أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 43 - صـ 550

جلسة 9 من أبريل سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين توفيق، شكري جمعه حسين، فتيحه قرة ومحمد الجابري.

(117)
الطعن رقم 173 لسنة 57 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن": "التأجير المفروش".
الترخيص للمستأجر بتأجير المكان المؤجر له خالياً أو مفروشاً بغير إذن كتابي صريح من المالك. جوازه استثناء. التأجير للهيئات الأجنبية أو الدبلوماسية أو القنصلية أو الإقليمية أو لأحد العاملين بها من الأجانب أو المرخص لهم بالعمل أو الإقامة بمصر. إحدى حالاته. المادتان 39/ أ، 40/ هـ ق 49 لسنة 1977. (مثال بصدد عدم انطباق ذلك على حالة التأجير لمصري ولو بدل صفة شركته بأن يكون وكيلاً لهيئات أو لشركات أجنبية).
(2) إثبات "طرق الإثبات" "الإقرار". إيجار "إيجار الأماكن".
الإقرار. ماهيته. الإقرار القضائي قد يرد في صحيفة الدعوى أو في مذكرة يقدمها الخصم للمحكمة. ما يذكره في ساحة القضاء متصلاً بآخر في الدعوى. لا يعد إقراراً. علة ذلك. مثال في إيجار.
1- مفاد النص في المادتين 39/ أ، ب، 40/ هـ من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر - يدل على أن المشرع واستثناء من حظر التأجير من الباطن أجاز للمستأجر أن يقوم بتأجير المكان المؤجر خالياً أو مفروشاً بغير إذن كتابي صريح من المالك في حالات معينة وبشروط محددة من بينها ما أورده البند ( أ ) من المادة 39 سالفة الذكر خاصاً بجواز التأجير للهيئات الأجنبية أو الدبلوماسية أو القنصلية أو المنظمات الدولية أو الإقليمية أو أحد العاملين بها من الأجانب أو للأجانب المرخص لهم بالعمل أو الإقامة بجمهورية مصر العربية. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعنة بأن التأجير قد تم لهيئة أجنبية بما حصله من أن "المستأنفة (الطاعنة) لم تؤجر العين إلى هيئة أجنبية أو إلى أجنبي وإنما أجرتها إلى مصري كون شركة مصرية على ما هو مستفاد من البيان المقدم من السجل التجاري - ولا يقدح في ذلك أن تغيير جنسية المستأجر أو يبدل من صفة شركته بأن يكون وكيلاً لهيئات أو لشركات أجنبية" فإنه يكون قد رد على المستندات المقدمة من الطاعنة بأن الشركة المطعون ضدها الثانية شركة مصرية وليست أجنبية وخلص سائغاً إلى أن التأجير من الباطن وقع مخالفاً للحظر الوارد في القانون.
2- لئن كان الأصل في الإقرار بوجه عام أنه اعتراف شخص بواقعة من شأنها أن تنتج آثاراً قانونية بحيث تصبح في غير حاجة إلى الإثبات وينحسم النزاع في شأنها، وأن الإقرار القضائي قد يرد في صحيفة الدعوى التي يرفعها المقر، أو في مذكرة يقدمها للمحكمة، إلا أنه يشترط فيه ما يشترط في الأعمال القانونية من وجود الإرادة، بمعنى أن يجب أن يدرك المقر مرمى إقراره وأن يقصد به إلزام نفسه بمقتضاه، وأن يكون مبصراً أنه سيتخذ حجة عليه، وأن خصمه سيعفى بموجبه من تقديم أي دليل، وترتيباً على ما تقدم لا يعتبر إقراراً ما يذكره الخصم في ساحة القضاء يتصل بآخر في الدعوى. لما كان ذلك وكان البين من مذكرة المطعون ضده الأول التي قدمها لمحكمة أول درجة أنها تضمنت قوله بأن الطاعنة غادرت البلاد وتنازلت عن الشقة محل النزاع للشركة المطعون ضدها الثانية ومن ثم فإن المطعون ضدة الأول لم يقر بواقعة على نفسه هو، ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن هو أهدر هذا القول واعتبره مجرد دفاع لا يرتب أثر الإقرار القضائي، ولم يعوّل عليه في قضائه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنة والمطعون ضدهما الثانية والثالثة الدعوى رقم 32 لسنة 1983 مدني بور سعيد الابتدائية، بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة والتسليم، وقال بياناً لها إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 27/ 5/ 1946 أجر مورثه إلى...... - مورث الطاعنة - شقة النزاع وبعد وفاة الأخير استمر عقد الإيجار للطاعنة أرملة المستأجر حتى أنذرته بتاريخ 18/ 2/ 1983 بأنها قد أجرت جزء منها للشركة المطعون ضدها الثانية مخالفة بذلك الحظر الوارد في عقد الإيجار والقانون فأقام الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع الشهود حكمت بالإخلاء والتسليم، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 259 لسنة 26 ق الإسماعيلية "مأمورية بور سعيد" وبتاريخ 8/ 1/ 1987 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعي الطاعنة بالسبب الأول والوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه، القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إنها تمسكت بأنها قد أجرت شقة النزاع إلى الشركة المطعون ضدها الثانية وهي الشركة أجنبية لها فرع في مصر وقدمت المستندات الدالة على صحة دفاعها وأيدها في ذلك المطعون ضده الأول في مذكرات دفاعه مما يجيز لها التأجير من الباطن عملاً بالمادتين 39/ أ، ب، 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وهو ما عبرت عنه عجز المادة 18/ حـ من القانون رقم 136 لسنة 1981 التي تحظر التنازل والتأجير من الباطن "دون إخلال بالحالات التي يجيز فيها القانون للمستأجر تأجير المكان مفروشاً أو التنازل عنه أو تأجيره من الباطن......" وإذ أغفل الحكم الرد على دفاعها واعتبر ما قرره المطعون ضده الأول في هذا الشأن مجرد دفاع مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن النص في المادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أن "لا يجوز للمستأجر في غير المصايف والمشاتي المحددة وفقاً لأحكام هذا القانون أن يؤجر المكان المؤجر له مفروشاً أو خالياً إلا في الحالات الآتية: (أ)...... (ب)...... (جـ)...... (د)...... (هـ) في الحالات والشروط المبينة بالبندين (أ، ب) من المادة السابقة....." وقد جاء نص البندين أ، ب من المادة 39 بالآتي "أ" التأجير لإحدى الهيئات الأجنبية أو الدبلوماسية أو القنصلية أو المنظمات الدولية أو الإقليمية أو لأحد العاملين بها من الأجانب أو للأجانب المرخص لهم بالعمل أو الإقامة بجمهورية مصر العربية. (ب) التأجير للسائحين الأجانب أو لأحدى الجهات المرخص لها في مباشرة أعمال السياحة بغرض إسكان السائحين وذلك في المناطق التي يصدر بتحديدها قرار من وزير السياحة بالاتفاق مع المحافظ المختص" يدل على أن المشرع واستثناء من حظر التأجير من الباطن أجاز للمستأجر أن يقوم بتأجير المكان المؤجر خالياً أو مفروشاً بغير إذن كتابي صريح من المالك في حالات معينة وبشروط محددة من بينها ما أورده البند ( أ ) من المادة 39 سالفة الذكر خاصاً بجواز التأجير للهيئات الأجنبية أو "( أ ) الدبلوماسية أو القنصلية أو المنظمات الدولية أو الإقليمية أو لأحد العاملين بها من الأجانب أو للأجانب المرخص لهم بالعمل أو الإقامة بجمهورية مصر العربية. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعنة بأن التأجير قد تم لهيئة أجنبية بما حصله من أن "المستأنفة (الطاعنة) لم تؤجر العين إلى هيئة أجنبية أو إلى أجنبي وإنما أجرتها إلى مصري كون شركة مصرية على ما هو مستفاد من البيان المقدم من السجل التجاري - والمشار إليه من قبل - ولا يقدح في ذلك أن تغيير جنسية المستأجر أو يبدل من صفة شركته بأن يكون وكيلاً لهيئات أو لشركات أجنبية". فإنه يكون قد رد على المستندات المقدمة من الطاعنة بأن الشركة المطعون ضدها الثانية شركة مصرية وليست أجنبية، وخلص سائغاً إلى أن التأجير من الباطن وقع مخالفاً للحظر الوارد في القانون، أما ما أثارته الطاعنة بأن المطعون ضده الأول أقر بأن الشركة المطعون ضدها الثانية هي شركة أجنبية وأن الحكم اعتبر ذلك من قبيل الدفاع فإنه لا يصادف محلاً من قضاء الحكم المطعون فيه ويكون غير مقبول ومن ثم يكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن المطعون ضده الأول أقر في مذكرته بغيابها عن البلاد وإقامتها بفرنسا منذ تحرير عقد الإيجار المفروش وعدم عودتها حتى الآن، وهو ما يجيز لها التأجير من الباطن عملاً بالمادة 40/ أ من القانون رقم 49 لسنة 1977، وهو إقرار قضائي يتعين على المحكمة أن تأخذ به وتحكم بالبناء عليه أو على الأقل تعتبره مبدأ ثبوت بالكتابة يجوز تكملته بشهادة الشهود، وإذ اعتبر الحكم بأن ما قرره المطعون ضده الأول مجرد دفاع لا يرتب أثراً فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه ولئن كان الأصل في الإقرار بوجه عام أنه اعتراف شخص بواقعة من شأنها أن تنتج آثاراً قانونية بحيث تصبح في غير حاجة إلى الإثبات وينحسم النزاع في شأنها، وأن الإقرار القضائي قد يرد في صحيفة الدعوى التي يرفعها المقر، أو في مذكرة يقدمها للمحكمة، إلا أنه يشترط فيه ما يشترط في الأعمال القانونية من وجود الإرادة، بمعنى أن يجب أن يدرك المقر مرمى إقراره، وأن يقصد به إلزام نفسه بمقتضاه، وأن يكون مبصراً أنه سيتخذ حجة عليه، وأن خصمه سيعفى بموجبه من تقديم أي دليل، وترتيباً على ما تقدم لا يعتبر إقرار ما يذكره الخصم في ساحة القضاء يتصل بآخر في الدعوى. لما كان ذلك وكان البين من مذكرة المطعون ضده الأول التي قدمها لمحكمة أول درجة أنه تضمنت قوله بأن الطاعنة غادرت البلاد وتنازلت عن الشقة محل النزاع للشركة المطعون ضدها الثانية، ومن ثم فإن المطعون ضد الأول لم يقر بواقعة على نفسه هو، ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن هو أهدر هذا القول واعتبره مجرد دفاع لا يرتب أثر الإقرار القضائي، ولم يعول عليه في قضائه، وقد ذهب الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بأنه لا مجال لأعمال نص المادة 40/ أ من القانون رقم 49 لسنة 1977 إذ لم يثبت من أوراق الدعوى ومستنداتها أن الطاعنة مصرية مقيمة بالخارج ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.