أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 43 - صـ 555

جلسة 9 من أبريل سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد مختار منصور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد خيري الجندي، محمد بكر غالي، محمد محمد محمود نواب رئيس المحكمة ومصطفى نور الدين فريد.

(118)
الطعن رقم 1935 لسنة 57 القضائية

(1) موطن. اختصاص "اختصاص محلي". تركة.
مفهوم الموطن في حكم المادة 947 من قانون المرافعات. انصرافه إلى المكان الذي يقيم فيه المورث قبل وفاته لا إلى المكان الكائن به محل تجارته. اعتبار محل التجارة موطناً للتاجر بجانب موطنه الأصلي. شرطه. بقاء النشاط التجاري مستمراً وله مظهره الواقعي. توقف هذا النشاط أو انتهاؤه. أثره.
(2) أعمال تجارية. تركة.
طلب تعيين مصف للتركة لا يعد من قبيل الأعمال التجارية.
(3) اختصاص "الاختصاص النوعي".
تشكيل دوائر مختلفة بالمحكمة الابتدائية وتخصيص بعضها لنظر أنواع معينة من المنازعات. تنظيم داخلي للمحكمة. عدم تعلقه بالاختصاص النوعي.
(4) دعوى "المسائل التي تعترض سير الخصومة: وقف الدعوى". محكمة الموضوع.
وقف الدعوى طبقاً للمادة 129 مرافعات. أمر جوازي للمحكمة. لا محل للنعي عليها في هذا الخصوص طالما استندت على أسبابه سائغة.
(5) نقض "أسباب الطعن: بيان أسباب الطعن".
صحيفة الطعن بالنقض. وجوب اشتمالها على بيان لأسباب الطعن بياناً دقيقاً نافياًَ عنها الغموض والجهالة بحيث يبين فيها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه.
(6) نقض "أسباب الطعن بالنقض: السبب الوارد على غير محل".
عدم صدور قضاء الحكم المطعون فيه في مادة تجارية. النعي عليه بإغفاله النص على إلزام المحكوم له بتقديم كفالة رغم شمول الحكم بالنفاذ المعجل لصدوره في مادة تجارية. وارد على غير محل.
1- النص في المادة 41 من القانون المدني على أن "يعتبر المكان الذي يباشر فيه الشخص تجارة أو حرفة موطناً بالنسبة إلى إدارة الأعمال المتعلقة بهذه التجارة أو الحرفة" وفي المادة 947 من قانون المرافعات على أن "تختص المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها آخر موطن للمورث بتعيين مصف للتركة وعزله واستبدال غيره به وبالفصل في جميع المنازعات المتعلقة بالتصفية" يدل وعلى - ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن مفهوم الموطن في حكم المادة 947 من قانون المرافعات ينصرف إلى المكان الذي يقيم فيه المورث قبل وفاته لا إلى المكان الكائن به محل تجارته لأن المشرع وإن أجاز في المادة 41 من القانون المدني اعتبار محل التجارة - بالنسبة للأعمال المتعلقة بها - موطناً للتاجر بجانب موطنه الأصلي للحكمة التي أفصح عنها من أن قاعدة تعدد الموطن تعتد بالأمر الواقع وتستجيب لحاجة المتعاملين إلا أن إعمال هذه القاعدة يبقى ما بقى النشاط التجاري مستمراً وله مظهره الواقعي فإن توقف أو انتهى انتفت الحكمة من تطبيقها.
2- إن طلب تعيين مصف للتركة لا يعد من قبيل الأعمال التجارية.
3- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تشكيل دوائر مختصة بالمحكمة الابتدائية وتخصيص بعضها لنظر أنواع معينة من المنازعات يدخل في نطاق التنظيم الداخلي للمحكمة مما تختص به الجمعية العمومية بها ولا يتعلق بالاختصاص النوعي.
4- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن وقف الدعوى طبقاً للمادة 129 من قانون المرافعات هو أمر جوازي للمحكمة تستبينه من ظروف الدعوى وأنه لا محل للنعي عليها في هذا الخصوص طالما أنها استندت في ذلك على أسباب سائغة.
5- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يجب طبقاً لنص المادة 253 مرافعات أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب بياناً دقيقاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنه الغموض والجهالة بحيث يبين فيها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه.
6- إذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يصدر في مادة تجارية فلا عليه إن لم يقض بإلزام المطعون ضده الأول بتقديم كفالة رغم شمول الحكم بالنفاذ المعجل ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بالسبب السادس غير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنات وباقي المطعون ضدهم الدعوى رقم 9001 سنة 1985 مدني محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بتعيينه مصفياً لتركة المرحوم......، وقال في بيانها إن مورثهم توفي بتاريخ 28/ 8/ 1983 ولم يعين مصفياً للتركة ولكونه أحد الورثة فقد أقام الدعوى. بتاريخ 24/ 4/ 1986 قضت المحكمة بطلبه. استأنف الطاعنات هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 10280 لسنة 103 ق وبجلسة 22/ 4/ 1987 حكمت بالتأييد. طعن الطاعنات في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب تنعي الطاعنات بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقلن إنه على الرغم من أن دفاعهن أمام محكمتي الموضوع قام على أن محكمة جنوب القاهرة الابتدائية - التي يقع بدائرتها محل تجارة المورث - هي المختصة محلياً بنظر دعوى تعيين مصف للتركة لأنه كان تاجراً ومن ثم يكون موطنه المكان الكائن به محل التجارة فإن المحكمة الابتدائية ومن بعدها محكمة الاستئناف ذهبت إلى أن محكمة شمال القاهرة الابتدائية الكائن بدائرتها محل إقامة المورث - هي المحكمة المختصة بنظر تلك الدعوى مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن النص في المادة 41 من القانون المدني على أن "يعتبر المكان الذي يباشر فيه الشخص تجارة أو حرفة موطناً بالنسبة إلى إدارة الأعمال المتعلقة بهذه التجارة أو الحرفة" وفي المادة 947 من قانون المرافعات على أن "تختص المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها آخر موطن للمورث بتعيين مصف للتركة وعزله واستبدال غيره به وبالفصل في جميع المنازعات المتعلقة بالتصفية" يدل وعلى - ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن مفهوم الموطن في حكم المادة 947 من قانون المرافعات ينصرف إلى المكان الذي يقيم فيه المورث قبل وفاته لا إلى المكان الكائن به محل تجارته لأن المشرع وإن أجاز في المادة 41 من القانون المدني اعتبار محل التجارة - بالنسبة للأعمال المتعلقة بها - موطناً للتاجر بجانب موطنه الأصلي للحكمة التي أفصح عنها من أن قاعة تعدد الموطن تعتد بالأمر الواقع وتستجيب لحاجة المتعاملين إلا أن إعمال هذه القاعدة يبقى ما بقى النشاط التجاري مستمراً وله مظهره الواقعي فإن توقف أو انتهى انتفت الحكمة من تطبيقها - لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن الطلب الورثة بتعيين مصف للتركة لا يعد من قبيل الأعمال المتعلقة بتجارة المورث لأنها انتهت بوفاته ورتب على ذلك قضاءه باختصاص محكمة شمال القاهرة الابتدائية التي كان يقيم بدائرتها المورث إقامة فعليه قبل وفاته اختصاصاً محلياً بنظر دعوى تعيين مصف لتركته، وكان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون فإن النعي عليه بهذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنات ينعين بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقلن إنه على الرغم من أن الاختصاص النوعي للمحاكم من النظام العام وأن المحاكم التجارية هي التي تختص بنظر النزاع على تصفية المنشأة التجارية فإن الحكم المطعون فيه خلص إلى أن توزيع العمل بين الدوائر المدنية والتجارية بالمحاكم هو من قبيل التنظيم الداخلي ولا يعد من قبيل الاختصاص النوعي للمحاكم بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي مردود ذلك أنه وإن كان طلب تعيين مصف للتركة لا يعد من قبيل الأعمال التجارية فإن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تشكيل دوائر مختصة بالمحكمة الابتدائية وتخصيص بعضها لنظر أنواع معينة من المنازعات يدخل في نطاق التنظيم الداخلي للمحكمة مما تختص به الجمعية العمومية بها ولا يتعلق بالاختصاص النوعي لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الرابع من أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه رفض طلب الطاعنات وقف الدعوى إلى أن يفصل في الدعوى رقم 5326 سنة 1985 كلي شمال القاهرة بتحديد نصيب أحد الشركاء، والدعوى رقم 9704 سنة 1985 مدني كلي شمال القاهرة ببطلان عقد تعديل الشركة على سند من أن هذا النزاع لا يمنع من تعيين مصف للتركة وذلك بالمخالفة للمادة 129 من قانون المرافعات بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن وقف الدعوى طبقاً للمادة 129 من قانون المرافعات هو أمر جوازي للمحكمة تستبينه من ظروف الدعوى وأنه لا محل للنعي عليها في هذا الخصوص طالما أنها استندت في ذلك على أسباب سائغة وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى رفض طلب وقف الدعوى المبدي من الطاعنات على سند من أو وجود منازعات حول التركة لا يمنع من تعيين مصف لها لأن الأخير يعد بمثابة وكيل عن الورثة يناط به الدفاع عن حقوقهم - وكان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً وكافياً لحمل قضائه برفض طلب وقف الدعوى المبدي من الطاعنات فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنات ينعين بالسبب الخامس من أسباب الطعن على أن الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقلن إن عقد الشركة المخلفة عن المورث طرأت عليه تعديلات كثيرة تبعاً لتطور علاقة الشركاء أثناء قيام الشركة ولم يبين الحكم المطعون فيه على أي عقد من هذه العقود قد أقام قضاءه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يجب طبقاً لنص المادة 253 مرافعات أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب بياناً دقيقاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنه الغموض والجهالة بحيث يبين فيها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه - وكانت الطاعنات في هذا السبب من أسباب الطعن لم تبين ماهية التعديلات المشار إليها وأثرها على ما انتهى إليه قضاء الحكم المطعون فيه من تعيين مصف للتركة كي يستبين وجه القصور الذي اعتور الحكم فإن النعي بهذا السبب يكون مجهلاً من ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعنات ينعين بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقلن إن دفاعهن أمام محكمة الاستئناف قام على أن الحكم المستأنف قد شابه البطلان لأن المحكمة أغفلت النص على إلزام المحكوم له بتقديم كفالة رغم شمول الحكم بالنفاذ المعجل لصدوره في مادة تجارية عملاً بحكم المادة 289 من قانون المرافعات إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي لا يصادف محلاً في قضاء الحكم المطعون فيه ذلك أنه لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه على ما سلف بيانه أنه لم يصدر في مادة تجارية فلا عليه إن لم يقض بإلزام المطعون ضده الأول بتقديم كفالة رغم شمول الحكم بالنفاذ المعجل ومن ثم يكون النعي عليه بهذا السبب غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.