أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 46 - صـ 156

جلسة 12 من يناير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين المتناوي، شكري جمعه حسين، فتيحه قرة - نواب رئيس المحكمة، وماجد قطب.

(32)
الطعن رقم 5118 لسنة 63 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن" "تحديد الأجرة". حكم "الطعن في الحكم" "مواعيد الطعن". نقض "حالات الطعن". حكم "عيوب التدليل: ما لا يعد خطأ".
تحديد أجرة الأماكن الخاضعة لأحكام القانون 136 لسنة 1981. معقود للمالك طبقاً للأسس المنصوص عليها فيه. المادتان 4، 5 من القانون المذكور. حق المستأجر وحده في الطعن أمام اللجنة المختصة على الأجرة المحددة خلال تسعين يوماً. حالاته. عدم مراعاته للميعاد المذكور. أثره. سقوط حقه في الطعن وصيرورة التقدير المبدئي للأجرة نهائياً ونافذاً. عدم جواز تصدي لجنة تحديد الأجرة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب المستأجر بتقدير أجرتها بعد الميعاد. علة ذلك. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح في القانون.
(2) نقض "أسباب الطعن: الأسباب غير المقبولة: السبب الجديد".
دفاع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع. سبب جديد. عدم جواز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(3) دعوى "ترك الخصومة في الدعوى".
ترك الخصومة في الدعوى. أثره. عودة الخصوم إلى الحالة التي كانوا عليها قبل رفعها. اعتبار المدعى عليه الذي قضى بإثبات تنازل المدعي عن مخاصمته خارجاً عن نطاق الخصومة.
(4, 5) استئناف "الخصوم في الاستئناف" "نطاق الاستئناف". إيجار "تقدير الأجرة". تجزئة. دعوى "ترك الخصومة في الدعوى".
(4) الخصومة في الاستئناف. نطاقها. يتحدد بالأشخاص الذين كانوا مختصمين أمام محكمة أول درجة. الخصم هو من توجه منه أو إليه طلبات في الدعوى.
(5) الخصومة المتعلقة بتقدير الأجرة في ظل القانون 136 لسنة 1981 قابليتها للتجزئة. علة ذلك. مؤداه. عدم جواز تصدي محكمة الطعن لتقدير أجرة الوحدات التي لم يرفع طعن بشأنها. قبول ترك الخصومة بالنسبة لأحد المستأجرين. أثره. اعتباره خارجاً عن نطاق الخصومة. اختصامه أمام محكمة الاستئناف. غير مقبول.
(6، 7) إيجار "إيجار الأماكن" "تقدير الأجرة". عقد. حكم "الطعن في الحكم: مواعيد الطعن". "عيوب التدليل: القصور, مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه".
(6) قبول المالك لتقدير اللجنة الذي يقل عن الأجرة القانونية. صحيح في القانون. صيرورته نهائياً ما لم يطعن عليه المستأجر خلال الميعاد. الأجرة القانونية حق من حقوق المالك المؤجر. جواز تنازله عن جزء منها وتقاضيه أجرة أقل منها. حق المؤجر في طلب الأجرة القانونية الأكبر قيمة بعد انتهاء مدة العقد الاتفاقية. قبوله الأجرة الأقل بعد مدة العقد وأثناء سريان الامتداد القانوني. أثره. التزامه بها ما دام عقد الإيجار قائماً. أساس ذلك.
(7) قضاء الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم الابتدائي الذي قضى بترك المطعون ضده الأول للخصومة أمام محكمة أول درجة بالنسبة للطاعنيين من الثالث إلى الثامن. مخالف للقانون وخطأ في تطبيقه.
1 - النص في المادة الرابعة من القانون 136 لسنة 1981 على أن "يتولى مالك المبنى تحديد الأجرة وفقاً للضوابط والمعايير والتقارير والدراسات المنصوص عليها في المواد السابقة ويتضمن عقد الإيجار مقدار الأجرة المحددة على هذه الأسس, فإذا أبرم عقد الإيجار قبل إتمام البناء وحددت قيمة الأجرة بصفة مبدئية, كان على مالك المبني إخطار المستأجر بالأجرة المحددة للمكان وفقاً لأحكام هذا القانون وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إتمام البناء وبشرط ألا تجاوز الأجرة المبدئية إلا بمقدار الخمس, وعلى المالك أن يمكن المستأجر من الاطلاع على المستندات اللازمة لتحديد الأجرة وذلك خلال شهر من تاريخ التعاقد أو من تاريخ الإخطار بحسب الأحوال", والنص في المادة الخامسة من هذا القانون على أنه "إذا رأى المستأجر أن الأجرة التي حددها المالك تزيد على الحدود المنصوص عليها في هذا القانون جاز له خلال تسعين يوماً من تاريخ التعاقد أو من تاريخ الإخطار أو من تاريخ شغله للمكان أن يطلب من لجنة تحديد الأجرة المختصة القيام بتحديد أجرة المكان وفقاً للأسس المنصوص عليها في هذا القانون" يدل وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون وتقرير اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب أن المشرع جعل تحديد الأجرة معقوداً للمالك على ضوء أسس التكاليف المشار إليها في القانون إلا في حالة عدم موافقة المستأجر على هذا التحديد فيكون له أن يلجأ إلى لجنة تحديد الأجرة المختصة وذلك خلال تسعين يوماً من تاريخ التعاقد إذا كان تعاقد لاحقاً على إتمام البناء, أما إذا كان تعاقده سابقاً على ذلك فإن الميعاد يسري من تاريخ إخطاره من قبل المالك بالأجرة المحددة أو من تاريخ شغله للمكان أيهما أقرب, مما مؤداه أنه ما لم يطعن المستأجر أمام اللجنة المختصة لتحديد الأجرة في الميعاد المشار إليه فإن الأجرة التعاقدية تصير نهائية وقانونية ولا يجوز للجنة بعد ذلك أن تتصدى لتحديد الأجرة سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب المستأجر الحاصل بعد الميعاد باعتبار أن اللجنة جهة الطعن لا جهة لتقدير الأجرة وأن الميعاد المنصوص عليه في المادة الخامسة يعد ميعاداً حتمياً وليس ميعاداً تنظيمياً فيترتب على تجاوزه سقوط حق المستأجر في الطعن باللجوء إلى اللجنة طبقاً للقواعد العامة المنصوص عليها في المادة 215 من قانون المرافعات, لما كان ذلك وكان الثابت من الواقع المطروح في الدعوى ومن تقرير الخبير أن الطاعن الأول استأجر مسكنه بعقد مؤرخ 29/ 5/ 1984 وأن الطاعن الثاني استأجر مسكنه بعقد مؤرخ 28/ 5/ 1984 وأن كلاً منهما شغل الوحدة المؤجرة له في 1/ 1/ 1985 على ما هو ثابت بعقد استئجاره ولم يتقدما إلى اللجنة إلا في 4/ 4/ 1985 بعد فوات ميعاد التسعين يوماً المحددة للطعن على تقدير المالك للأجرة فإن الطعن منهما يكون قد قدم بعد الميعاد سواء احتسب الميعاد من تاريخ التعاقد أو من تاريخ شغل الوحدة المؤجرة ويترتب على ذلك صيرورة الأجرة التي حددها المالك نهائية وقانونية ولا تختص اللجنة ولائياً بأن تتصدى لهذا التقدير ويعتبر قرارها وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض منعدماً لا حجية له إذ تعتبر مسألة اختصاص اللجنة الولائي قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على محكمة الموضوع وعليها أن تقضي به من تلقاء نفسها وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
2 - إذا كان الطاعنين الأول والثاني لم يتسلما وحدتيهما إلا في 15/ 2/ 1985 ولم يشغلاها إلا في 18/ 4/ 1985, فالثابت أن الطاعنين قدما إفادتي استلام الوحدات المؤجرة المؤرختين 15/ 2/ 1985 وإيصال سداد تأمين استهلاك التيار الكهربي المؤرختين 18/ 4/ 1985 (ضمن حافظة مستندات الطاعنين) لأول مرة أمام محكمة الموضوع, ومن ثم لا يجوز لهما التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض, ويضحى النعي بهذا الشق سبباً جديداً غير مقبول.
3 - ترك الخصومة يترتب عليه وفقاً للمادة 143 من قانون المرافعات إلغاء جميع، إجراءاتها بما في ذلك صحيفة الدعوى ويعود الخصوم إلى الحالة التي كانوا عليها قبل رفع الدعوى ويعتبر المدعى عليه الذي قضى بإثبات تنازل المدعي عن مخاصمته خارجاً عن نطاق الخصومة.
4 - يتحدد نطاق الخصومة في الاستئناف وفقاً للمادة 236 من قانون المرافعات بالأشخاص الذين كانوا مختصمين أمام محكمة أول درجة والمناط في تحديد الخصم هو بتوجيه الطلبات إليه في الدعوى. لما كان ذلك وكان المطعون ضده الأول قرر بترك الخصومة أمام محكمة أول درجة بالنسبة للطاعنين من الثالث إلى الثامن ومستأجرين آخرين، فإن مفاد ذلك أن يصبح هؤلاء المستأجرين خارجين عن نطاق الخصومة أمام محكمة أول درجة ولم توجه إليهم ثمة طلبات ولا يصح بالتالي اختصامهم أمام محكمة الاستئناف ويضحى الاستئناف المقام ضد الطاعنين من الثالث إلى الثامن غير مقبول.
5 - لا محل للقول بصحة اختصامهم أمام محكمة الاستئناف مع باقي المستأجرين بمقولة أن خصومة تقدير الأجرة عينية وليست شخصية بما يستتبع ضرورة اختصام جميع المستأجرين حتى يكون الحكم في النزاع واحد بالنسبة لهم جميعاً، ذلك أن المواد الخاصة بتقدير أجرة الوحدات السكنية والطعن عليها بالنسبة للمباني المنشأة في ظل أحكام القانون 136 لسنة 1981 المنطبقة على واقعة النزاع الماثل لم يوجب المشرع فيها إلزام قلم الكتاب بإخطار جميع مستأجري الوحدات في حالة تظلم المالك أو أحد المستأجرين من قرار لجان تحديد الأجرة كما لم ينص المشرع على أن قبول مثل هذا التظلم يترتب عليه إعادة النظر في تقدير أجرة باقي الوحدات التي شملها قرار اللجنة ولا يقتصر ذلك على الوحدة التي أقيم التظلم بشأنها كما هو الحال في نص المادة 13 من القانون 52 لسنة 1969 والمادة 19 من القانون 49 لسنة 1977 ومن ثم فإن الخصومة المتعلقة بتقدير الأجرة أصبحت في ظل القانون رقم 136 لسنة 1981 قابلة للتجزئة فلا يجوز لمحكمة الطعن التصدي لتقدير أجرة الوحدات التي لم يرفع طعن بشأنها وبالتالي فإن قبول ترك الخصومة بالنسبة لأحد المستأجرين يترتب عليه اعتباره خارجاً عن نطاق الخصومة ولا يقبل اختصامه أمام محكمة الاستئناف ويعتبر الاستئناف قبله غير مقبول.
6 - يعتبر قبول المالك لتقدير اللجنة الذي يقل عن الأجرة القانونية صحيح في القانون إذ أن تحديد المالك للأجرة في عقد الإيجار الخاضع لأحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 يصبح نهائياً إذا لم يطعن عليه المستأجر خلال الميعاد القانوني أو طعن عليه بعد الميعاد إلا أن الأجرة الواردة في عقد الإيجار والتي أصبحت أجرة قانونية هي حق من حقوق المالك المؤجر فله أن يتنازل عن جزء منها ويتقاضى أجرة أقل منها ما دام قد تم هذا التنازل بعد مدة العقد الاتفاقية وأثناء سريان الامتداد القانوني المقرر بأحكام تشريعات إيجار الأماكن الاستئنافية ويظل ملتزماً بها ما دام عقد الإيجار قائماً، وإذ قدم المطعون ضده الأول (المالك) أمام الخبير نسخ عقود الإيجارات زيلت منه بالموافقة على تقدير اللجنة فإن لازم ذلك ومقتضاه التزامه بها ولا يجور له العدول عنها على خلاف ما إذا تم الاتفاق على قبوله أجرة تقل عن الأجرة القانونية خلال مدة العقد الاتفاقية فيظل ذلك نافذاً خلال المدة الاتفاقية إلا أنه يجوز للمؤجر أن يطالب بالأجرة القانونية الأكبر قيمة خلال الامتداد القانوني، وغنى عن البيان أن قبول المؤجر للأجرة الواردة في قرار اللجنة والتي تقل عن الأجرة القانونية لا يعني البتة إسباغ الشرعية على قرار اللجنة المنعدم الخارج عن ولايتها إذ يكون أساس التزام المالك المؤجر بالأجرة الأقل راجعاً إلى إرادته المنفردة بتركه الخصومة قبل الطاعنين لقبوله تلك الأجرة ولا يرجع إلى صيرورة قرار اللجنة نهائياً إذ أنه معدوم ولا حجية له ولا يجدي الطاعن الثالث القول بأنه أقام طعنه أمام اللجنة في 10/ 10/ 1985 في الميعاد واستند في ذلك إلى ما جاء بعقد إيجاره أن مدة الإيجار تبدأ من 1/ 9/ 1985 إذ الواقع في الدعوى وحسبما يبين من أوراقها أنه لم يطعن على قرار اللجنة أمام محكمة أول درجة مما مفاده تسليمه بهذا التقرير, وإذ انتهت المحكمة إلى إقرار المالك به, ومن ثم فإن ما ينعي به الطاعن - وأياً كان وجه الرأي فيه - لا يحقق له مصلحة وبالتالي غير مقبول.
7 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد ألغى الحكم الابتدائي الذي قضى بترك المطعون ضده الأول للخصومة أمام محكمة أول درجة بالنسبة للطاعنين من الثالث إلى الثامن فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن لجنة تحديد الأجرة بحي المعادي أصدرت قراراً في 30/ 10/ 1985 بتقدير القيمة الإيجارية لوحدات العقار المبين بالصحيفة والمملوك للمطعون ضده الأول وإذ لم يرتض الطاعنان الأول والثاني و........ - وهم من مستأجري تلك الوحدات - هذا القرار فطعنوا عليه بالدعوى رقم 1634 لسنة 1986 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وقد أودع الخبير تقريره, كما أقام المطعون ضده الأول - مالك العقار - الدعوى رقم 6405 لسنة 1986 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعنين وباقي مستأجري وحدات العقار طعناً على قرار اللجنة سالف البين. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وقدمت الخبيرة تقريرها. أمرت المحكمة بضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد, وبجلسة 20/ 2/ 1989 قرر الحاضر عن المطعون ضده الأول بترك الخصومة قبل جميع المدعى عليهم عدا الطاعنين الأول والثاني و........ حكمت محكمة أول درجة في الدعوى الأولى بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل القيمة الإيجارية الشهرية للوحدات محل الطعن بجعلها 46 جنيه للطاعن الأول, ومبلغ 56 جنيه للطاعن الثاني, ومبلغ 41.750 جنيه بالنسبة للمدعي...... بخلاف 2% رسم نظافة, وفي دعوى المؤجر - المطعون ضده الأول - بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإثبات ترك الخصومة قبل المدعى عليهم جميعاً عدا الطاعنين الأول الثاني و........، وبتأييد قرار اللجنة بالنسبة للمدعى عليها....... و......., لم يرتض الطاعنان الأول والثاني و...... و...... و........ هذا الحكم فطعنوا عليه بالاستئناف رقم 8526 سنة 106 ق القاهرة, كما طعن عليه المطعون ضده الأول - المالك - بالاستئناف رقم 8802 لسنة 106 ق القاهرة واختصم فيه جميع الطاعنين وباقي المستأجرين السابق اختصامهم أمام محكمة أول درجة, وبتاريخ 10/ 4/ 1993 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وإلغاء قرار اللجنة المطعون فيه وفي موضوع استئناف المالك - المطعون ضده الأول - باعتبار الأجرة الواردة في عقود الإيجار هي الأجرة القانونية عدا المستأجر........ فتكون الأجرة الشهرية 49 جنيه عدا رسم النظافة, وفي الاستئناف الآخر المرفوع من الطاعنين الأول والثاني برفضه. لم يرتض الطاعنون هذا الحكم فطعنوا عليه بالطعن الماثل وأمرت المحكمة بجلسة 13/ 1/ 1994 بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً بالنسبة للطاعن الثالث والطاعنين من الخامس إلى الأخير وبجلسة المرافعة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعي الطاعنان الأول والثاني بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إن النص في المادة الخامسة من القانون رقم 136 لسنة 1981 أجاز للمستأجر الطعن على تقدير أجرة الوحدة السكنية التي حددها المالك أمام لجنة تحديد الأجرة المختصة خلال تسعين يوماً تبدأ من تاريخ التعاقد أو من تاريخ إخطار المالك للمستأجر بالأجرة القانونية أو من تاريخ شغله للعين المؤجرة وإزاء تعدد الوقائع التي يبدأ منها هذا الميعاد فإنه لا ينقضي إلا بمضي تسعين يوماً على آخر تلك الوقائع، وإذا احتسب الحكم المطعون فيه هذا الميعاد من 1/ 1/ 1985 تاريخ التعاقد أخذاً بتقرير الخبير وذهب إلى أن إخطارهما اللجنة في 4/ 5/ 1985 قد تم بعد الميعاد ورتب على ذلك صيرورة الأجرة التعاقدية أجرة قانونية في حين أن الاستلام الفعلي للشقتين المؤجرتين قد تم في 15/ 2/ 1985 على ما يبين من محضر التسليم الموقع عليه من المالك وأنهما لم يشغلا وحدتيهما إلا بعد يوم 18/ 4/ 1985 وهو تاريخ تعاقدهما على تركيب عدادي الكهرباء فإن إخطارهما اللجنة يكون قد تم في الميعاد القانوني وإذ خلف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي غير سديد, وذلك أن النص في المادة الرابعة من القانون 136 لسنة 1981 على أن "يتولى مالك المبنى تحديد الأجرة وفقاً للضوابط والمعايير والتقارير والدراسات المنصوص عليها في المواد السابقة ويتضمن عقد الإيجار مقدار الأجرة المحددة على هذه الأسس, فإذا أبرم عقد الإيجار قبل إتمام البناء وحددت قيمة الأجرة بصفة مبدئية, كان على مالك المبنى إخطار المستأجر بالأجرة المحددة للمكان وفقاً لأحكام هذا القانون وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إتمام البناء وبشرط ألا تجاوز الأجرة المبدئية إلا بمقدار الخمس, وعلى المالك أن يمكن المستأجر من الاطلاع على المستندات اللازمة لتحديد الأجرة وذلك خلال شهر من تاريخ التعاقد أو من تاريخ الإخطار بحسب الأحوال"، والنص في المادة الخامسة من هذا القانون على أنه "إذا رأى المستأجر أن الأجرة التي حددها المالك تزيد على الحدود المنصوص عليها في هذا القانون جاز له خلال تسعين يوماً من تاريخ التعاقد أو من تاريخ الإخطار أو من تاريخ شغله للمكان أن يطلب من لجنة تحديد الأجرة المختصة القيام بتحديد أجرة المكان وفقاً للأسس المنصوص عليها في هذا القانون" يدل وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون وتقرير اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب أن المشرع جعل تحديد الأجرة معقوداً للمالك على ضوء أسس التكاليف المشار إليها في القانون إلا في حالة عدم موافقة المستأجر على هذا التحديد فيكون له أن يلجأ إلى لجنة تحديد الأجرة المختصة وذلك خلال تسعين يوماًًًً من تاريخ التعاقد إذا كان تعاقده لاحقاً على إتمام البناء، أما إذا كان تعاقده سابقاً على ذلك فإن الميعاد يسري من تاريخ إخطاره من قبل المالك بالأجرة المحددة أو من تاريخ شغله للمكان أيهما أقرب، مما مؤداه أنه ما لم يطعن المستأجر أمام اللجنة المختصة لتحديد الأجرة في الميعاد المشار إليه فإن الأجرة التعاقدية تصير نهائية وقانونية ولا يجوز للجنة بعد ذلك أن تتصدى لتحديد الأجرة سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب المستأجر الحاصل بعد الميعاد باعتبار أن اللجنة جهة الطعن لا جهة لتقدير الأجرة وأن الميعاد المنصوص عليه في المادة الخامسة يعد ميعاداً حتمياً وليس ميعاداً تنظيمياً فيترتب على تجاوزه سقوط حق المستأجر في الطعن باللجوء إلى اللجنة طبقاً للقواعد العامة المنصوص عليها في المادة 215 من قانون المرافعات، لما كان ذلك وكان الثابت من الواقع المطروح في الدعوى ومن تقرير الخبير أن الطاعن الأول استأجر مسكنه بعقد مؤرخ 29/ 5/ 1984 وأن الطاعن الثاني استأجر مسكنه بعقد مؤرخ 28/ 5/ 1984 وأن كلاً منهما شغل الوحدة المؤجرة له في 1/ 1/ 1985 على ما هو ثابت بعقد استئجاره ولم يتقدما إلى اللجنة إلا في 4/ 4/ 1985 بعد فوات ميعاد التسعين يوماً المحددة للطعن على تقرير المالك للأجرة فإن الطعن منهما يكون قد قدم بعد الميعاد سواء احتسب الميعاد من تاريخ التعاقد أو من تاريخ شغل الوحدة المؤجرة ويترتب على ذلك صيرورة الأجرة التي حددها المالك نهائية وقانونية ولا تختص اللجنة ولائياً بأن تتصدى لهذا التقدير ويعتبر قرارها وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة منعدماً لا حجية له إذ تعتبر مسألة اختصاص الجنة الولائي قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على محكمة الموضوع وعليها أن تقضي به من تلقاء نفسها وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويضحى النعي في شقة الأول على غير أساس.
وحيث إن ما ورد بسبب النعي من أن الطاعنين الأول والثاني (....... و.......) لم يتسلما وحدتيهما إلا في 15/ 2/ 1985 ولم يشغلاها إلا في 18/ 4/ 1985، فالثابت أن الطاعنين قدما إفادتي استلام الوحدات المؤجرة المؤرخين 15/ 2/ 1985 وإيصال سداد تأمين استهلاك التيار الكهربائي المؤرختين 18/ 4/ 1985 (ضمن حافظة مستندات الطاعنين) لأول مرة أمام محكمة النقض، وخلت الأوراق مما يدل على تمسكهما بالدفاع المستند إليهما أمام محكمة الموضوع، ومن ثم لا يجوز لهما التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض، ويضحى النعي بهذا الشق سبباً جديداً غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين من الثالث إلى الأخير ينعون بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقولون إن المطعون ضده الأول مالك العقار قد قرر أمام محكمة أول درجة بترك الخصومة في طعنه بالنسبة لهم وقضى الحكم الابتدائي بإثبات هذا الترك ومن ثم فإنه يكون قد أجابه إلى طلبه ويمتنع عليه بالتالي الطعن على هذا القضاء إلا أنه عاد واختصمهم في الاستئناف المرفوع منه طعناً على هذا الحكم وذهبت محكمة الاستئناف في حكمها الطعين إلى أن هذا الإجراء صحيح بمقولة أن المطعون ضده الأول من حقه أن يعدل عن طلب تركه للخصومة إذ أن القانون رقم 136 لسنة 1981 جعل تحديد الأجرة مسألة عينية وليست شخصية وينسحب تقدير الأجرة على جميع وحدات العقار حتى بالنسبة لغير الممثلين في الدعوى في حين أن تحديد الأجرة وفقاً لأحكام هذا القانون موضوع قابل للتجزئة فلا يحق لمحكمة النقض التصدي إلا لواقعة تحديد أجرة الوحدات بالنسبة لمن أقام طعنه في الميعاد ولم تصبح أجرة الوحدة التي يستأجرها أجرة قانونية نهائية، كما أنه يترتب على ترك الخصومة في الدعوى إعمالاً للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون المرافعات إلغاء جميع إجراءاتها بما في ذلك رفع دعوى النزاع، ويعد من قبيل التنازل عن الحق في الطعن على قرار اللجنة المطعون فيه فيصبح هذا القرار نهائياً لحصول الترك بعد انقضاء مواعيد الطعن، هذا إلى أن المطعون ضده الأول أقر عقود الإيجار الخاصة بالطاعنين من الخامس حتى الثامن بقبوله للأجرة الواردة في قرار اللجنة باعتبارها أجرة نهائية بين الطرفين ولا يجوز الطعن عليها وهو ما تؤيده المستندات المقدمة منهم أمام محكمة النقض وقد سبق لهم أن تقدموا بصور تلك العقود لخبير الدعوى والتفت عنها، كما أن الطاعن الثالث قدم طعنه أمام اللجنة في 10/ 10/ 1985 والثابت من عقده أمام محكمة النقض أن مدة الإيجار تبدأ من 1/ 9/ 1985، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في شقة الأول سديد. ذلك أن ترك الخصومة يترتب عليه وفقاً للمادة 143 من قانون المرافعات إلغاء جميع إجراءاتها بما في ذلك صحيفة الدعوى ويعود الخصوم إلى الحالة التي كانوا عليها قبل رفع الدعوى ويعتبر المدعى عليه الذي قضى بإثبات تنازل المدعي عن مخاصمته خارجاً عن نطاق الخصومة ويتحدد نطاق الخصومة في الاستئناف وفقاً للمادة 236 من قانون المرافعات بالأشخاص الذين كانوا مختصمين أمام محكمة أول درجة والمناط في تحديد الخصم هو بتوجيه الطلبات إليه في الدعوى. لما كان ذلك وكان المطعون ضده الأول قرر بترك الخصومة أمام محكمة أول درجة بالنسبة للطاعنين من الثالث إلى الثامن ومستأجرين آخرين، فإن مفاد ذلك أن يصبح هؤلاء المستأجرين خارجين عن نطاق الخصومة أمام محكمة أول درجة ولم توجه إليهم ثمة طلبات ولا يصح بالتالي اختصامهم أمام محكمة الاستئناف ويضحي الاستئناف المقام ضد الطاعنين من الثالث إلى الثامن غير مقبول. ولا محل للقول بصحة اختصامهم أمام محكمة الاستئناف مع باقي المستأجرين بمقولة أن خصومة تقدير الأجرة عينية وليست شخصية بما يستتبع ضرورة اختصام جميع المستأجرين حتى يكون الحكم في النزاع واحد بالنسبة لهم جميعاً، ذلك أن المواد الخاصة بتقدير أجرة الوحدات السكنية والطعن عليها بالنسبة للمباني المنشأة في ظل أحكام القانون 136 لسنة 1981 المنطبقة على واقعة النزاع الماثل لم يوجب المشرع فيها إلزام قلم الكتاب بإخطار جميع مستأجري الوحدات في حالة تظلم المالك أو أحد المستأجرين من قرار لجان تحديد الأجرة كما لم ينص المشرع على أن قبول مثل هذا التظلم يترتب عليه إعادة النظر في تقدير أجرة باقي الوحدات التي شملها قرار اللجنة ولا يقتصر ذلك على الوحدة. التي أقيم التظلم بشأنها كما هو الحال في نص المادة 13 من القانون 52 لسنة 1969 والمادة 19 من القانون 49 لسنة 1977 ومن ثم فإن الخصومة المتعلقة بتقدير الأجرة أصبحت في ظل القانون رقم 136 لسنة 1981 قابلة للتجزئة فلا يجوز لمحكمة الطعن التصدي لتقدير أجرة الوحدات التي لم يرفع طعن بشأنها وبالتالي فإن قبول ترك الخصومة بالنسبة لأحد المستأجرين يترتب عليه اعتباره خارجاً عن نطاق الخصومة ولا يقبل اختصامه أمام محكمة الاستئناف ويعتبر الاستئناف قبله غير مقبول. ويعتبر قبول المالك لتقدير اللجنة الذي يقل عن الأجرة القانونية صحيح في القانون إذ أن تحديد المالك للأجرة في عقد الإيجار الخاضع لأحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 يصبح نهائياً إذا لم يطعن عليه المستأجر خلال الميعاد القانوني أو طعن عليه بعد الميعاد إلا أن الأجرة الواردة في عقد الإيجار والتي أصبحت أجرة قانونية هي حق من حقوق المالك المؤجر فله أن يتنازل عن جزء منها ويتقاضى أجرة أقل منها ما دام قد تم هذا التنازل بعد مدة العقد الاتفاقية وأثناء سريان الامتداد القانوني المقرر بأحكام تشريعات إيجار الأماكن الاستئنافية ويظل ملتزماً بها ما دام عقد الإيجار قائماً، وإذ قدم المطعون ضده الأول (المالك) أمام الخبير نسخ عقود الإيجار زيلت منه بالموافقة على تقدير اللجنة فإن لازم ذلك ومقتضاه التزامه بها ولا يجور له العدول عنها على خلاف ما إذا تم الاتفاق على قبوله أجرة تقل عن الأجرة القانونية خلال مدة العقد الاتفاقية فيظل ذلك نافذاً خلال المدة الاتفاقية إلا أنه يجوز للمؤجر أن يطالب بالأجرة القانونية الأكبر قيمة خلال الامتداد القانوني، وغنى عن البيان أن قبول المؤجر للأجرة الواردة في قرار اللجنة والتي تقل عن الأجرة القانونية لا يعني البتة إسباغ الشرعية على قرار اللجنة المتقدم الخارج عن ولايتها إذ يكون أساس التزام المالك المؤجر بالأجرة الأقل راجعاً إلى إرادته المنفردة بتركه الخصومة قبل الطاعنين لقبوله تلك الأجرة ولا يرجع إلى صيرورة قرار اللجنة نهائياً إذ أنه معدوم ولا حجية له على ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول للطعن، ولا يجدي الطاعن الثالث القول بأنه أقام طعنه أمام اللجنة في 10/ 10/ 1985 في الميعاد واستند في ذلك إلى ما جاء بعقد إيجاره أن مدة الإيجار تبدأ من 1/ 9/ 1985 إذ الواقع في الدعوى وحسبما يبين من أوراقها أنه لم يطعن على قرار اللجنة أمام محكمة أول درجة مما مفاده تسليمه بهذا التقرير, وإذ انتهت المحكمة إلى إقرار المالك به, ومن ثم فإن ما ينعى به الطاعن - وأياً ما كان وجه الرأي فيه - لا يحقق له مصلحة وبالتالي غير مقبول - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد ألغى الحكم الابتدائي الذي قضى بترك المطعون ضده الأول للخصومة أمام محكمة أول درجة بالنسبة للطاعنين من الثالث إلى الثامن فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه. ويتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً في هذا الشق.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين الحكم في موضوع الاستئناف في هذا الشق بعدم قبول الاستئناف بالنسبة للمستأنف عليهم سالفي الذكر، ورفض الطعن بالنسبة للطاعنين الأول والثاني.