأولاده لا يضارون بانتهاء إقامته بمصر ورغم إثباته بمستنداته إقامتهم معه بالشقة محل النزاع فقد قضت بحكمها المطعون فيه بالإخلاء مخالفة بذلك حجية الحكم السابق وردت على دفاعه في هذا الشأن بما لا يصلح للرد عليه مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بجلسة 5/ 6/ 1985 باستجواب الطاعن إذ أورد بمدوناته أن (الأمر يستلزم استجواب المستأنف في تحديد الفئة التي كان منتسباً إليها وقت نفاذ القانون 136 سنة 1981 ورفع الدعوى... بالإضافة إلى ضرورة الوقوف على حقيقة إقامة زوجة المستأنف وأولاده في مصر لمعرفة ما إذا كان مرخصاً لهم في الإقامة بالبلاد ومن ثم فلا يضارون بانتهاء إقامة المستأجر الأجنبي الذي ترك لهم مسكنه أم أن إقامتهم جاءت بالتبعية لإقامته فيها ومن ثم فهي تدور معها وجوداً وعدماً). فإنه لا يكون بهذه الأسباب قد قطع في شأن أحقية زوجة الطاعن وأولاده في البقاء بالعين استئجاره محل النزاع إذ لا يعدو ما أورده الحكم أن يكون افتراضات قصد الحكم استجلائها بالاستجواب ومن ثم لا تحوز حجية خاصة وأن زوجة الطاعن وأولاده غير ممثلين في النزاع ويضحى النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفته لحجية الحكم السابق في هذا الشأن على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.