أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 43 - صـ 419

جلسة 5 من مارس سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين توفيق، شكري جمعه حسين، فتيحه قرة ومحمد الجابري.

(91)
الطعن رقم 2528 لسنة 56 القضائية

(1 - 3) إيجار "إيجار الأماكن" "عقد الإيجار". عقد. التزام "محل الالتزام". بطلان. حكم "عيوب التدليل" "ما لا يعد خطأ".
(1) عدم تعيين المكان المؤجر في عقد الإيجار. أثره. بطلان العقد. عدم جواز التمسك به من غير طرفيه.
(2) خلو عقد الإيجار من بيانات تاريخ ورقم وجهة إصدار ترخيص البناء ومقدار أجرة الوحدة المؤجرة. لا بطلان. علة ذلك. م 24/ 2، 3 ق 49 لسنة 1977.
(3) عقود الإيجار غير ثابتة التاريخ والخالية من ثمة مطعن على تاريخ تحريرها. العبرة في تحديد العقد اللاحق الذي يلحقه البطلان بتاريخ تحريره لا بتاريخ نفاذه. م 24/ 1، 4 ق 49 لسنة 1977. قضاء الحكم المطعون فيه بتمكين المطعون ضدها الأولى من عين النزاع لبطلان عقد الطاعن باعتباره لاحقاً في تاريخ تحريره على عقدها. لا خطأ.
1- لئن كان المقرر قانوناً أن المكان المؤجر يجب أن يكون معيناً تعييناً كافياً، فيوصف في العقد وصفاً مانعاً للجهالة، فإذا لم يتعين وقع الإيجار باطلاً لعدم تحديد محل التزام المؤجر، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن الثابت من الشكوى رقم (.....) لسنة 1983 إداري (.....) أن المالك اقر بأن عقد الإيجار ينصب على الشقة محل النزاع، وذهب الحكم إلى أن شقة النزاع قد عينت تعيناً كافياً مانعاً للجهالة فإن النعي يكون على غير أساس. هذا إلى أن النزاع على تعيين المكان المؤجر لا يكون أصلاً إلا بين طرفي عقد الإيجار، وهما المؤجر والمستأجر، فإن منازعة الطاعن وهو مستأجر آخر على تعيين المكان المؤجر للمطعون ضدها الأولى تكون غير مقبولة.
2- لئن كانت الفقرة الثانية من المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 قد نصت على إلزام المؤجر بأن يثبت في عقد الإيجار تاريخ ورقم وجهة إصدار ترخيص البناء ومقدار الأجرة المقررة للوحدة المؤجرة، إلا أن خلو العقد من تلك البيانات لا يؤدي إلى بطلانه، إذ يجوز للمستأجر إثبات العلاقة التعاقدية بكافة بياناتها وشروطها بجميع طرق الإثبات القانونية عملاً بالمادة 24/ 3 من القانون سالف البيان.
3- العبرة في تحديد العقد اللاحق الذي يلحقه البطلان وفقاً لحكم المادة 24/ 4 من القانون رقم 49 لسنة 1977، يكون بالأسبقية بينهما في تاريخ تحريرهما دون تاريخ نفاذهما، إذا كانت العقود غير ثابتة التاريخ بمأمورية الشهر العقاري على ما توجبه المادة 24/ 1 من ذات القانون، طالما أن أياً من الطرفين لم يطعن على تاريخ تحرير عقد الطرف الآخر بثمة مطعن. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن عقد إيجار المطعون ضدها الأولى مؤرخ 14/ 10/ 1982، وقد حرر عقد الطاعن بتاريخ 20/ 12/ 1982 ولم ينازع أي من الطرفين في صحة تاريخ تحرير عقد الطرف الآخر ومن ثم يعتبر عقد الطاعن لاحقاً لعقد المطعون ضدها الأولى وبالتالي باطلاً عملاً بنص المادة 24 سالفة البيان، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتمكين المطعون ضدها الأولى من عين النزاع لبطلان عقد الطاعن باعتباره لاحقاً على عقد المطعون ضدها الأولى فإنه يكون قد أعمل القانون على وجهه الصحيح.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون ضدها الأولى أقامت على الطاعن والمطعون ضده الثاني بصفته الحارس على أموال....... الدعوى رقم 3541 لسنة 1984 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة والتسليم، وقالت بياناً لدعواها إنه بموجب عقد إيجار ثابت التاريخ في 14/ 10/ 1982 استأجرت شقة النزاع من المدعو....... مالك العقار، وإذ لم يقم بالتسليم تحرر عن ذلك المحضر رقم 5669 لسنة 1982 إداري روض الفرج، كما قام مالك العقار بتأجير ذات الشقة إلى الطاعن وسلمها له، ولما كان عقد إيجارها هو الأسبق لعقد الطاعن، ومن ثم يكون العقد الأخير باطلاً بطلاناً مطلقاً فأقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع الشهود حكمت بتمكين المطعون ضدها من شقة النزاع، طعن الطاعن على هذا الحكم بالاستئناف رقم 7049 لسنة 102 ق القاهرة، وبتاريخ 11/ 6/ 1986 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه، الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن عقد إيجار المطعون ضدها الأولى هو عقد باطل إذ لم يتضمن البيانات الجوهرية المحددة لشقة النزاع، وقد نازعها مالك العقار في هذا الدعويين رقم 5168، 5869 لسنة 1982 مستعجل القاهرة، إلا أن الحكم المطعون فيه أعتد بإقرار المالك بالشكاوي الإدارية من أن شقة النزاع هي الشقة المتفق عليها، وكان يتعين عليه أن يندب خبيراً لمطابقة بيانات العقد على الشقة محل النزاع، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه ولئن كان المقرر قانوناً أن المكان المؤجر يجب أن يكون معيناً كافياً، فيوصف في العقد وصفاً مانعاً للجهالة، فإذا لم يتعين وقع الإيجار باطلاً لعدم تحديد محل التزام المؤجر، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن الثابت من الشكوى رقم 121 لسنة 1983 إداري روض الفرج أن المالك أقر بأن عقد الإيجار ينصب على الشقة محل النزاع، وذهب الحكم إلى أن شقة النزاع قد عينت تعييناً كافياً مانعاً للجهالة فإن النعي يكون على غير أساس. هذا إلى أن النزاع على تعيين المكان المؤجر لا يكون أصلاً إلا بين طرفي عقد الإيجار، وهما المؤجر والمستأجر، فإن منازعة الطاعن وهو مستأجر آخر على تعيين المكان المؤجر للمطعون ضدها الأولى تكون غير مقبولة.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الثاني من السبب الأول والسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن عقد الإيجار المطعون ضدها قد شابه الفساد لخلوه من الشروط المبينة بالفقرة الثانية من المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 من وجوب أن يتضمن العقد تاريخ ورقم وجهة إصدار ترخيص البناء وكافة الشروط الواردة بالمادة 11 من ذات القانون خاصة وأن الحكم المطعون فيه قد طبق هذه المادة، وفضل عقد إيجار المطعون ضدها على عقد إيجاره المحرر في 20/ 12/ 1982 رغم أن التأجير تم في عام سنة 1980، ومن ثم كان يتعين عليه أن يتعرف على تاريخ بدء العلاقة الإيجارية وأن يتيح له فرصة إثبات ذلك إلا أنه اعتبر عقده باطلاً بطلاناً مطلقاً تأسيساً على أنه العقد اللاحق مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول غير منتج وبالتالي غير مقبول، ذلك أنه ولئن كانت الفقرة الثانية من المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 قد نصت على إلزام المؤجر بأن يثبت في عقد الإيجار تاريخ ورقم وجهة إصدار ترخيص البناء ومقدار الأجرة المقررة للوحدة المؤجرة، إلا أن خلو العقد من تلك البيانات لا يؤدي إلى بطلانه، إذ يجوز للمستأجر إثبات العلاقة التعاقدية بكافة بياناتها وشروطها بجميع طرق الإثبات القانونية عملاً بالمادة 24/ 3 من القانون سالف البيان. لما كان ذلك فإن منازعة الطاعن في ذلك وهو ليس طرفاً في عقد الإيجار المؤرخ 14/ 10/ 1982 تكون غير مقبولة والنعي في شقه الثاني غير سديد ذلك أن العبرة في تحديد العقد اللاحق الذي يلحقه البطلان وفقاً لحكم المادة 24/ 4 من القانون رقم 49 لسنة 1977، يكون بالأسبقية بينهما في تاريخ تحريرهما دون تاريخ نفاذهما، إذا كانت العقود غير ثابتة التاريخ بمأمورية الشهر العقاري على ما توجبه المادة 24/ 1 من ذات القانون، طالما أن أياً من الطرفين لم يطعن على تاريخ تحرير عقد الطرف الآخر بثمة مطعن. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن عقد إيجار المطعون ضدها الأولى مؤرخ 14/ 10/ 1982، وقد حرر عقد الطاعن بتاريخ 20/ 12/ 1982 ولم ينازع أي من الطرفين في صحة تاريخ تحرير عقد الطرف الآخر ومن ثم يعتبر عقد الطاعن لاحقاً لعقد المطعون ضدها الأولى وبالتالي باطلاً عملاً بنص المادة 24 سالفة البيان، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتمكين المطعون ضدها الأولى من عين النزاع لبطلان عقد الطاعن باعتباره لاحقاً على عقد المطعون ضدها الأولى فإنه يكون قد أعمل القانون على وجهه الصحيح ويكون النعي في هذا الشق على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.