أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 43 - صـ 486

جلسة 22 من مارس سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: فاروق يوسف سليمان، خلف فتح الباب، حسام الدين الحناوي نواب رئيس المحكمة ومحمد محمود عبد اللطيف.

(105)
الطعن رقم 965 لسنة 53 القضائية

(1، 2، 3) إيجار "إيجار الأماكن" "المنشآت الآيلة للسقوط". استئناف.
(1) الأحكام الصادرة من المحكمة الابتدائية طبقاً للمادة 18 ق 49 لسنة 1977 في الطعون على قرارات لجان المنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة. الطعن عليها بطريق الاستئناف خضوعه للقواعد العامة في قانون المرافعات دون المادة 20 من القانون سالف الذكر. قصر تطبيق حكم المادة الأخيرة على الأحكام الصادرة في الطعون على قرارات لجان تقدير الأجرة.
(2) إلحاق مهندس معماري أو مدني بتشكيل المحكمة الابتدائية عن نظر الطعون على قرارات لجان تحديد الأجرة ولجان المنشآت الآيلة للسقوط. المادتان 18، 59 ق 49 لسنة 1977. استثناء من القواعد العامة بقانون المرافعات. علة ذلك. قصره على حالات الفصل في موضوع الطعن دون الأمور المتعلقة بالشكل. (مثال بشأن الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد).
(3) قرار لجنة المنشآت الآيلة للسقوط. الأصل إعلانه إلى ذوي الشأن بالطريق الإداري. إعلانه بطريق اللصق بلوحة الإعلانات أو على العقار. حالاته. العلم الحقيقي بالقرار تمامه بإعلانه إلى ذوي الشأن. العلم الحكمي. تمامه بطريق اللصق. أثر ذلك. بدء سريان الطعن في القرار. لا محل للرجوع إلى الأحكام العامة الواردة في قانون المرافعات بشأن الإعلان. علة ذلك. التحقق من حصول الإعلان أو نفيه. من مسائل الواقع تستقل بها محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغاً.
1- المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن القانون رقم 49 لسنة 1977 عندما تكلم في الفصل الثاني من الباب الأول عن تقدير وتحديد الأجرة نص في المادة 18/ 1 منه على "أن يكون الطعن على قرارات لجان تحديد الأجرة....... أمام المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها المكان المؤجر ويلحق بتشكيلها مهندس معماري أو مدني......" وفي المادة 20/ 1 منه على أنه "لا يجوز الطعن في الحكم الصادر من المحكمة المشار إليها في المادة 18 إلا لخطأ في تطبيق القانون" وعندما تكلم في الفصل الثاني من الباب الثاني في شأن المنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة نص في المادة 59/ 1 منه على أنه "لكل من ذوي الشأن أن يطعن في القرار المشار إليه بالمادة السابقة - قرار لجنة المنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة -....... أمام المحكمة المنصوص عليها في المادة 18 من هذا القانون" مفاده أن المشرع قصر الإحالة على المادة 18 وحدها دون المادة 20 وقد عمد بهذه الإحالة إلى مجرد تحديد المحكمة المختصة بنظر الطعون على قرارات لجان المنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة ورأى أن تكون هي نفس المحكمة الابتدائية المختصة بنظر الطعون على قرارات لجان تحديد الأجرة بتشكيلها المنصوص عليه في المادة 18 وذلك لما يتسم به موضوع المنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة من جوانب فنية تتوافر في تلك المحكمة بتشكيلها المتميز، أما ما خص به الطعون على قرارات لجان تحديد الأجرة من قيد على الحق في استئنافها بقصره على حالة الخطأ في تطبيق القانون - وذلك لحكمة تغياها - وهي على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 49 لسنة 1977 - الاكتفاء فيما يتعلق بتحديد الأجرة بمراحل التقدير المبدئي مع الترخيص والتحديد بمعرفة اللجنة ثم ما قد يصدر من المحكمة المختصة بالطعن في حالة التقدم إليها، فهو استثناء من مبدأ التقاضي على درجتين ورد بشأنه نص خاص والاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع في تفسيره فلا محل لسريانه على الطعون على قرارات لجان المنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة والهدم التي تظل خاضعة للقواعد العامة في قانون المرافعات المقررة بشأن طرق الطعن في الأحكام، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة الاستئناف في طعن على قرار لجنة المنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة والهدم، فيكون الطعن عليه بطريق النقض جائزاً طبقاً للقواعد العامة.
2- المقرر أن الأحكام تدور مع علتها وجوداً وعدماً، وأن الاستثناء يقدر بقدره دون التوسع في تفسيره أو القياس عليه، ولما كان إلحاق مهندس معماري أو مدني في تشكيل المحكمة الابتدائية المنصوص عليها في المادة 18 من القانون رقم 49 لسنة 1977 التي ناط بها المشرع الفصل في الطعون في القرارات الصادرة من لجان تحديد الأجرة بموجب هذه المادة وفي الطعون في القرارات الصادرة من لجان المنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة والهدم تطبيقاً للمادة 59 منه، هو استثناء من القواعد العامة التي تقصر تشكيل المحاكم صاحبة الولاية العامة للفصل في الدعاوي المدنية والتجارية على القضاة المعينين طبقاً لقانون السلطة القضائية وحدهم وكانت العلة من هذا الاستثناء في تشكيل المحكمة المذكورة حسبما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون هي أن المصلحة العامة تقضي إيجاد نظام يكفل ربط الخبير بالمحكمة ربطاً مباشراً حتى يتكامل النظر القانوني إلى جانب الخبرة الفنية ليكون الفصل في النزاع المردد بين الخصوم في الطعن أقرب ما يكون إلى العدالة دون إطالة في الإجراءات أو مشقة في التقاضي، مما مؤداه أن إلحاق مهندس بتشكيل المحكمة سالفة الذكر إنما يقتصر على الفصل في موضوع الطعون في القرارات الصادرة من اللجان المشار إليها التي تتطلب الاستهداء بالخبرة الفنية عند بحث الوقائع المطروحة في النزاع تمهيداً لممارسة المحكمة عملها في تحري القانون الواجب تطبيقه وإنزال حكمه الصحيح على الواقع الذي يثبت لديها، دون ما يتعدى هذا النطاق من المسائل التي يعتمد الفصل فيها على النظر القانوني البحت أو التي لا تتطلب خبرة فنية إذ هي تدخل في صميم ولاية القاضي وتتعلق بجوهر عمله الأصيل - الفصل في الخصومات - مما يستلزم أن تتولى المحكمة العادية المختصة الفصل في هذه المسائل بنفسها بهيئة مشكلة من قضاتها الأصليين، دون التزام عليها بأن تلحق بتشكيلها مهندساً لانتفاء علة وجوده عند النظر في النزاع في مثل هذه الحالات، ومن ذلك قضاء المحكمة في الأمور المتعلقة بشكل الطعن، وما يقتضيه من بحث للإجراءات التي رسمها القانون والمواعيد التي حددها لقبوله، لما كان ذلك وكانت المحكمة أول درجة قد اقتصرت على النظر في شكل الطعن ولم تتطرق إلى بحث موضوعه فإن قضاءها بعدم قبول الطعن شكلاً بهيئة مشكلة من قضاتها الأصليين دون أن يلحق بها مهندس يكون موافقاً لصحيح القانون وبمنأى عن البطلان.
3- النص في المادتين 58، 59 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن الأصل هو إعلان قرار اللجنة إلى ذوي الشأن بالطريق الإداري، وأن اللصق على العقار وفي لوحة الإعلانات لا يكون إلى في حالة عدم تيسر إعلانهم بسبب غيبتهم غيبة منقطعة أو لعدم الاستدلال على محال إقامتهم أو لامتناعهم عن تسلم الإعلان مما مفاده أن المشرع قد استهدف من النص على طريقة معينة لإعلان ذوي الشأن بقرار لجنة المنشآت الآيلة للسقوط أن يتوافر علم المعلن إليه بصدور هذا القرار ليتسنى له اتخاذ ما يراه بشأنه سواء كان هذا العلم حقيقياً إذا تم إعلان القرار لذوي الشأن، أو حكمياً إذا تم لصقه في الحالات والأماكن التي حددها، وجعل المشرع من هذا الإعلان على هذا النحو بداية لسريان ميعاد الطعن في القرار، وكان لا محل للرجوع إلى القواعد العامة المنصوص عليها في قانون المرافعات بشأن إعلان الأوراق ما دام أن المشرع لم ينص على الإحالة إليها وحرص على رسم طريقة معينة يتم حصول الإعلان بمقتضاها. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم قبول الطعن شكلاً في قرار إزالة العقار محل النزاع على ما ثبت من أن الطاعن أعلن بالقرار الهندسي بتاريخ 28/ 3/ 1979 ورفض استلامه فتم الإعلان بطريق اللصق طبقاً لما نصت عليه المادة 58/ 1 سالفة البيان، فأنتج الإعلان أثره في سريان ميعاد الطعن المقرر قانوناً إلا أن الطاعن تجاوز هذا الميعاد إذ قدم طعنه إلى المحكمة بتاريخ 30/ 5/ 1979. لما كان ما سلف وكان التحقق من حصول إعلان الخصم ونفي ذلك من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع بلا رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض متى كان استخلاصها يقوم على اعتبارات سائغة، وكان ما استخلصته محكمة الموضوع من تمام إعلان الطاعن بقرار الإزالة المطعون فيه سائغاً وله مورده الصحيح من الأوراق ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها قضاؤها بما يتفق وصحيح حكم القانون فإن ما يثيره بهذه الأسباب لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع سلطة استخلاصه وتقديره مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطعن أقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم 3131 لسنة 1979 مدني المنصورة الابتدائية طعناً على القرار الهندسي رقم 5/ 6/ 565 لسنة 1978 الصادر من لجنة المنشآت الآيلة للسقوط بالوحدات المحلية لمركز المنصورة بإزالة العقار الذي يستأجره من المطعون ضدهما الأول والثاني على سند من أنه أعلن بهذا القرار بتاريخ 16/ 5/ 1979 وأن العقار لا يخشى عليه من السقوط ويمكن ترميمه. حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعة بعد الميعاد. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 633 لسنة 33 قضائية. وبتاريخ 27 من فبراير سنة 1983 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، ودفع المطعون ضده الأول بعدم جواز الطعن وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدي من المطعون ضده الأول بعدم جواز الطعن أن المادة 59 من القانون رقم 49 لسنة 1977 أجازت لذوي الشأن الطعن على قرارات لجان المنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة والهدم أمام المحكمة المنصوص عليها في المادة 18 من ذات القانون، وإعمالاً لنص المادة 20 منه لا يجوز الطعن في الحكم الصادر من تلك المحكمة أمام محكمة الاستئناف إلا للخطأ في تطبيق القانون ويكون حكم المحكمة الأخيرة في هذه الحالة غير قابل للطعن فيه بأي وجه للطعن.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد، ذلك بأنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن القانون رقم 49 لسنة 1977 عندما تكلم في الفصل الثاني من الباب الأول عن تقدير وتحديد الأجرة نص في المادة 18/ 1 منه على "أن يكون الطعن على قرارات لجان تحديد الأجرة....... أمام المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها المكان المؤجر ويلحق بتشكيلها مهندس معماري أو مدني....." وفي المادة 20/ 1 منه على أنه "لا يجوز الطعن في الحكم الصادر من المحكمة المشار إليها في المادة 18 إلا لخطأ في تطبيق القانون" وعندما تكلم في الفصل الثاني من الباب الثاني في شأن المنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة نص في المادة 59/ 1 منه على أنه "لكل من ذوي الشأن أن يطعن في القرار المشار إليه بالمادة السابقة - قرار لجنة المنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة -....... أمام المحكمة المنصوص عليها في المادة 18 من هذا القانون" مفاده أن المشرع قصر الإحالة على المادة 18 وحدها دون المادة 20 وقد عمد بهذه الإحالة إلى مجرد تحديد المحكمة المختصة بنظر الطعون على قرارات لجان المنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة ورأى أن تكون هي نفس المحكمة الابتدائية المختصة بنظر الطعون على قرارات لجان تحديد الأجرة بتشكيلها المنصوص عليه في المادة 18 وذلك لما يتسم به موضوع المنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة من جوانب فنية تتوافر في تلك المحكمة بتشكيلها المتميز، أما ما خص به الطعون على قرارات لجان تحديد الأجرة من قيد على الحق في استئنافها بقصره على حالة الخطأ في تطبيق القانون - وذلك لحكمة تغياها - وهي على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 49 لسنة 1977 - الاكتفاء فيما يتعلق بتحديد الأجرة بمراحل التقدير المبدئي مع الترخيص والتحديد بمعرفة اللجنة ثم ما قد يصدر من المحكمة المختصة بالطعن في حالة التقدم إليها، فهو استثناء من مبدأ التقاضي على درجتين ورد بشأنه نص خاص والاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع في تفسيره فلا محل لسريانه على الطعون على قرارات لجان المنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة والهدم التي تظل خاضعة للقواعد العامة في قانون المرافعات المقررة بشأن طرق الطعن في الأحكام، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة الاستئناف في طعن على قرار لجنة المنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة والهدم، فيكون الطعن عليه بطريق النقض جائزاً طبقاً للقواعد العامة. ومن ثم يكون هذا الدفع في غير محله متعين الرفض.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعي الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد صدر من المحكمة الابتدائية دون أن يلحق بتشكيلها مهندس بالمخالفة لما يوجب نص المادة 18 من القانون رقم 49 لسنة 1977 مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن من المقرر أن الأحكام تدور مع علتها وجوداً وعدماً، وأن الاستثناء يقدر بقدره دون التوسع في تفسيره أو القياس عليه، ولما كان إلحاق مهندس معماري أو مدني في تشكيل المحكمة الابتدائية المنصوص عليها في المادة 18 من القانون رقم 49 لسنة 1977 التي ناط بها المشرع الفصل في الطعون في القرارات الصادرة من لجان تحديد الأجرة بموجب هذه المادة وفي الطعون في القرارات الصادرة من الجان المنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة والهدم تطبيقاً للمادة 59 منه، هو استثناء من القواعد العامة التي تقصر تشكيل المحاكم صاحبة الولاية العامة للفصل في الدعاوي المدنية والتجارية على القضاة المعينين طبقاً لقانون السلطة القضائية وحدهم وكانت العلة من هذا الاستثناء في تشكيل المحكمة المذكورة حسبما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون هي أن المصلحة العامة تقضي إيجاد نظام يكفل ربط الخبير بالمحكمة ربطاً مباشراً حتى يتكامل النظر القانوني إلى جانب الخبرة الفنية ليكون الفصل في النزاع المردد بين الخصوم في الطعن أقرب ما يكون إلى العدالة دون إطالة في الإجراءات أو مشقة في التقاضي، مما مؤداه أن إلحاق مهندس بتشكيل المحكمة سالفة الذكر إنما يقتصر على الفصل في موضوع الطعون في القرارات الصادرة من اللجان المشار إليها التي تتطلب الاستهداء بالخبرة الفنية عند بحث الوقائع المطروحة في النزاع تمهيداً لممارسة المحكمة عملها في تحري القانون الواجب تطبيقه وإنزال حكمه الصحيح على الواقع الذي يثبت لديها، دون ما يتعدى هذا النطاق من المسائل التي يعتمد الفصل فيها على النظر القانوني البحت أو التي لا تتطلب خبرة فنية إذ هي تدخل في صميم ولاية القاضي وتتعلق بجوهر عمله الأصيل - الفصل في الخصومات - مما يستلزم أن تتولى المحكمة العادية المختصة الفصل في هذه المسائل بنفسها بهيئة مشكلة من قضاتها الأصليين، دون التزام عليها بأن تلحق بتشكيلها مهندساً لانتفاء علة وجوده عند النظر في النزاع في مثل هذه الحالات. ومن ذلك قضاء المحكمة في الأمور المتعلقة بشكل الطعن وما يقتضيه من بحث للإجراءات التي رسمها القانون والمواعيد التي حددها لقبوله، لما كان ذلك وكانت المحكمة أول درجة قد اقتصرت على النظر في شكل الطعن ولم تتطرق إلى بحث موضوعه فإن قضاءها بعدم قبول الطعن شكلاً بهيئة مشكلة من قضاتها الأصليين دون أن يلحق بها مهندس يكون موافقاً لصحيح القانون وبمنأى عن البطلان ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الثابت من الشكوى الإداري المنظمة وتقرير الخبير أنه لم يتسلم صورة الإعلان بقرار إزالة العقار محل النزاع إلا بتاريخ 16/ 5/ 1979 وبالتالي فإنه يكون قد أقام طعنه عليه في الميعاد، هذا إلى أن المادة 58 من القانون رقم 49 لسنة 1977 قد بينت إجراءات الإعلان بقرارات لجان المنشآت الآيلة للسقوط وقد خلت الأوراق مما يفيد إتباع هذه الإجراءات وبيان كيفية ورود صورة القرار المطعون عليه إلى قسم الشرطة لإعلانه به بتاريخ 28/ 3/ 1979 وزمان ومكان إعلانه به واقتصر الأمر على إثبات أنه رفض استلام الإعلان وإجراء لصقه بلوحة الإعلانات بقسم الشرطة دون التحقق من تمام اللصق في مكان ظاهر على واجهة العقار، في حين أنه يتعين التزام القائم بالإعلان بالضمانات العامة الواردة في قانون المرافعات بشأن المحضر عند كتابة الإعلان، وإذ اعتد الحكم المطعون فيه بهذا الإعلان الباطل في قضائه بعدم قبول الطعن فهذا مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن النص في الفقرة الأولى من المادة 58 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أن "يعلن قرار اللجنة - لجنة المنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة - بالطريق الإداري إلى ذوي الشأن من الملاك وشاغلي العقار وأصحاب الحقوق وتعاد صورة منه إلى الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، فإذا لم يتيسر إعلانهم بسبب غيبتهم غيبة منقطعة أو لعدم الاستدلال على محال إقامتهم أو لامتناعهم عن تسلم الإعلان تلصق نسخة من القرار في مكان ظاهر بواجهة العقار وفي لوحة الإعلانات في مقر نقطة الشرطة الواقع في دائرتها العقار وفي مقر عمدة الناحية ولوحة الإعلانات في مقر مجلس المحلي المختص بحسب الأحوال" وفي الفقرة الأولى من المادة 59 من ذات القانون على أن "لكل من ذوي الشأن أن يطعن في القرار المشار إليه بالمادة السابقة في موعد لا يجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانه بالقرار....." يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن الأصل هو إعلان قرار اللجنة إلى ذوي الشأن بالطريق الإداري، وأن اللصق على العقار وفي لوحة الإعلانات لا يكون إلى في حالة عدم تيسر إعلانهم بسبب غيبتهم غيبة منقطعة أو لعدم الاستدلال على محال إقامتهم أو لامتناعهم عن تسلم الإعلان، مما مفاده أن المشرع قد استهدف من النص على طريقة معينة لإعلان ذوي الشأن بقرار لجنة المنشآت الآيلة للسقوط أن يتوافر علم المعلن إليه بصدور هذا القرار ليتسنى له اتخاذ ما يراه بشأنه سواء كان هذا العلم حقيقياً إذا تم إعلان القرار لذوي الشأن، أو حكمياً إذا تم لصقه في الحالات والأماكن التي حددها، وجعل المشرع من هذا الإعلان على هذا النحو بداية لسريان ميعاد الطعن في القرار، وكان لا محل للرجوع إلى القواعد العامة المنصوص عليها في قانون المرافعات بشأن إعلان الأوراق ما دام أن المشرع لم ينص على الإحالة إليها وحرص على رسم طريقة معينة يتم حصول الإعلان بمقتضاها. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم قبول الطعن شكلاً في قرار إزالة العقار محل النزاع على ما ثبت من أن الطاعن أعلن بالقرار الهندسي بتاريخ 28/ 3/ 1979 ورفض استلامه فتم الإعلان بطريق اللصق طبقاً لما نصت عليه المادة 58/ 1 سالفة البيان، فأنتج الإعلان أثره في سريان ميعاد الطعن المقرر قانوناً إلا أن الطاعن تجاوز هذا الميعاد إذ قدم طعنه إلى المحكمة بتاريخ 30/ 5/ 1979. لما كان ما سلف وكان التحقق من حصول إعلان الخصم ونفي ذلك من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع بلا رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض متى كان استخلاصها يقوم على اعتبارات سائغة، وكان ما استخلصته محكمة الموضوع من تمام إعلان الطاعن بقرار الإزالة المطعون فيه سائغاً وله مورده الصحيح من الأوراق ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها قضاؤها بما يتفق وصحيح حكم القانون فإن ما يثيره بهذه الأسباب لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع سلطة استخلاصه وتقديره وما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض ومن ثم يضحى النعي على الحكم المطعون فيه على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.