أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 46 - صـ 93

جلسة 5 من يناير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسن العفيفي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد محمود، أحمد أبو الضراير، علي شلتوت - نواب رئيس المحكمة وأحمد عبد الرازق.

(21)
الطعن رقم 1368 لسنة 60 القضائية

(1) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي. إثبات.
حجية الحكم لا تكون إلا فيما فصل فيه بصفة صريحة أو ضمنية سواء في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها. ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي.
(2، 3، 4) تنفيذ "اختصاص قاضي التنفيذ". "منازعات التنفيذ". حكم "الأحكام التي لها حجية مؤقتة". قوة الأمر المقضي. دعوى "تكييف الدعوى". حجز.
(2) قاضي التنفيذ. فصله في منازعات التنفيذ الوقتية بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة م 275 مرافعات. اختصاصه بشأن هذه المنازعات قاصر على الإجراءات الوقتية. عدم جواز تعرضه في أسباب حكمه لموضوع النزاع أو المساس بأصل الحق. أثر ذلك. الأحكام الصادرة منه لا تحوز حجية أمام محكمة الموضوع.
(3) اعتبار المنازعة متعلقة بالتنفيذ في معنى المادة 275 مرافعات. شرطه أن يكون التنفيذ جبرياً وأن تكون المنازعة منصبة على إجراء من إجراءات التنفيذ أو مؤثرة في سير التنفيذ وجريانه.
(4) طلب المطعون ضدها إلزام الطاعن بأن يؤدي إليها قيمة ما أوفته إليه دون وجه حق نفاذاً لحكم. لا تعد دعوى تنفيذ طالما لم يطلب عدم الاعتداد بالحجز الموقع نفاذاً لهذا الحكم.
(5) إثبات "القرائن القضائية". محكمة الموضوع "سلطاتها في استنباط القرائن".
سلطة محكمة الموضوع في استنباط القرائن. حقها في الاستناد إلى أمر تقرر في حكم آخر. شرطه. أن يكون هذا الحكم مودعاً ملف الدعوى وأصبح ضمن مستنداتها.
1- إن حجية الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تكون إلا فيما فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو ضمنية حتمية سواء أكان ذلك في المنطوق أم في الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها بعد أن يكون الطرفان قد تناقشا فيما فصل فيه واستقرت حقيقته بالحكم، استقراراً جامعاً مانعاً وبالتالي فما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي.
2- من المقررعملاً بنص المادة 275 من قانون المرافعات أن قاضي التنفيذ يفصل في منازعات التنفيذ الوقتية ومنها إشكالات التنفيذ الوقتية بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة وأن اختصاصه بشأن هذه المنازعات قاصر على الإجراءات الوقتية التي يخشى عليها من فوات الوقت لدرء خطر محقق أو للمحافظة على حالة فعلية مشروعة أو صيانة مركز قانوني قائم وذلك دون المساس بأصل الحق وليس له أن يعرض في أسباب حكمه إلى الفصل في موضوع النزاع أو أن يؤسس قضاءه في الطلب الوقتي على أسباب تمس أصل الحق ومن ثم فإن أحكامه وما أفرغه فيها من أسباب لا تحوز حجية أمام محكمة الموضوع.
3- المقرر - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أنه لكي تكون المنازعة متعلقة بالتنفيذ في معنى المادة 275 من قانون المرافعات يتعين أولاً: أن يكون التنفيذ جبرياً. ثانياً: أن تكون المنازعة منصبة على إجراء من إجراءات التنفيذ أو مؤثرة في سير التنفيذ وإجراءاته أما تلك التي لا تمس إجراء من إجراءات التنفيذ أو سير التنفيذ وجريانه فلا تعتبر منازعة في التنفيذ وبالتالي لا تدخل في اختصاص قاضي التنفيذ.
4- إذ كانت طلبات المطعون ضدها في الدعوى المطروحة هي إلزام الطاعن بأن يؤدي إليها مبلغ 1374 جنيه و245 مليم قيمة ما أوفته إليه دون وجه حق نفاذاً للحكم رقم 500/ 1971 تجاري شمال القاهرة الابتدائية ودون أن تطلب عدم الاعتداد بالحجز الموقع نفاذاً لهذا الحكم أو بطلانه...... فإنها تكون دعوى مطالبة عادية تدخل في اختصاص المحكمة لا دعوى تنفيذ مما يدخل في اختصاص قاضي التنفيذ.
5- المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في استنباط القرائن ويحق لها الاستناد إلى أي أمر تقرر في حكم آخر ما دام أن هذا الحكم مودع ملف الدعوى وأصبح ضمن مستنداتها وعنصر من عناصر الإثبات تناضل الخصوم في دلالته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها تقدمت إلى السيد/ رئيس المحكمة بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب إصدار الأمر بإلزام الطاعن بأن يؤدي إليها مبلغ 1374 جنيه و245 مليم والفوائد القانونية سبق أن أدته إليه من مالها الخاص دون وجه حق نفاذاً للحكم الصادر في الدعوى رقم 500/ 1971 تجاري شمال القاهرة الابتدائية بإلزام ورثة مورثها........ بأن يدفعوا من تركة هذا المورث المبلغ المشار إليه بعد أن تبين بعد ذلك بمقتضى الحكم الصادر في الدعوى رقم 7073/ 1984 مدني شمال القاهرة الابتدائية - أن التركة مستغرقة بالديون، وإذ امتنع السيد رئيس المحكمة عن إصدار هذا الأمر حدد جلسة لنظر لموضوع وقامت المطعون ضدها بإعلان الطاعن بنفس الطلبات وقيدت الدعوى برقم 650/ 1988 مدني شمال القاهرة الابتدائية، دفع الطاعن بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر النزاع وبتاريخ 22/ 11/ 1988 حكمت برفض هذا الدفع وللمطعون ضدها بطلباتها، استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 12117/ 105 ق وبتاريخ 25/ 1/ 1990 حكمت بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول وبشق من الوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله وذلك حيث ناقض الحكم النهائي السابق صدوره في الدعوى 500/ 1971 تجاري شمال القاهرة الابتدائية والقاضي بإلزام المطعون ضدها وباقي ورثة....... بأن يؤدوا إليه المبلغ المطالب به من تركة مورثهم بما ينطوي على قضاء منه بوجود تركة يمتنع معه على المحكمة - وقد حاز هذا القضاء قوة الأمر المقضي أن تعود مرة أخرى إلى بحث هذه المسألة، بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك إن حجية الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تكون إلا فيما فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو ضمنية حتمية سواء أكان ذلك في المنطوق أم في الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها بعد أن يكون الطرفان قد تناقشا فيما فصل فيه واستقرت حقيقته بالحكم، واستقراراً جامعاً مانعاً وبالتالي فما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم الصادر في الدعوى رقم 500/ 1971 تجاري شمال القاهرة الابتدائية أنها خلت مما يفيد طرح مسألة ما إذا كانت تركة........ مستغرقة بالديون من عدمه وما إذا كانت المطعون ضدها بصفتها أحد ورثته قد آل إليها نصيب من هذه التركة من عدمه، فإن هذا الحكم لا يحوز قوة الأمر المقضي فيه النزاع المطروح وإذ التزم الحكم المطعون فيه ذلك فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالشق الأول من الوجه الثاني من السبب الأول والشق الثاني من الوجه الثاني من السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون حين قضى للمطعون ضدها بالمبلغ المطالب به على خلاف حكم سابق حائز لقوة الأمر المقضي صادر من قاضي التنفيذ في الأشكال المقام منها بالدعوى رقم 92/ 1984 مصر الجديدة مستشكلة في تنفيذ الحكم رقم 500/ 1971 تجاري شمال القاهرة الابتدائية وقضى برفضه، كانت قد أثارت فيه مسألة استغرق تركة المورث بالديون رفضها الحكم في أسابه مما لا يجوز إثارته مرة أخرى بالدعوى المطروحة وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه من المقرر عملاً بنص المادة 275 من قانون المرافعات أن قاضي التنفيذ يفصل في منازعات التنفيذ الوقتية ومنها إشكالات التنفيذ الوقتية بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة وأن اختصاصه بشأن هذه المنازعات قاصر على الإجراءات الوقتية التي يخشى عليها من فوات الوقت لدرء خطر محقق أو للمحافظة على حالة فعلية مشروعة أو صيانة مركز قانوني قائم وذلك دون المساس بأصل الحق وليس له أن يعرض في أسباب حكمه إلى الفصل في موضوع النزاع أو أن يؤسس قضاءه في الطلب الوقتي على أسباب تمس أصل الحق ومن ثم فإن أحكامه وما أفرغه فيها من أسباب لا تحوز حجية أمام محكمة الموضوع، وإذ واجه الحكم المطعون فيه دفاع الطاعن في هذا الشأن بعدم اكتساب الحكم الصادر في الإشكال المقام من المطعون ضدها في تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 500/ 1971 تجاري شمال القاهرة الابتدائية بما ورد فيه من أسباب حجية في دعوى أصل الحق المطروحة فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الأول أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون حيث خلص إلى تأييد الحكم الابتدائي في قضائه برفض الدفع المبدي من الطاعن بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى واختصاص قاضي التنفيذ بنظرها مع أن الحكم الاستئنافي رقم 939/ 100 ق القاهرة المودع ملف الدعوى قد قضى بإلغاء الحكم الابتدائي الصادر برفض دعوى المطعون ضدها السابق لها رفعها رقم 460/ 1984 تجاري شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم ببراءة ذمتها من الدين المقضي به بالحكم رقم 500/ 1971 تجاري شمال القاهرة الابتدائية وعدم الاعتداد بالحجز الموقع اقتضاءً له وبعدم اختصاص محكمة أول درجة بنظر تلك الدعوى وبإحالتها إلى قاضي التنفيذ لاختصاصه بها بما يفيد اختصاص قاضي التنفيذ بنظر النزاع المطروح، وإذ خلص الحكم المطعون فيه - مع ذلك - إلى عدم اختصاص قاضي التنفيذ بنظره وفصل في الدعوى بمقولة زوال حجية الحكم الابتدائي في تلك الدعوى وأن قاضي التنفيذ لم يفصل بعد فيها بحكم نهائي فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة أنه لكي تكون المنازعة متعلقة بالتنفيذ في معنى المادة 275 من قانون المرافعات يتعين أولاً: أن يكون التنفيذ جبرياً. ثانياً: أن تكون المنازعة منصبة على إجراء من إجراءات التنفيذ أو مؤثرة في سير التنفيذ وإجراءاته أما تلك التي لا تمس إجراء من إجراءات التنفيذ أو سير التنفيذ - وجريانه فلا تعتبر منازعة في التنفيذ وبالتالي لا تدخل في اختصاص قاضي التنفيذ، إذ كان ذلك وكانت طلبات المطعون ضدها في الدعوى المطروحة هي إلزام الطاعن بأن يؤدي إليها مبلغ 1374 جنيه و245 مليماً قيمة ما أوفته إليه دون وجه حق نفاذاً للحكم رقم 500/ 1971 تجاري شمال القاهرة الابتدائية ودون أن تطلب عدم الاعتداد بالحجز الموقع نفاذاً لهذا الحكم أو بطلانه...... فإنها تكون دعوى مطالبة عادية تدخل في اختصاص المحكمة لا دعوى تنفيذ مما يدخل في اختصاص قاضي التنفيذ وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر على ما أورده في أسبابه من أن النزاع المطروح لا يعد من قبيل منازعات التنفيذ التي اختص المشرع قاضي التنفيذ بنظرها فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه فيما استطرد إليه في أسبابه من أن الحكم الابتدائي الصادر في الدعوى السابقة للمطعون ضدهما رقم 460/ 1984 تجاري شمال القاهرة الابتدائية قد زالت حجيته وأن قاضي التنفيذ لم يصدر فيها حكماً قطعياً لا يعدو أن يكون تزيداً يستقيم الحكم بدونه ويكون النعي عليه في هذا الشأن - أياً كان وجه الرأي فيه - غير منتج.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الأول من السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون حين اتخذ من الحكم الصادر في الدعوى رقم 7073/ 1984 مدني شمال القاهرة الابتدائي قرينة على أن تركة مورث المطعون ضدها مستغرقة بالديون ويرد ما استوفاه منها على سند من أنه حصل من مالها الخاص مع أنه لا حجية لهذا الحكم في مواجهته لأنه لم يكن سوى خصم أدخل في تلك الدعوى للحكم في مواجهته دون أن توجه ثمة طلبات منه أو إليه وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في استنباط القرائن ويحق لها الاستناد إلى أي أمر تقرر في حكم آخر ما دام أن هذا الحكم مودع ملف الدعوى وأصبح ضمن مستنداتها وعنصر من عناصر الإثبات تناضل الخصوم في دلالته لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه - وفي حدود سلطته التقديرية - قد استند في قضائه بأن تركة مورث المطعون ضدها مستغرقة بالديون على ما ثبت من الحكم رقم 7073/ 1984 مدني شمال القاهرة الابتدائية - الصادر في مواجهة الطاعن - والمودع ملف الدعوى بحسبانه قرينة استنبطها من مستندات الدعوى وتناضل الخصوم في دلالتها لا بحسبانه قرينة قانونية قاطعة في الدعوى فإن تعييبه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.