أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 46 - صـ 148

جلسة 12 من يناير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين توفيق، شكري جمعه حسين، محمد الجابري - نواب رئيس المحكمة، وماجد قطب

(31)
الطعن رقم 179 لسنة 61 القضائية

(1, 2) إيجار "إيجار الأماكن". عقد. حوالة "حوالة الحق". التزام "انتقال الالتزام".
(1) حوالة الحق. لا تستوجب رضاء المدين. حوالة عقد الإيجار للمشتري من البائع وقبول المستأجر للحوالة أو إعلانه بها. قبوله الحوالة. أثره. جواز إحالة المؤجر حقه في عقد الإيجار إلى الغير. للمحال إليه الحق في مقاضاة المستأجر في شأن الحقوق المحال بها دون حاجة لاختصام المؤجر. علة ذلك.
(2) نفاذ حوالة عقد الإيجار في حق المستأجر والتزامه بدفع الأجرة للمحال إليه منوط بإعلانه بالحوالة أو بقبولها أو بسداده الأجرة للمحال له. نفاذها في حقه. أثره. لا تبرأ ذمته من أجرة العين المؤجرة إلا بالوفاء بها إلى المحال إليه.
(3) إيجار "إيجار الأماكن" "الإخلاء لعدم سداد الأجرة: التكليف بالوفاء". دعوى "قبول الدعوى".
تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة. شرط أساسي لقبول دعوى الإخلاء للتأخير في سدادها. خلو الدعوى منه أو وقوعه باطلاً أو صدوره ممن لا حق له في توجيهه. أثره. عدم قبول الدعوى. وجوب صدوره من المؤجر الأصلي. علة ذلك. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح في القانون.
(4) شيوع. وكالة.
إقامة الدعوى من أحد الشركاء على الشيوع دون اعتراض الباقين. أثره. عد وكيلاً عنهم.
(5) إيجار "إيجار الأماكن" "الإخلاء للتنازل عن عقد الإيجار". حوالة.
قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى تأسيساً على عدم نفاذ حوالة عقد الإيجار في حق المستأجر الأصلي. أثره. عدم قبول دعوى الإخلاء للتنازل عن عقد الإيجار. عدم تصديه لواقعة التنازل. لا عيب.
(6) محكمة الموضوع. حكم.
قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى. مؤداه. يمتنع على المحكمة المطعون في حكمها أن تتناول دفاع الطاعن المتعلق بالموضوع.
1- النص في المادتين 303, 305 من القانون المدني - على حق الدائن في أن يحول حقه إلى شخص آخر وتتم الحوالة دون حاجة إلى رضاء المدين ولا تكون الحوالة نافذة قبل المدين إلا إذا قبلها المدين أو أعلن بها, ويعتبر في حكم القبول الضمني لحوالة الحق - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - قيام المدين بسداد بعض أقساط الدين للمحال له, ومن ثم يجوز للمؤجر أن يحيل حقه في عقد الإيجار إلى الغير فإذا ما نفذت الحوالة يحق للمحال إليه - تبعاً لذلك - أن يقاضي المستأجر - المحال عليه - في شأن الحقوق المحال بها دون حاجة لاختصام المؤجر, لأن الحق المحال به ينتقل إلى المحال له مع الدعاوي التي تؤكده, ومنها دعوى الفسخ.
2- مناط نفاذ حوالة عقد الإيجار في حق المستأجر والتزامه بدفع الأجرة للمحال إليه هو إعلانه بالحوالة أو بقبولها أو بقيامه بسداد الأجرة للمحال له فإذا ما نفذت الحوالة في حقه, فإن ذمته لا تبرأ من أجرة العين المؤجر إلا بالوفاء بها إلى المحال إليه.
3 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن تكليف المستأجر بالوفاء شرطاً أساسياً لقبول دعوى الإخلاء بسبب التأخير في الوفاء بالأجرة فإذا خلت منه الدعوى أو وقع باطلاً أو صدر ممن لا حق له في توجيهه تعين الحكم بعدم قبول الدعوى, وكان يشترط في هذا التكليف بالوفاء أن يصدر إلى المستأجر من المؤجر أصلاً أو من المحال إليه في حالة حوالة الحق النافذة في حق المستأجر وفقاً للقانون, لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضائه على أن الثابت من عقد الإيجار سند الدعوى المؤرخ 1/ 2/ 1962 أنه محرر فيما بين "....... و...... بصفتهما مالكين مؤجرين وبين المطعون ضده الأول مستأجراً، وأن الحوالة منسوبة إلى "......" - أحد المؤجرين إلى الطاعن عن حقه في هذا العقد, فإن مؤدى ذلك انعقاد حوالة بينهما بمقتضاها أحال المتنازل المذكور حقه الناشئ عن عقد الإيجار إلى المتنازل إليه, وتكون الحوالة على هذه الصورة قد انعقدت بالنسبة لنصف حق الإجارة, وأن أوراق الدعوى قد جاءت خلواً من ثمة دليل على إعلان الحوالة بالطريق القانوني إلى المطعون ضده الأول أو قبوله لها وبالتالي لا تكون نافذة في حقه, ورتب على ذلك أن التكليف بالوفاء الموجه من الطاعن إلى المطعون ضده الأول يكون باطلاً بما ينبني عليه عدم قبول الدعوى قبل المطعون ضدهما, وإذ التزم الحكم هذا النظر فإنه يكون قد أنزل القانون منزله الصحيح على واقعة الدعوى سيما ولم يقدم الطاعن ما يفيد قيام المطعون ضده الأول - المستأجر - بسداد الأجرة إليه بعد الحوالة.
4 - ولئن كانت إقامة الدعوى من أحد الشركاء في الشيوع دون اعتراض من الباقين عد وكيلاً عنهم إلا أنه لما كانت حوالة عقد الإيجار سند الدعوى غير نافذة في حق المطعون ضده الأول - المستأجر الأصلي - لعدم إعلانه بها أو قبوله لها - فإنه لا يجدي الطاعن التحدي بأن إقامة دعوى الإخلاء من أحد الشركاء في المال الشائع دون اعتراض من باقي الشركاء يحمل على اعتباره وكيلاً عنهم, إذ أن ذلك لا يحول دون القضاء بعدم قبول الدعوى كأثر مترتب على عدم نفاذ الحوالة في حق المستأجر, ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
5 - القضاء بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن حوالة عقد الإيجار غير نافذة  في حق المطعون ضده الأول - المستأجر الأصلي - فإن الدعوى بالنسبة لسبب الإخلاء وهو التنازل عن عقد الإيجار تكون غير مقبولة كأثر مترتب على عدم نفاذ حوالة عقد الإيجار, إذ أن الحق المحال به ينتقل إلى المحال إليه مع الدعوى التي تؤكده ومنها دعوى الفسخ, ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم التصدي لواقعة التنازل عن العين المؤجرة.
6 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحاً إلى القضاء بعدم قبول الدعوى, وكان مؤدى ذلك أنه يمتنع على المحكمة المطعون في حكمها أن تتناول دفاع الطاعن المتعلق بالموضوع أياً كان وجه الرأي في شأنه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهما الدعوى رقم 1357 لسنة 1987 أمام محكمة دمنهور الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء العين المبينة بالصحيفة والتسليم، وقال بياناً لها إن المطعون ضده الأول يستأجر منه الشقة محل النزاع بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 2/ 1962 بأجرة شهرية قدرها 750 قرش وقد تأخر في سداد مبلغ 60 جنيه من الأجرة المستحقة عليه عن المدة من 1/ 5/ 1986 حتى 31/ 12/ 1986، وقد كلفه بالسداد بموجب الإنذار المؤرخ 28/ 1/ 1987 كما وأنه قام بالتنازل عن العين المؤجرة إلى المطعون ضده الثاني دون إذن كتابي منه فأقام الدعوى. حكمت المحكمة بالإخلاء مع التسليم. استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 82 لسنة 44 ق الإسكندرية "مأمورية دمنهور". ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 21/ 11/ 1990 بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعي الطاعن بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بانعقاد الحوالة فيما بينه وبين المؤجرين السابقين - ملاك العقار - بعد أن انفرد بعين النزاع منذ أول مارس سنة 1972 وبنفاذ هذه الحوالة في حق المطعون ضده الأول - المستأجر الأصلي - بقبوله سداد الأجرة المستحقة عن عين النزاع له اعتباراً من أول إبريل سنة 1972 حتى شهر إبريل سنة 1986, وأن المطعون ضده الأول ولئن كان قد تمسك بمذكرة دفاعه المقدمة إلى محكمة الموضوع بأن المؤجرين السابقين قد استمرا في قبض القيمة الإيجارية عن عين التداعي إلا أنه لم يقدم الدليل المثبت لذلك في حين أنه قدم لمحكمة الموضوع إيصال سداد أجرة شهر إبريل سنة 1986 الصادر من الطاعن للمطعون ضده الأول تدليلاً على قبول الأخير للحوالة غير أن الحكم قضى بعدم قبول الدعوى لعدم نفاذ الحوالة في حق المستأجر الأصلي استناداً إلى أن الأوراق قد جاءت خلواً مما يفيد قبوله لها أو إعلانه بها على النحو الذي يتطلبه القانون وأن الحوالة قد انصبت على نصف الحق الناشئ عن عقد الإيجار, والتفت عن الرد على ما تضمنه إيصال سداد أجرة شهر إبريل سنة 1986 المشار إليه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادتين 303, 305 من القانون المدني على حق الدائن في أن يحول حقه إلى شخص آخر وتتم الحوالة دون حاجة إلى رضاء المدين ولا تكون الحوالة نافذة قبل المدين إلا إذا قبلها المدين أو أعلن بها, ويعتبر في حكم القبول الضمني لحوالة الحق - وعلى ما جرى به قضاء هذه محكمة النقض - قيام المدين بسداد بعض أقساط الدين للمحال له, ومن ثم يجوز للمؤجر أن يحيل حقه في عقد الإيجار إلى الغير فإذا ما نفذت الحوالة يحق للمحال إليه - تبعاً لذلك أن يقاضى المستأجر - المحال عليه - في شأن الحقوق المحال بها دون حاجة لاختصام المؤجر, لأن الحق المحال به ينتقل إلى المحال له مع الدعاوي التي تؤكده, ومنها دعوى الفسخ. ولما كان مناط نفاذ حوالة عقد الإيجار في حق المستأجر والتزامه بدفع الأجرة للمحال إليه هو إعلانه بالحوالة أو بقبولها أو بقيامه بسداد الأجرة للمحال له فإذا ما نفذت الحوالة في حقه, فإن ذمته لا تبرأ من أجرة العين المؤجرة إلا بالوفاء بها إلى المحال إليه، ومن المقرر أيضاً - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن تكليف المستأجر بالوفاء شرطاً أساسياً لقبول دعوى الإخلاء بسبب التأخير في الوفاء بالأجرة فإذا خلت منه الدعوى أو وقع باطلاً أو صدر ممن لا حق له توجيهه تعين الحكم بعدم قبول الدعوى, وكان يشترط في هذا التكليف بالوفاء أن يصدر إلى المستأجر من المؤجر أصلاً أو من المحال إليه في حالة حوالة الحق النافذة في حق المستأجر وفقاً للقانون, لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضائه على أن الثابت من عقد الإيجار سند الدعوى المؤرخ 1/ 2/ 1962 أنه محرر فيما بين "...... و......" بصفتهما مالكين مؤجرين وبين المطعون ضده الأول مستأجراً وأن الحوالة منسوبة إلى ...... أحد المؤجرين إلى الطاعن عن حقه في هذا العقد, فإن مؤدى ذلك انعقاد حوالة بينهما بمقتضاها أحال المتنازل المذكور حقه الناشئ عن عقد الإيجار إلى المتنازل إليه, وتكون الحوالة على هذه الصورة قد انعقدت بالنسبة لنصف حق الإجارة, وأن أوراق الدعوى قد جاءت خلواً من ثمة دليل على إعلان الحوالة بالطريق القانوني إلى المطعون ضده الأول أو قبوله لها وبالتالي لا تكون نافذة في حقه, ورتب على ذلك أن التكليف بالوفاء الموجه من الطاعن إلى المطعون ضده الأول يكون باطلاً بما ينبني عليه عدم قبول الدعوى قبل المطعون ضدهما, وإذ التزم الحكم هذا النظر فإنه يكون قد أنزل القانون منزله الصحيح على واقعة الدعوى سيما ولم يقدم الطاعن ما يفيد قيام المطعون ضده الأول - المستأجر - بسداد الأجرة إليه بعد الحوالة.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه على أن الحوالة قد انصبت على نصف حق الإجارة ورتب على ذلك عدم قبول الدعوى أياً كان الرأي في رفع الدعوى استناداً إلى حق الإجارة جمعيه في حين أنه من المقرر إذا تولى أحد الشركاء إدارة المال الشائع دون اعتراض من الباقين فإنه يعد وكيلاً عنهم، وتكون الدعوى على هذه الصورة مقبولة. هذا إلى الحكم انتهى إلى عدم قبول الدعوى استناداً لعدم نفاذ حوالة عقد الإيجار في حق المطعون ضده الأول دون أن يعني ببحث السبب الثاني من دعوى الإخلاء وهو تنازل الأخير عن العين المؤجرة للمطعون ضده الثاني دون موافقة المؤجر مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في شقة الأول مردود، ذلك أنه ولئن كانت إقامة الدعوى من أحد الشركاء في الشيوع دون اعتراض من الباقين عُد وكيلاً عنهم إلا أنه لما كانت حوالة عقد الإيجار سند الدعوى غير نافذة في حق المطعون ضده الأول - المستأجر الأصلي - لعدم إعلانه بها أو قبوله لها - على ما سلف بيانه في الرد على السببين الأول والثاني من أسباب الطعن - فإنه لا يجدي الطاعن التحدي بأن إقامة دعوى الإخلاء من أحد الشركاء في المال الشائع دون اعتراض من باقي الشركاء يحمل على اعتباره وكيلاً عنهم, إذ أن ذلك لا يحول دون القضاء بعدم قبول الدعوى كأثر مترتب على عدم نفاذ الحوالة في حق المستأجر, ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس. والنعي غير مقبول في شقه الأخير ذلك أن القضاء بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن حوالة عقد الإيجار غير نافذة في حق المطعون ضده الأول - المستأجر الأصلي - فإن الدعوى بالنسبة لسبب الإخلاء وهو التنازل عن عقد الإيجار تكون غير مقبولة كأثر مترتب على عدم نفاذ حوالة عقد الإيجار، إذ أن الحق المحال به ينتقل إلى المحال إليه مع الدعوى التي تؤكده ومنها دعوى الفسخ، ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم التصدي لواقعة التنازل عن العين المؤجرة، ويكون النعي غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن أوراق الدعوى قد جاءت خلواً من أي دليل يفيد سداد القيمة الإيجارية المستحقة عن عين النزاع عن المدة من أول مايو سنة 1986 حتى الآن، وعلى الرغم من ذلك قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى دون أن يعني ببحث هذا الدفاع مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحاً إلى القضاء بعدم قبول الدعوى, وكان مؤدى ذلك أنه يمتنع على المحكمة المطعون في حكمها أن تتناول دفاع الطاعن المتعلق بالموضوع - أياً كان وجه الرأي في شأنه - ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.