أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 43 - صـ 471

جلسة 18 من مارس سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ وليم رزق بدوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد أبو الحجاج، مصطفى حسيب، شكري العميري نواب رئيس المحكمة وعبد الصمد عبد العزيز.

(102)
الطعن رقم 618 لسنة 57 القضائية

(1) حيازة "دعاوي الحيازة" "دعوى منع التعرض". تقادم.
دعوى منع التعرض. وجوب توافر نية التملك لدى رافعها. لازم ذلك وجوب أن يكون العقار محلها جائز تملكه بالتقادم. مقتضاه.
(2) أموال "أموال عامة". التقادم المكسب". قانون.
جواز تملك الأموال العامة قبل تعديل المادة 970 مدني. شرطه. انتهاء تخصيصها للأموال العامة. أثره. لا تأثير للتعديل التشريعي على ما تم كسبه منها بالتقادم قبل نفاذه. مؤداه.
(3) محكمة الموضوع. تقادم "التقادم المكسب". قرار إداري.
محكمة الموضوع. سلطتها في تقدير الأدلة والوقائع المؤدية للتقادم المكسب وإعطاء القرارات الإدارية وصفها القانوني. مؤدى ذلك.
1- لما كان من المتعين فيمن يبغي حماية وضع يده على عقار بدعوى منع التعرض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تتوافر لديه نية التملك وكان لازم ذلك أن يكون هذا العقار الذي تسبغ الحماية عليه بمقتضاها من العقارات التي يجوز تملكها بالتقادم بأن لا تكون من الأموال الخاصة بالدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة أو الأوقاف الخيرية التي حظر المشرع تملكها أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم بما نص عليه في المادة 970 من القانون المدني بعد تعديلها بالقانونين رقمي 147 لسنة 1957، 39 لسنة 1959 فإن من مقتضى ذلك أنه على المحكمة في دعوى منع التعرض أن تحسم النزاع المثار حول ما إذا كان العقار محل النزاع مما يجوز كسب ملكيته بالتقادم من عدمه للوصول إلى ما إذا كانت حيازة جديرة بالحماية القانونية لمنع التعرض لها أم لا دون أن يعتبر ذلك منها تعرضاً لأصل الحق.
2- إذ كانت الأموال العامة مما كان يمكن تملكها بالتقادم قبل تعديل المادة 970 من القانون المدني إذا انتهى تخصيصهاً للمنفعة العامة وثبت وضع اليد عليها بعد ذلك المدة الطويلة المكسبة للملكية بشرائطها القانونية إذ أن انتهاء تخصيص عقار ما للمنفعة العامة من شأنه أن يدخله في عداد الأملاك الخاصة بالدولة التي كانت تخضع للتقادم المكسب ولا يؤثر التعديل التشريعي على ما تم كسبه منها بالتقادم قبل نفاذه وتبقى حقوق الغير الثابتة فيه كما هي لا تمسها أحكامه.
3- تقدير أدلة الدعوى والوقائع المؤدية لكسب الملكية بمضي المدة الطويلة مما تستقل به محكمة الموضوع متى اعتمدت على أسباب سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها وأن لها أن تعطي القرارات الإدارية وصفها القانوني على هدى حكمة التشريع ومبدأ الفصل بين السلطات وحماية الأفراد وحقوقهم وهي في سبيل ذلك تملك بل من واجبها التحقق من قيام القرار الإداري بمقوماته القانونية والتعرف على فحواه فإن ظهر لها أنه مشوب بعيب ينحدر به إلى العدم خضع الأثر المترتب على صدوره لاختصاصها إذ أن مجرد صدور قرار من جهة إدارية ليس من شأنه أن يخلع عليه في كل الأحوال وبحكم اللزوم وصف القرار الإداري وإنما يلزم حتى يتحقق هذا الوصف أن يكون كذلك بحسب موضعه ومداه فإذا ما دار القرار حول مسألة من مسائل القانون الخاص خرج القرار من مدار القرارات الإدارية أياً كان مصدره ومهما كان موقعه في مدارج السلم الإداري.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 623 لسنة 1981 مدني كلي دمنهور على الطاعن بصفته ومورث باقي المطعون ضدهم بطلب الحكم بمنعهما من التعرض له في حيازته للعقار الموضح الحدود والمعالم بعريضة الدعوى على سند من حيازته له حيازة توافرت لها مقوماتها القانونية بنية التملك منذ تسلمه في سنة 1959 من البائع له والذي قضى بتثبيت ملكيته في الدعاوي 3195 لسنة 1961، 804 لسنة 1962، 129 لسنة 1961 مدني إسكندرية وظهر عليه بمظهر المالك بما أقامه من منشآت واستغلاله له في شئونه الخاصة، وإذ تعرض له الطاعن بصفته في تلك الحيازة تعرضاً مادياً بما اتخذه من قرارات تحول بينه وبين هذا الانتفاع والاستغلال بتحريض من مورث باقي المطعون ضدهم على زعم من أنه ملك للدولة فقد أقام الدعوى بطلباته - ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن أودع تقريره قضت له بطلباته. استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم 250 لسنة 38 ق إسكندرية (مأمورية دمنهور) وبتاريخ 24/ 12/ 1986 قضت المحكمة بالتأييد - طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي بها الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد وفي فهم الواقع وتطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه برفض الاستئناف على سند من القول أن البائع للمطعون ضده الأول كان قد حصل على أحكام قضائية بمنع التعرض له في أرض النزاع منها الحكم الصادر في الدعوى رقم 3195 لسنة 1961 وفقاً لما تضمنه تقرير الخبير وأوراق الدعوى وأن المطعون ضده الأول قد حازها حيازة فعلية توافرت لها مقوماتها القانونية منذ أكثر من عشرين عاماً وجحد بذلك اختصاص القضاء الإداري بنظر النزاع بعد أن خلص إلى القول بانعدام القرار الإداري الذي توافرت له مقوماته القانونية دون بيان لأسباب هذا الانعدام مع أن تلك الحيازة هي حيازة عارضة إذ لم تتوافر لديه نية التملك إذ أنها من أملاك الدولة الخاصة التي لا يجوز تملكها بالتقادم عملاً بالمادة 970 من القانون المدني بما يعيبه بالخطأ في الإسناد وفي فهم الواقع وتطبيق القانون والقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان من المتعين فيمن يبغى حماية وضع يده على عقار بدعوى منع التعرض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تتوافر لديه نية التملك وكان لازم ذلك أن يكون هذا العقار الذي تسبغ الحماية عليه بمقتضاها من العقارات التي يجوز تملكها بالتقادم بأن لا تكون من الأموال الخاصة بالدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة أو الأوقاف الخيرية التي حظر المشرع تملكها أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم بما نص عليه في المادة 970 من القانون المدني بعد تعديلها بالقانونين رقم 147 لسنة 1957، 39 لسنة 1959 فإن من مقتضى ذلك أنه على المحكمة في دعوى منع التعرض أن تحسم النزاع المثار حول ما إذا كان العقار محل النزاع مما يجوز كسب ملكيته بالتقادم من عدمه للوصول إلى ما إذا كانت حيازة جديرة بالحماية القانونية لمنع التعرض لها أم لا دون أن يعتبر ذلك منها تعرضاً لأصل الحق وإذ كانت الأموال العامة مما كان يمكن تملكها بالتقادم قبل تعديل المادة سالفة الذكر إذا انتهى تخصيصهاً للمنفعة العامة وثبت وضع اليد عليها بعد ذلك المدة الطويلة المكسبة للملكية بشرائطها القانونية إذ أن انتهاء تخصيص عقار ما للمنفعة العامة من شأنه أن يدخله في عداد الأملاك الخاصة بالدولة التي كانت تخضع للتقادم المكسب ولا يؤثر التعديل التشريعي على ما تم كسبه منها بالتقادم قبل نفاذه وتبقى حقوق الغير الثابتة فيه كما هي لا تمسها أحكامه وكان تقدير أدلة الدعوى والوقائع المؤدية لكسب الملكية بمضي المدة الطويلة مما تستقل به محكمة الموضوع متى اعتمدت على أسباب سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها وأن لها أن تعطي القرارات الإدارية وصفها القانوني على هدى حكمة التشريع ومبدأ الفصل بين السلطات وحماية الأفراد وحقوقهم وهي في سبيل ذلك تملك بل من واجبها التحقق من قيام القرار الإداري بمقوماته القانونية والتعرف على فحواه فإن ظهر لها أنه مشوب بعيب ينحدر به إلى العدم خضع الأثر المترتب على صدوره لاختصاصها إذ أن مجرد صدور قرار من جهة إدارية ليس من شأنه أن يخلع عليه في كل الأحوال وبحكم اللزوم وصف القرار الإداري وإنما يلزم حتى يتحقق هذا الوصف أن يكون كذلك بحسب موضعه ومداه فإذا ما دار القرار حول مسألة من مسائل القانون الخاص خرج القرار من مدار القرارات الإدارية أياً كان مصدره ومهما كان موقعه في مدارج السلم الإداري لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد خلص في قضاءه إلى أن النزاع قد انتهى تخصيصها للمنفعة العامة قبل سنة 1913 واعتبرت من أملاك الدولة الخاصة وأن البائعين للمطعون ضده قد توافرت واكتملت لهم مدة حيازتهم لها حيازة قانونية بنية التملك فاكتسبوا بذلك ملكيتها بالتقادم الطويل قبل العمل بالقانون 147 لسنة 1959 وتصرفوا فيها بالبيع إلى المطعون ضده الأول بالعقد المؤرخ 25/ 9/ 1959 وتوافرت لحيازة هذا الأخير منذ هذا التاريخ مقوماتها بنية التملك مما تستأهل معه حمايتها بدعوى منع التعرض وكان ذلك بأسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي لحمل قضاءه وخلص من ذلك أن القرار الصادر من الطاعن بصفته لا يعدو أن يكون تعرضاً مادياً لا يرقى إلى مراتب القرارات الإدارية وخلص إلى القول بانعدامه ورفض الدفع المبدي منه بعدم الاختصاص ولائياً بنظر النزاع على هذا الأساس فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحى النعي عليه بأسباب الطعن على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.