أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 43 - صـ 443

جلسة 15 من مارس سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ جرجس إسحق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الحميد الشافعي، إبراهيم الطويلة نائبي رئيس المحكمة، أحمد علي خيري ومحمد عبد المنعم إبراهيم.

(96)
الطعن رقم 1297 لسنة 54 القضائية

(1، 2، 3) حكم "الطعن في الحكم" "الأحكام غير الجائز الطعن فيها". نظام عام. دعوى "نظر الدعوى". بيع "دعوى صحة التعاقد ودعوى الفسخ". استئناف.
(1) قابلية الأحكام للطعن فيها. تعلقها بالنظام العام. عدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامي المنهي لها. الاستثناء. م 212 مرافعات. المقصود بالخصومة. هي الخصومة المرددة بين طرفي التداعي. الحكم الذي يجوز الطعن فيه. ماهيته.
(2) رفع الدعوى بطلبين مختلفين. ثبوت أنهما وجهان لنزاع واحد أو اتحادهما في الأساس. أثره. الحكم في أحدهما قبل الفصل في الآخر. قضاء غير منه للخصومة. عدم جواز الطعن فيه قبل الفصل في الطلب الآخر.
(3) دعوى صحة التعاقد ودعوى الفسخ وما يترتب عليها من طلب بالتسليم والريع والتعويض. وجهان لنزاع واحد. الحكم في أولاهما برفض الدعوى والثانية بالفسخ قبل الفصل في باقي الطلبات. أثره. عدم انتهاء الخصومة.
1- المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قابلية الأحكام للطعن فيها مسألة تتعلق بالنظام العام، تقضي فيها المحكمة من تلقاء نفسها، وأن مفاد نص المادة 212 من قانون المرافعات أن المشرع وضع قاعدة عامة مقتضاها عدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام التي تصدر أثناء نظر الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة فلا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن على الحكم الصادر في الموضوع سواء كانت تلك الأحكام موضوعية أو فرعية أو متعلقة بالإثبات حتى لو كانت منهية لجزء من الخصومة ورائد المشرع في ذلك هو الرغبة في منع تقطيع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم مما قد يؤدي إلى تعويق الفصل في موضوع الدعوى وما يترتب على ذلك من زيادة نفقات التقاضي، وأن الخصومة التي ينظر إلى انتهائها إعمالاً للمادة 212 من قانون المرافعات هي الخصومة الأصلية المرددة بين طرفي التداعي وأن الحكم الذي يجوز الطعن فيه تبعاً لذلك هو الحكم الذي تنتهي به الخصومة الأصلية برمتها وليس الحكم الذي يصدر في شق منها أو مسألة عارضة عليها أو متصلة بالإثبات فيها ولا يعتد في هذا الصدد الخصومة حسب نطاقها الذي رفعت به أمام محكمة الاستئناف.
2- رفع الدعوى ابتداء بطلبين مختلفين شأنه في ذلك شأن ضم دعويين لنظرهما معاً لا يؤدي أصلاً إلى دمج أحدهما في الآخر أو يفقد كل منهما استقلاله ولو أتحد الخصوم فيهما إلا أنه إذا كان كل من الطلبين مجرد وجه من وجهي نزاع واحد أو كان الفصل في أحدهما يتضمن فصلاً في الطلب الآخر ففي هذه الأحوال ينشأ من اقترانهما قيام خصومة واحدة تشملهما معاً ويعتبر الحكم في أحدهما قبل الآخر صادراً أثناء نظر الخصومة غير منه لها كلها فلا يجوز الطعن فيه قبل الفصل في الطلب الآخر إلا في الأحوال الاستثنائية المبينة على سبيل الحصر في المادة 212 سالفة البيان ومن بينها الأحكام التي تصدر في شق من الموضوع متى كانت قابلة للتنفيذ الجبري باعتبار أن القابلية للتنفيذ - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - تنشئ للمحكوم عليه مصلحة جدية للطعن فيه على استقلال حتى يتسنى له طلب وقف نفاذه.
3- لما كانت الدعوى بطلب صحة ونفاذ عقد البيع وطلب اعتباره مفسوخاً وما يترتب على ذلك من طلبات بالتسليم والريع والتعويض هي طلبات متقابلة لخصومة واحدة تتعلق بمدى صحة عقد البيع ونفاذه في حق عاقديه والحكم في هذا الطلب يكشف عن سند الطاعنين في وضع يدهم على الأطيان المبيعة مما يترتب عليه حتماً رفض الطلبات الأخرى أو قبولها كلها أو بعضها مما ينتفي معه القول باستقلال كل من الطلبات المطروحة عن الآخر ومن ثم فإن الحكم الصادر من محكمة أول درجة بفسخ عقد البيع ورفض دعوى صحة التعاقد وإلزام الطاعنين بالتسليم وقبل الفصل في طلب الريع والتعويض بندب مكتب الخبراء يكون قد فصل في شق من الطلبات ولا يكون منهياً للخصومة كلها إذ ما زال على المحكمة أن تمضي في نظر الدعوى بالنسبة لباقي الطلبات التي لم تقل كلمتها فيها وكانت محكمة الاستئناف قد قبلت رغم ذلك الطعن بالاستئناف على الحكم الابتدائي في شقه المتعلق بصحة التعاقد والفسخ وحكمت في الموضوع بتأييد الحكم المستأنف بينما قضت في طلب التسليم بعدم جواز استئنافه على سند من أن الحكم في هذا الطلب غير منه للخصومة كلها وكان الحكم في هذه الطلبات لا يعتبر بهذه المثابة - وعلى نحو ما سلف بيانه - من أحكام الإلزام القابلة للتنفيذ الجبري ولا يندرج ضمن الحالات الاستثنائية الأخرى المبينة بالمادة 212 سالفة البيان ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون غير قابل للطعن فيه بالنقض إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها فيتعين الحكم بعدم جواز الطعن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعاوي أرقام 2036، 2037، 2039، 2040 سنة 1973 مدني الزقازيق الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 16/ 2/ 1973 المتضمن بيع المطعون عليهم مساحة 9 س، 10 ط، 16 ف أطياناً زراعية موضحة الحدود والمعالم بالصحف والعقد نظير ثمن قدره 7755 ج شيوعاً فيما بينهم كل حسب حصته في الصفقة وقالوا بياناً لذلك إنهم بموجب العقد المشار إليه اشتروا من المرحومة/ ....... مورثة المطعون عليهم عن نفسها وبصفتها وكيلة عن المطعون عليهم أطيان النزاع، بثمن دفع منه مبلغ 1000 جنيه عند تحرير العقد، على أن يستحق الباقي عند التصديق على العقد النهائي، وإذ لم تقدم لهم البائعة مستندات الملكية وحدث تعرض لهم من الغير عند إتمام الإجراءات المساحية لطلب الشهر المقدم منهم وقد أنذر الطاعن الرابع البائعة بإزالة التعرض في 12/ 9/ 1973 فامتنعت حتى توفيت في 18/ 9/ 1973 فأقاموا الدعاوي. كما أقام المطعون عليهم دعوى فرعية بطلب فسخ عقود البيع لعدم سداد باقي الثمن وتحقق الشرط الفاسخ الصريح، كما أقاموا الدعوى رقم 2515 سنة 1973 مدني الزقازيق الابتدائية ضد الطاعنين وآخرين بطلب الحكم بصفة مستعجلة بتعيين حارس قضائي على أطيان النزاع وبإلزام الطاعنين متضامنين بأن يؤدوا لهم مبلغ 500 جنيه وبتسليم أطيان النزاع استناداً إلى تحقق الشرط الفاسخ الصريح الذي تضمنه العقد المذكور، وأن يد الطاعنين على أطيان النزاع قد أضحت بلا سند قانوني بعد فسخ العقد من تلقاء نفسه فيحق لهم طلب الريع والتعويض اعتباراً من سنة 72/ 1973 الزراعية حتى تمام التسليم وهو ما يقدرونه بالمبلغ المطالب به. قدم الطاعنون مخالصة مؤرخة 21/ 3/ 1973 منسوبة إلى مورثة المطعون عليهم باستلامها مبلغ 4100 جنيه، طعن المطعون عليهم عليها بالتزوير ندبت المحكمة قسم أبحاث التزييف والتزوير وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 11/ 3/ 1974 برفض طلب فرض الحراسة كما حكمت بتاريخ 10/ 4/ 1975 برد وبطلان المخالصة وقررت ضم الدعاوي ليصدر فيها حكم واحد ثم ندبت خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 11/ 1/ 1982: أولاً: في الدعاوي المقامة من الطاعنين برفضها، وفي الدعوى الفرعية المقامة من المطعون عليهم بفسخ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 16/ 2/ 1973 وفي الدعوى رقم 2515 سنة 1973 مدني الزقازيق الابتدائية بإلزام الطاعنين بتسليم المطعون عليهم مساحة 9 س، 10 ط، 16 ف موضوع عقد البيع الابتدائي المؤرخ 16/ 2/ 1973 وقبل الفصل في طلب الريع والتعويض بندب خبير في الدعوى. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 143 و150 لسنة 52 ق المنصورة - مأمورية الزقازيق - وبتاريخ 6/ 3/ 1984 حكمت المحكمة بعدم جواز الاستئنافين لما قضى به الحكم المستأنف في الدعوى رقم 2515 سنة 1973 مدني الزقازيق الابتدائية من تسليم أطيان النزاع وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به في دعاوي الطاعنين أرقام 2036، 2037، 2039، 2040 سنة 1973 مدني كلي الزقازيق. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قابلية الأحكام للطعن فيها مسألة تتعلق بالنظام العام، تقضي فيها المحكمة من تلقاء نفسها، وأن مفاد نص المادة 212 من قانون المرافعات أن المشرع وضع قاعدة عامة مقتضاها عدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام التي تصدر أثناء نظر الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة فلا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن على الحكم الصادر في الموضوع سواء كانت تلك الأحكام موضوعية أو فرعية أو متعلقة بالإثبات حتى لو كانت منهية لجزء من الخصومة ورائد المشرع في ذلك هو الرغبة في منع تقطيع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم مما قد يؤدي إلى تعويق الفصل في موضوع الدعوى وما يترتب على ذلك من زيادة نفقات التقاضي، وأن الخصومة التي ينظر إلى انتهائها إعمالاً للمادة 212 من قانون المرافعات هي الخصومة الأصلية المرددة بين طرفي التداعي وأن الحكم الذي يجوز الطعن فيه تبعاً لذلك هو الحكم الذي تنتهي به الخصومة الأصلية برمتها وليس الحكم الذي يصدر في شق منها أو مسألة عارضة عليها أو متصلة بالإثبات فيها ولا يعتد في هذا الصدد الخصومة حسب نطاقها الذي رفعت به أمام محكمة الاستئناف. لما كان ذلك وكان رفع الدعوى ابتداء بطلبين مختلفين شأنه في ذلك شأن ضم دعويين لنظرهما معاً لا يؤدي أصلاً إلى دمج أحدهما في الآخر أو يفقد كل منهما استقلاله ولو أتحد الخصوم فيهما إلا أنه إذا كان كل من الطلبين مجرد وجه من وجهي نزاع واحد أو كان الفصل في أحدهما يتضمن فصلاً في الطلب الآخر ففي هذه الأحوال ينشأ من اقترانهما قيام خصومة واحدة تشملهما معاً ويعتبر الحكم في أحدهما قبل الآخر صادراً أثناء نظر الخصومة غير منه لها كلها فلا يجوز الطعن فيه قبل الفصل في الطلب الآخر إلا في الأحوال الاستثنائية المبينة على سبيل الحصر في المادة 212 سالفة البيان ومن بينها الأحكام التي تصدر في شق من الموضوع متى كانت قابلة للتنفيذ الجبري باعتبار أن القابلية للتنفيذ - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - تنشئ للمحكوم عليه مصلحة جدية للطعن فيه على استقلال حتى يتسنى له طلب وقف نفاذه. لما كان ذلك وكان الثابت في الأوراق أن الطاعنين أقاموا دعاواهم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 16/ 2/ 1973 فأقام المطعون عليهم دعوى فرعية بطلب اعتبار هذا العقد مفسوخاً لعدم سداد كامل الثمن وتحقق الشرط الفاسخ الصريح كما أقاموا الدعوى رقم 2515 لسنة 1973 مدني كلي الزقازيق بطلب إلزام الطاعنين بتسليم الأطيان وأداء الريع والتعويض عن وضع اليد على الأطيان دون سند حتى تمام التسليم وكانت الدعوى بطلب صحة ونفاذ عقد البيع وطلب اعتباره مفسوخاً وما يترتب على ذلك من طلبات بالتسليم والريع والتعويض هي طلبات متقابلة لخصومة واحدة تتعلق بمدى صحة عقد البيع ونفاذه في حق عاقديه والحكم في هذا الطلب يكشف عن سند الطاعنين في وضع يدهم على الأطيان المبيعة مما يترتب عليه حتماً رفض الطلبات الأخرى أو قبولها كلها أو بعضها مما ينتفي معه القول باستقلال كل من الطلبات المطروحة عن الآخر ومن ثم فإن الحكم الصادر من محكمة أول درجة بفسخ عقد البيع ورفض دعوى صحة التعاقد وإلزام الطاعنين بالتسليم وقبل الفصل في طلب الريع والتعويض بندب مكتب الخبراء يكون قد فصل في شق من الطلبات ولا يكون منهياً للخصومة كلها إذ ما زال على المحكمة أن تمضي في نظر الدعوى بالنسبة لباقي الطلبات التي لم تقل كلمتها فيها وكانت محكمة الاستئناف قد قبلت رغم ذلك الطعن بالاستئناف على الحكم الابتدائي في شقه المتعلق بصحة التعاقد والفسخ وحكمت في الموضوع بتأييد الحكم المستأنف بينما قضت في طلب التسليم بعدم جواز استئنافه على سند من أن الحكم في هذا الطلب غير منه للخصومة كلها وكان الحكم في هذه الطلبات لا يعتبر بهذه المثابة - وعلى نحو ما سلف بيانه - من أحكام الإلزام القابلة للتنفيذ الجبري ولا يندرج ضمن الحالات الاستثنائية الأخرى المبينة بالمادة 212 سالفة البيان ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون غير قابل للطعن فيه بالنقض إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها فيتعين الحكم بعدم جواز الطعن.