مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1988 إلى آخر فبراير سنة 1989) - صـ 49

(7)
جلسة 29 من أكتوبر سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد أنور محفوظ رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: عبد الفتاح السيد بسيوني ومحمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وفاروق عبد الرحيم غنيم المستشارين.

الطعن رقم 1038 لسنة 33 القضائية

اختصاص - اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - ما يخرج عن اختصاص القضاء الإداري. (طالب) (قوات مسلحة) (كليات عسكرية) (لجان ضباط القوات المسلحة).
القانون رقم 92 لسنة 1975 في شأن النظام الأساسي للكليات العسكرية معدلاً بالقانون رقم 5 لسنة 1985 والقانون رقم 99 لسنة 1983 بشأن الطعن في قرارات مجالس الكليات والمعاهد العسكرية المعدة لتخريج ضباط القوات المسلحة - تختص لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية بجميع المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات النهائية المصدق عليها من وزير الدفاع والتي تصدرها مجالس الكليات والمعاهد العسكرية المعدة لتخريج الضباط العاملين بالقوات المسلحة - يستوي في ذلك القرارات النهائية بالفصل من الكلية لعدم صلاحية الطالب للحياة العسكرية أو تلك التي تصدر بالفصل من الكلية بعد اجتياز الطالب فترة الاختبار وأثناء مدة دراسته بالكلية - خروج هذه المنازعات من اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضا إداري - أساس ذلك: مقتضيات نظم الدراسة المؤهلة للخدمة العسكرية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 22 من فبراير 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن السيدين/ وزير الدفاع وقائد قوات الدفاع الجوى قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 1038 لسنة 33 القضائية ضد السيدة/ ...... بصفتها وصية على ابنها القاصر..... عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 25 من ديسمبر 1986 في الدعوى رقم 1128 لسنة 40 القضائية القاضي بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه الصادر بفصل الطالب...... من كلية الدفاع الجوي. وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة بمصروفات هذا الطلب.
وطلب الطاعنان لأسباب المبنية في تقرير الطعن الأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والقضاء بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدها بالمصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
وأعلن الطعن قانوناً وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه بشقيه العاجل والموضوعي وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 7/ 12/ 1987 وتدوول بالجلسات حتى قررت بجلسة 20/ 6/ 1988 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات) لنظره بجلسة 1/ 10/ 1988 وأمرت يوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي تلك الجلسة عرض الطعن على المحكمة على الوجه المبين بمحضرها حيث دفع الحاضر عن الجهة الإدارية بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائياً بنظر الدعوى طبقاً لحكم المادة الأولى من القانون رقم 99/ 1983 وفي ذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن وقائع المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بتاريخ 3/ 5/ 1986 أقامت السيدة/ ..... بصفتها وصية على ابنها القاصر..... الدعوى رقم 1128 لسنة 40 القضائية ضد وزير الدفاع والإنتاج الحربي وقائد قوات الدفاع الجوى ومدير كلية الدفاع الجوى طالبة الحكم أولاً: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر بتاريخ 10/ 1/ 1986 المتضمن فصل ابنها المذكور من كلية الدفاع الجوى. ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهم بصفتهم المصروفات وأتعاب المحاماة. وقالت في بيان الدعوى أنه بتاريخ 10/ 3/ 1986 فوجئ ابنها المذكور بإعلانه بقرار فصله من الكلية وتسليم مهماته العسكرية بمقولة عدم تثبيته بالكلية لضعف مستواه العلمي فتقدم بالتماس بتاريخ 15/ 3/ 1986 إلى قائد قوات الدفاع الجوى وبالتماس آخر بتاريخ 1/ 4/ 1986 إلى الأمانة العامة لوزرة الدفاع ولم يلق رداً، ونظراً إلى أن ابنها المذكور لم يرتكب أية مخالفة عسكرية أو انضباطية تبرر فصله من الكلية ولأن نظام الكلية يتيح للطالب فرصاً أخرى لتحسين مستواه العلمي ولعدم جدية السبب الذي من أجله تقرر فصله فيكون القرار المطعون فيه غير قائم على سند من الواقع أو القانون. وبجلسة 25 من ديسمبر 1986 أصدرت المحكمة حكمها موضوع الطعن الماثل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وأقامت قضاءها بتوافر ركن الجدية في الطلب المستعجل على أن السبب الذي ارتكن إليه القرار المطعون فيه متمثلاً في ضعف المستوى العلمي للطالب المذكور لا يرقى درجة عدم الصلاحية للحياة العسكرية ولا يبرر القول بأن فصله قد تم لمقتضيات الصالح العام في تطبيق المادة العاشرة في القانون رقم 92 لسنة 1975 في شأن النظام الأساسي للكليات العسكرية المعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1985 وذلك بالنظر إلى موقف الجهة الإدارية من عدم الرد على الدعوى ولأن المستظهر من الأوراق أن ابن المدعية قد قبل التحاقه بالكلية بعد اجتيازه اختبارات متنوعة للكشف عن مدى صلاحيته للدراسة بها ولاجتياز قدرات العقلية بما يجعل القرار المطعون فيه بحسب الظاهر غير قائم على سبب يبرره، وبالنسبة إلى ركن الاستعجال فقد إقامة الحكم على أن قرار الفصل من شأنه أن يهدد الطالب المذكور في مستقبله.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله تأسياً على أن المادة (10) من القانون رقم 92 لسنة 1975 في شأن النظام الأساسي للكليات العسكرية قد أجازت فصل الطالب في حالات عدم الصلاحية للحياة العسكرية أو إذا كانت مقتضيات الصالح العام تحتم فصله وهو ما يسوغ فصل ابن المدعية لضعف مستواه العلمي على النحو الذي اعترفت به في صحيفة الدعوى إذ يكون غير صالح للاستمرار في الحياة العسكرية وعلى هذا النحو يكون القرار المطعون فيه صحيحاً ومطبقاً للقانون.
ومن حيث إن الجهة الإدارية الطاعنة أبدت أثناء نظر الطعن دفعاً بعدم الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى وباختصاص لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هينة قضائية دون غيرها بنظرها استناداً إلى أحكام القانون رقم 99 لسنة 1983 كما قدمت مذكرة بدفاعها أشارت فيها إلى أن فصل ابن المدعية من كلية الدفاع الجوى كان سنده النص الخاص بوضع طالب الكلية تحت الاختبار.
ومن حيث أن الدفع بعدم الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة هو من الدفوع المتعلقة بالنظام العام فتقضى به المحكمة من تلقاء نفسها ولو لم يثره الخصوم كما يجوز إثارته لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا وقد نص القانون رقم 92 لسنة 1975 في شأن النظام الأساسي للكليات العسكرية المعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1985 في المادة (10) على أنه "يجوز لمجلس الكلية أن يقرر فصل الطالب من الكلية في الحالات الآتية: (أ)...... (ب) عدم الصلاحية للحياة العسكرية. (ج) إذا رأى مجلس الكلية أن مقتضيات الصالح العام تحتم فصله. وفي جميع الأحوال يصدر قرار الفصل مسبباً من مجلس الكلية بأغلبية....... ويجوز للطالب التظلم من قرار مجلس الكلية إلى وزير الدفاع (وزير الحربية) ولا يعتبر قرار الفصل نهائياً إلا بعد تصديق وزير الدفاع (وزير الحربية) ثم صدر القانون رقم 99 لسنة 1983 بشأن الطعن في قرارات مجالس الكليات والمعاهد العسكرية المعدة لتخريج ضباط القوات المسلحة ونص المادة (1) على أن "تختص لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية دون غيرها بالنظر في المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات النهائية المصدق عليها من وزير الدفاع التي تصدرها مجالس الكليات والمعاهد العسكرية المعدة لتخريج الضباط العاملين بالقوات المسلحة". ومؤدى هذه النصوص قصر اختصاص النظر في جميع المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات النهائية المصدق عليها من وزير الدفاع التي تصدرها مجالس الكليات والمعاهد العسكرية المعدة لتخريج الضباط العاملين بالقوات المسلحة، بما في ذلك بطبيعة الحال قراراتها النهائية التي تصدر وفقاً للمادة (10) من القانون رقم 92 لسنة 1975، على لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية المنصوص عليها في المادة (1) من القانون رقم 99 لسنة 1983. ولا وجه للتفرقة في صدد هذا الاختصاص في القرارات النهائية التي تصدرها تلك المجالس بالفصل من الكلية لعدم صلاحية الطالب للحياة العسكرية لما تكشف عنه بعد التحاقه بالكلية تحت الاختبار على حسب النظام المقرر باللائحة الداخلية للكلية، وبين القرارات النهائية الصادرة من هذه المجالس بالفصل من الكلية بعد اجتياز الطالب فترة الاختبار وأثناء مدة دراستها بها، فالمادة (10) من القانون رقم 92 لسنة 1975 في شأن النظام الأساسي للكليات العسكرية عامة التطبيق ونصها على جواز فصل الطالب بقرار من مجلس الكلية في حالة عدم الصلاحية للحياة العسكرية أو إذا رأى مجلس الكلية أن مقتضيات الصالح العام تحتم فصله يتضمن قطعاً حالة عدم الصلاحية التي تنكشف أثناء فترة الاختبار. هذا إلى أن سلب ولاية القضاء الإداري فيما يختص بنظر المنازعات الإدارية المنصوص عليها في القانون رقم 99 لسنة 1983 المشار إليه وهو لعلة ترتبط بمقتضيات نظم الدراسة المؤهلة للخدمة العسكرية إنما للجنة الضباط المنصوص عليها في هذا القانون اختصاص النظر في كل جميع الطعون المتعلقة بالقرارات النهائية الصادرة من المجالس المذكورة بالفصل من الكلية.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن ابن المدعية قد التحق طالباً بكلية الدفاع الجوي ضمن طلبة الدفعة 17/ د جو السنة الأولى بتاريخ 18/ 10/ 1985 وخضع لفترة اختبار قرر بعدها مجلس الكلية بجلسته المنعقدة في 16/ 2/ 1986 عدم تثبيته وفصله من قوة طلبة الكلية لعدم قدرته على استيعاب المواد والدروس التي تدرس للطلبة وكان هذا القرار يندرج ضمن القرارات التي يتعين أن يصدق عليها وزير الدفاع، فلذلك تضحى المنازعة في هذا القرار من اختصاص لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية دون غيرها عملاً بأحكام القانون رقم 99 لسنة 1983 المشار إليه وهو ما يخرجها من الاختصاص الولائي لمحكم مجلس الدولة ويقتضى إحالتها إلى اللجنة المذكورة طبقاً لما تقضي به المادة 110 من قانون المرافعات.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه وقد قضى بغير هذا النظر وتصدى للفصل في الدعوى فإنه يكون قد خالف القانون مستوجباً الإلغاء والقضاء بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية للفصل فيها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية للفصل فيها.