أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 43 - صـ 379

جلسة 24 من فبراير سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد الحميد سند نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد غرابة، يحي عارف (نائبي رئيس المحكمة)، إلهام نوار وسيد محمود يوسف.

(81)
الطعن رقم 969 لسنة 56 القضائية

(1) دعوى "قيمتها". اختصاص "الاختصاص القيمي". إيجار "إيجار الأماكن" "دعوى صحة عقد الإيجار". بطلان.
عقد الإيجار الخاضع لقانون إيجار الأماكن. الدعوى بطلب صحته أو إبطاله. اعتبارها غير مقدرة القيمة. اختصاص المحكمة الابتدائية بنظرها.
(2 - 4) إيجار "إيجار الأماكن" حظر أبرام أكثر من عقد إيجار للمكان المؤجر". عقد إثبات تاريخ عقد الإيجار". "بطلان العقد".
(2) حظر إبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه. مخالفة ذلك. أثره. بطلان العقود اللاحقة للعقد الأول بطلاناً مطلقاً. سواء علم المستأجر اللاحق بصدور العقد الأول أو لم يعلم به. م 24/ 4 ق 49 لسنة 1977.
(3) التعرف على العقد الأسبق في التاريخ. كيفيته. كفاية ثبوت تاريخه فى الشهر العقاري أو في ورقة رسمية. أثره. تمسك الغير بعدم الاحتجاج عليه بالمحرر اللاحق في إثبات تاريخه. شرطه. عدم علمه بسبق حصول التصرف الوارد بهذا المحرر وألا يعترف بتاريخه صراحة أو ضمناً أو يتنازل عن التمسك بعدم مطابقته للواقع.
(4) اعتداد الحكم بعقد إيجار المطعون ضده لمجرد أن تاريخه ثابت بمأمورية الشهر العقاري واطراحه لعقد الطاعن لعدم إثباته بذات الطريق رغم ثبوته في دعوى أخرى ودون أن يتحقق من إنكار أو اعتراف أي من الخصمين بتاريخ عقد خصمه وبتمسكه أو تنازله عن ذلك ومن حسن نيته وصولاً لمعرفة أي العقدين الأسبق. خطأ وقصور.
1- المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الدعوى بطلب صحة عقد إيجار أو إبطاله تقدر قيمتها طبقاً للمادة 37/ 8 من قانون المرافعات باعتبار مجموع المقابل النقدي عن المدة الواردة بالعقد، وكان القانون رقم 49 لسنة 1977 - الذي يحكم واقعة النزاع - قد أضفى على عقود إيجار الأماكن التي تخضع لحكمة امتداداً قانونياً غير محدد المدة، مما تعتبر معه قيمة عقد الإيجار غير قابلة للتقدير، ومن ثم وعملاً بالمادة 41 من قانون المرافعات - المعدلة بالقانون 91 لسنة 1980 - تعتبر قيمتها زائدة على خمسمائة جنيه، ويكون الاختصاص بنظر الدعوى للمحكمة الابتدائية. لما كان ذلك، وكانت الدعوى المطروحة تتعلق بصحة عقد إيجار شقة النزاع - الذي حرره المطعون ضده الثاني للمطعون ضده الأول - فإن محكمة.... الابتدائية تكون هي المختصة قيمياً بنظر الدعوى.
2- النص في الفقرة الرابعة من المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن على أنه "ويحظر على المؤجر إبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه، وفي حالة المخالفة يقع باطلاً العقد أو العقود اللاحقة للعقد الأول" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع رتب بطلان عقد الإيجار اللاحق للعقد الأول بطلاناً مطلقاً لتعارض محل الالتزام في ذلك العقد مع نص قانوني آمر متعلق بالنظام العام وذلك سواء كان المستأجر اللاحق عالماً بصدور العقد الأول أم غير عالم به.
3- لئن كان إثبات المحرر في ورقة رسمية يجعله ثابت التاريخ يوم إثباته بها من الموظف المختص، ويكون هذا التاريخ حجة على الغير شأنه شأن إثباته بالسجل المعد لذلك بالشهر العقاري، على ما تقضي به المادة 15 من قانون الإثبات، إلا أن شرط من يتمسك بعدم الاحتجاج عليه بالمحرر غير الثابت التاريخ أو اللاحق إثبات تاريخه أن يكون هو حسن النية أي غير عالم بسبق حصول التصرف الوارد بهذا المحرر وألا يكون قد اعترف بتاريخه صراحة أو ضمناً أو تنازل عن التمسك بعدم مطابقته للواقع، ذلك أن الواقع حقيقة هو المستهدف لتبني عليه الأحكام وما النصوص القانونية المتعلقة بالإثبات إلا وسيلة للوصول إلى هذا الهدف، ومن ثم فإن هذه القاعدة بشروطها هذه هي التي يتعين إعمالها للتعرف على عقد الإيجار السابق عند إبرام أكثر من عقد عن ذات العين ليعتد به وحده دون العقد أو العقود اللاحقة التي نص القانون صراحة على بطلانها ووضع جزاء جنائياً على إبرامها في المادة 76 من ذات القانون رقم 49 لسنة 1977، ولا يغير من انطباق هذه القاعدة في هذه الحالة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ما اشترطه المشرع بالفقرة الأولى من المادة 24 المذكورة (في القانون رقم 49 لسنة 1977) من وجوب إبرام عقود الإيجار كتابة وإثبات تاريخها بمأمورية الشهر العقاري الكائنة بدائرتها العين المؤجرة لخلو النص من اشتراط أن يكون العقد الأول ثابت التاريخ لإعمال حكم الفقرة الرابعة من هذه المادة في ترتيب بطلان العقود اللاحقة جزاء مخالفة الحظر الوارد فيها.
4- إذ كان الحكم المطعون فيه - قد خالف النظر المتقدم - واعتد بعقد إيجار المطعون عقده الأول لمجرد إثبات تاريخه بمأمورية الشهر العقاري الكائنة بدائرتها العين المؤجرة، واستبعد عقد الطاعن لعدم إثبات تاريخه بتلك المأمورية رغم إثباته في دعوى أخرى، ودون أن يتحقق من إنكار أو اعتراف أي من الخصمين بتاريخ عقد خصمه وتمسكه أو تنازله عن ذلك ومن حسن النية كشرط للتمسك بعدم الاحتجاج عليه به وفق ما تقدم بيانه، وذلك للوصول إلى معرفة أي العقدين كان هو الأسبق وأيهما كان اللاحق فإن الحكم فضلاً عن خطئه في تطبيقه القانون قد شابه ومن ثم قصور في التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 4070 لسنة 1980 مدني طنطا الابتدائية على الطاعن والمطعون ضده الثاني بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 1/ 1978 عن الشقة المبينة بها وكف منازعتهما له فيها وعدم الاعتداد بعقد إيجار الطاعن المؤرخ 1/ 1/ 1979 الصادر عنه حكم التمكين رقم 2 لسنة 1980 مستعجل طنطا وعدم نفاذه في حقه وقال بياناً لدعواه إنه استأجر عين النزاع من المطعون ضده الثاني بالعقد المؤرخ 1/ 1/ 1978 لقاء أجرة شهرية وفقاً لقرار اللجنة ووضع يده عليها نفاذاً لذلك العقد إلا أنه علم بقيام المطعون ضده الثاني بتأجير ذات العين إلى الطاعن بالعقد المؤرخ 1/ 1/ 1979 وأن الأخير حصل على حكم ضد المؤجر له بتمكينه من هذه العين مما يعد تعرضاً له في حيازته لها وبذلك يحق له إقامة الدعوى بطلباته سالفة البيان. وبتاريخ 17/ 2/ 1982 قضت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالدعوى رقم 830 لسنة 1980 مدني مستأنف مستعجل طنطا. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 288 لسنة 32 ق طنطا، وبتاريخ 22/ 1/ 1986 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 1/ 1978 وعدم الاعتداد قبل المطعون ضده الأول "المستأنف" بعقد الإيجار المؤرخ 1/ 1/ 1979 المحرر بين المطعون ضده الثاني والطاعن الصادر عنه الحكم رقم 2 لسنة 1980 مستعجل طنطا وكف منازعتهما للمطعون ضده الأول في الشقة موضوع النزاع. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أن المحكمة الجزئية هي المختصة بنظر الدعوى دون المحكمة الابتدائية عملاً بنص المادة 37/ 7 من قانون المرافعات، إذ هي دعوى صحة ونفاذ عقد إيجار تتضمن أن الأجرة الشهرية هي ثمانية جنيهات.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الدعوى بطلب صحة عقد إيجار أو إبطاله تقدر قيمتها طبقاً للمادة 37/ 8 من قانون المرافعات باعتبار مجموع المقابل النقدي عن المدة الواردة بالعقد، وكان القانون رقم 49 لسنة 1977 - الذي يحكم واقعة النزاع - قد أضفى على عقود إيجار الأماكن التي تخضع لحكمه امتداداً قانونياً غير محدد المدة، مما تعتبر معه قيمة عقد الإيجار غير قابلة للتقدير، ومن ثم وعملاً بالمادة 41 من قانون المرافعات - المعدلة بالقانون 91 لسنة 1980 - تعتبر قيمتها زائدة على خمسمائة جنيه، ويكون الاختصاص بنظر الدعوى للمحكمة الابتدائية، لما كان ذلك وكانت الدعوى المطروحة تتعلق بصحة عقد إيجار شقة النزاع - الذي حرره المطعون ضده الثاني للمطعون ضده الأول - فإن محكمة طنطا الابتدائية تكون هي المختصة قيمياً بنظر الدعوى ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بصحة عقد المطعون ضده الأول على أنه سابق في إثبات تاريخه الحاصل في 23/ 4/ 1980 في الشهر العقاري وذلك عملاً بنص المادة 24/ 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 ولم يعتد بعقد إيجار الطاعن حال أنه ثابت التاريخ أمام القضاء في 26/ 2/ 1980 أثناء نظر الأشكال رقم 830 لسنة 1980 س. مستعجل طنطا ومن ثم يكون له حجية في مواجهة الغير اعتباراً من هذا التاريخ عملاً بنص المادة 15 من قانون الإثبات مما مؤداه اعتبار إيجاره هو الأسبق في تاريخ مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان النص في الفقرة الرابعة من المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن على أنه "ويحظر على المؤجر إبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه، وفي حالة المخالفة يقع باطلاً العقد أو العقود اللاحقة للعقد الأول" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع رتب بطلان عقد الإيجار اللاحق للعقد الأول بطلاناً مطلقاً لتعارض محل الالتزام في ذلك العقد مع نص قانوني آمر متعلق بالنظام العام وذلك سواء كان المستأجر اللاحق عالماً بصدور العقد الأول أم غير عالم به، وأنه ولئن كان إثبات المحرر في ورقة رسمية يجعله ثابت التاريخ يوم إثباته بها من الموظف المختص، ويكون هذا التاريخ حجة على الغير شأنه شأن إثباته بالسجل المعد لذلك بالشهر العقاري، على ما تقضي به المادة 15 من قانون الإثبات، إلا أن شرط من يتمسك بعدم الاحتجاج عليه بالمحرر غير الثابت التاريخ أو اللاحق إثبات تاريخه أن يكون هو حسن النية أي غير عالم بسبق حصول التصرف الوارد بهذا المحرر وألا يكون قد اعترف بتاريخه صراحة أو ضمناً أو تنازل عن التمسك بعدم مطابقته للواقع، ذلك أن الواقع حقيقة هو المستهدف لتبنى عليه الأحكام، وما النصوص القانونية المتعلقة بالإثبات إلا وسيلة للوصول إلى هذا الهدف، ومن ثم فإن هذه القاعدة بشروطها هذه هي التي يتعين إعمالها للتعرف على عقد الإيجار السابق عند إبرام أكثر من عقد عن ذات العين ليعتد به وحده دون العقد أو العقود اللاحقة التي نص القانون صراحة على بطلانها ووضع جزاء جنائياً على إبرامها في المادة 76 من ذات القانون رقم 49 لسنة 1977، ولا يغير من انطباق هذه القاعدة في هذه الحالة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ما اشترطه المشرع بالفقرة الأولى من المادة 24 المذكورة من وجوب إبرام عقود الإيجار كتابة وإثبات تاريخها بمأمورية الشهر العقاري الكائنة بدائرتها العين المؤجرة لخلو النص من اشتراط أن يكون العقد الأول ثابت التاريخ لإعمال حكم الفقرة الرابعة من هذه المادة في ترتيب بطلان العقود اللاحقة جزاء مخالفة الحظر الوارد فيها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف النظر المتقدم واعتد بعقد إيجار المطعون ضده الأول لمجرد إثبات تاريخه بمأمورية الشهر العقاري الكائنة بدائرتها العين المؤجرة، واستبعد عقد الطاعن لعدم إثبات تاريخه بتلك المأمورية رغم إثباته في دعوى أخرى، ودون أن يتحقق من إنكار أو اعتراف أي من الخصمين بتاريخ عقد خصمه وتمسكه أو تنازله عن ذلك ومن حسن النية كشرط للتمسك بعدم الاحتجاج عليه به وفق ما تقدم بيانه، وذلك للوصول إلى معرفة أي العقدين كان هو الأسبق وأيهما كان اللاحق فإن الحكم فضلاً عن خطئه في تطبيقه القانون قد شابه ومن ثم قصور في التسبيب بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.