أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 902

جلسة 16 من يونيه سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود عباس العمراوي، ومحمود كامل عطيفه.

(180)
الطعن رقم 713 لسنة 39 القضائية

(أ) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الأدلة". إثبات. "بوجه عام". تفتيش. "إذن التفتيش. نطاقه". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". مواد مخدرة.
حق محكمة الموضوع في تكوين اعتقادها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى اطمئنانها إلى أن المنزل الذي فتش هو للطاعن. لا عيب.
(ب) ضرب. "أحدث عاهة". جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". تعد.
جريمة إحداث عاهة مستديمة. تحققها ولو لم تقدر نسبة العاهة.
(ج) أسباب الإباحة. الدفاع الشرعي. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي. موضوعي.
(د) عقوبة. "العقوبة المبررة". مواد مخدرة. تعد. "تعدي على القائمين على تنفيذ القانون 182 لسنة 1960". ارتباط.
قضاء الحكم على الطاعن بعقوبة تدخل في الحدود المقررة لجريمة إحراز مخدرات بقصد الاتجار - وهي الجريمة ذات العقوبة الأشد - وفي الحدود المقررة لجريمة المادة 40/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966.
عدم جدوى النعي عليه بقالة عدم انطباق المادة 40/ 2 من القانون المشار إليه.
(هـ) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات المحاكمة.
متى يحق للمحكمة الإعراض عن دفاع المتهم وعن تحقيقه؟
(و) إثبات. "معاينة". "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
حق المحكمة في رفض طلب المعاينة. مناطه؟
(ز) دفوع. "الدفع بتلفيق التهمة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
قضاء الإدانة. كفايته للرد على الدفع بتلفيق التهمة.
1 - لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى، وإذ كان ذلك وكانت المحكمة قد اطمأنت للأدلة السائغة التي أوردتها في حكمها أن المنزل الذي صدر إذن النيابة بتفتيشه وأسفر التفتيش عن ضبط المخدر به، هو منزل الطاعن وأطرحت في حدود سلطتها التقديرية دفاع الطاعن في هذا الصدد، فإنه لا تثريب عليها.
2 - لا يؤثر في قيام العاهة كونها لم تقدر بنسبة مئوية، ومن ثم فإن الحكم إذ طبق الفقرة الثانية من المادة 40 من القانون رقم 132 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 يكون قد طبق القانون تطبيقاً سليماً.
3 - تقدير الوقائع المؤدية إلى قيام حالة الدفاع الشرعي أو نفيها من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها، وإذ كان ما تقدم وكان ما أثبته الحكم من تلك الوقائع مؤدياً إلى النتيجة التي استخلصها من أن الطاعن لم يكن في حالة دفاع شرعي، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل.
4 - لا جدوى مما يثيره الطاعن بشأن عدم انطباق الفقرة الثانية من المادة 40 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966، لأن العقوبة التي أوقعها الحكم على الطاعن وهي الأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وغرامة خمسة آلاف جنيه داخلة في حدود العقوبة المقررة في الفقرة الأولى من المادة المذكورة لجريمة التعدي على أحد الموظفين أو المستخدمين العموميين القائمين على تنفيذ القانون سالف الذكر أو مقاومته بالقوة والعنف أثناء تأدية وظيفته دون أن يتخلف عن التعدي أو المقاومة عاهة مستديمة، كما أن العقوبة الموقعة على الطاعن، مقررة أيضاً لجريمة إحراز مواد مخدرة بقصد الاتجار التي دان الحكم الطاعن بها بعد أن طبق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة الجريمة الأشد وهي جريمة إحراز المخدر بقصد الاتجار.
5 - من المقرر أنه وإن كان القانون قد أوجب على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه، إلا أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى، فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة.
6 - متى كانت المحكمة قد بررت رفض طلب المعاينة بأسباب سائغة، وكان الأمر المراد إثباته من المعاينة لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة بل المقصود منه إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة مما لا تلتزم المحكمة بإجابته، ومن ثم فإنه لا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد.
7 - إن الدفع بتلفيق التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً، ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: في يوم 13 أغسطس سنة 1967 بدائرة قسم بني سويف محافظة بني سويف: (أولاً) أحرز جواهر مخدرة "أفيوناً وحشيشاً" بقصد الاتجار وذلك في غير الأحوال المصرح بها في القانون. (ثانياً) تعدى على النقيب حسن عيد وكيل قسم مكافحة مخدرات بني سويف والشرطي السري علي علي عبد الجواد بالقسم المشار إليه وهما من الموظفين القائمين على تنفيذ القانون 182 لسنة 1960 وقاومهما بالقوة والعنف بأن أحدث بهما الإصابات المبينة بالتقرير الطبي وكان ذلك أثناء تأدية وظيفتهما وبسببها. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات بني سويف قضت في الدعوى حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1 و2 و34/ 1 - أ و36 و40/ 1 - 2 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 1 و12 من الجدول الأول الملحق به مع تطبيق المادتين 17 و32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة مدة خمس عشرة سنة وبتغريمه خمسة آلاف جنيه ومصادرة المخدرات والأدوات والآلات المضبوطة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي إحراز مواد مخدرة بقصد الاتجار والتعدي على موظفين قائمين على تنفيذ القانون رقم 182 لسنة 1960 ومقاومتهما بالقوة والعنف أثناء تأدية وظيفتهما وبسببها قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المنزل الذي انصبت عليه التحريات وصدر إذن النيابة بتفتيشه وأجري تفتيشه فعلاً ليس منزل الطاعن بل هو منزل مطلقته وقد قبض عليه بمنزل والدته ومن ثم فإن سلطانه لم يكن مبسوطاً على ما ضبط من مواد مخدرة مما ينفي معه قيام الركن المادي في الجريمة وقد دفع الطاعن ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن منزل غير منزله إلا أن الحكم رفض الدفع واستند في قضائه إلى كتاب لمجلس مدينة بني سويف يفيد أن اشتراكي المياه والنور لهذا المنزل باسم الطاعن في حين أن الطاعن لم يواجه بهذا السند ولم يطلع عليه الدفاع. كما فات الحكم أن الطاعن كان يقيم فعلاً في هذا المنزل وقت قيام علاقة الزوجية وأن عدم إخطاره مجلس المدينة بانتقاله من المنزل لرفع عدادي المياه والنور عقب تطليقه زوجته لا ينهض دليلاً على إقامته به. وقد نسب الطاعن إلى ضابط قسم مكافحة المخدرات تلفيق التهمة له وقرر أن هذا الضابط ورجاله قد اعتدوا عليه فأحدثوا له إصاباته التي أثبتها التقرير الطبي ولم يرد الحكم على هذا الدفاع إلا بقوله إن المحكمة تطمئن إلى أدلة الثبوت وهو قاصر لا يكفي في إطراح هذا الدفاع وعلى الرغم من أن الطاعن قد دفع بأنه كان في حالة دفاع شرعي فإن المحكمة لم تحقق هذا الدفاع كما لم تجبه إلى طلب معاينة باب المنزل لبيان صلة الطاعن بها وطلب عرض النقيب حسن عيد على الطبيب الشرعي لأن إصابته لم تصبح نهائية وعلى الرغم من أن هذه الطلبات جوهرية في تحقيق الدعوى إلا أن المحكمة لم تجبه إليها وطبقت في حق الطاعن المادة 40 من القانون رقم 182 لسنة 1960 بفقرتيها الأولى والثانية مع أن المطواة لا تعد سلاحاً من الأسلحة المقصودة بنص هذه المادة ولم يثبت على وجه اليقين أن الضابط تخلفت لديه عاهة مستديمة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمتي إحراز جواهر مخدرة بقصد الاتجار والتعدي على موظفين قائمين على تنفيذ القانون رقم 182 لسنة 1960 ومقاومتهما بالقوة والعنف وهما الجريمتان اللتان دانه الحكم بهما، وأورده على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال النقيب حسن عيد مصطفى والملازم أول فاروق بيومي سليمان والملازم أول سمير صدقي بدر والشرطي السري علي علي عبد الجواد وتقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي والتقرير الطبي، وعرض الحكم لإنكار الطاعن وأطرحه بقوله: "إن المحكمة وقد اطمأنت إلى أدلة الثبوت السابق بيانها فإنها تعرض عن إنكار المتهم الذي لم يلجأ إليه إلا للفرار من الاتهام الذي تردى فيه، ثم رد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن منزل غير منزل الطاعن بقوله: "وأما ما دفع به الحاضر مع المتهم من بطلان إذن التفتيش لصدوره عن منزل غير منزل المتهم فمردود كذلك بما اطمأنت إليه المحكمة من أن المنزل الذي تضمنته التحريات وصدر به إذن التفتيش وتم فيه تنفيذ ذلك الإذن فعلاً إنما هو منزل المتهم نفسه وقد استقر في يقين المحكمة مما اطمأنت إليه من أدلة الثبوت السابق بيانها أن المنزل الذي حصل فيه التفتيش بحارة عفت المتفرعة من شارع بني هارون وفق ما جاء صراحة في الإذن الصادر من النيابة العامة التي تملك إصدار ذلك الإذن على أساس أنه خاص بالمتهم وفي حوزته ويقيم فيه ولذلك فإن هذا الدفع منها كذلك ويتعين رفضه وما أثاره الدفاع من أن النيابة العامة لم تنفذ ضد المتهم على ذلك المنزل المأذون بالتفتيش فيه وفاء للغرامة المحكوم عليه بها في الجناية رقم 2496 لسنة 1960 بني سويف لا ينهض دليلاً على ما زعمه المتهم فضلاً عن أن كتاب مجلس مدينة بني سويف المؤرخ 14/ 11/ 1968 والمرفق بملف الدعوى يفيد أن بالمنزل المأذون بتفتيشه اشتراك للمياه برقم 6279 وآخر للنور رقم 4091 وهما باسم المتهم نفسه. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى، وكانت المحكمة قد اطمأنت للأدلة السائغة التي أوردتها في حكمها إلى أن المنزل الذي صدر إذن النيابة بتفتيشه وأسفر التفتيش عن ضبط المخدر به هو منزل الطاعن وأطرحت في حدود سلطتها التقديرية دفاع الطاعن في هذا الصدد، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن ممثل النيابة قدم بالجلسة في حضور الطاعن ومحاميه مستنداً رسمياً يدل على أن هذا المنزل يملكه الطاعن حتى أكتوبر سنة 1968 وهو المستند الذي أشارت إليه المحكمة في حكمها ولم يثر الطاعن أو محاميه شيئاً عنه، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بشأن استعمال القسوة معه وبأنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه، ورد عليه بقوله: "وما أورده الدفاع بشأن استعمال القسوة مع المتهم بمعرفة رجال القوة مردود بأن الإصابات التي وجدت به عبارة عن خدوش بالرقبة وسحجات بالظهر والجبهة واشتباه كسر بسلامية الأصبع الخامس وعملت له أشعة ظهر منها أن بالإصبع المذكور شرخ بسيط بقاعدة المشطية الخامسة وقد ثبت من أقوال شهود الإثبات أن ما حدث بالمتهم من إصابات كان من مقاومته للقوة إبان ضبطه وفي أثناء ركوبه سيارة الشرطة ولا يستقيم القول الذي نادى به المتهم من أنه كان في حالة دفاع شرعي فقد سدد الطعنات بالمطواة التي كان يحملها والتي شهر نصلها في وجه رجلي القوة وأحدث ما بهما من إصابات وما به من خدوش أو سحجات من أثر التماسك وقت ضبطه ومقاومته لرجلي القوة كما سلف البيان تفصيلاً". ولما كان تقدير الوقائع المؤدية إلى قيام الدفاع الشرعي أو نفيها من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها، وكان ما أثبته الحكم من تلك الوقائع مؤدياً إلى النتيجة التي استخلصها من أن الطاعن لم يكن في حالة دفاع شرعي، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لطلب إجراء معاينة باب المنزل ورد عليه بقوله. "وما قاله الدفاع بشأن طلب إجراء معاينة باب منزل المتهم للتأكد من أن الغرفة الثانية لا يمكن فتحها عنوة ومن ثم يتعذر دخول رجال القوة الأربعة في آن واحد" هذا القول مردود بأن المعاينة التي أجراها السيد وكيل النيابة المحقق في 14 أغسطس سنة 1967 تفيد أن الغرفة اليمنى والتي يوجد بها قفل الباب مهشمة في مكان القفل وقد انكسرت الخشبتان المثبت بهما ذلك القفل وترى المحكمة أنه لا جدوى من معاينة الباب الآن بعد أن ظل في حوزة المتهم وذويه من تاريخ المعاينة للآن وقد اطمأنت المحكمة إلى ما أجمع عليه شهود الإثبات من أن مصراعي الباب قد انفتحا وقت الضغط عليه عنوة وبذلك يتمكن الرجال الأربعة من الدخول مسرعين إلى حيث كان المتهم في ردهة المسكن وعلى بعد متر ونصف من مكان ذلك الباب. ولما كانت المحكمة قد بررت رفض طلب إجراء المعاينة بأسباب سائغة، وكان الأمر المراد إثباته من المعاينة لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة بل المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة مما لا تلتزم المحكمة بإجابته، ومن ثم فإنه لا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن قد اقتصر على طلب عرض المطواة التي استعملت في إصابة شاهدي الإثبات على خبير البصمات وعلى الكلب البوليسي دون باقي المضبوطات في الدعوى وقد رد الحكم على هذا الطلب بقوله "وما طلبه الدفاع بشأن عرض المطواة التي استعملت في إصابة شاهدي الإثبات الأول والثالث على إدارة تحقيق الشخصية لفحص ما عليها من بصمات وعرضها على الكلب البوليسي للتعرف على من كان يحملها وقت التعدي، هذا الطلب غير مجد فقد أمسك بتلك المطواة عديدون أثناء التحقيق ولذا فإن هذا الطلب لا جدوى من وراء تحقيقه وتطمئن المحكمة إلى أقوال شهود الإثبات بشأن استعمال تلك المطواة بالذات في إصابة الضابط والشرطي المشار إليهما". وما أورده الحكم فيما تقدم يفيد أن المحكمة قد رأت في هذا الإجراء أمراً غير منتج في الدعوى وليس من شأنه التأثير في عقيدتها بعد أن اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات بشأن استعمال تلك المطواة في إصابة الضابط والشرطي. ولما كان من المقرر أنه وإن كان القانون قد أوجب على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه، إلا أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة وهو ما أوضحه الحكم بما يستقيم به إطراح ذلك الدفاع. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت نقلاً عن تقرير قسم جراحة الأعصاب بمستشفى المنيل الجامعي أن إصابة النقيب حسن عيد مصطفى قد تخلف عنها عاهة مستديمة هي عدم سلامة الحساسية بالأصبع الخنصر الأيمن نتيجة قطع عصب هذا الأصبع وانتهى التقرير إلى طلب تحويل الأوراق إلى الإدارة العامة للقومسيونات الطبية لتحديد نسبة العجز ودرجته، وكان الحكم قد عرض لطلب هذا الضابط على الطبيب الشرعي لتقدير نسبة العاهة لديه بقوله "وحيث إن المحكمة لا ترى مبرراً لعرض شاهد الإثبات الأول على الطبيب الشرعي لفحص إصابته وتقدير نسبة العاهة لديه فإن المتهم مقدم للمحاكمة عن هذا الشق من الاتهام لمقاومته بالقوة والعنف المجني عليهما وأحدث بهما الإصابات المبينة بالتقرير الطبي وكان ذلك أثناء تأدية وظيفتهما وبسببها وقد ثبت أن ذلك المتهم كان يحمل سلاحاً وهو المطواة السابق وصفها". ولما كان الطاعن لا ينازع فيما أورده الحكم نقلاً عن التقرير الطبي، وكان لا يؤثر في قيام العاهة كونها لم تقدر بنسبة مئوية، فإن الحكم إذ طبق الفقرة الثانية من المادة 40 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 يكون قد طبق القانون تطبيقاً سليماً. على أنه لا جدوى مما يثيره الطاعن في هذا الصدد لأن العقوبة التي أوقعها الحكم على الطاعن وهي الأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وغرامة خمسة آلاف جنيه داخلة في حدود العقوبة المقررة في الفقرة الأولى من هذه المادة لجريمة التعدي على أحد الموظفين أو المستخدمين العموميين القائمين على تنفيذ هذا القانون أو مقاومته بالقوة والعنف أثناء تأدية وظيفته دون أن يتخلف عن التعدي أو المقاومة عاهة مستديمة. كما أنها مقررة أيضاً لجريمة إحراز مواد مخدرة بقصد الاتجار التي دان الحكم الطاعن بها بعد أن طبق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة الجريمة الأشد وهي جريمة إحراز المخدر بقصد الاتجار. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.