أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 43 - صـ 504

جلسة 24 من مارس سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ عادل بيومي نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعيد غرياني، عبد المنعم محمد الشهاوي، مصطفى جمال شفيق وعبد الملك نصار.

(108)
الطعن رقم 115 لسنة 59 القضائية "أحوال شخصية"

- أحوال شخصية "المسائل الخاصة بغير المسلمين: تطليق" "دعوى الأحوال الشخصية: الحكم فيها". حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
- حيازة الحكم السابق قوة الأمر المقضي بالنسبة للدعوى اللاحقة. شرطه. اتحاد الموضوع والخصوم والسبب في كل من الدعويين. طلب التطليق طبقاً لأحكام المادتين 55 و56 من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة في أو مايو سنة 1938، اختلافه في السبب عن طلب التطليق إعمالاً للمادة 57 من ذات اللائحة.
- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحكم السابق لا يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة للدعوى اللاحقة إلا ما إذا اتحد الموضوع والسبب في كل من الدعويين فضلاً عن وحدة الخصوم، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أن القضية السابق الفصل فيها في الدعوى رقم 11 لسنة 82 كلي أحوال شخصية المنصورة سببها التطليق طبقاً لأحكام المادتين 55 و56 من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة في أول مايو سنة 1938 حالة أن سبب الدعوى الحالية التطليق إعمالاً للمادة 57 من ذات اللائحة فإن السبب في الدعوى الأولى يكون مغايراً للسبب في الدعوى الحالية ولا يكون للحكم الأول حجية الأمر المقضي ويكون النعي على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1399 لسنة 1984 أحوال شخصية كلي المنصورة ضد الطاعنة بطلب الحكم بتطليقها منه للفرقة والضرر وقال بياناًًً لها إنه تزوجها طبقاً لشريعة الأقباط الأرثوذكس وإذ تبين من معاشرتها أنه شاذة في تصرفاتها سيئة الخلق ولفقت له التهم وخرجت عن طاعته وسافرت إلى الخارج بدون علمه وأخلت بواجباتها نحوه إخلالاً جسيماً مما أدى إلى استحكام النفور بينهما الذي انتهى إلى اقترافهما أكثر من ثلاث سنوات متصلة فقد أقام الدعوى. دفعت الطاعنة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 11 لسنة 1982 كلي أحوال شخصية المنصورة واستئنافها رقم 2 لسنة 1986 استئناف المنصورة وبتاريخ 31/ 7/ 1986 أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع شاهدي المطعون ضده حكمت في 20/ 5/ 1987 بتطليق الطاعنة على الطاعن. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 2 لسنة 1987 أحوال شخصية. أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق. وبعد سماع شاهدي المطعون ضده حكمت في 9/ 3/ 1989 برفض الاستئناف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعي الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه إذ رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 11 لسنة 1982 أحوال شخصية الذي تأيد بالاستئناف رقم 2 لسنة 1986 استناداً إلى أن الدعويين مختلفتان سبباً حالة أنهما متحدتان خصوماً وموضوعاً وسبباً وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة السابق لا يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة للدعوى اللاحقة إلا ما إذا اتحد الموضوع والسبب في كل من الدعويين فضلاً عن وحدة الخصوم. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أن القضية السابق الفصل فيها في الدعوى رقم 11 لسنة 1982 كلي أحوال شخصية المنصورة سببها التطليق طبقاً لأحكام المادتين 55، 56 من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة في أول مايو سنة 1938 حالة أن سبب الدعوى الحالية التطليق إعمالاً للمادة 57 من ذات اللائحة فإن السبب في الدعوى الأولى يكون مغايراً للسبب في الدعوى الحالية ولا يكون للحكم الأول حجية الأمر المقضي ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أرجع سبب الهجر إلى الزوجة وفاته أنه بسبب الزوج إذ أنه رفض الصلح الذي عرضته المحكمة على طرفي النزاع بينما قبلته هي بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير أدلة الدعوى وبحث مستنداتها واستخلاص الصحيح الثابت فيها ولا رقابة عليها في ذلك لمحكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة. وإذ كان الحكم المطعون فيه انتهى في أسبابه إلى أن الزوج ليس هو المتسبب في الهجر على ما استخلصه من أن الثابت من بينه المطعون ضده أن الطاعنة أساءت معاشرته وأخلت بواجباتها نحوه ورفضت العودة إلى منزل الزوجية مما أدى إلى استحكام النفور بينهما وترتب عليه افتراقها عنه لمدة تزيد على خمس سنوات ومما استخلصه من صورة خطاب كاهن كنسية مارجرجس بشربين إلى الأنبابيشوي والمؤرخ 7/ 3/ 1983 من أن الفرقة بين الطرفين دامت أكثر من خمس سنوات وسببها الزوجة. وإذ كان ذلك فإن استخلاص محكمة الموضوع يكون سائغاً ومقبولاً وله أصله الثابت بالأوراق ومن ثم فإن النعي بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة لا يقبل أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال من وجهين تقول في بيان أولهما إن الحكم المطعون فيه إذ اتخذ من أسباب الحكم الابتدائي أسباباً له دون أن يقيم قضاءه على أسباب مستقلة تحمله فإنه يكون معيباً وتقول في ثانيهما إن الحكم المطعون فيه إذ اعتد في قضائه بأقوال شاهدي المطعون ضده رغم تضاربها فضلاً عن أنها سماعية فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي بالوجه الأول غير صحيح ذلك أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه إنه وإن أيد الحكم الابتدائي إلا أنه أضاف إلى أسبابه أسباباً خاصة به أنشأها لنفسه وتكفي لحمل قضائه ومن ثم فإن ما ورد بوجه النعي يكون على غير أساس والنعي في وجهه الثاني غير مقبول بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن الدفاع القانوني الذي يخالطه واقع لم يسبق طرحه أمام محكمة الموضوع لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض وكان البين من الأوراق أن الطاعنة لم تتمسك بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف فلا يجوز لها التحدي به أمام محكمة النقض.