أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 882

جلسة 9 من يونيه سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، ومحمود عباس العمراوي، ومحمود كامل عطيفة، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

(176)
الطعن رقم 774 لسنة 39 القضائية

(أ، ب، ج) تموين. خبز. جريمة "أركانها". قصد جنائي. مسئولية جنائية. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات. "اعتراف".
(أ) مجرد إنتاج خبز يقل وزنه عن المقرر. جريمة. تحققها بالعلم بأن الفعل مخالف للقانون أو القعود عن تنفيذ أحكامه.
الدفاع بأن الخبز لم يكن معروضاً للبيع. دفاع ظاهر البطلان. عدم التزام المحكمة بالرد عليه.
(ب) إقامة الحكم قضاءه استناداً على إقرار المتهم. لا خطأ في الإسناد.
(ج) تعدد المديرين للمخبز الواحد. جائز.
(د، هـ) إثبات. "اعتراف". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
(د) تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات موضوعي.
حق محكمة الموضوع في الأخذ باعتراف المتهم في محضر الضبط وإن عدل عنه بعد ذلك. شرطه؟
(هـ) الأخذ بالدليل المستمد من الاعتراف. مفاده؟
1 - جريمة إنتاج خبز يقل وزنه عن المقرر قانوناً تتم بمجرد إنتاجه كذلك على اعتبار أن التأثيم في هذه الجريمة يكمن أساساً في مخالفة أمر الشارع بالتزام أوزان معينة في إنتاج الخبز تحقيقاً لاعتبارات ارتآها، ومن ثم فإنه يكفي لقيام الجريمة المشار إليها بأن الفعل مخالفاً للقانون، أو القعود عن مراعاة تنفيذ أحكامه، وبالتالي فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى القصور في التسبيب لعدم رده على دفاعه بأن الخبز لم يكن معروضاً للبيع، يكون غير سديد لأن المحكمة لا تلتزم بالرد على دفاع قانوني ظاهر البطلان.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بوصفه مديراً للمخبز إنما عول في ذلك على إقرار الطاعن في محضر ضبط الواقعة بأنه هو مدير المحل، فإن النعي عليه بالخطأ في الإسناد يكون على غير أساس.
3 - ليس ثمة ما يمنع من تعدد المديرين للمخبز الواحد، ومن ثم فإن اعتراف الطاعن في محضر ضبط الواقعة بأنه هو مدير المخبز، لا يتناقض مع ما أسبغه حكم آخر خلاف الحكم المطعون فيه على شخص آخر من صفة الإدارة لهذا المخبز.
4 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها في سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم في محضر ضبط الواقعة متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع، وإن عدل عنه في مراحل التحقيق الأخرى.
5 - متى خلصت المحكمة إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف، فإن مفاد ذلك أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، مما لا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 15 أغسطس سنة 1963 بدائرة مركز ببا محافظة بني سويف: بصفته مديراً للمخبز التعاوني أنتج خبزاً يقل عن الوزن المقرر قانوناً. وطلبت عقابه بالمواد 24 و26 و27 و38/ 3 من القرار رقم 90 لسنة 1957 وبالقرار130 لسنة 1960 و56 و57 و58 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945. ومحكمة جنح ببا الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وتغريمه مائة جنيه وبالمصادرة وكفالة مائتي قرش لوقف تنفيذ عقوبة الحبس. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة بني سويف الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً اعتبارياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف جنائية. عارض وقضى في المعارضة بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه بلا مصاريف جنائية. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض، وقضى فيه بقبوله شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة بني سويف الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. أعيدت الدعوى ثانية إلى محكمة بني سويف الابتدائية - بهيئة استئنافية - وحيث قضت حضورياً بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الاستئنافي المعارض فيه. فطعن الأستاذ المحامي الوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن لأنه بوصفه مديراً للمخبز التعاوني أنتج خبزاً يقل وزنه عن الوزن المقرر قانوناً قد جاء مشوباً بالخطأ في القانون وفي الإسناد وبالقصور في التسبيب ذلك بأن الحكم المطعون فيه عول في إسباغ صفة الإدارة على الطاعن على اعترافه في محضر ضبط الواقعة رغم مخالفة هذا الاعتراف للحقيقة إذ كان يتولى إدارة المخبز من يدعي محمد وهبه الليثي الذي سبقت إدانته عن ذات الواقعة بهذه الصفة، واستند الحكم في إطراحه لهذا الدفاع على أن الحكم الصادر ضد محمد وهبه الليثي لم يسبغ عليه صفة الإدارة وإنما دانه بوصفه خراطاً وهو ما يخالف الثابت في الأوراق كما لم يعن الحكم بالرد على المستندات المقدمة من الطاعن التي تؤيد أنه لم يكن مديراً للمخبز وقت ارتكاب الجريمة. كما خلا الحكم من الرد على دفاعه بأن الخبز المضبوط لم يكن معداً للبيع وبالتالي فإن الفعل المسند إليه يكون غير معاقب عليه قانوناً.
حيث إن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بوصفه مديراً للمخبز لم يعتد في إسباغ هذه الصفة عليه بأن الحكم الصادر ضد محمد وهبه الليثي دانه بوصفه خراطاً لا بوصفه مديراً، وإنما عول في ذلك على إقرار الطاعن في محضر ضبط الواقعة بأنه هو مدير المخبز، مما يكون معه النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد على غير أساس، ولما كان هذا الاعتراف من الطاعن لا يتناقض مع ما أسبغه الحكم الصادر ضد محمد وهبه الليثي من صفة الإدارة - لأنه ليس ثم ما يمنع من تعدد المديرين للمخبز - فإنه لا تجوز المجادلة في قيمة الاعتراف أمام محكمة النقض ولا النعي على الحكم بأنه لم يرد على المستندات الدالة على نفي صفة الإدارة عنه، ذلك أنه من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها في سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم في محضر ضبط الواقعة متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع وإن عدل عنه في مراحل التحقيق الأخرى، ومتى خلصت المحكمة إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف فإن مفاد ذلك أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به مما لا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض لكونه من الأمور الموضوعية. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يجادل في أن الخبز المنتج ينقص عن الوزن المقرر، وكانت جريمة إنتاج خبز يقل وزنه عن المقرر قانوناً تتم بمجرد إنتاجه كذلك على اعتبار أن التأثيم في هذه الجريمة يكمن أساساً في مخالفة أمر الشارع بالتزام أوزان معينة في إنتاج الخبز تحقيقاً لاعتبارات ارتآها، ومن ثم فإنه يكفي لقيام الجريمة المشار إليها العلم بأن الفعل مخالف للقانون، أو القعود عن مراعاة تنفيذ أحكامه وبالتالي فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى القصور في التسبيب لعدم رده على دفاعه بأن الخبز لم يكن معروضاً للبيع يكون غير سديد لأن المحكمة لا تلتزم بالرد على دفاع قانوني ظاهر البطلان. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً