أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 46 صـ 143

جلسة 12 من يناير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ أحمد مدحت المراغي - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد حسن العفيفي، محمد محمد محمود، أحمد أبو الضراير - نواب رئيس المحكمة، وأحمد عبد الرازق.

(30)
الطعن رقم 2546 لسنة 59 القضائية

(1) حكم "الطعن في الحكم: القبول المانع من الطعن". نقض "قبول الحكم المانع من الطعن بالنقض".
قبول الطعن. شرطه. ألا يكون الطاعن قد قبل الحكم المطعون فيه. م 211 مرافعات. مؤدى ذلك. استئناف الطاعن الحكم الصادر عليه وطلبه إلغاءه في جزء منه. عدم قبول طعنه في الجزء الآخر بطريق النقض.
(2, 3) محكمة الموضوع "سلطتها في فهم الواقع في الدعوى" "سلطتها في تقدير الأدلة". تزوير "الحكم في الادعاء بالتزوير". إثبات "إجراءات الإثبات".
(2) محكمة الموضوع لها السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها. حسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
(3) لقاضي الدعوى سلطة الحكم بصحة الورقة المدعى بتزويرها أو ببطلانها وردها بناء على ما يستظهره من ظروف الدعوى وملابستها. عدم التزامه باتخاذ أي إجراء من إجراءات الإثبات.
1- لما كانت المادة 211 من قانون المرافعات تقضي بأنه لا يجوز الطعن في الأحكام ممن قبلها وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يشترط لقبول الطعن ألا يكون الطاعن قد قبل الحكم المطعون فيه بحيث أنه إذا ما استأنف الخصم الحكم الصادر عليه وطلب إلغاءه بالنسبة إلى جزء منه فلا يقبل من هذا الخصم طعنه في الجزء الآخر بطريق النقض.
2 - لما كان لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير أدلتها وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
3- إن لقاضي الدعوى سلطة الحكم بصحة الورقة المدعى بتزويرها أو بطلانها وردها بناء على ما يستظهره من ظروف الدعوى وملابستها دون أن يكون ملزماً باتخاذ أي إجراء من إجراءات الإثبات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 2522 لسنة 1981 مدني شمال القاهرة الابتدائية على الطاعن والمطعون ضده الثاني بصفته بطلب الحكم: أولاً: بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 10/ 4/ 1976 والمتضمن بيع المطعون ضده الثاني بصفته الشقة المبينة بصحيفة الدعوى إلى الطاعن مقابل ثمن مقداره 2500 جنيه. ثانياً: بصحة ونفاذ التنازل المؤرخ 18/ 4/ 1976 والصادر من الطاعن إليه عن ذات الشقة. ادعى الطاعن بتزوير هذا التنازل وأنهت المحكمة إجراءات هذا الادعاء بحكمها الصادر بتاريخ 30/ 1/ 1985 لتنازل الطاعن عنه. وبتاريخ 22/ 4/ 1987 حكمت المحكمة للمطعون ضده الأول بطلباته. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 7534 لسنة 104 ق في خصوص قضائه بصحة ونفاذ التنازل الصادر منه للمطعون ضده الأول وبتاريخ 12/ 12/ 1988 حكمت المحكمة برفض الادعاء بتزوير هذا التنازل مع تحديد جلسة لنظر الموضوع وبتاريخ 11/ 4/ 1989 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعي الطاعن بالأول والثاني منها والوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع وذلك حين استبعدت محكمة الاستئناف المذكرة التي قدمها إبان فترة حجز الاستئناف للحكم بدعوى تقديمها بعد الأجل المحدد لتقديم المذكرات رغم أنه قدمها خلاله مما أدى بالحكم إلى إغفاله الرد على ما تمسك به فيها من دفاع جوهري يتحصل في عدم قبل دعوى صحة ونفاذ عقد البيع الصادر إليه من المطعون ضده الثاني وبالتالي التنازل الصادر منه إلى المطعون ضده الأول وذلك لعدم تسجيل سند ملكية البائع المطعون ضده الثاني للعين المبيعة.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كانت المادة 211 من قانون المرافعات تقضي بأنه لا يجوز الطعن في الأحكام ممن قبلها وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يشترط لقبول الطعن ألا يكون الطاعن قد قبل الحكم المطعون فيه بحيث أنه إذا ما استأنف الخصم الحكم الصادر عليه وطلب إلغاؤه بالنسبة إلى جزء منه فلا يقبل من هذا الخصم طعنه في الجزء الآخر بطريق النقض. لما كان ذلك وكان الطاعن قد قصر استئنافه على الشق الثاني من الحكم الابتدائي والقاضي بصحة ونفاذ عقد التنازل الصادر منه إلى المطعون ضده الأول بما مفاده قبوله الشق الأول القاضي بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر إليه من المطعون ضده الثاني فلا يقبل منه الطعن بالنقض فيما سبق وأن قبله ولم يستأنفه من الحكم الابتدائي ومن ثم يكون النعي - أياً كان وجه الرأي فيه - غير منتج ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الثالث والسبب الرابع أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب وذلك حين أغفل الرد على ما تمسك به الطاعن في مذكرته من طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أن توقيعه على عقد التنازل المؤرخ 18/ 4/ 1976 أخذ على بياض وقد ثبت ذلك بالتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وأن قيام المطعون ضده الأول بتحرير بيانه أعلى توقيعه يشكل جريمة خيانة أمانة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير أدلتها وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله وأن لقاضي الدعوى سلطة الحكم بصحة الورقة المدعي بتزويرها أو بطلانها وردها بناء على ما يستظهره من ظروف الدعوى وملابساتها دون أن يكون ملزماً باتخاذ أي إجراء من إجراءات الإثبات. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم الاستئناف الصادر بتاريخ 12/ 12/ 1988 والقاضي برفض الادعاء بتزوير التنازل المذكور أنه أقام قضاءه على ما أورده بمدوناته من أنه: ".... لم يثبت المتنازل أن تسلم المتنازل إليه - المستأنف ضده - للورقة الموقعة على بياض تم بغير اختياره هو ويضاف إلى كل ذلك أن ملابسات التعاقد بحسب الواقع في الدعوى ابتداءً من صدور التوكل الخاص بشراء شقة النزاع في 2/ 3/ 1976 والمصدق عليه برقم 514 لسنة 1976 توثيق السويس والنص فيه على أن من حق الوكيل بيعها للغير أو لنفسه قبل تحرير عقد التمليك ثم تحرير التنازل في تاريخ يعاصر لتاريخ الشراء ودفع المتنازل إليه أقساط الثمن وإقامته بالشقة طوال خمس سنوات سابقة على إلغاء التوكيل ورفع الدعوى كل ذلك يدل على صحة التنازل المطعون عليه خاصة وأن التباعد بين عنوان التنازل المبين بالورقة والتباعد بينه وبين أحد الأسطر عن الأسطر الأخرى لا يفيد باللزوم ما قاله الخبير من أن ورقة التنازل ملئت بعد الحصول على التوقيع ومن ثم تطرح المحكمة ما انتهى إليه الخبير في هذه الخصوصية وتقضي بصحة التنازل....., وكان ما أورده الحكم سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق ويكفي لحمل قضائه وفيه الرد الضمني على ما عداه فلا عليه إن التفت عن طلب الإحالة إلى التحقيق ويكون ما أثاره الطاعن بالنعي على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.