أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 43 - صـ 397

جلسة 27 من فبراير سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد مختار منصور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد خيري، محمد بكر غالي، عبد العال السمان ومحمد محمد محمود نواب رئيس المحكمة.

(85)
الطعن رقم 2522 لسنة 57 القضائية

(1) اختصاص "الاختصاص الولائي". تعويض. قرار إداري.
المنازعات المتعلقة بالأعمال المادية والأفعال الضارة التي تأتيها الجهة الإدارية دون أن تكون تنفيذاً مباشراً لقرارات إدارية. اختصاص محاكم القضاء العادي وحدها بنظرها.
(2) مسئولية "صور المسئولية التقصيرية: مسئولية حارس الأشياء".
مسئولية حارس الأشياء. الشيء في حكم المادة 178 مدني. ماهيته. ما تقتضي حراسته عناية خاصة إذا كان خطراً بطبيعته أو كان خطراً بظروفه وملابساته بأن يصبح في وضع أو حالة تسمح عادة بأن يحدث الضرر "مثال: منطقة كانت مسرحاً لعمليات حربية".
(3) تعويض "تقدير التعويض". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير التعويض".
محكمة الموضوع. سلطتها في تقدير التعويض الجابر للضرر ما دام لا يوجد نص في القانون يلزمها بإتباع معايير معينة. قضاؤها بتعويض إجمالي عن أضرار متعددة لا عيب. حسبها بيان عناصر الضرر ووجه أحقية طالب التعويض فيها.
(4) نقض "أسباب الطعن: سبب قانوني يخالطه واقع: السبب الجديد".
الدفاع الذي لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع. عدم جواز التحدي به أمام محكمة النقض.
1- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن محاكم القضاء العادي وحدها تختص بنظر المنازعات المتعلقة بالأعمال المادية والأفعال الضارة التي تأتيها الجهة الإدارية دون أن تكون تنفيذاً مباشراً لقرارات إدارية.
2- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الشيء في حكم المادة 178 من القانون المدني هو ما تقتضي حراسته عناية خاصة إذا كان خطراً بطبيعته أو كان خطراً بظروفه وملابساته بأن يصبح في وضع أو في حالة تسمح عادة بأن يحدث الضرر.
3- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن محكمة الموضوع متى بينت في حكمها عناصر الضرر المستوجب للتعويض فإن تقدير مبلغ التعويض الجابر لهذا الضرر هو مما تستقل به ما دام لا يوجد في القانون نص يلزم بإتباع معايير معينة في خصوصه ولا تثريب عليها إذا هي قضت بتعويض إجمالي عن أضرار متعددة ما دامت قد ناقشت كل عنصر منها على حده وبينت وجه أحقية طالب التعويض فيه أو عدم أحقيته.
4- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز التحدي أمام محكمة النقض بدفاع جديد لم يسبق طرحه أو التمسك به أمام محكمة الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعن والمطعون ضده الثاني بصفتهما الدعوى رقم 335 سنة 1984 مدني محكمة الإسماعيلية الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يدفع له تعويضاً قدره عشرون ألف جنيه عن الأضرار المادية والأدبية وإلزام المطعون ضده الثاني بأن يدفع له معاشاً شهرياً قدره 25 جنيه، وقال في بيانها إنه أثناء عمله بمخازن جهاز التعمير التابعة للطاعن بجنوب سيناء انفجر فيه شرك خداعي فأحدث به إصابات أدت إلى حدوث عجز مستديم به نسبته 45% يستحق عنه التعويض والمعاش المطالب بهما ومن ثم فقد أقام الدعوى. بتاريخ 26/ 3/ 1986 قضت المحكمة له بتعويض قدره عشرة آلاف جنيه. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسماعيلية بالاستئناف رقم 240 لسنة 11 ق كما أقام المطعون ضده الأول استئنافاً فرعياً وبتاريخ 18/ 5/ 1987 قضت المحكمة بالتأييد، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بتعويض عن خطأ شخصي ضد الدولة وإذ كان التعويض عن أعمال الإدارة المادية مما يختص بنظره مجلس الدولة دون المحاكم العادية فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف قواعد الاختصاص الولائي مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن محاكم القضاء العادي وحدها تختص بنظر المنازعات المتعلقة بالأعمال المادية الأفعال الضارة التي تأتيها الجهة الإدارية دون أن تكون تنفيذاً مباشراً لقرارات إدارية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن الضرر الذي لحق بالمطعون ضده الأول نشأ عن تواجده بمنطقة كانت مسرحاً للعمليات الحربية وهي خطره بطبيعتها وتستلزم عناية خاصة كانت تستوجب مسحها بمعرفة خبراء المفرقعات، ورتب على ذلك اعتبار الطاعن بصفته حارساً عليها طبقاً لنص المادة 178 من القانون المدني وإذ كانت الأرض ليست من الأشياء التي تشملها الحراسة في مفهوم هذه المادة وليست خطره بحكم تكوينها أو تركيبها كما أنه ليس مالكاً أو حارساً على الشرك الخداعي الذي أصاب المطعون ضده الأول فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الشيء في حكم المادة 178 من القانون المدني وهو ما تقضي به حراسته عناية خاصة إذا كان خطراً بطبيعته أو كان خطراً بظروفه وملابساته بأن يصبح في وضع أو في حالة تسمح عادة بأن يحدث الضرر وإذ كان الثابت من الأوراق أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بمسئولية الطاعن عن تعويض الضرر الذي أصاب المطعون ضده الأول على ما أورده بأسبابه من أن "الضرر الذي لحق بالمدعي نشأ عن تواجده بحكم عمله بمخازن المدعي عليه الأول بصفته والتي تقع بمنطقة كانت مسرحاً لعمليات حربية ومن ثم فهي خطرة بطبيعتها وتستلزم عناية خاصة كانت تستوجب مسحها بمعرفة خبراء المفرقعات تجنباً لحدوث أخطاء كالناتج عنها إصابة المدعي ومن ثم فإن المدعى عليه الأول بصفته يكون مسئولاً عن جبر الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بالمدعي من جراء تدخل الشيء وهو الأرض الخطرة التي كان يحرسها في أحداث هذه الأضرار عملاً بالمادة 178 من القانون المدني" وكان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً وكافياً لحامل قضائه بمسئولية الطاعن وله أصله الثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بتعويض إجمالي عن الأضرار المادية والأدبية التي حاقت بالمطعون ضده الأول دون أن يبين عناصر هذا الضرر أو يناقش كل عنصر منها على حده ووجه أحقية المحكوم له فيه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن محكمة الموضوع متى بينت في حكمها عناصر الضرر المستوجب للتعويض فإن تقدير مبلغ التعويض الجابر لهذا الضرر هو مما تستقل به ما دام لا يوجد في القانون نص يلزم بإتباع معايير معينة في خصوصه ولا تثريب عليها إذا هي قضت بتعويض إجمالي عن أضرار متعددة ما دامت قد ناقشت كل عنصر منها على حده وبينت وجه أحقية طالب التعويض فيه أو عدم أحقيته، وإذ كان الثابت من مدونات الحكم الابتدائي أنه قد أقام قضاءه بالتعويض على ما أورده بأسبابه من أن "الأضرار المادية تتمثل فيما لحق المدعي من خسارة وما فاته من كسب وتتمثل الأضرار الأدبية فيما أصاب المدعي من آلام نفسية نتيجة الحادث وما ترتب عليه من وجود عاهة بيده اليسرى"، وكان يبين من ذلك أن حكم محكمة أول درجة قد أوضح بأسبابه التي أقرها الحكم المطعون فيه وأخذ بها عناصر الضرر الذي لحق بالمطعون ضده الأول بسبب خطأ الطاعن ووجه أحقيته في التعويض عن كل عنصر فإنه لا تثريب عليه إن هو قضى بتعويض إجمالي عن الضرر المادي والأدبي دون تخصيص لمقداره لأن هذا التخصيص ليس بلازم قانوناً ويضحى النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة الثبت في الأوراق والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه خلص من أوراق الدعوى إلى أن إصابة المطعون ضده الأول حدثت أثناء محاولته تخليص سلك تعلق بجلبابه في حين أن ذلك يخالف الثابت بمحضر الشرطة شرم الشيخ المحرر بتاريخ 28/ 6/ 1983 وما تضمنه التقرير الطبي الذي حرر عقب توقيع الكشف الطبي عليه بذات التاريخ بالمستشفى مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز التحدي أمام محكمة النقض بدفاع جديد لم يسبق طرحه أو التمسك به أمام محكمة الموضوع، لما كان ذلك وكان دفاع الطاعن أمام محكمة الموضوع قد خلا مما يفيد تمسكه بهذا الدفاع ومن ثم فإنه لا تقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ويكون النعي على هذا الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.