مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1988 إلى آخر فبراير سنة 1989) - صـ 54

(8)
جلسة 29 من أكتوبر سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد حامد الجمل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأستاذة: عبد اللطيف أحمد أبو الخير ويحيى السيد الغطريفي وإسماعيل صديق راشد وأحمد شمس الدين خفاجى المستشارين.

الطعن رقم 2180 لسنة 33 القضائية

جامعات - أعضاء هيئة التدريس - تأديب. (تحقيق).
المادة (113) من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات.
كفل المشروع لكل إنسان حق الدفاع عن نفسه وما يتفرع عنه من مبادئ عامة في أصول التحقيق والمحاكمات التأديبية - من هذه المبادئ مواجهة المتهم بما هو منسوب إليه وسماع دفاعه وأحاطته بحقيقة المخالفة - عدم فحص ومناقشة دفاع الطاعن وتحقيقه من حيث مدى صحة الوقائع المنسوبة إليه - بطلان التحقيق - بطلان قرار الجزاء لقيامة على تحقيق باطل - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 12/ 5/ 1987 أودع الأستاذ....... المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم 2180 لسنة 33 ق في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بجلسة 18/ 3/ 1987 في الطعن رقم 35 لسنة 20 ق والقاضي بقبول الطعن شكلاً وبعدم جواز طلب وقف التنفيذ وفي الموضوع برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات، وقد طلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بإلغاء عقوبة التنبيه الموقعة ضد الطاعن.
وقد أعلن تقرير الطعن وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه ورفض طلب التعويض.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 11/ 5/ 1988 وتداول بجلستها على النحو المبين بمحاضرها حتى قررت بجلسة 4/ 7/ 1988 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة وبجلسة 8/ 10/ 1988 نظرت المحكمة الطعن بجلسة 15/ 10/ 1988 على الوجه المبين بالمحاضر، وبعد أن استمعت المحكمة لما أبداه الطرفان على الوجه المبين بالمحاضر قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم 29/ 10/ 1988 حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة، والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن وقائع النزاع تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 31/ 7/ 1986 أودع الطاعن قلم كتاب المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا عريضة طعن قيدت برقم 35 لسنة 20 ق وطلب في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه الصادر برقم 2610 في 19/ 6/ 1986 بتوقيع عقوبة التنبيه عليه وفي الموضوع بإلغاء القرار وما يترتب عليه من آثار وإلزام المطعون ضده بأداء مبلغ مائة جنية على سبيل التعويض المؤقت وأوضح شرحاً لذلك أنه يشغل وظيفة أستاذ الجراحة العمة بكلية الطب جامعة عين شمس، وفوجئ بقرار من رئيس الجامعة برقم 2610 بتاريخ 19/ 6/ 1986 بتوقيع عقوبة التنبيه عليه وذلك بتهمة أنه طلب بيناً عن عمله بالمستشفى التخصصي لتقديمه إلى مصلحة الضرائب بطريقة غير لائقة في تعامله مع جهة عمله وزملائه لإرساله إنذاراً يطلب هذا البيان مما لا يتفق والتقاليد الجامعية، وأنه تظلم من هذا القرار في 2/ 7/ 1986، وأضاف بأنه ينعى على القرار أنه ينطوي على مصادرة لحقه في التقاضي إذ اعتبر الإنذار القضائي الموجه منه لإدارة المستشفى غير متفق مع التقاليد الجامعية، فضلاً عن أنه ليس صحيحاً ما ورد بالقرار من أنه صدر بناء على تحقيق أجرى مع الطاعن إذ لم يجرى معه أي تحقيق وبالتالي يكون القرار قد صدر مخالفاً لنص المادة (105) من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات وكان على رئيس الجامعة أن يحيل الأمر إلى النيابة الإدارية ولكنه أحاله إلى مستشار الجامعة الدكتور....... لما يعلمه من وجود خصومة بينه وبين الطاعن.
وقد دفعت الجامعة الطعن بأن الطاعن طلب بياناً عن عمله بالمستشفى التخصصي لتقديمه إلى مصلحة الضرائب وأن مدير المستشفى رفض هذا الطلب ونسب الطاعن بعض المآخذ على العمل بالمستشفى كما تقدم مدير المستشفى بشكاوى ضد الطاعن وأحيل الموضوع للتحقيق بمعرفة المستشار القانوني للجامعة الذي قام بسماع أقوالهم وحقق دفاعهم وانتهى إلى إدانة الطاعن واقترح توقيع عقوبة التنبيه عليه ووافق على ذلك رئيس الجامعة، وقد صدر القرار صحيحاً ومسايراً لأحكام القانون وطلبت الجامعة رفض الطعن، وقدمت حافظة مستندات تضمنت صورة ضوئية من مذكرة نتيجة التحقيق وصورة ضوئية من محضر التحقيق الذي أجرى مع الطاعن بمعرفة المستشار القانوني للجامعة.
وبجلسة 18/ 3/ 1987 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبعدم جواز طلب وقف التنفيذ وفي الموضوع برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات، وأقامت قضاءها على أسباب هي أن القرار المطعون فيه من القرارات التي لا تقبل طلب إلغائها قبل التظلم منها إدارياً ومن ثم فلا يجوز طلب وقف تنفيذه عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة (49) من قانون مجلس الدولة وعن طلب الإلغاء فقد استعرضت المحكمة أوراق التحقيق والمذكرة التي أعدها المحقق، وأوضحت أن القرار المطعون فيه صدر بناء على تحقيق قام به المستشار القانوني للجامعة وهو في ذات الوقت وكيل كلية الحقوق بها ومن ثم يكون القرار قد صدر مطابقاً لنص المادة 105 من القانون رقم 49/ 72 بشأن تنظيم الجامعات إذ أن الثابت أن القرار قد قام على سبب صحيح مستمد من التحقيقات التي أجريت مع الطاعن وأن مجازاته بعقوبة التنبيه جزاء مناسب لما ثبت في حقه وأنه لا يغير من ذلك ما ذهب إليه الطاعن من أنه اضطر إلى إتباع أسلوب الإنذار القضائي بعد أن رفضت إدارة المستشفى موافاته بالبيان المطلوب إذ لم يقدم الطاعن أي دليل على أنه تقدم بهذا الطلب في تاريخ معين وأن إدارة المستشفى تراخت في إجابته في طلبه مما اضطره إلى توجيه إنذار على يد محضر استعمالاً لحقه في التقاضي، فضلاً عما ثبت في حقه من مخاطبته لزملائه ورئيس القسم بأسلوب غير لائق وهو سبب يكفي وحده لحمل القرار المطعون فيه الصادر بمجازاته بعقوبة التنبيه.
ومن حيث أن مبنى الطعن حسبما جاء بتقرير الطعن والمذكرة المقدمة من الطاعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، ذلك أن المخالفة المنسوبة للطاعن وفقاً للقرار المطعون فيه هي "طلب بيان عن عمله بالمستشفى التخصصي لتقديمه إلى مصلحة الضرائب بطريقة غير لائقة في تعامله مع جهة عمله وإرسال إنذار قضائي بطلب بيان عن عمله بالمستشفى التخصصي وهذا لا يتفق مع التقاليد الجامعية" وجاء بالقرار أن توقيع العقوبة كان بناء على التحقيق الذي أجرى معه بمعرفة الأستاذ المستشار القانوني للجامعة وأخذة المحكمة بذلك رغم أنه لم يحقق مع الطاعن في هذه المخالفة وذلك على الرغم من أنه من الضمانات الجوهرية التي حرص المشرع عليها في التحقيق الإداري المواجهة وذلك بإيقاف العامل على حقيقة التهمة المسندة إليه والأدلة التي تشير إلى ارتكابه المخالفة حتى يستطيع أن يدلي بدفاعه، ويتعين أيضاً تحقيق دفاعه وسماع الشهود الذين يستشهد بهم. وأضاف بأن واجب الموظف احترام الرؤساء وتوقيرهم لا يحول دون الموظف وحقه في الشكوى ومطالبة رؤسائه بحقه ودفاعه عن هذا الحق والثابت أن الطاعن تقدم بطلب إلى الدكتور مدير المستشفى التخصصي لإعطائه بياناً بالعمليات التي قام بإجرائها بالمستشفى لتقديمه إلى مصلحة الضرائب ولما لم يجبه مدير المستشفى تقدم بطلب إلى الدكتور عميد كلية الطب في 19/ 1/ 1986 كما تقدم بذات الطلب في 25/ 1/ 1986 إلى الدكتور نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث، وأضاف بأن الحكم المطعون فيه قد وقع في مخالفة قانونية إذ أسند للطاعن مخالفة لم ترد في قرار مجازاته فقد جاء بأسباب الحكم أنه ثبت في حقه مخاطبته زملائه ورئيس القسم بأسلوب غير لائق، رغم أنه سبق أن صدر قرار من الدكتور رئيس الجامعة برقم 2609 في 19/ 6/ 1986 بمجازاة الطاعن بعقوبة اللوم استناداً إلى أنه تعدى باللفظ على الدكتور رئيس قسم الجراحة وبعض زملائه، وقد طعن على هذا القرار أمام المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بالطعن رقم 34 لسنة 20 ق وقضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وإلغاء القرار المطعون فيه، وبالتالي فلا يجوز للمحكمة التأديبية أن تسند في حكمها المطعون فيه على أفعال سبق أن حوكم الطاعن في شأنها وصدر حكم من ذات المحكمة بإلغاء القرار الصادر بمجازاته عنها إذ لا يجوز محاكمة أي شخص عن ذات الفعل مرتين.
وأضاف الطاعن أنه سبق أن أرسل إنذاراً إلى الأستاذ الدكتور...... المستشار القانوني لجامعة عين شمس الذي دأب على التعرض لسمعة الطاعن بالقول والتهديد الأمر الذي يفقده حياده ولا يجوز أن يتولى التحقيق في أي موضوع خاص به وطلب التنحي عن مباشرة أية تحقيقات خاصة بالطاعن.
ومن حيث إنه يبين من الإطلاع على الأوراق وبصفة خاصة أوراق التحقيق والمذكرة التي أعدها المستشار القانوني للجامعة المودعة بحافظة مستنداتها والتي صدر بناء عليها القرار المطعون فيه، أن ثمة شكاوى متبادلة بين الدكتور..... مدير المستشفى التخصصي وقد استمع المحقق إلى أقوال كل منهما وبدأ بسماع أقوال الدكتور...... حيث أوضح وجهة نظره فيما ورد بشكوى الطاعن ضده فيما يتعلق بأفعال نسبت إليه في أدائه لعمله بالمستشفى ثم أوضح مضمون شكواه شخصياً ضد الطاعن ونسب إليه أنه تطاول على السادة أعضاء هيئة التدريس وطعن في سلامة إجراءات تعيينه بجامعة عين شمس وفي كفاءته لإجراء العمليات الجراحية وادعى أنه ترتب على ممارسته للعمليات الجراحية مشاكل وأضرار لحقت بالمرضى، وبرر ذلك بأنه لم تتح له فرصة تعلم الجراحة العامة لأنه بدأ حياته نائباً في قسم المسالك البولية بجامعة القاهرة وأنه يعتمد على الآخرين في إجراء العمليات الجراحية وهم أقل منه درجة وذكر الشاكي أنه لا يعرف كيف السبيل قانوناً إلى وقف الإضرار المباشرة عن مباشرة الطاعن لعمله في الجراحة ثم استمع المحقق إلى الطاعن الذي أوضح شكواه ضد مدير المستشفى التخصصي فيما يتعلق بتصرفات نسبها إليه في إدارته للمستشفى وتناول موضوع طلبه البيان الخاص بالعمليات الجراحية التي قام بها بالمستشفى لتقديمه إلى مصلحة الضرائب، وقام المحقق بالاستفسار عن بعض المسائل التي وردت في أقوال مدير المستشفى ومن ذلك ما أثاره عن العمليات الجراحية التي أجراها الطاعن وأوضح الطاعن رداً على ذلك أنه يطلب بيان بتلك العمليات وبيان بالعمليات التي قام بها الدكتور...... ومقارنة النتائج وأشار إلى أن سيادته المحقق حكماً على أستاذ زميل له في إجراءات العمليات الجراحية ونتائجها وعندما سأله المحقق عما أثاره الدكتور........ من أن الطاعن يتبع أسلوباً في معاملته لزملائه ينطوي على استخدام ألفاظ غير مناسبة منها مثلاً ما وجهه للدكتور..... قائلاً "أنا لا أعمل عند أبوك" فقد رد الطاعن على ذلك بطلب سماع شهادة هؤلاء الزملاء وتساءل عما إذ كانت قدمت منهم شكاوى في هذا الشأن وأضاف أنه تمت ترقيته لوظيفة أستاذ مساعد ثم أستاذ بقسم الجراحة خلال العشر سنوات الماضية وكان قرار مجلس القسم في هذا الشأن أنه كان حسناً في عمله وعلاقته بزملائه طيبة، ثم أوضح الطاعن بعض ما أثاره من وقائع ومخالفات في شكواه ضد مدير المستشفى، ثم استدعى المحقق الدكتور...... مدرس الجراحة بكلية الطب واستمع إلى شهادته فيما أثاره مدير المستشفى ضد الطاعن من أن الشاهد قام بمساعدة الطاعن في إحدى العمليات الجراحية عندما كان الشاهد نائباً، فأبدى بأنه مضى وقت طويل على تلك العمليات التي اشترك فيها مع الطاعن كمساعد له وأنه لا يذكر عنها شيئاً وأبدى أنه لا يود الخوض في صراعات بين أساتذة له يبجلهم ويحترمهم واقتصر المحقق على ذلك وليس في الأوراق ما يفيد أنه استمع إلى شهود آخرين، ثم قام بإعداد مذكرة بنتيجة التحقيق أوضح فيها أن أوراق التحقيق تكشف عن إتباع الدكتور...... لأسلوب غير لائق في تعامله مع جهة عمله وزملائه وعلى الأخص:
1 - أن يرسل إنذاراً قضائياً بطلب بيان عن عمله بالمستشفى التخصصي وهو أسلوب غير مألوف ولا يتفق مع التقاليد الجامعية.
2 - مخاطبته لزملائه ورئيس قسمه بأسلوب غير لائق فهو يذكر عن دكتور....... أنه يدير المستشفى وكأنها "إرث لسيادته" وعن رئيس القسم "عدم فهم" وأنه لا يدرى شيئاً عن أحوال العمل بالمستشفى.
3 - تعمده البلبلة وإرسال الشكاوى لجهات خارج الجامعة دون سندٍ أو دليل وانتهت المذكرة إلى اقتراح:
أولاً: حفظ الشكاوى المقدمة من الدكتور......
ثانياً: توقيع عقوبة التنبيه على سيادته لما ثبت في حقه المبين في المذكرة وقد وافق الدكتور رئيس الجامعة على ذلك بتاريخ 15/ 6/ 1986.
ومن حيث أن المادة 112 من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات تنص على أنه "لرئيس الجامعة توقيع عقوبتي التنبيه واللوم المنصوص عليهما في المادة 110 على أعضاء هيئة التدريس الذين يخلون بواجباتهم أو بمقتضيات وظائفهم وذلك بعد سماع أقوالهم وتحقيق دفاعهم ويكون قراره في ذلك مسبباً ونهائياً......" ويبين من هذا النص أنه جاء ترديداً لما هو مقرر من حق لكل إنسان الدفاع عن نفسه وهو الحق الذي نصت عليه صراحة المادة (67) من الدستور وما يتفرع على ذلك من مبادئ عامة في أصول التحقيقات والمحاكمات التأديبية من بينها حتمية مواجهة المتهم بما هو منسوب إليه وسماع دفاعه وتحقيقه ويعتبر ذلك من الأسس الجوهرية للتحقيق القانوني حيث إحاطة العامل بحقيقة المخالفة المنسوبة إليه وإحاطته أيضاً بمختلف الأدلة التي يقوم عليها الاتهام وذلك حتى يستطيع الدفاع عن نفسه فيما هو منسوب إليه.
ومن حيث أنه بتطبيق ما تقدم على واقعات الطعن الماثل فإن التحقيق الذي أجرى مع الطاعن وصدر على أساسه القرار المطعون فيه قد اكتفى فيه المحقق بسماع أقوال الشاكي ضد الطاعن ورغم ما نسبه الشاكي إلى الطاعن من أفعال وأقوال تمس كفاءته وجدارته وعمله وكرامته في تصميم تخصصه كجراح وأستاذ للجراحة حيث صور الطاعن بصورة من لا يعرف مهنته وينسب لنفسه إجراء جراحات يجريها غيره ممن يساعدونه في إجراء العمليات الجراحية، فضلاً عن الإساءة بالقول لزملائه ورؤسائه وهى تهم خطيرة وجسيمة تفقد الطاعن لو صحت ليس فقط احترام زملائه وتلاميذه ولكن أيضاً تفقده الصلاحية لأداء واجبات وظيفته فنياً وخلقياً ورغم كل تلك الخطورة فإن المحقق لم يستمع إلى أقوال من يحق سماع أقوالهم حسبما ذكرهم الشاكي في أقواله واتهاماته للطاعن كما ليسمع الشهود الذين طلب الطاعن سماع شهادتهم وانتهى المحقق دون سند مستخلص استخلاصاً سليماً وسائغاً من واقع أوراق التحقيق إلى إدانة الطاعن فيما تضمنته مذكرة المحقق على النحو سالف البيان وصدر القرار المطعون فيه وجاء به صراحة أن المخالفة المنسوبة للطاعن هي "طلب بيان عن عمله بالمستشفى التخصصي لتقديمه إلى مصلحة الضرائب بطريقة غير لائقة في تعامله مع جهة عمله وزملائه وإرسال إنذار قضائي بطلب بيان عن عمله بالمستشفى التخصصي وهذا لا يتفق مع التقاليد الجامعية" وأشار القرار إلى التحقيق الذي أجري في هذا الشأن بمعرفة الأستاذ الدكتور المستشار القانوني للجامعة والذي شابه النقص والقصور الشديد والخروج عن الهدف الأساسي من التحقيق، حيث أحيل إلى المحقق تحقيق شكاوى الطاعن المتعلقة بسير العمل بمستشفى جامعة عين شمس التخصصي والمخالفات والأفعال التي ينسبها بالتحديد إلى مديره في إدارة هذا المستشفى بينها عدم تسليمه شهادة لمصلحة الضرائب رغم إنذارها والذي ورد في شكوى مدير المستشفى المذكور بالمقابل منسوباً إلى الطاعن والذي كرر ترديده في أقواله ويتعلق بتأهيل الطاعن وسلامة تعيينه، وخطورة أدائه للعمليات الجراحية.... التي على السند السالف بيانه وقد توقف التحقيق عند مجرد إثبات اتهامات الطرفين وسؤال الشاهد (المدرس) الذي لم يدل بشيء على ما سالف البيان وانصرف إلى استخراج أقوال تنسب للطاعن تفيد اتهامه بأنه يتعامل مع رؤسائه وزملائه بطريقة غير لائقة - وفي هذا المجال الذي وجه المحقق مجرى التحقيق إليه فقد أصاب هذا التحقيق الإخلال الجسيم بحق الطاعن في الدفاع عن نفسه.
ومن حيث أنه تأسيساً على ما تقدم فإن قرار الجزاء يكون قد صدر بناء على تحقيق لم يتناول بحث وتحقيق مدى صحة الاتهامات الموجهة للطاعن من أقوال غير من ردد هذه الاتهامات أو من الأوراق والمستندات المتعلقة بها ولم يعن بفحص ومناقشة دفاع الطاعن وتحقيقه عما نسب إليه واكتفى بإثبات أقوال الشاكي ضده ومن ثم فأنه يكون قد فقد هذا التحقيق أهم أركانه الجوهرية التي تفترضها طبيعته كبحث جدي موضوعي ومحايد ونزيه لبلغ الحقيقة في موضوع التحقيق من حيث مدى صحة حدوث الوقائع المنسوبة لمن يحقق معه ومدى صحة نسبتها إليه وحقيقة تكييفها كمخالفات أو جرائم تأديبية تتحقق بمقتضاها المسئولية التأديبية لمن تنسب إليه تلك الأفعال الأمر الذي يؤدى حتماً إلى بطلانه وإلى عدم الاعتداد بهذا التحقيق ونتيجته لخروجه الجسيم على طبيعة التحقيق وإهداره لحق الدفاع ويكون من ثم القرار المطعون فيه قد صدر باطلاً لقيامه على تحقيق باطل لا يعتد به.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه إذ ذهب إلى غير ذلك فإنه يكون قد صدر مخالفاً للقانون جديراً بالإلغاء، كما يتعين الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه بمجازاة الطاعن بعقوبة التنبيه لبطلان التحقيق الذي انبنى عليه هذا القرار ومن حيث أنه عن طلب الطاعن التعويض فإنه حيث أن القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه أساسه بطلان التحقيق الذي بني عليه دون البحث في حقيقة وصحة الأسباب التي بني عليها هذا القرار وحيث أنه لم يوضح الطاعن عناصر التعويض ويحدد الأضرار التي أصابته من القرار فضلاً عن أن إلغاء هذا القرار وفقاً لما سلف من أسباب هو خير تعويض للطاعن.
ومن حيث إن هذا الطعن معفى من الرسوم القضائية طبقاً لصريح نص المادة (90) من القانون رقم (47) لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء قرار رئيس جامعة عين شمس رقم 2610 الصادر في 19/ 9/ 1986 بمجازة الطاعن بعقوبة التنبيه ورفض ما عدا من طلبات.