أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 886

جلسة 9 من يونيه سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، ومحمود عباس العمراوي، ومحمود كامل عطيفة، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

(177)
الطعن رقم 790 لسنة 39 القضائية

(أ، ب، ج) تفتيش. "إذن التفتيش". إصداره. "نطاقه". استدلالات. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير جدية الاستدلالات". "سلطتها في تقدير الدليل". دفوع. "الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
(أ) تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
(ب) الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط. يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن مستندة في ذلك إلى أدلة سائغة.
(ج) حق المحكمة في الاطمئنان إلى أن الطاعنة تسكن بالعنوان الذي ورد بمحضر التحريات.
(د) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "إثبات بوجه عام". "شهادة".
المرجع في تقدير الدليل. إلى محكمة الموضوع. لها أن تأخذ بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
1 - تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش، هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك - كما هو الحال في الدعوى - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
2 - الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط، هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها في حكمها.
3 - متى كانت المحكمة قد ارتاحت إلى جدية التحريات الدالة على أن الطاعنة تسكن بالعنوان الذي ورد بمحضر التحريات وتم ضبطها وتفتيشها به وأن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش وذلك للأدلة السائغة التي أوردتها، فإن النعي عليها في هذا الصدد يضحى ولا محل له ولا يعدو أن يكون عوداً إلى المجادلة في أدلة الدعوى التي استنبطت منها المحكمة معتقدها في حدود سلطتها الموضوعية.
4 - من المقرر في قضاء محكمة النقض أن لمحكمة الموضوع أن تعول على شهادة شهود الإثبات وتعرض عن شهادة شهود النفي، إذ مرجع الأمر إلى تقديرها للدليل، فما اطمأنت إليه أخذت به وما لم تطمئن إليه أعرضت عنه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها في 6 أغسطس سنة 1966 بدائرة قسم باب الشعرية محافظة القاهرة: أحرزت بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتها إلى محكمة الجنايات لمعاقبتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الإحالة. فقرر بذلك ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً بالمواد 1 و2 و34/ 1 - أ و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم 1 الملحق به بمعاقبة المتهمة بالأشغال الشاقة مدة ثلاث سنوات وتغريمها مبلغ ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط. فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة إحراز الجواهر المخدرة بقصد الاتجار قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في البيان، ذلك بأن المدافع عنها دفع ببطلان إذن النيابة بالتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية استناداً إلى أقوال شقيقتيها وتحريات القسم والمعاينة وجيران سكنها من أنها تقيم بمسكن آخر غير الذي ورد بمحضر التحريات وتم تفتيشها به، وأن القبض عليها كان سابقاً على صدور الإذن لأن الضابط قبض عليها بعد أن كان يطارد ولدين وقبض عليهما في وقت سابق على صدور الإذن، وقد أقر الضابط والولدان بواقعة القبض عليهما، إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذين الدفعين بما لا يسيغ اطراحهما ولا يصح رداً عليهما، وأعرض عن أقوال شهود النفي بدون مبرر وتلمس التناقض في أقوالهم رغم أنه لم يكن مؤثراً في جوهر شهادتهم وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز الجواهر المخدرة التي دان بها الطاعنة وأورد على ثبوتها في حقها أدلة مستمدة من أقوال معاون قسم مكافحة المخدرات ومن تقرير التحليل وهي أدلة لا تجادل الطاعنة في أن لها أصلها الثابت الصحيح في الأوراق - من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، ثم عرض الحكم إلى دفاع الطاعنة القانوني والموضوعي الذي تثيره بوجه النعي ورد عليه وفنده اطمئناناً منه إلى شهادة معاون قسم مكافحة المخدرات التي آنس فيها صدق ما قرره من أن الطاعنة تقيم بالمسكن الذي ذكره بمحضر التحري ووجدها فيه وتم تفتيشها به في الساعة العاشرة والنصف من مساء يوم صدور الإذن الذي صدر في الساعة التاسعة والنصف مساء، وأطرح زعم الطاعنة بأنها تقيم في مسكن آخر لتناقضها مع شقيقتيها في شأن عنوان هذا المسكن الذي زعمته ومقدار المبلغ الذي ضبط معها وتعارض أقوال الولدين اللذين قبض عليهما الضابط لاشتباهه في أمرهما قبل القبض عليها ولأن الطاعنة لم تثر شيئاً عن ميقات تفتيشها وأن قول شقيقتيها من حصوله وقت الغروب جاء متأخراً ولا تطمئن إليه المحكمة. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لا تجادل في أن ما أورده الحكم فيما رواه عن شهود الإثبات والنفي له معينه الصحيح من الأوراق، وكان من المقرر في قضاء محكمة النقض أن لمحكمة الموضوع أن تعول على شهادة شهود الإثبات وتعرض عن شهادة شهود النفي إذ مرجع الأمر إلى تقديرها للدليل، فما اطمأنت إليه أخذت به وما لم تطمئن إليه أعرضت عنه. وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك - كما هو الحال في الدعوى - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وكان الدفع بصدور الإذن بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها في حكمها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد ارتاح إلى جدية التحريات الدالة على أن الطاعنة تسكن بالعنوان الذي ورد بمحضر التحري وتم ضبطها وتفتيشها به وأن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش وذلك للأدلة السائغة التي أوردها فيما تقدم. لما كان ذلك، فإن منعى الطاعنة يضحى ولا محل له إذ هو لا يعدو أن يكون عوداً إلى المجادلة في أدلة الدعوى التي استنبطت منها المحكمة معتقدها في حدود سلطتها الموضوعية. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.