مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1988 إلى آخر فبراير سنة 1989) - صـ 119

(17)
جلسة 19 من نوفمبر سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح السيد بسيوني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد أمين المهدي وصلاح عبد الفتاح سلامة وفاروق عبد الرحيم غنيم وسعد الله محمد حنتيرة المستشارين.

الطعن رقم 1822 لسنة 29 القضائية

( أ ) جمارك - ميعاد سقوط الدعوى ضد مصلحة الجمارك (تقادم).
قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 - المادة 187 من القانون المدني.
حدد المشرع القواعد الخاصة بتوزيع حصيلة بيع البضائع المودعة بالمخازن والمستودعات الجمركية - على ذوى الشأن أن يطالبوا بحقوقهم خلال ثلاث سنوات من تاريخ البيع - تطبق هذه القاعدة في كل منازعة متعلقة بالمطالبة بثمن بضاعة باعتها مصلحة الجمارك بالتطبيق لقانون الجمارك - لا وجه لتطبيق أحكام القانون المدني في شأن سقوط دعوى استرداد ما دفع بغير حق - أساس ذلك: أن النص الوارد بقانون الجمارك يعتبر نصاً خاصاً يقيد ما ورد بالقواعد العامة - تطبيق.
(ب) استيراد - السلع المحظور استيرادها - ما يعتبر في حكمها.
القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد.
حظر المشرع استيراد السلع من الخارج قبل الحصول على ترخيص من وزارة الاقتصاد - يخضع للترخيص المذكور كل سلعة تصل من الخارج ولو كانت للاستعمال الشخصي متى جاوزت قيمتها الحد المسموح به قانوناً - في حالة عدم الحصول على الترخيص تصبح السلعة غير مرخص بها وتعامل معاملة البضائع المحظور استيرادها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 30 من أبريل 1983 أودعت إدارة قضايا الحكومة (حالياً هيئة قضايا الدولة) نيابة عن السيد/ وزير المالية بصفة الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم 1822 لسنة 29 القضائية ضد السيد/ ..... في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة الأول من مارس سنة 1983 في الدعوى رقم 1072 لسنة 33 القضائية القاضي بقبول الدعوى شكلاً، وبإخراج المدعى عليهما الثاني والثالث منها وفي الموضوع بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن صرف مبلغ 1123.585 إلى المدعية وبرفض طلب التعويض وألزمت كلاً من المدعية والجهة الإدارية بمصروفات الدعوى مناصفة بينهما.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بسقوط دعوى المدعية بالتقادم الثلاثي طبقاً لنص المادة 187 من القانون المدني واحتياطياً في الموضوع برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدها بالمصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
وأعلن الطعن قانوناً وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وعينت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة (الدائرة الثالثة) جلسة 3/ 4/ 1985 فقررت بجلسة 16/ 10/ 1985 إحالة الطعن إلى دائرة فحص الطعون (الدائرة الأولى) للاختصاص لنظره بجلسة 2/ 12/ 1985 فعرض عليها في هذه الجلسة وجرى تداوله بالجلسات وعلى جلسة 16/ 3/ 1987 - حكمت الدائرة بوقف الطعن لمدة ستة أشهر وبناء على صحيفة تعجيل الطعن المقدمة من الحكومة عرض الطعن على الدائرة بجلسة 7/ 12/ 1987 وظل يتداول بالجلسات على الوجه المبين بالمحاضر حتى قررت بجلسة 20/ 6/ 1988 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) لنظره بجلسة 8/ 10/ 1988 فنظرته المحكمة في هذه الجلسة على الوجه المبين بمحاضرها وبعد أن سمعت ما رأت لزومه من إيضاحات قررت في الجلسة المذكورة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن وقائع المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق وسائر أوراق الطعن - في أنه بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بتاريخ 4/ 4/ 1978 أقامت.... الدعوى رقم 2688 لسنة 1978 مدني كلى جنوب القاهرة ضد وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك ووكيل وزارة المالية لشئون الجمارك ومدير عام مصلحة الجمارك بالقاهرة طالبة الحكم بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا لها مبلغ 2123.585 جنيه عبارة عن 1123.585 جنيه ثمن بيع مصوغاتها بمعرفة الجمارك و1000 جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية التي أصابتها مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقالت أنه بتاريخ 24/ 5/ 1972 وصلت من الخارج ومعها مصوغاتها الذهبية المستعملة والتي لا يتعدى وزنها 455 جراماً والموضح بيانها في الإقرار الجمركي وقد رفض موظف الجمارك السماح لها بإدخال هذه المصوغات مع أنها للاستعمال الشخصي وتسليمها منها بالإيصال رقم 38 في 24/ 5/ 1972 ووعدها بتسليمها لها عند عودتها لميناء القاهرة للسفر إلى الخارج وعند سفرها للخارج مرة أخرى تقدمت إلى الجمارك لتسلم مصوغاتها التي سبق لها إيداعها إلا أن الموظف المختص رفض تسليمها لها وأفهمها بضرورة الحصول على إذن استيراد فاضطرت إلى السفر دون مصوغاتها وتقدمت وكيلتها عدة مرات إلى مصلحة الجمارك بميناء القاهرة بمطالبات ودية لتسلم هذه المصوغات وفي حالة بيعها استرداد قيمتها وقد نما إلى علمها أن هذه المصوغات بيعت في عام 1975 بمبلغ 1123.585 جنيه تم توريده إلى خزينة الجمارك بالقسيمة رقم 75/ 38 في 15/ 9/ 1975 وهو ما يجعل لها الحق في المطالبة بهذا المبلغ فضلاً عن التعويض عن الأضرار المادية التي أصابتها وتقدرها بمبلغ 1000 جنية وقدم الحاضر عن الجهة الإدارية مذكرة تضمنت طلب الحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبصفة احتياطية بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليهما الثاني والثالث ومن باب الاحتياط الكلى سقوط الحق في إقامة الدعوى بالتقادم الثلاثي وفي الموضوع برفضها. وبجلسة 21/ 1/ 1979 قضت المحكمة الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محاكم مجلس الدولة المختصة فقيدت أمام المحكمة المطعون في حكمها برقم 1072 لسنة 33 ق وأثناء نظرها قدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة واحتياطياً برفض الدعوى بشقيها وفي الحالين إلزام المدعية بالمصروفات والأتعاب. وبجلسة الأول من مارس 1983 أصدرت المحكمة حكمها موضوع الطعن الماثل على الوجه السالف بيانه وأقامت قضاءها على أن موضوع الدعوى بحسب تكييفها السليم هو طلب إلغاء قرار مصلحة الجمارك السلبي بالامتناع عن تسليم المدعية قيمة مصاغها الذي سبق حجزه بتاريخ 24/ 5/ 1972 ثم التصرف فيه بالبيع بعد ذلك في 15/ 9/ 1975 حيث بلغت حصيلة بيعه 1123.585 جنيه وكذلك الحكم لها بتعويض مقداره 1000 جنيه عن الأضرار المادية التي أصابتها وفصل الحكم في الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير صفة بإخراج المدعى عليهما الثاني والثالث منها ثم تطرق إلى نصوص القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد فيما نص عليه في المادة (1) من حظر استيراد السلع من خارج الجمهورية قبل الحصول على ترخيص في الاستيراد من وزارة الاقتصاد وما نص عليه في المادة (6) من عدم سريان أحكام هذا القانون على الهدايا والسلع الواردة للاستعمال الشخصي بشرط ألا تزيد قيمتها على مائة جنيه ثم إلى القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك فيما نص عليه في المادة (126) بأن للجمارك أن تبيع البضائع التي مضى عليها أربعة أشهر في المخازن الجمركية أو على الأرصفة بعد موافقة وزير الخزانة وما نص عليه في المادة (130) بشأن توزيع حصيلة البيع واشتراط المطالبة بباقي الثمن خلال ثلاث سنوات من تاريخ البيع وإلا أصبح حقاً للخزانة العامة ومضى الحكم المطعون فيه إلى وقائع الدعوى فقال أن الثابت من الأوراق أن المصوغات التي كانت المدعية قد استحضرتها معها من الخارج عند قدومها إلى مصر بتاريخ 24/ 5/ 1972 تجاوز قيمتها النقدية مائة جنيه مما كان يقتضي استصدار ترخيص باستيرادها ومن هذا كان قرار مصلحة الجمارك باحتجازها كوديعة إلى حين قيام المدعية بتقديم هذا الترخيص ولما انقضت ثلاث سنوات دون أن تتقدم به قامت المصلحة بالتصرف بالبيع في هذه المصوغات وفقاً لما تقضي به المادة 126 من قانون الجمارك وبذلك ينتفي الخطأ بالنسبة إلى المصلحة فيما يتعلق ببيع هذه المصوغات بحيث أنه كان يتعين عليها رد حصيلة هذا البيع للمدعية بعد خصم مستحقاتها وفقاً لنص المادة 130 من قانون الجمارك خاصة وأن المدعية قد أقامت دعواها خلال الثلاث سنوات التالية لبيع مصوغاتها بتاريخ 15/ 9/ 1975 أي خلال الميعاد الذي حدده قانون الجمارك في المادة 130 المشار إليها وإذا امتنعت المصلحة دون مسوغ عن رده فإن قرارها في هذا الخصوص يكون متسماً بعدم المشروعية. وعن طلب التعويض فقد قضى الحكم برفضه تأسيساً على انتفاء الخطأ في جانب مصلحة الجمارك سواء فيما يتعلق باحتجازها مصوغات المدعية كوديعة أو بتصرفها فيه بالبيع بعد انقضاء ثلاث سنوات على هذه الواقعة دون تقديم ترخيص الاستيراد الذي طلبته منها المصلحة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله للسببين الآتيين: الأول: مبناه سقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي طبقاً للمادة 187 من القانون المدني بمقولة أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في قضائه بأن الدعوى قد أقيمت خلال الميعاد الذي حدده قانون الجمارك في المادة 130 فمقتضى هذه المادة أن إيداع باقي ثمن البيع لا يكون إلا بالنسبة للبضائع المرخص باستيرادها فلا يسري عليها حكم هذا النص ولا الميعاد المحدد فيه للمطالبة به وهو ثلاث سنوات من تاريخ البيع وإنما يرجع بشأن استرداده للقواعد العامة في شأن استرداد ما دفع دون وجه حق وقد نصت المادة 187 من القانون المدني على أن تسقط دعوى استرداد ما دفع بغير حق بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه من دفع غير المستحق بحقه في الاسترداد وتسقط الدعوى كذلك في جميع الأحوال بانقضاء خمس عشرة سنة من اليوم الذي نشأ فيه هذا الحق وقد علمت المدعية علماً يقينياً بحقها في استرداد قيمة المصوغات المطالب بها من تاريخ إيداعها مخازن الجمارك في 24/ 5/ 1972 وأقامت الدعوى ابتداء أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بتاريخ 4/ 4/ 1978 وبذلك تكون الدعوى قد رفعت بعد الميعاد وسقطت بالتقادم الثلاثي طبقاً للمادة 187 من القانون المدني، والثاني: - وفي الموضوع - وسنده أن مقتضى نص المادة الأولى من القانون رقم 9 لسنة 1959 بشأن الاستيراد أن السلع المحظور استيرادها هي البضائع والأشياء التي ترد من الخارج قبل الحصول على ترخيص في استيرادها من وزارة الاقتصاد والثابت أن المدعية قد أحضرت معها من الخارج مصاغها الذي تزيد قيمته على الحد المسموح به طبقاً للمادة (6/ ز) من هذا القانون ولم تقم بالحصول على ترخيص الاستيراد أو بإعادة المصاغ إلى الخارج إلى أن قامت مصلحة الجمارك ببيعه بتاريخ 15/ 9/ 1975 تطبيقاً لنصوص المواد 72 و 77 و 128/ 2 من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66/ 1963 وبذلك تكون المصلحة قد باعت سلعاً أو بضائع محظور استيرادها تطبيقاً لقانون الاستيراد وبالتالي يصبح باقي ثمن بيعها حقاً للخزانة العامة ولا يجوز رده وفقاً للفقرة الأخيرة من المادة 130 من قانون الجمارك.
ومن حيث أنه عن السبب المستند إلى الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي طبقاً للمادة 187 من القانون المدني على الوجه الذي أثاره الطعن، فإنه بالرجوع إلى قانون الجمارك الصادر بالقرار بقانون رقم 66 لسنة 1963 تبين أن الباب التاسع منه خاص ببيع البضائع وقد تضمن المادة 130 التي نصت على أن يوزع حاصل البيع وفق الترتيب الآتي: (1) نفقات البيع والمصروفات التي أنفقتها الجمارك من أي نوع كانت. (2) الضرائب الجمركية. (3) الضرائب والرسوم الأخرى. (4) المصروفات التي أنفقتها صاحب المستودع. (5) رسوم الخزن. (6) أجرة النقل (النولون). ويودع باقي ثمن البيع بالنسبة للبضائع المرخص باستيرادها بعد استقطاع المبالغ سالفة الذكر أمانة في خزانة الجمارك وعلى أصحاب الشأن أن يطالبوا به خلال ثلاث سنوات من تاريخ البيع وإلا أصبح حقاً للخزانة العامة أما البضائع المحظور استيرادها فيصبح باقي ثمن بيعها هذا للخزانة العامة. ويتضح من هذا النص أنه اشتمل على القواعد الخاصة بتوزيع حاصل البيع لما يتقرر بيعه من البضائع المودعة بالمخازن والمستودعات الجمركية سواء المرخص باستيرادها أو غير المرخص كما يبين حقوق أصحاب الشأن فجعلها بالنسبة للبضائع المرخص باستيرادها فقط وقصرها على باقي ثمن البيع بعد خصم الاستقطاعات القانونية على أن يطالبوا به خلال ثلاث سنوات من تاريخ البيع وإلا أصبح حقاً للخزانة العامة. أما البضائع المحظور استيرادها فقضي بأن يصبح باقي ثمن بيعها حقاً للخزانة العامة. وبذلك يكون هذا النص واجب التطبيق في شأن كل منازعة متعلقة بالمطالبة بثمن بضاعة باعتها مصلحة الجمارك بالتطبيق لأحكام القانون سالف الذكر إذ باعتباره من النصوص التي وردت في قوانين خاصة ويستبعد القواعد العامة فيما نص عليه ومن بين هذه القواعد المستبعدة نص المادة 187 من القانون المدني في شأن سقوط دعوى استرداد ما دفع بغير وجه حق بالتقادم وذلك لوجود نص خاص بميعاد المطالبة وفقاً للمادة 130 من قانون الجمارك، ولا وجه للقول بأن هذا النص لا يسرى إلا بالنسبة للبضائع المرخص باستيرادها فالتفرقة التي وردت فيه بين البضائع المرخص باستيرادها والبضائع المحظور استيرادها كانت بصدد أحكامه الموضوعية المتعلقة بحقوق أصحاب الشأن والخزانة العامة في باقي الثمن ومن ثم فلا تعني عدم سريان أحكامه الإجرائية المتعلقة بميعاد المطالبة به بالنسبة لكل ذي مصلحة وعلى هذا الأساس يغدو الدفع بسقوط الدعوى مثار الطعن بناء على المادة 187 من القانون المدني غير سديد، وطالما أن الثابت أن مصلحة الجمارك قد باعت مصوغات المدعية المطالب بثمنها بتاريخ 15/ 9/ 1975 وأقيمت الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه ابتداء أمام المحكمة الابتدائية بتاريخ 4/ 4/ 1978 فتكون قد أقيمت خلال ثلاث سنوات من تاريخ البيع طبقا للمادة 130 من قانون الجمارك ومن ثم لا يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون من هذا الوجه.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالسبب الآخر للطعن وسنده أن مصوغات المدعية المطالب بثمنها تعد من السلع أو البضائع المحظور استيرادها في تطبيق أحكام قانون الاستيراد رقم 9 لسنة 1959 وقانون الجمارك رقم 66/ 1963 فيضحى باقي ثمن بيعها حقاً للخزانة العامة، فإن هذا السبب سديد وينال من سلامة الحكم المطعون فيه ذلك أن القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد - وهو الذي حدثت وقائع الدعوى في ظله - نص في المادة (1) على أن "يحظر استيراد السلع من خارج الجمهورية قبل الحصول على ترخيص في الاستيراد من وزارة الاقتصاد وتعتبر هذه التراخيص شخصية ولا يجوز التنازل عنها. ويسري هذا الحظر على السلع التي تصل إلى أحد جمارك (إقليم) مصر وتكون قد شحنت من الخارج قبل الحصول على الترخيص".. ونص في المادة (6) على أنه "لا تسرى أحكام هذا القانون على السلع التي يتقرر إعفاؤها من أحكامه بمقتضى قوانين أو قرارات عامة من وزير الاقتصاد أو معاهدات أو اتفاقيات دولية.. وكذلك لا تسرى على ما يأتي: (أ)...... (ز) الهدايا والسلع الواردة للاستعمال الشخصي بشرط ألا تزيد قيمتها على مائة جنيه. ومفاد ذلك أن يخضع لترخيص الاستيراد كل سلعة تصل من الخارج ولو كانت للاستعمال الشخصي إذا كانت قيمتها تجاوز الحد المسموح به قانوناً فإن لم يتم الحصول على هذا الترخيص أضحت من السلع الغير مرخص باستيرادها ومن ثم تعامل معاملة البضائع المحظور استيرادها لوقوعها تحت طائلة الحظر المتعلق بالاستيراد المنصوص عليه في هذا القانون وهذا هو ما تحقق في المنازعة الماثلة فقد ثبت من الأوراق أن المصوغات التي كانت بصحبة المدعية عند وصولها من الخارج إلى مصر بتاريخ 24/ 5/ 1972 تجاوز قيمتها التقديرية مائة جنيه واتضح ذلك من واقع البيان الذي حرره موظف الجمارك المختص والمودع حافظة مستندات الحكومة وقد تضمن أن وزنها التقريبي 445 جراماً وتقبل بسعر خمسون قرشاً للجرام وتحجز ويطلب ترخيص استيراد وتم بناء على ذلك إيداعها بخزانة الجمارك حتى انقضت المهلة القانونية لبقاء البضائع بالمخازن والمستودعات الجمركية ومضى ما يزيد على ثلاث سنوات من تاريخ الإيداع دون أن تحصل المدعية على ترخيص الاستيراد أو يثبت أنها قد طلبت بموجب القواعد القانونية المقررة إعادة المصوغات إلى الخارج فقامت مصلحة الجمارك ببيعها بتاريخ 15/ 9/ 1975 وبذلك تكون المصلحة قد باعت سلعة محظوراً استيرادها مما ينطبق عليها نص الفقرة الأخيرة من المادة 130 من قانون الجمارك ويجرى على أنه "أما البضائع المحظور استيرادها فيصبح باقي ثمن بيعها حقاً للخزانة العامة". والقول بغير هذا النظر لا يستقيم مع صراحة هذا النص فضلاً عن أنه يسرى على البضائع المرخص باستيرادها والبضائع الغير مرخص باستيرادها مما يهدر حكمة التشريع في التفرقة بين هذه وتلك ويؤدى إلى ضياع حق الخزانة العامة وكل ذلك يستوجب القضاء برفض الدعوى.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى غير هذا المذهب فإنه يكون قد نأى عن الصواب في تطبيق حكم القانون فيتعين الحكم بإلغائه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المدعية بالمصروفات عن درجتي التقاضي.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعية بالمصروفات.