أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 46 - صـ 82

جلسة 5 من يناير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسن العفيفي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد محمود، أحمد أبو الضراير، علي شلتوت - نواب رئيس المحكمة وأحمد عبد الرازق.

(19)
الطعن رقم 3535 لسنة 58 القضائية

(1، 2، 3، 4) مسئولية "مسئولية تقصيرية: مسئولية المتبوع عن أعمال تابعة". التزام "انقضاء الالتزام: الوفاء من الغير". كفالة. تعويض "المسئول عن التعويض". تقادم "التقادم المسقط". دعوى. "دعوى الحلول" "الدعوى الشخصية".
(1) مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة. ماهيتها. اعتبار المتبوع في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون. للمتبوع حق الرجوع على التابع بما أوفاه من تعويض للمضرور. م 175 مدني. لم يستحدث المشرع بهذه المادة دعوى شخصية جديدة للمتبوع يرجع بها على تابعه.
(2) مطالبة المضرور للمتبوع بالتعويض مطالبة قضائية. قطعها التقادم بالنسبة للمتبوع ليس من شأنها قطع التقادم بالنسبة للتابع. أساس ذلك. م 292 مدني.
(3) رجوع المتبوع على التابع بما أوفاه من تعويض للمضرور بدعوى الحلول. المادتان 326، 799 مدني. للتابع التمسك قبل المتبوع بانقضاء حق المضرور بالتقادم الثلاثي المقرر بالمادة 172 مدني. أساس ذلك.
(4) رجوع المتبوع على التابع بالدعوى الشخصية المنصوص عليها في المادة 324 مدني. شرطه. رجوع المتبوع على التابع بدعوى الكفيل على المدين م 800 مدني. غير جائز. علة ذلك.
(5) تقادم. دعوى. حكم. نقض. "أثر نقض الحكم".
عدم سقوط الدعوى بالتقادم شرط لجواز الحكم في موضوع الحق المتنازع عليه. نقض الحكم لسبب متعلق بهذا التقادم يترتب عليه نقضه فيما تطرق إليه من قضاء في الموضوع.
1- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة هي مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور وهي تقوم على فكرة الضمان القانوني، فالمتبوع يعتبر في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد. ومن ثم فإن للمتبوع الحق في أن يرجع على تابعه محدث الضرر بما يفي به من التعويض للمضرور, كما يرجع الكفيل المتضامن على المدين الذي كفله لأنه مسئول عنه وليس مسئولاً معه. وهذه القاعدة هي التي قننها المشرع في المادة 175 من القانون المدني التي تقضي بأن للمسئول عن عمل الغير حق الرجوع عليه في الحدود التي يكون فيها هذا الغير مسئولاً عن تعويض الضرر. ولم يقصد المشرع بتلك المادة أن يستحدث للمتبوع دعوى شخصية جديدة يرجع بها على تابعه.
2- مطالبة المضرور للمتبوع بالتعويض مطالبة قضائية وإن كانت تقطع التقادم بالنسبة للمتبوع إلا أنها لا تقطعه بالنسبة للتابع وذلك أخذاً بما نصت عليه المادة 292 من القانون المدني من أنه إذا انقطعت مدة التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين فلا يجوز للدائن أن يتمسك بذلك قبل المدينين . وإذا كان قطع التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين لا يترتب عليه أثر بالنسبة لباقي المدينين، فمن باب أولى لا يكون لقطع التقادم بالنسبة للكفيل ولو كان متضامناً مع المدين الأصلي أثر بالنسبة إلى هذا المدين.
3- للمتبوع - وهو في حكم الكفيل المتضامن - عند وفائه بالتعويض إلى الدائن المضرور أن يرجع على التابع بدعوى الحلول المنصوص عليها في المادة 799 من القانون المدني والتي ليست إلا تطبيقاً للقاعدة العامة في الحلول القانوني المنصوص عليها في المادة 326 من القانون المذكور والتي تقضي بأن الموفي يحل محل الدائن الذي استوفي حقه إذا كان الموفي ملزماً بوفاء الدين عن المدين. وإذ كان للمدين في حالة الرجوع عليه بهذه الدعوى أن يتمسك في مواجهة الكفيل بالدفوع التي كان له أن يتمسك بها في مواجهة الدائن، فإن من حق التابع أن يتمسك قبل المتبوع الذي أوفى بالتعويض عنه للمضرور بانقضاء حق الدائن المضرور قبله بالتقادم الثلاثي المقرر في المادة 172 من القانون المدني بدعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشرع على أساس أنه انقضى على علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه أكثر من ثلاث سنوات دون أن يرفع المضرور عليه الدعوى بطلب التعويض وعلى أساس أن رفعه الدعوى على المتبوع المطعون ضده لا يقطع التقادم بالنسبة إلى التابع الطاعن والتقادم هنا لا يرد على حق المتبوع في الرجوع على التابع وإنما حق الدائن الأصلي (المضرور) فيه الذي انتقل إلى المتبوع بحلوله محل الدائن (المضرور) فيه والذي يطالب به المتبوع تابعه، ذلك بأن المتبوع حين يوفي التعويض للدائن المضرور فإنه يحل محل هذا الدائن في نفس حقه وينتقل إليه هذا الحق بما يرد عليه من دفوع.
4- يستطيع المتبوع الرجوع على تابعه بالدعوى الشخصية المنصوص عليها في المادة 324 من القانون المدني التي تقضي بأنه إذا قام الغير بوفاء الدين كان له حق الرجوع على المدين بقدر ما دفعه. وهذه الدعوى سواء كان أساسها الإثراء بلا سبب أو الفضالة فإن المتبوع لا يستطيع الرجوع بها إذا كان قد أوفى التعويض للدائن المضرور بعد أن كان حق الدائن فيه قد سقط بالنسبة للتابع لأن هذا لم يفد شيئاً من هذا الوفاء وليس للمتبوع أن يرجع على تابعه بالتعويض الذي أوفاه عنه بالدعوى الشخصية التي للكفيل قبل المدين والمقررة في المادة 800 من القانون المدني وذلك لما هو مقرر من عدم جواز رجوع الكفيل بهذه الدعوى إذا كانت الكفالة لمصلحة الدائن وحده، وضمان المتبوع لأعمال تابعه هو ضمان قرره القانون لمصلحة الدائن المضرور وحده.
5- إذ كان عدم سقوط الدعوى بالتقادم شرطاً لجواز الحكم في موضوع الحق المتنازع عليه فإن من شأن نقض الحكم لسبب متعلق بهذا التقادم نقضه بالتبعية فيما يتطرق إليه من قضاء في الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل - في أن المطعون ضده بصفته أقام على تابعه الطاعن الدعوى رقم 9990 لسنة 1982 مدني شمال القاهرة الابتدائية بالرجوع عليه طبقاً للمادة 175 من القانون المدني طالباً الحكم بإلزامه بأن يؤدي إليه مبلغ 4000 جنيه المقضي به على المطعون ضده في الدعويين 406، 407 لسنة 1980 مدني جنوب القاهرة الابتدائية والذي قام بالوفاء عنه إلى المحكوم لهم فيهما تعويضاً لهم عما لحقهم من أضرار بسبب قتل مورثهم خطأ في حادث سيارة مملوكة له كان يقودها الطاعن تابعه والذي ثبت خطؤه بحكم جنائي نهائي قضى بإدانته وبتاريخ 22/ 11/ 1983 حكمت المحكمة للمطعون ضده بطلباته. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 9448 لسنة 103 ق. وبتاريخ 14/ 6/ 1988 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن بالسبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وذلك حين دفع أمام محكمة الاستئناف بسقوط دعوى المطعون ضده في الرجوع عليه بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني إذ يترتب على قيام المطعون ضده بالوفاء عنه بمبلغ التعويض المقضي به في الدعويين 406، 407 لسنة 1980 مدني جنوب القاهرة الابتدائية إلى المضرورين المحكوم لهم فيهما حلوله محلهم في ذات الحق إعمالاً لقاعدة الحلول القانوني المقررة له باعتباره في حكم الكفيل المتضامن والمنصوص عليها في المادتين 175, 326/ 1 من القانون المدني بما يخول للطاعن التابع نتيجة هذا الحلول التمسك بما له من دفوع قبل هؤلاء المضرورين، وإذ كانت دعواهم قبله سقطت بالتقادم الثلاثي المشار إليه لصيرورة الحكم الصادر بإدانته نهائياً بتاريخ 3/ 4/ 1978 ولم يرفع المطعون ضده دعواه الحالية بالرجوع عليه إلا بتاريخ 24/ 10/ 1982 أي بعد أكثر من ثلاث سنوات وكانت مطالبة المضرورين للمطعون ضده المتبوع وحده لا تقطع هذا التقادم بالنسبة للطاعن التابع فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتد بها في رفض الدفع المبدي منه بسقوط دعوى المطعون ضده قبله ورتب على ذلك أن رفع المضرورين دعوييهم قبل المطعون ضده المتبوع في الميعاد يمنع من سقوط دعوى هذا الأخير بالرجوع على الطاعن فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة هي مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور وهي تقوم على فكرة الضمان القانوني فالمتبوع يعتبر في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد. ومن ثم فإن للمتبوع الحق في أن يرجع على تابعه محدث الضرر بما يفي به من التعويض للمضرور, كما يرجع الكفيل المتضامن على المدين الذي كفله لأنه مسئول عنه وليس مسئولاً معه. وهذه القاعدة هي التي قننها المشرع في المادة 175 من القانون المدني التي تقضي بأن للمسئول عن عمل الغير حق الرجوع عليه في الحدود التي يكون فيها هذا الغير مسئولاً عن تعويض الضرر ولم يقصد المشرع بتلك المادة أن يستحدث للمتبوع دعوى شخصية جديدة يرجع بها على تابعه ومتى تقرر ذلك وكانت مطالبة المضرور للمتبوع بالتعويض مطالبة قضائية وإن كانت تقطع التقادم بالنسبة للمتبوع إلا أنها لا تقطعه بالنسبة للتابع وذلك أخذاً بما نصت عليه المادة 292 من القانون المدني من أنه إذا انقطعت مدة التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين فلا يجوز للدائن أن يتمسك بذلك قبل باقي المدينين، وإذا كان قطع التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين لا يترتب عليه أثر بالنسبة لباقي المدنين، فمن باب أولى لا يكون لقطع التقادم بالنسبة للكفيل ولو كان متضامناً مع المدين الأصلي أثر بالنسبة إلى هذا المدين. لما كان ما تقدم وكان المتبوع - وهو في حكم الكفيل المتضامن - لا يستطيع الرجوع على تابعه عند وفائه بالتعويض إلى الدائن المضرور إلا بإحدى دعويين. الأولى - دعوى الحلول المنصوص عليها في المادة 799 من القانون المدني والتي ليست إلا تطبيقاً للقاعدة العامة في الحلول القانوني المنصوص عليه في المادة 326 من القانون المذكور والتي تقضي بأن الموفي يحل محل الدائن الذي استوفي حقه إذا كان الموفي ملزماً بوفاء الدين عن المدين وإذ كان للمدين في حالة الرجوع عليه بهذه الدعوى أن يتمسك في مواجهة الكفيل بالدفوع التي كان له أن يتمسك بها في مواجهة الدائن فإن من حق التابع أن يتمسك قبل المتبوع الذي أوفى بالتعويض عنه للمضرور بانقضاء حق الدائن المضرور قبله بالتقادم الثلاثي المقرر في المادة 172 من القانون المدني بدعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع على أساس أنه انقضى على علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه أكثر من ثلاث سنوات دون أن يرفع المضرور عليه الدعوى بطلب التعويض وعلى أساس أن رفعه الدعوى على المتبوع المطعون ضده لا يقطع التقادم بالنسبة إلى التابع الطاعن والتقادم هنا لا يرد على حق المتبوع في الرجوع على التابع وإنما على حق الدائن الأصلي (المضرور) فيه الذي انتقل إلى المتبوع بحلوله محل الدائن (المضرور) فيه والذي يطالب به المتبوع تابعه ذلك بأن للمتبوع حين يوفي التعويض للدائن المضرور فإنه يحل محل هذا الدائن في نفس حقه وينتقل إليه هذا الحق بما يرد عليه من دفوع. وأما الدعوى الثانية التي يستطيع المتبوع الرجوع بها على تابعه فهي الدعوى الشخصية المنصوص عليها في المادة 324 من القانون المدني التي تقضي بأنه إذا قام الغير بوفاء الدين كان له حق الرجوع على المدين بقدر ما دفعه وهذه الدعوى سواء كان أساسها الإثراء بلا سبب أو الفضالة فإن المتبوع لا يستطيع الرجوع بها إذا كان قد أوفى التعويض للدائن المضرور بعد أن كان حق الدائن فيه قد سقط بالنسبة للتابع لأن هذا لم يفد شيئاً من هذا الوفاء وليس للمتبوع أن يرجع على تابعه بالتعويض الذي أوفاه بالدعوى الشخصية التي للكفيل قبل المدين والمقررة في المادة 800 من القانون المدني وذلك لما هو مقرر من عدم جواز رجوع الكفيل بهذه الدعوى إذا كانت الكفالة لمصلحة الدائن وحده، وضمان المتبوع لأعمال تابعه هو ضمان قرره القانون لمصلحة الدائن المضرور وحده. لما كان ذلك وكان المطعون ضده قد أقام بتاريخ 24/ 10/ 1982 دعواه بالرجوع على الطاعن بما أداه من تعويض ومصاريف باعتباره مسئولاً عنه عملاً بالمادة 175 من القانون المدني فدفع الطاعن بسقوط الحق في إقامتها بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من ذات القانون على أساس أنه قد انقضى أكثر من ثلاث سنوات على علم المضرور بحدوث الضرر والشخص المسئول عنه والذي لا ينقطع برفع المضرورين الدعويين رقمي 406، 407 لسنة 1980 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضده وحده ما دام أنه لم يتم اختصام الطاعن فيهما فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض هذا الدفع على سند من أن إقامة هاتين الدعويين في الميعاد يمنع من سقوط دعوى الرجوع المقامة من المطعون ضده على الطاعن فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب - لما كان ذلك وكان عدم سقوط الدعوى بالتقادم شرطاً لجواز الحكم في موضوع الحق المتنازع عليه فإن من شأن نقض الحكم لسبب متعلق بهذا التقادم نقضه بالتبعية فيما تطرق إليه من قضاء في الموضوع مما يغني عن النظر في السبب الأول من سببي الطعن.